ارفعوا رواتب العاملين في القطاع العام والأجهزة الأمنية
محرر الشؤون المحلية- الاستقرار، أو كما يفضّل البعض أن يصفه بـ "الأمن والأمان"، لا يمكن ضمانه دون تحصين العامود الفقري للدولة، والمتمثّل بالأجهزة الأمنيّة، المسؤولة عن حماية الوطن ممّا قد يتهدّده من أخطار.
الجوع كافر كما يقول المثل، فسوء الأوضاع المعيشيّة يعدّ مصيدة لكافّة الأمراض. وفي ظلّ تردّي الأوضاع الاقتصادية للغالبيّة العظمى من المواطنين، لا سيما العاملين في القطاع العام، هل يمكن وصف أوضاع عناصر الأمن بأنّها على خير ما يرام ؟ وهل فعلا تقوم الدولة بتحصين هذا القطاع الحسّاس من الفساد والإفساد.
لا ينبغي بأيّ حال من الأحوال إغفال حقيقة أن رواتب القطاع العام، لا يمكنك وصفها سوى بالهزيلة، في حال قارنتها بالأسعار التي يلتهب بها السوق، نتيجة السياسات الاقتصاديّة الليبراليّة. تحصين أجهزة الدولة ممّا قد يتسرّب إليها من فساد، يستوجب رفع رواتب العاملين فيها، بغير ذلك يكون التباهي بهذه الأجهزة طوبويّة لا صلة لها بمتغيّرات الواقع.
مضى الأردن في نهج الخصخصة واحتكرت الأقليّة الثريّة سلطة وثروة البلد. فهمنا هذا ولا أمل بتغيير السياسات الرسميّة، لكن هلاّ تنبّه صنّاع القرار إلى ما قد يؤول إليه واقع العاملين في القطاع العام، بما فيه من أجهزة أمنيّة وغيرها ؟!
حتّى إذا أردت الحديث عن مصالح الأقليّة الثريّة دون أخذ وجود الآخرين بعين الاعتبار، لا تنسى أن ارتفاع القدرة الشرائيّة للعاملين في القطاع العام ستسهم في تنشيط القطاع الخاص، ودوران عجلة الاقتصاد. من سيستهلك منتجاتك في حال جرّدت غالبيّة المواطنين من القدرة على الإنفاق ؟ فكرة براغماتيّة عابرة لم تلتقطها قرون استشعار هذه الأقليّة.
سلع تتكدّس في الأسواق، يتعامل معها المواطن بمنطق "الفرجة" فحسب، لم يعد من الممكن الحديث عن مجرّد غلاء أو استعار الأسعار، فالحكاية فاقت قدرة اللغة على الوصف. في ظلّ ضنك العيش الذي تعانيه الغالبيّة العظمى من شعبنا، فإن رجل الأمن، المسؤول عن تطبيق القانون، هو أكثر ما يعاني هذا الواقع المتردّي.
الأردن يقع في قلب أحداث إقليميّة دامية، الخطر الخارجي لا يستهان به على الإطلاق، لذا فإن تجاهل ضرورة تحصين الجبهة الداخلية هو الطامّة الكبرى. في حال تعتّق الفساد في أجهزة الدولة، وانتشرت ظاهرة الرشوة مثلا، بالتزامن مع تفاقم التجاوزات والانحرافات، أيّ مستقبل ستراهن عليه ؟ وهل حقّا سيكون جحيم الفوضى بردا وسلاما على الأغنياء ؟!
