jo24_banner
jo24_banner

بني ارشيد: أصحاب القرار بإمكاناتهم المحدودة أوصلونا إلى هذا المأزق

بني ارشيد: أصحاب القرار بإمكاناتهم المحدودة أوصلونا إلى هذا المأزق
جو 24 :

قال نائب المراقب العام للإخوان المسلمين في الأردن زكي بني أرشيد إن الإصلاح الذي تتطلع إليه الحركة الإسلامية هو أن يكون الشعب شريكا في صناعة القرار، مؤكدا أن الوقت حان لتغيير هذه النظرة التي لم تعد تتماشى مع التحولات في المجتمع الأردني والتطورات الحاصلة في المنطقة العربية.

وطالب الأردن في مقابلة مع «الشرق الأوسط» بتقديم تسهيلات للثورة السورية، كي يحجز لنفسه مقعدا مع المستقبل السوري، معتبرا أن تقارب الأردن مع حركة حماس عودة عن خطأ سياسي قديم، في إشارة إلى ترحيل قادة حماس، منهم رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل، عن الأردن، مؤكدا أن التقارب مع حماس يخدم المصالح الأردنية. وأضاف أن الشعوب لا تريد انقلابات بقدر ما تريد تغيرا في المنهج وأن يتوقف الحكام عن الإصغاء إلى النواعق من المستشارين الذين يقدمون خطرا موهوما (خطر الشعوب) الذي هو ليس حقيقيا.

وفي ما يلي نص المقابلة:

* كيف تقرأ المشهد السياسي بعد قرار الحركة الإسلامية مقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة؟

- قرار المقاطعة كان متوقعا، باعتبار أن الظروف التي سبقت هذا القرار كانت تشير بوضوح إلى أن قرار مقاطعة الانتخابات المنوي إجراؤها نهاية هذا العام والمؤشرات تشير إلى أن الجو العام لا يشجع على المشاركة، لعدم الاستجابة إلى المطالب الإصلاحية التي تقدمت بها الحركات السياسية والقوى الوطنية والشعبية.

والقرار وضع البلاد في أزمة حقيقية جدا.. ربما أصحاب القرار لم يفكروا في حجمها، وبنوا قراراتهم على مراهنات وتقديرات خاطئة تقودهم إلى استنتاج أن الحركات السياسية، ومنها الحركة الإسلامية، ستشارك في الانتخابات القادمة.. وأعتقد أنه كانت ثمة مفاجأة لصاحب القرار نتيجة التقديرات غير الصحيحة. وبتقديري أنها مغامرة سياسية متقدمة بامتياز، تتجاوز كل الحسابات الفنية والحساسيات الضيقة والحسابات الصغيرة، وتذهب باتجاه فتح باب الإصلاح الحقيقي من أجل صناعة وصياغة مستقبل الأردن الذي يكون فيه الشعب شريكا. وأود الإشارة إلى أن مشكلتنا في الأردن أن أصحاب القرار ينظرون إلى الشعب باعتباره رعايا وأتباع، والمطلوب منهم الآن تعديل في منهج التفكير، والنظر إلى المجتمع الأردني باعتباره هو الأصيل وهو صاحب السلطة، وهو بحد أدنى يجب أن يكون شريكا في صناعة القرار.

* ما الخطوة التالية بعد مقاطعة الانتخابات.. إلى أين أنتم متجهون؟

- العمل السياسي لا يختصر على الإطلاق في موضوع المشاركة في الانتخابات، ويمكن أن يكون الأداء السياسي الفاعل المنتج الضاغط من دون المشاركة في مجلس نواب أو في أدوات الدول الرسمية، وهذا يعني أن استمرار المقاربة السياسية، وكشف الموقف الرسمي السياسي من خلال المقاطعة يمكن أن يكون مثمرا ومنتجا أكثر لو أننا شاركنا.

