jo24_banner
jo24_banner

"زعل" المسلماني من الذنيبات وعشق الاستثناءات

زعل المسلماني من الذنيبات وعشق الاستثناءات
جو 24 : تامر خرمه- بين فترة وأخرى يطلّ عليك أحدهم عبر نوافذ الإعلام، منتقدا هذا المسؤول أو ذاك الوزير. المشهد يبدو وكأن الأردن يقدم أنموذجا ديمقراطيا متميزا، حيث لا يكاد ينجو أي عامل في الحقل العام من سهام النقد.

جميل جدا هو المشهد. حرية رأي وتعبير، ونقد شرس، وملاحظات لا ترحم. وتزداد الديمقراطية الأردنية وسامة عندما يكون المنتقد من أعضاء المجلس النيابي العظيم !

ولكن تمهل، فليس كل ما يلمع ذهبا. أحيانا يكون للنقد أهدافا ودوافع لا يعلمها إلا الله والراسخون في علم المصالح المتبادلة، فقد ينتقد أحدهم مسؤولا ما لغاية في نفس يعقوبه، أو كردة فعل على خلاف ثنائي لا يتصل بموضوع النقد، لا من قريب ولا من بعيد.

وأحيانا أخرى يتعرض أحد أعضاء السلطة التنفيذية –التي لا يختلف اثنان على سوء أدائها وتخبطها- لسهام النقد النيابية، حتى وإن شكل حالة استثنائية للتفاني والإخلاص للعمل. وكثيرا ما يختبئ النائب الناقد –كعادة الأغلبية الرسمية- خلف الملك، ليبرر ما يوجهه من نقد أو انتقاد.

وزير التربية والتعليم محمد الذنيبات، الذي لا يمكن تجاهل ما حققه من إيجابيات رغم كافة الملاحظات على أداء وزارته، تعرض لانتقاد النائب أمجد المسلماني.. لماذا ؟ لأنه اعتذر عن زيارة كانت مقررة لبعض المدارس في الميدان. الموضوع حتى الآن "عادي" و"طبيعي".

ولكن الغريب أن المسلماني اختبأ وراء الملك أثناء توجيه نقده لذنيبات، ملوحا بالأوامر الملكية المتصلة بزيارة المدارس في الميدان. ما دمت يا سعادة النائب "زعلان" من اعتذار الوزير –لظرف ما ربما- عن موعد كان مقرر بينكما، فما الحاجة إلى "التسلح" بأوامر الملك ؟ وما الذي يمنعك من الإعراب عن استيائك الشخصي بشكل مباشر، دون الاضطرار إلى ترديد ما يصدر عن القصر ؟

القصة غريبة بعض الشيء، فنقد المسلماني المفاجئ لم يستند إلى تراكمات تستوجب توجيهه، كل ما في الأمر أن الذنيبات اعتذر عن موعد مع الرجل، ألم يكن من الممكن إعادة جدولة الموعد لقادمات الأيام ؟ ترى، ما هي الحكاية ؟

الأكثر غرابة فيما ورد بانتقاد المسلماني، حيث اعتبر أن الوزير "يتجاهل" مدارس العاصمة "العريقة"، وأن هذه المدارس تحتاج إلى معاملة "استثنائية".. يا رجل !!

وحدها عمان تحظى بالاهتمام الرسمي دون بقية مدن ومحافظات المملكة. تقول لأنها العاصمة ؟ طيب هل حكم على هذا الاستثناء بالسرمدية ؟ ألا يحق لبقية المدن التنفس بعض الشيء ؟ نظرة عابرة من مسؤول، أو حتى مجاملة من أحد الرسميين ؟ لا شيء ؟ انتهت الحكاية ؟ هل تريد إزالة كافة المدن عن خريطة الأردن وتستثني المعشوقة عمان ؟

المؤسف أن كثيرا من النواب، ومنهم المسلماني، لا يكترثون سوى لإقناع قواعدهم الانتخابية بقدرتهم "منقطعة النظير" على انتقاد هذا الوزير، أو النيل من ذاك المسؤول، في حال عدم تحقيق ما يريدونه لمناطقهم. نيابة خدمات.. هذه حقيقة البرلمان الذي اقتصر أداؤه على توفير بعض المتطلبات المناطقية، دون معالجة القضايا الوطنية الهامّة، التي تمس كلّ مواطن. كثيرة هي القضايا التي كان يمكن للمسلماني تسليط الضوء عليها، غير أن كل ما يعنيه هو توجيه الرسائل لقاعدته الانتخابية. انتخبوني مرة أخرى، هذا هو الشعار الناظم لأداء معظم النواب، دون أي اكتراث بالمصالح العامة.

مضحكة ممارسات بعض أعضاء المجلس النيابي عندما يخوض أحدهم صراعا ثنائيا مع منتسب لنادي الدوار الرابع، يبدو الأمر وكأن الصراعات الناجمة عن اختلاف البرامج والرؤى، وتعدد وجهات النظر، تحرك الحياة السياسية في الأردن، وتدفع عجلة التقدم إلى الدوران، غير أن الحقيقة الطريفة تتمثل في ثنائية هذه الصراعات واستنادها إلى قضايا هامشية. لم لا يريح الكل باله، وينتبه لزجاج مصالحه قبل رشق الآخرين بحجارة النقد ؟ لم لا ينشغل الكل في تسديد فواتير واستحقاقات عمله، ويريح القارئ من التصريحات الغريبة ؟
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير