خلف المقود.. حين تتحول السيارة إلى غرفة معيشة
جو 24 : لا يخفى على احد ان السرعة لم تعد هي السبب الرئيس في الحوادث التي تقع على طرقاتنا بين لحظة واخرى، بل ان قائمة باسماء متهمين تصدرت المشهد وبات لزاما طرح السؤال «ما الذي يحدث لنا خلف المقود؟» ، سيما ان نتائج وخسائر وخيمة لحوادث السير، ضحيتها السائق ومستخدم الطريق، باتت مرعبة وتشكل خطرا فادحا على كافة الصعد. سلوكيات غريبة، بعضها من قبل سائقي المركبات، واخرى من المارة ومستخدمي الطرق، لا يقل ضررها عن الضرر الناجم عن تزايد ارتفاع عداد السرعة في السيارة، وبالتالي حصد الارواح البريئة. القيادة لم تعد مهارة نكتسبها بمرور الزمن ونختصرها بإمكانية السيطرة على المقود والمكابح، ولكنها سلوكيات واحترام، فن وذوق واخلاق، تسهل عملية الالتزام بها حياة مستخدمي الطرق. هواتف وتواصل يعيق حركة السير لعل تنامي استخدام الهواتف الخلوية من قبل السائقين يعد السبب الاكبر وراء تزايد حوادث الطرق، بحسب وجهة نظر المواطن الثلاثيني وسائق مركبة خصوصي، سليمان نصرالدين. يقول «واضح جدا انشغال الناس بهواتفهم سواء اثناء القيادة او الوقوف الجزئي على الاشارات الضوئية». ويزيد «حتى المارة منشغلون بقراءة وتتبع ما تحمله هواتفهم، لذا نتيجة حتمية تنتظر من ينشغل عن الطريق حتى لثوان معدودة». ويؤكد «لابد من تشديد القوانين الخاصة باستخدام الهواتف اثناء القيادة، حتى نتجنب ما نشهده يوميا من خسائر في الارواح والممتلكات». ونوه «ان استخدام الهاتف اثناء القيادة بلا مبالاة من قبل البعض واشغال الطريق، اخطر من القيادة تحت تأثير المشروبات الروحية بحسب اخصائيين». وزاد « هناك من يتناول المشروبات ومأكولات اثناء القيادة ، بل ان تمشيط الشعر وتفقد الهندام والمكياج، هي امور تشاهدها ايضا خلف المقود، وهي لا تقل في خطرها عن السرعة والتجاوزات الخاطئة التي تسبب الكوارث المرورية المروعة التي يشيب منها الولدان» . حرب الطرقات هذا ما أطلقه الخمسيني «رؤوف محمد» على ما يحدث على طرقاتنا، موضحا ان الامر بات أشبه بالمعركة، يفوز من يصل وجهته اولا ، مستخدما كل الاسلحة المتاحة في سبيل تحقيق ذلك. ويقول الاربعيني سامر منجد « القيادة فن لا يتقنه كثير من السائقين ومستخدمي المركبات التي تسير في الشوارع سواء اكانت مركبات عمومي صممت لخدمة ونقل الناس، او خصوصي لنفس الغاية في تسهيل حياة الافراد اليومية ومساعدتهم على انجاز مهامهم». وبين منجد ان تزايد الحوادث سببه افتقاد مهارة التعامل مع الآخرين أثناء القيادة، فالحنكة الابرز تكمن في الانضباط وحرفية التعامل مع السيارات المجاورة ومراعاة ان للآخر حق ايضا في الطريق. فلاشات وزوامير، واطفال خلف المقود وبينت العشرينية سمر زيادات، ان البعض لا يعرف من مهارة القيادة وسلوكياتها سواء استخدام الفلاشات للضرورة وبدونها، وكذلك الاستخدام المفرط للزامور بمناسبة وبغير مناسبة. واضافت لقد تعلمنا ان مثل هذه الاشارات انما تستخدم للحالات الطارئة،لكنها اليوم باتت بعيدة عن غايتها في اعلام البعض بوجود حالة إستثنائية يترك لها المجال في الطريق. ومن السلوكيات المنفرة التي تحدثت عنها سمر ورفضتها وضع الاطفال في حضن السائق من باب دلال وترفيه الصغير. وقالت «شوارعنا مكتظة وتعاني ازمات خانقة وتصرفات غير متوقعة، فكيف يوضع طفل بعمر الورد في المقعد الامامي اصلا». واضافت « ما يثير غضبي حقا هو الصغير الذي يجعله والده يحرك المقود، واتساءل اين المخالفات وسحب الرخص والمركبة حتى ممن يمتهن هذا السلوك في الشوارع، الم يلزم القانون السائقين بعدم جلوس الاطفال في المقاعد الامامية للمركبة ؟». واضافت «يجب تشديد العقوبة ورفع قيمة الغرامات ، ووضع المزيد من كاميرات المراقبة ، كما هو مطلوب ضبط اجتماعي وتطوير من ثقافة الناس في استخدام الطريق باخلاقيات وسلوكيات، تعرف الناس ان القيادة وما يرافقها من سلوكيات تخص مجتمعا وليس افراد. الطرقات مسؤولية الجميع ويرى الباحث الاجتماعي واخصائي علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي ان جانبا من المسؤولية يقع على تصميم الطرقات وصيانتها والبنية التحتية، فيما يخص حوادث السير، الا ان الشق الاكبر في التسبب بهذه الحوادث منوط بالانسان وكيفية استخدامه للمركبة والطريق. ويؤكد ان التهاون في تطبيق القوانين،يسهم الى حد بعيد في تمادي الناس واصرافها في تجاوز الانظمة، كما أن التشريعات تحتاج الى مراجعة جذرية لكي تكون رادعة وفاعلة في معالجة هذه الظاهرة التي تنال من امن المواطن وايضا لها اثر اقتصادي لا يستهان به على الوطن عموما. واجتماعيا شدد على دور التربية المنزلية والمدرسية والتي قال د. خزاعي انها تأتي قبل المهارة في التعامل مع قيادة السيارات والخروج الى الطرقات. وزاد ان الطرق لا تحتمل الانانية في احتكار الطريق هي اشد اذى من قلة الخبرة وانعدام مهارة القيادة . واضاف د. الخزاعي ان هناك مسؤولية شرعية واجتماعية واخلاقية تترتب على كل من يمتلك سيارة او يقودها في الطرقات العامة. ونوه د. خزاعي ان عدم الالتزام بهذه المسؤولية انما يشكل خرقا واضحا يؤثر على سلامة الاخرين قبل سلامة السائق نفسه. وشدد على انه كما ان هناك مواصفات معينة في المركبة التي تسير على الطريق العام، لا بد من وجود مواصفات مماثلة لمن يقود هذه المركبات وهي في الحقيقة شروط اتفق عليها الخبراء، ويرون أنها ضرورية لسلامة الطريق العام ومستخدميه وبناء عليه من خالفها ألحق الضرر بنفسه أو غيره . وقال الدكتور خزاعي ان القيادة و الالتزام بآدابها شعار يجب الالتزام به والتوجه بقوانينه وان كانت فئات تمارس عكس ذلك فلابد من اعدة تأهيليها ووضعها في مسارها الصحيح . الدستور