وبتقديري، فإن المحطات القادمة ستكون الخيارات المتاحة أمام الدولة الأردنية محدودة جدا، وهي أمام خيارين: إما أن تذهب الدولة الأردنية باتجاه إجراء الانتخابات وبمن حضر وهذا يعني إنتاج مجلس نواب لا يعبر عن إرادة الشعب، وعندها يمكن التساؤل: لماذا الانتخابات ما دام أن مجلس السادس عشر موجود ولا داعي لإجراء الانتخابات؟ وإذا ذهبت الجهات المسؤولة باتجاه ارتكاب حماقات وأقصد بها إعادة تزوير الانتخابات من أجل رفع نسبة المشاركة، فهذا يعني أننا في مغامرة غير محسوبة النتائج، لأن الموقف الأردني ينقصه شرارة بمثل هذا الحجم حتى ينتج حالة تعبر عن الاحتقان المتراكم في الذاكرة والوجدان في الشعب الأردني، وأعتقد أننا لسنا بحاجة ولا نحتاج أن نخوض تجربة من العيار الثقيل. والخيار الثاني أمام الدولة الأردنية أن تؤجل الانتخابات وأن تبدأ بحوارات حقيقية جدا على طريقة الإصلاح.. وكلمتي المختصرة هي أن الإصلاح حزم متكاملة؛ بيئة ومناخ وإرادة، فإذا تولدت الإرادة أوجدت بيئة ومناخا سياسيا قابلا للإصلاح، ولا بد من الحديث عن استحقاقات الإصلاح ومغادرة مربع تقديم الإصلاحات السياسية بالقطارة نقطة نقطة.. هذه ربما كانت تنفع قبل الربيع العربي، أما الآن فلا بد أن نراعي ونستشعر حجم المتغير المحلي والإقليمي والدولي. وكنا نود أن يكون الأردن له نموذجه الخاص بالإصلاح، يسبق النموذج المغربي، لكن أصحاب القرار بإمكاناتهم المحدودة، وتقديراتهم الخاطئة، ورهاناتهم الفاشلة، وحساباتهم الضيقة، أوصلونا إلى هذا المأزق، لذا عليهم أن يتحملوا مسؤولية كل ما جرى، وأن يتركوا المجال لعقول سياسية حريصة ومنتمية إلى الأردن.

* هل صاحب القرار متخوف من المطالب الإصلاحية لهذه الدرجة كي يتعامل بسياسة التنقيط؟

- هناك استخدام وتوظيف وفوبيا غير مبررة على الإطلاق، وهناك من يريد إبقاء الأمور على ما هي عليه من قبل قوى الشد العكسي التي تعيق أي تقدم نحو الإصلاح، لأن أي تقدم في العملية الإصلاحية سيكون على حساب ومكاسب هذه الفئة التي عاشت على دماء أبناء الشعب الأردني وسطت على إرادته.. والمعادلة بسيطة: الشعب يريد صلاحياته أن تعود إليه أو على الأقل بحدها الأدنى، وهؤلاء هم الذين يقدمون النصائح لصاحب القرار وهي ليست صحيحة، وإذا كان ثمة من يريد أن يصغي بإذن واعية إلى تطمينات فإن الحركات الوطنية بالأردن مقتنعة قناعة تامة بأنها ليست بديلا أو نقيضا، هذه هي المعادلة السياسية التي يجب أن يعرفها الجميع وهي أن القوى الوطنية شريك في صناعة القرار وليست نقيضا لأحد.

* هناك من يقول إن «الإخوان» يسيرون نحو طعن قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية لعام 1988، الذي يتجه بإقامة الوطن البديل؟

- أعتقد أن القراءة الموضوعية لقرار فك الارتباط هي أول خطوة لإنشاء ما يسمى الوطن البديل، وأود الإشارة إلى أن قرار فك الارتباط والظروف التي نتج من خلالها كانت كلها ظروف مشبوهة كما أنه جاء بتشجيع أميركي. وأود التذكير بما ذكره رئيس الوزراء الأردني فايز الطراونة أن قرار فك الارتباط مهد لاتفاقية أوسلو التي أنتجت اتفاقية وادي عربة. وحتى الآن، فإن من يتخوف من الحديث عن التوطين عليه أن يقرأ اتفاقية وادي عربة في المادة الثامنة تحديدا التي نصت صراحة على توطين اللاجئين في الأردن.

بالمجمل، فإن مقومات المواجهة في الأردن ليس الاعتراف بقرار أو رفض قرار، وليس فك العلاقة مع الشعب الفلسطيني، وإنما الذي يحمي الأردن هو الوحدة الوطنية. والتجارب تشير إلى أنه عندما تثلم الوحدة الوطنية في البلاد يسهل تمرير أية مشاريع خارجية.

