جودة يرأس جلسة مجلس الامن حول سوريا
جو 24 : ترأس نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة أمس الجمعة جلسة مجلس الامن حول الوضع في سورية. وتم خلال الجلسة التي تضمنت تقارير عن الوضع الإنساني للاجئين السوريين، وتطورات الوضع على الأرض، التأكيد على ان الحل السياسي هو المدخل للحل الإنساني، وهو ما يضمن إنهاء معاناة اللاجئين السوريين وعودتهم الى وطنهم. وقال جودة في كلمته اثناء الاجتماع، ان المملكة، وعبر تاريخها، كانت وما تزال تشكل الملاذ الآمن لمن يقصدها من الأشقاء والأصدقاء الذين فرضت عليهم ظروف الحروب والمآسي التي تشهدها دولهم النزوح خارج الإطار الجغرافي لدولهم إلى الأردن، الذي يمثل ويجسد حالة متفردة من الاستقرار في وسط إقليم مثقل بالأنواء والحروب والمآسي. وأضاف، ان اجتماع اليوم يأتي متزامناً مع دخول المأساة المتفاقمة في سوريا عامها الخامس، الذي نشهد فيه استمراراً وتصاعداً في دائرة القتل والدمار والتشريد والإرهاب وعدم الأمان الذي فرض النزوح الجماعي والقاسي على الملايين من أبناء الشعب السوري الشقيق الأبي وبناته داخل سورية، أو لجوءهم إلى دول الجوار بالملايين أيضا، ومن هذه الدول، الأردن الذي قصده نحو 650 ألف لاجئ سوري منذ اندلاع الأزمة السورية ليصبح عدد السوريين المتواجدين في المملكة اليوم نحو مليون ونصف مليون شخص، آخذين في الاعتبار، أن نحو 750 ألف سوري كانوا مقيمين في الأردن قبل بداية الأزمة السورية، وهذا الرقم الإجمالي يشكل ما نسبته حوالي 21بالمئة من عدد سكان الأردن. وأكد جودة ان استمرار المأساة السورية لأربع سنوات، واستمرار غياب آفاق الحل السياسي لهذه الكارثة، فرض على الأردن منهج الانتقال بجهوده وإمكانياته من مرحلة التعامل مع الأثر المباشر والأولي، وهو التعامل مع تدفق اللاجئين واستقبالهم، إلى مرحلة الاستضافة الممتدة زمنياً لهذا العدد الهائل من اللاجئين وما ترتبه هذه المرحلة واستحقاقاتها من تبعات وأعباء ومصائب وضغوط متعددة الأوجه على عاتق المجتمع الأردني ضمن السياق المجتمعي وعلى الدولة الأردنية وأجهزتها المختلفة، لا سيما في مجالات تقديم خدمات البنية التحتية وقطاعات التعليم والصحة والطاقة والمياه، علاوة على ما يرتبه ذلك من استنزاف خطير ومطرد لموارد بلدنا المحدودة أصلاً. وقال، إن الأردن يؤكد على الدوام أن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة السورية برمتها وبكل جوانبها بما في ذلك الجانب الإنساني، والجانب المتعلق بالنازحين واللاجئين، وهذا الحل السياسي يجب ان يحقق طموحات وتطلعات الشعب السوري وينتقل بسوريا إلى واقع سياسي جديد يشارك في صياغته وإدارته كل مكونات وأطياف الشعب السوري بما يؤدي إلى استعادة الاستقرار إلى ربوع سوريا وإعادة ترميم نسيجها المجتمعي بشكل يؤدي إلى تشجيع اللاجئين السوريين على العودة الطوعية الى بلدهم. وعرض جودة لتأثيرات اللاجئين على القطاعات المختلفة، مشيرا على سبيل المثال لا الحصر، الى أن قطاع التعليم في المملكة استوعب في العام الدراسي 2104/2015، نحو 140 ألف طالب سوري تم تسجيلهم في المدارس الحكومية الأمر الذي شكل عبئا كبيرا على الدولة، وأفضى إلى تعطيل وتأخير مدد التطوير والتحديث التي كانت معدة لهذا القطاع، وفرضت إعادة إحياء نظام الفترتين التعليميتين في اليوم الواحد لمعالجة تحدي الاكتظاظ في الغرف الصفية بفعل هذا التدفق الهائل للطلبة خارج إطار الزيادة السكانية الطبيعية، مع ضرورة التسليم بأن هناك الآلاف من الأطفال السوريين الذين هم في سن الذهاب للمدارس ممن لن تتاح فرصة استيعابهم في المدارس وتلقي التعليم إطلاقاً بفعل عدم توفر الإمكانات ولا البنية التحتية القادرة على استيعابهم. ولفت أيضا الى ان قطاع المياه، الذي شهد زيادة في الاستهلاك بنسبة 22 بالمئة العام الماضي، في بلد يصنف من أفقر دول العالم مائياً. وبالنسبة للقطاع الصحي، لفت جودة الى أن المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية تعاملت في عام 2014 فقط مع نحو 708 آلاف لاجئ سوري وبزيادة في عدد الحالات تقدر بنحو 219 ألف حالة عن العام الذي سبقه، مبينا أن هذه الأمثلة التي سقتها فيما يتعلق بهذه القطاعات الثلاثة تشهدها مختلف القطاعات الأخرى في الأردن بما في ذلك سوق العمل، وتمتد آثار هذه الضغوطات والتحديات لتمس بشكل مباشر الحياة اليومية للمواطنين الأردنيين، شأنهم في ذلك شأن المجتمعات الأخرى المضيفة للاجئين. وأشار الى ما يترتب على هذه الضغوطات من انعكاسات سلبية وحساسيات وتوترات بين اللاجئين من جهة، والمجتمعات المضيفة ومكوناتها من جهة أخرى، الأمر الذي يقود إلى اختلالات كبيرة تتهدد السلم المجتمعي للمجتمعات المضيفة وهو ما يؤدي بدوره إلى سيرورة الأمور باتجاه انتاج آثار تمتد عبر الحدود، لتفضي إلى نشوء حالات تشكل تهديدا فعلياً أو محتملاً للأمن والاستقرار الدولي الأمر الذي بدوره يفرض على هذا المجلس أن ينظر بعين الأهمية لهذا الأمر ولهذه التحديات والتوترات المحتملة بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة لهم. وطالب جودة مجلس الأمن بأن يوجه مختلف الأجهزة الدولية والجهات المانحة باتجاه تطوير أوجه أكثر فاعلية للاستجابة، ليس فقط لاحتياجات اللاجئين وإنما أيضاً للدول المضيفة بما يمكنها من تخفيف الآثار السلبية على المجتمعات المضيفة بفعل موجات اللجوء المختلفة. وقال، إن الأردن مستمر، مع دخول السنة الخامسة لاندلاع الأزمة المأساوية في سورية، في أداء "واجبنا الأخوي تجاه الاشقاء السوريين الذين قصدوا الأردن طلباً للأمن والأمان، ونتقاسم معهم مواردنا المحدودة أصلاً، ونقوم- وبكل المقاييس- بأداء هذا الدور بالنيابة عن الإنسانية جمعاء"، مؤكدا اهمية ان تنهض الانسانية جمعاء بمسؤولياتها. واشار الى ان الحكومة الأردنية قامت بإعداد خطة الاستجابة الوطنية للأزمة السورية للعام 2015 باتباع أفضل الممارسات في تحديد الأعباء وتقييم الاحتياجات لكل من اللاجئين والمجتمعات المستضيفة وبلورتها في خطة واحدة، اشتركت في إعدادها الوزارات والمؤسسات الحكومية، ومنظمات الأمم المتحدة المختلفة، والجهات المانحة، والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، وقد قدرت احتياجات هذه الخطة للعام الحالي فقط بحوالي 3 مليارات دولار. كما تضمنت الخطة عدة خيارات تعطي مرونة خاصة، حول آليات التمويل، كالدعم المباشر للخزينة، أو تمويل مشاريع محددة، أو من خلال الصناديق الائتمانية، وغيرها من الآليات التي تناسب خصوصية كل جهة ممولة، لافتا الى أن الحكومة وقعت مع الأمم المتحدة اتفاقية إنشاء الصندوق الائتماني لدعم خطة الاستجابة للأزمة السورية كنافذة تمويلية اختيارية تعزز الشفافية والمساءلة وتقلل التكاليف المترتبة على تقديم الدعم المالي. واكد جودة أن التعامل مع اللاجئين السوريين خارج سورية مرتبط ارتباطا عضويا بالظروف الإنسانية داخل سورية، وعليه، فقد تبنى الأردن، ومنذ بداية الأزمة، مقاربة تقوم على أن الحل