2024-05-28 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الدعوة إلى المقاطعة هي قانون الانتخاب

د. فوزي السمهوري
جو 24 :

الانتخابات النزيهة حق للشعب على السلطة التنفيذية. والانتخابات النزيهة الدورية المستندة إلى قانون انتخابات يكفل المساواة في نقل الصوت الانتخابي لكل مواطن، كما يكفل للمواطن اختيار ممثليه وفقاً لبرامجهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكافة شؤون حياة المواطنين. ولا يمكن توفر ذلك إلا عبر قوائم فكرية وسياسية وحزبية، تؤمن للأغلبية النيابية من تشكيل السلطة التنفيذية (الحكومة وأجهزتها)، ودون ذلك فإن الانتخابات تكون شكلية وهدفها إضفاء شرعية على الحكم الديكتاتوري واللاديمقراطي؛ بهدف الاستئثار بالسلطة والثروة، بدعم من شريحة من المستفيدين وأصحاب المصلحة في تغييب إرادة الشعب الحقيقية بحقه في حكم نفسه عبر ممثليه.


وبالتالي فإن القانون الذي يرسخ الترشح على أسس فردية، ويفضي إلى إقصاء الأحزاب السياسية والقوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني عن الوصول الحر لكامل أعضاء السلطة التشريعية، كما ينبغي احترام المواطنة وذلك عبر عدم توزيع الدوائر نسبة إلى عدد السكان، ولا يفرز جوهر المواطنة عبر توسيع الدائرة الانتخابي لتكون المحافظة على أقل تقدير هي الدائرة الانتخابية، لا يكون إلا قانوناً ينطبق عليه وعلى الانتخابات القاعدة التي تقول إن لا ديمقراطية دون انتخابات، وليت كل انتخابات ديمقراطية. وهذه الحال هي ما ينطبق على الأردن الذي يعيش في مخاض وصراع بين إرادتين؛ إرادة تسعى إلى تعزيز الديمقراطية وصولاً إلى نظام ديمقراطي، وإرادة تعمل جلّ وقتها وجهدها من أجل الهروب من الإصلاحات التي تعمق الديمقراطية، وتعزز حتى الشعب في حكم نفسه في محاولة بائسة للحفاظ على مصالحهم ومكتسباتهم.


إن الرد الحقيقي على لعبة السلطة التنفيذية يكمن في عدم الانسياق والانخراط من جانب الأحزاب والقوى السياسية وغالبية الشعب في العملية الانتخابية تسجيلاً ومشاركة، تحت أي مبررات، فقد أثبتت السنوات الماضية أن المشاركة لم تؤدي إلى مزيد من الهيمنة والإقصاء والإنكار، كما أن القوى السياسية التي شاركت سابقاً لم تستطع -بفعل طبيعة تكوين وتركيب السلطة التشريعية (مجلس النواب ومجلس الأعيان)، وبفعل السلطة والهيمنة المطلقة إلى حد كبير من السلطة التنفيذية وأجهزتها على السلطة التشريعية- تحقيق أي تغيير جوهري على إدارة الدولة، أو حتى على سن تشريعات من تحقيق أي تغيير جوهري على إدارة الدولة أو حتى على سن تشريعات تتفق والمعايير الدولية، سواء ما هو متعارف عليه في الأنظمة الديمقراطية، أو تلك التي تتفق وأحكام العهود والمواثيق الدولية.


إن المشاركة للقوى السياسية، وخاصة المعارضة، خدمت السلطة التنفيذية حين سخرتها أمام الدول الديمقراطية الغربية، بأن لدينا معارضة وبالتالي فإننا دولة ديمقراطية، كما عملت على محاولة إخماد الصوت المعارض تحت حجة أنكم كنتم مشاركون، وبأن على الأقلية أن تحترم الأغلبية، ناكرين في ذات الوقت أن من حق الأقلية أن تسعى لحشد الرأي العام وكسبه حتى تتحول في لحظة ما الأٌقلية إلى أغلبية، ولكن هذه الحال لا يمكن الوصول إليها إلا في حال توفر نظام سياسي ديمقراطي حقيقي، يكفل تداولاً سليماً للسلطة التنفيذية.


إن حق التعبير وحشد الرأي العام، سواء للمشاركة في الانتخابات النيابية أو مقاطعتها هو حق أساسي، لا يجوز للسلطة التنفيذية أو أجهزتها أن تطلق التهديدات والتحذيرات لكل من يدعو إلى مقاطعة الانتخابات تحت حجة عدم دستوريتها.


فقانون الانتخابات هو القانون اللادستوري؛ وبالتالي فإن العملية الانتخابية بأكملها يمكن اعتبارها عدم دستورية. فمن ينتهك الدستور هو السلطة التنفيذية وأجهزتها، وليست الأحزاب والقوى السياسية المعارضة التي لا تتمسك بمفاصل القرارات السياسية وغيرها. كما أن محاولة مصادرة حق الرأي والتعبير، ونقل الأفكار عبر وسائل سلمية هي سياسية قمعية تنتهك المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان.
فالمطلوب من القوى والأحزاب السياسية والفكرية والإعلامية ومؤسسات المجتمع المدني ألا تكون خرزة زرقاء بيد السلطة التنفيذية، كما مطلوب منها أن ترفض قانون الانتخابات والمشاركة في العملية الانتخابية من حيث التسجيل بداية، ثم مقاطعة الاقتراع للمسجلين، وبذلك نرسل رسالة واضحة للسلطة وأجهزتها أن الوعي هو السائد، وأن الثقة بالتغيير الحقيقي قادم لا محالة.

(السيبل)

تابعو الأردن 24 على google news