والأردن ليس قالب كعك سهل الابتلاع، إلا إذا تآمر أهله عليه. وأنا هنا أعتقد أن الجميع حريص على الأردن وعلى وحدته. وبقي أن أشير إلى أن قرار فك الارتباط والذين يطالبون بدسترته يعني هذا أن أشياء كثيرة جدا تنازل الأردن الرسمي على الضفة والقدس تحديدا في لحظة الفراغ الدستوري التي ينتظرها الكيان الصهيوني حتى يملأ هذا الفراغ، فلا الهوية الفلسطينية استطاعت الوصول إلى دولة فلسطينية كاملة تستطيع أن تملأ هذا الفراغ، وعند تخلي الدولة الأردنية عن واجباتها ومسؤولياتها تجاه القضية الفلسطينية فهذا يعني أن القادر على ملء هذا الفراغ هو الكيان الصهيوني المتمدد والطامح إلى ما بعد الحدود.

* كيف تقرأ الحركة الإسلامية الوضع السوري وانعكاساته على الأردن؟

- قناعتنا منذ اللحظة الأولى هي أن إرادة الشعوب هي التي ترسم الخريطة، وبمعنى أدق أن الشعب السوري بثورته الملحمية هو الذي سيحسم الأمر ولو طالت التضحيات. وتقديرنا واجتهادنا في العامل الزمني الذي يحتاج للتغلب على الاستبداد والفساد والاستحواذ العائلي في سوريا ليس كبيرا، وما يجري هناك بخطوات متسارعة يشير إلى اقتراب هذه النتيجة. أما تداعيات الوضع على الأردن فهذا ما يمكن أن يؤثر في الإرادة السياسية الأردنية، بمعنى أن الأردن في لحظة فارقة ربما يخرج من مربع التردد وخياراته المستقبلية مع القوى القادمة. وأن مصالح الأردنيين هي مع مصالح الشعب السوري، وكلما قدم الأردن تسهيلات للثورة السورية حجز لنفسه مقعدا مع المستقبل السوري، وبشكل أدق أن كل الذين راهنوا ويراهنون على بشار الأسد هم الخاسرون، وأرجو ألا يكون الأردن من بين هؤلاء الخاسرين.

* هناك تيار عريض يعتبر الحركة الإسلامية تمثل الأردنيين من أصول فلسطينية، وأن مطالباتها في قانون الانتخابات هي من أجلهم؟

- أولا، نفتخر كحركة إسلامية أننا نتجاوز القطرية والإقليمية ونحمل رسالة منطلقة من الفكر الإسلامي. وثانيا، كل ما يشاع ويقال في هذا الخصوص هو عبارة عن استخدام وتوظيف فزاعات من أجل إعاقة عملية الإصلاح، والكل ينادي بإنتاج دولة مدنية أردنية تقوم على أساس المواطنة، ويجب ألا تكون هناك تجزئة أو تفريق يقوم على أي اعتبار أو أساس.

والدول عادة تريد أن تساوي بين كل المواطنين، وهي نصوص دستورية موجودة، لكن الممارسات الموجودة ممارسات خاطئة يجب أن يتم تعديلها. وهناك نماذج من الدول التي اجتازت الأزمات الداخلية مثل اليمن، حيث توقف الحديث عن الانفصال لأن الرئيس أصبح من الجنوب، أما السودان فقد أنتجت نموذجا فاشلا، لأنها تعاملت بفوقية وتمييز مع بعض مواطنيها، وكل الدول والمؤسسات والأحلاف الكبيرة الضخمة ستفشل عندما لم تقدم لمواطنيها العدالة وهو شرط أساسي. وهناك أمثلة ابتداء من الاتحاد السوفياتي ويوغوسلافيا إلى السودان وجميع الدول التي تجزأت، لأنها لم تقدم لمواطنيها العدالة، وبهذا المعنى نحن نقول يجب أن تكون العدالة لكل الأردنيين.

ولا يعني ذلك انقلابا في الديمغرافيا ولا تمهيدا لمشروع الوطن البديل، وإنما إذا كانت ثمة فئات أردنية مظلومة فإعادة توزيع الصلاحيات والحقوق الوطنية والمواطنة أمر ضروري جدا لمصلحة الدولة الأردنية ومستقبلها، خاصة أن هذا الظلم جاء لصالح مجموعات اعتدت على حقوق الآخرين فقط.

* ولكن الأحزاب الموجودة على الأرض لم تطالب يوما بإعادة هذه الحقوق لأصحابها؟

- إذا كانت هناك إشكاليات في هذا الموضوع فربما البعض يخشى من الاتهام، وهناك إرهاب فكري وفوبيا تفرض على القوى الحزبية.. وللأسف، فإن معظم هذه القوى يستجيب لهذه المخاوف ويحسب حسابات كثيرة جدا، ولذلك تقع ضحية لهذا الإرهاب، ومن هنا يكون قد قصر في واجبه الوطني تجاه هذه المظالم.