الدائم والمستدام لأزمة اللاجئين، يستدعي تحقيق التوازن بين معالجة ضغوطات اللاجئين في الدول المضيفة من جانب، ومعالجة أسباب النزوح داخل سوريا كأساس للحد من تدفق اللاجئين إلى الخارج. وقال ان الاردن بذل جهودا كبيرة في هذا المجال، وقام من خلال عضويته غير الدائمة في مجلس الأمن بالمساهمة الفاعلة في صياغة وإقرار القرارات ذوات الأرقام 2139 و2165 و2191 المتعلقة بإدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية، والتي أسهمت ولغاية الآن بمرور عشرات القوافل المحملة بالمساعدات الإنسانية لسورية عبر المعابر الحدودية الاردنية مع سوريا. وبين أن كل الإجراءات الوطنية التي أشرت إليها والقرارات الصادرة عن هذا المجلس فيما يخص هذا الجانب من الأزمة المأساوية في سوريا، تظل مؤقتة ومجتزأة ولا توفر حل شاملاً ولا مستداماً لا للأزمة الإنسانية في سورية، ولا لمأساة النزوح واللجوء السوري، لأن الحل المستدام والجذري يتأتى فقط من خلال إنجاز الحل السياسي الذي أشرت إليه في بداية هذه المداخلة والمرتكز إلى مقررات مؤتمر جنيف 1. وشدد على ان استمرار غياب آفاق الحل السياسي للأزمة في سورية، وبعد مرور أربعة أعوام على اندلاعها، بات يتطلب أن يقوم المجتمع الدولي بالتعامل مع تداعيات اللجوء السوري في دول الجوار عبر منظور طويل الأمد وشامل بحيث يأخذ بعين الاعتبار الآثار والأبعاد التنموية للمجتمعات المضيفة والتي تشكل العمود الفقري لقدرة الدول المضيفة، ومن بينها الأردن، على استضافة اللاجئين السوريين. وعبر جودة عن تقدير الاردن لكل من بادر من الدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات الدولية والاشخاص والهيئات بمساندته في التعامل مع العبء والتحدي المستمر للاجئين السوريين، خاصا بالذكر دولة الكويت على مبادرتها باستضافة 3 مؤتمرات دولية للمانحين. وشدد على ضرورة أن يبادر المجتمع الدولي كجزء من مسؤوليته إلى توسيع قاعدة تقاسم الأعباء بالقول والفعل، والمساهمة معنا في التصدي لهذا الواجب الإنساني لحين تحقق شروط العودة الطوعية للاجئين السوريين إلى بلدهم والتي من شأنها أن تتأتى عبر بوابة الحل السياسي "الذي أناشد من هذا المنبر كل القوى الفاعلة للدفع باتجاه تحقيقه وانجازه". من جهته اشار المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين انطونيو غوتيرس، الى أن السوريين اصبحوا ضحايا للغرق في المتوسط نتيجة الوضع الإنساني الصعب الذي يدفعهم الى الهجرة وبعضهم يضطر لتقديم تنازلات للبقاء على قيد الحياة وتأمين لقمة العيش. وأكد اهمية تقديم الدعم والمساندة للاجئين السوريين، وايضا لدول الجوار التي تعاني من تحمل تبعات اللجوء السوري، مشددا على ضرورة الإقرار بأن أزمة اللاجئين مستفحلة وطال امدها، وان الوضع يتطلب تقديم المساعدة للدول المجاورة لإدارة الأثر المالي لتدفق اللاجئين. واشار الى ان البنك الدولي ينظر في مختلف الخيارات الى تقديم قروض ميسرة للأردن ولبنان لتمكين البلدين بالتكيف مع هذه الأوضاع. ووصف غوتيرس الوضع بالسرطان الذي تنتشر خلاياه في المنطقة، ولذلك لا يجب تركه، وأن هذه المسألة ليست مسألة تضامن مع الذين يتحملون الأزمة إنما مصلحتنا جميعا. وعقد مجلس الأمن مساء امس جلسة مغلقة تم خلالها مناقشة المبادرة التي تقدم بها المبعوث الدولي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا لعقد مؤتمر جنيف3، عرض خلالها دي ميستورا لنتائج لقاءاته مع مختلف الأطراف السورية والدولية. بترا