معايير السعادة.. هل ترتبط بالمال فقط؟
جو 24 : أصبح مفهوم السعادة مرتبطا بعوامل اجتماعية واقتصادية للعديد من الشباب، فأصبحت القدرة على تأمين دخل مناسب لحياة كريمة والحصول على فرصة عمل مناسبة وبراتب جيد يشكل عبئا كبيرا على كاهلهم واجدين ان السعادة تكمن في الإيمان المطلق للواقع والقناعة فيها والتخلي عن المنظور المادي للحياة. وجهة نظر يبين عيسى ناصر أنه لدى الشباب وجهة نظر مختلفة في السعادة لديهم فمنهم من ينظر إلى السعادة في هذا العصر المادي الذي طغت فيه العولمة، بأشكال مختلفة فمنهم من يرى السعادة في لبس الثياب الحسنة والسير بين الناس مترفا ومنهم من يرى السعادة بوجود المال بجيبه ومنهم من يراها في كسب ود الآخرين ومنهم من يرى السعادة في الرحلات والأشياء المادية وهي وسائل وليست غايات. اما محمد زياد يرى ان أجمل لحظات السعادة له هو إنهاء المراحل التعليمية كافة والتخرج والحصول على وظيفة مناسبة تمكنه من تحقيق أحلامه. ويؤكد على أن بعض الشباب يعتقدون أن المال هو سبب السعادة؛ ما يدفع معظمهم إلى البحث عن الوسائل التي تجلب المال، دون الانتباه إلى أن السعادة الحقيقية تكمن في الصحة، والأسرة، ومحبة الآخرين والعمل من أجل سعادتهم. ويرى أن المال قد يكون وسيلة لتحقيق سعادة نسبية ولكن ليست مطلقة ويقول: قد يشعر الإنسان الفقير بالسعادة على الرغم من فقره وحاجته إلى المال، بينما يشعر الغني بالتعاسة لأن الناس يحبونه من أجل ماله، أو لأنه أصبح أسيرا لهذا المال ولم يحقق ما يصبو إليه من سعادة. أهمية ولكن على الرغم من اقتناعها بأهمية المال، غير أن جميلة شاكر تقول: «المال يسعد أحيانا وليس دائما، خصوصا أن الإنسان يسعى إلى جمع المال، لكنه في الوقت نفسه ينسى الكثير من مسببات السعادة التي لا تعوضها كنوز الدنيا وما فيها من أموال». وترى أن «هواة جمع المال هم أكثر الناس خسارة» وتضيف: «قد يخسر الزوج زوجته التي أهملها وهو يجمع المال، أو أولاده الذين لم يلق بالا لتربيتهم والوقوف إلى جانبهم عندما كانوا في أمس الحاجة إليه وتضيف: «بعض الناس يملكون المال، لكنهم لا يزالون يبحثون عن السعادة، وهذا ما يؤكد أن المقولة التي تقول: «من كثر ماله زاد همه»، هي مقولة حقيقية يثبتها العديد من التجارب الإنسانية عبر التاريخ المعاصر». إحداث فرق واضح دلال عمار تنظر الى السعادة من زاوية مختلفة تماما عن سابقيها قائلة:» مفهوم السعادة لدي معناه إحداث فرق واضح للجميع سواء على صعيد العمل او الحياة ،وان تكون مؤثرا في الآخرين وغيابك يربكهم ويبقون يذكرونك حتى لو رحلت عنهم ،كما انها تعتبر الانسان السعيد هو من يحقق الهدف الذي سعى الى تحقيقه في حياته . وتضيف: رغم ان توافر المال يسعد الكثير من الشباب ورغم انها لدى البعض هي اهم مسببات السعادة الا ان هناك اخرون يروا السعادة في نجاح أبنائهم، وهناك من يسعد بزواجه من امرأة صالحة، أو حينما يقوم بعمل طيب، كما أن هناك من يسعد بجمع المال حتى وإن لم يشعر بالسعادة في حياته الاجتماعية الأسرية، ما يؤكد أن المال لا يمنح الشعور بالسعادة. يشير فايز كرم الى ان وجود علاقة ما بين المال والسعادة، ولكنها ليست علاقة مؤثرة إلى حد كبير، لأن المال سبب من أسباب السعادة وليس عنصرا أساسا، لذا يجب ألا تقترن السعادة بالمال على حد قوله. وفي ما يتعلق بسعادته التي لا ترتبط بالماديات، يقول «إن الاستقرار الأسري والسعادة الزوجية من الأشياء التي لا تشترى بالمال». الأغنياء فقط من ناحية أخرى يوضح مأمون احمد أن الأثراء فقط هم الذين يقولون إن المال لا يصنع السعادة ويضيف: «لكن، من وجهة نظري، إننا لو سألنا أي فقير في العالم عن الأمر الذي يمكن أن يحقق له السعادة، فهو غالبا ما سيجيب بأنه المال، وسواء أكان على خطأ أم صواب، فهو سيبقى متمسكا بقناعته تلك، إلى أن يغتني، وحينها ربما يتغير رأيه. أما هبة حمدان تجد أن مفهوم السعادة بالنسبة لها يعني نجاح أولادها وتفوقهم في دراستهم، تقول سعادتي تفوق أبنائي وبالنسبة لي أن أرى أولادي يحققون تفوقا في دراستهم ويصلون إلى مراتب تمنيتها. وتعتبر ان الكثير من الشباب يروا السعادة في الزواج او في العمل بعد التخرج وهذا خطأ كبير ينبغي للإنسان أن يعيش لحظة بلحظة لا ينبغي أن يؤخر هذه السعادة ويرجئها إلى وقت آخر . رأي العلم يبين الدكتور مجد الدين خمش اختصاص علم الاجتماع: «إن علاقة المال بالسعادة تعتمد على درجة الوعي الذي يمتلكه الإنسان حين يكون لديه المال، ويضيف: «في حال كان يمتلك الانسان ذلك الوعي، فهو بلا شك سيحقق كل أنواع السعادة، أما إذا افتقر إلى الوعي، فسيحقق جميع الرغبات التي يفترض أنها تجلب السعادة، لكنه في نهاية الأمر يجد أنه لم يحقق السعادة». ويقول: «إلى ذلك، قد تدخله هذه الرغبات في كوارث لا حصر لها، وبالتالي يجد نفسه في موقف ينشد فيه السعادة من جديد، على الرغم من توافر المال لديه، ومن إنفاقه غير المقنن على الرغبات التي كان يظن فيها السعادة، وهنا تبرز قيمة الوعي». ويتابع: «من الطبيعي في كل الأحوال أن المال، حينما يتوافر، لا يحقق السعادة، ولكنه يوفر الاحتياجات لذلك يقال إن المال في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة». مبينا إن المال هو مطلب أساس وضروري وإن لم يحقق السعادة، ويجب أن يتوافر للعائلة والفرد والمجتمع كله. ويشير خمشبنفس الوقت ايضا لا تكتمل سعادة الإنسان الا إذا كانت حياته الظاهرة والباطنة متوازنة ،فلا يطغى الجانب المادي على الجانب الروحي ويخطئ من يظن أن السعادة لا تكون إلا بالمال بل بالرضا النفسي والقناعة وان يكون الإنسان واقعيا يتعامل مع الآخرين بصدق وموضوعية.الدستور