* هل أحزاب المعارضة أصبحت ناضجة ولديها برامج سياسية واقتصادية لإدارة البلاد؟

- أود التحدث في نقطتين: أنا أتحدى أي مسؤول أردني يقدم رؤيته وتصوره لإدارة الدولة خلال سنة واحدة، والتردد والارتداد في الدولة الأردنية يشير إلى فراغ برامجي، وتصوري هو أن هذا الفراغ السيئ هو لدى مسؤولين يتسنمون المناصب في الدولة الأردنية. وإذا ما قارنا هؤلاء بما هو موجود لدى الأحزاب نرى أن ما لديهم أكبر. ثانيا هناك قواعد بالطبيعة تحكم، يقال إن النسر إذا أراد أن يعلم ابنه الطيران يلقيه في الفضاء، ولهذا فإن عملية البرامج عملية تنمو نموا طبيعيا، ولنبدأ بالموجود ونطور أنفسنا.

وكل الدول التي بدأت بالتحول الديمقراطي بدأت بمثل هذه البدايات. لا أود أن أحكم على مستوى هذه البرامج التي تمتلكها القوى الحزبية سواء كانت متقدمة أو متواضعة، ولكن مشكلة الأردن هي في غياب الإرادة الجادة، مع وجود فساد تمكن من مفاصل الدولة وأفرغها من مضمونها. وما أود أن أقوله هو أن هناك في الأردن مجموعة أشباح تسيطر على المشهد السياسي، وهذه الأشباح ليست لهم هوية وليسوا مسؤولين، ويمارسون النفوذ دون أن يتحملوا أية مسؤولية، لذلك وجدنا أنفسنا أمام عقبة وأزمة شديدة جدا، متمثلة في مديونية كبيرة جدا، وعجز في الموازنة كل عام، وتوتر، وعنف اجتماعي، ومطاردات أمنية للأصوات الحرة، وهذا مشهد يقود إلى الفشل. وما أود الوصول إليه أنه إذا استمرت المطاردات الأمنية في الأردن وصلنا إلى إنتاج دولة فاشلة.

* هناك من يقول إن الحركة الإسلامية على اتفاق ضمني مع مؤسسة العرش، وإن العلاقة القائمة منذ 60 عاما ما زالت كما هي، فما حقيقة الأمر؟

- من يريد أن يدلل على هذا التحالف التاريخي يستطيع أن يكشف جملة من الأدلة والبراهين في اعتقال مجموعة من نواب الحركة الإسلامية، كما وضع اليد على جمعية المركز الإسلامي (الذراع الاقتصادية للحركة الإسلامية) وإغراقها في ملفات فساد نتيجة الإدارة الحكومية، كذلك قمع الحركة الإسلامية ومحاصرتها من خلال التشريعات وفي مقدمتها قانون الصوت الواحد، كل هذا والحملات الإعلامية والأمنية المتكررة ضد الحركة الإسلامية، كل هذا في ذهن الحالمين يمكن أن يكون دلائل على التحالف التاريخي والاحتضان الرسمي لهذه الحركة! وأود القول إن هذه الأسطوانة لم تعد تقنع طفلا واحدا في الأردن، وأؤكد أن الحركة الإسلامية معنية بأمر واحد هو مصلحة الأردن وتقدم في سبيل ذلك التضحيات. وإذا أردنا التحدث عن مصالح أنانية وحزبية، فقد قدمت لنا عروض كثيرة، ولكننا رفضنا حتى لا يكون الأردن عبارة عن جوائز ترضية تقدم للمعارضين على حساب الأردن.

* ما سر التقارب بين الأردن وحركة حماس من وجهة نظر الحركة الإسلامية الأردنية؟

- العلاقة الأردنية مع حركة حماس مرت بعدة محطات منذ عام 1999 وحتى عام 2012، كانت هناك فترة قطيعة من جهة الدولة الأردنية، وقد اختلفنا مع المسؤولين الأردنيين تجاه هذا الملف، وكنا باستمرار نشير إلى أن إدارة الظهر وقطع هذه العلاقة تصرف سياسي خاطئ، وهذا ما أكده رئيس وزراء أردني سابق من أنه كان خطأ سياسيا ودستوريا، واكتشاف هذه الحقيقة متأخرة أفضل من عدم اكتشافها.

وقراءتنا هي أن حركة حماس طليعة الحركة الفلسطينية المقاومة ضد المشروع السياسي الصهيوني، وأن هذه المقاومة هي خط الدفاع الأول والأهم عن الأردن ومصالحه، فحركة حماس حركة تحرر وطني يجب أن تحظى بالدعم والاحترام، من أجل ذلك نحن في الحركة الإسلامية نفتخر بهذه العلاقة، وأتمنى أن يدرك الجميع أن نقاط امتلاك القوة للدولة الأردنية يمكن أن تكون واحدة منها إقامة علاقات وثيقة مع حماس.

* هل ستفتح حماس مكاتب لها في الأردن؟

- لا يلزم حركة حماس أن تفتح لها مكاتب في الأردن، وهذا الأمر يعود إلى الحوار المباشر بين الحركة والدولة الأردنية، ولا أعتقد أن الظرف السياسي قد نضج إلى القدر الذي يتيح إنشاء تفاهمات جديدة بمعزل عن شكليات متمثلة في مكاتب أو عدمها.

* هل التقارب بين الأردن وحماس إذا ما حصل سيكون على حساب السلطة الفلسطينية؟

- التحالف بين الدولة الأردنية والسلطة الفلسطينية غير مجد وغير قادر على إنتاج مناعات وحصانات للدولة الأردنية. وأعتقد أن الأمر كله متعلق بفشل مسار التسوية نتيجة تنعت الكيان الصهيوني الذي أفقد قيمة كل ما نتج عن اتفاقية أوسلو بما فيها السلطة وبما فيها من مراهنات ومراهقات منظمة التحرير، وآخرها فشلها في إنشاء دولة فلسطينية من خلال الأمم المتحدة. إذن، هذا طريق مغلق مسدود فاشل ومتعثر، وليس المفروض إقامة علاقة مع حماس على حساب العلاقة مع فتح أو الفصائل الفلسطينية الأخرى، وإنما كان المطلوب إقامة علاقات متوازنة ما بين الأردن والفصائل الفلسطينية الأخرى.

* هل سيكون في المستقبل نوع من التحالف بين الدول التي وصل الإسلاميون فيها إلى الحكم؟

- أتمنى أن يكون هناك تحالف أو محاولة بناء إقليم عربي جديد يقوم على استشعار أسس المرحلة الحالية وحجم التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للأمة. وأنا أتحدث هنا بمفهوم الأمة، ونحن بأمس الحاجة لإنشاء تكتل جديد لا يقوم على أساس وصول الإسلاميين بقدر ما يقوم على تقدير المصلحة للأمة بمجملها، وأعتقد أنه آن الأوان أن ننشأ تكتلا سياسيا واقتصاديا وبشريا كي يزاحم الأمم ويقدم على مائدة الحضارة ما هو متوافر لديه من الإمكانات والعقول البشرية.

* وفي نهاية هذه المقابلة، هل هناك رسالة تود توجيهها؟

- أود القول إن هذه لحظة تحولات، وأتمنى أن تكون مؤسسة العرش لجميع الأردنيين، وأن تتخلص من الزوائد والزعانف وما يسمى المستشارين الذين يقدمون صورة غير حقيقية عن الوطن ويرسمون مسارات خاطئة للمستقبل، كما أتمنى أن تكون في حجم التحول اللحظي وتذهب باتجاه الشعب الأردني، لأن الأمور إذا بقيت لفئات معينة فعندئذ سيكون هناك اختلال كبير جدا في المعادلة.

كما أود التأكيد على أن الحركة الإسلامية لا تبحث لنفسها عن مكان معين أو دافئ عند مؤسسة العرش بقدر ما تبحث على أن يكون هناك إصلاح حقيقي، بحيث يكون الملك والنظام لكل الشعب الأردني. وأن ما حصل من إنجازات في دول الربيع العربي التي وصلت فيها إرادات الشعوب إلى المكان والمآلات المطلوبة والحقيقية وأصبحت تدير شؤونها بنفسها، عزز مطالب الحركة الإسلامية في الأردن باتجاه المطالب الإصلاحية، وعززت هذه المطالبة باعتبار أن التجربة الإقليمية أثبتت أن إرادة الشعوب يجب أن تحترم وتقدر.

وأتمنى أن يتمتع حكام العالم العربي بعقول ناضجة وكبيرة جدا تمنحهم حب شعوبهم.. فالشعوب لا تريد انقلابات، وإنما تريد تغيرا في المنهج وأن يتوقف الحكام عن الإصغاء إلى النواعق من المستشارين الذين يقدمون خطرا موهوما (خطر الشعوب) الذي هو ليس حقيقيا، وبعض هؤلاء يقدمون هذا الخطر على خطر إسرائيل وغيرها.

 

(الشرق الأوسط)

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير