سلبيات في حياة أصحاب الجمال الباهر
جو 24 : ربما تؤدي وسامة المرء ومظهره الجيد إلى مساعدته على تحقيق نجاحات عدة في حياته، لكن علماء النفس يقولون إن ثمة صعوبات خفية ينطوي عليها مثل هذا الأمر، كما يقول الصحفي ديفيد روبسون.
هل يمكن أن يكون المرء جميلا أكثر مما ينبغي؟ قد يكون من الصعب أن يمثل هذا الأمر مشكلة يضطر غالبيتنا إلى التفكير فيها بقدر ما قد يحلو لنا أن نحلم أن نكون كذلك على أرض الواقع.
رغم ذلك، فإن النعم التي ينطوي عليها الجمال، وكذلك النقم الكامنة فيه، تشكل منذ أمد طويل مسألة تحظى بالاهتمام بالنسبة لعلم النفس.
فهل هؤلاء الذين وُهِبُوا قسمات متناسقة ومظهرا لافتا للنظر يعيشون وسط هالة من التقدير والإعجاب، أم أن ذلك قد يصبح في بعض الأحيان بلا قيمة؟
ومن خلال الاستعراض الدقيق لنتائج الدراسات التي جرت في هذا المضمار على مدار عقود، راجعت الباحثتان في مجال علم النفس الاجتماعي ليزا سلاتري ووكر وتونيا فريفِرت، من جامعة شارلوت في ولاية كارولينا شمالي الولايات المتحدة، كل الاستخلاصات التي جرى التوصل إليها حتى الآن حول ذلك الأمر.
وقد خرجتا باستنتاجات ربما لا تتسق مع ما يمكن أن يتوقعه المرء في هذا الصدد.
على المستوى الأكثر سطحية، ربما يُعتقد أن للجمال هالةً ما تحيط به؛ فنحن نرى أن لشخصٍ بعينه صفة ما جيدة، وبفعل مفهوم تداعي المعاني، يفترض عقلنا الباطن أن هذا الشخص وُهِبَ ذات النعمة في جوانب أخرى كذلك من شخصيته.
وهنا تقول الباحثة ووكر إن صفة الجمال "واحدة من صفات عديدة تحدد مكانة ومنزلة من نتعامل معه، ويمكن لنا أن نميزها ونتعرف عليها في وقت مبكر للغاية من تعاملاتنا" مع من حولنا.
وبالنسبة لعلماء النفس، فإنهم يطلقون على هذا الأمر وصف استدلال (مفاده أن) "ما هو جميل؛ فهو جيد بالضرورة".
ولكن عشاق مسلسل "30 روك"، وهو من نوعية مسلسلات ما يُعرف بـ"السيت كوم" التي تتسم بطابعها الكوميدي وبأحداثها التي تدور في أماكن قليلة ومحدودة المساحة، ربما يعتبرون أن هذا المفهوم ليس إلا "فقاعة".
فشخصية جون هام، التي تظهر في المسلسل، يعيبها انعدام الكفاءة على نحو ملحوظ، ولكنها نجحت في أن تحيا في ظل مناخ هانئ يسوده خداع النفس، بفضل وسامة صاحبها.
فعلى سبيل المثال، لم يكن بوسع هام – الذي يعمل طبيبا في المسلسل – أن يؤدي حتى أبسط الحركات التي يجيدها الأطباء مثل الضغط على بطن المريض، وهي الحركة المعروفة باسم "مناورة همليش".
ولكنه - على نحو ما- مضى يتنقل من سنة إلى أخرى، على غير هدى، طيلة أعوام دراسته في كلية الطب، بفضل ما يكمن فيه من سحر طبيعي.
وبحسب ما هو متوافر من براهين وأدلة، فإن مفهوم "الفقاعة" الذي يتبناه البعض هو حقيقة.
ففي مجال التعليم على سبيل المثال، عثرت ووكر وفريفِرت على ثروة من الأبحاث التي تُظهر أن المعلمين والأساتذة في المدارس والجامعات يميلون للحكم على أصحاب المظهر الأفضل من بين الطلاب باعتبارهم الأكثر كفاءة وذكاءً، وهو ما ينعكس على الدرجات والتقييمات التي يمنحونها لهم.
الأكثر من ذلك، أن ما يمكن أن نسميه "تأثير الفقاعة" يتضخم بمرور السنوات. وتوضح فريفِرت هنا بالقول إن "ثمة تأثيرا تراكميا (في هذا الشأن).. إذ يصبح المرء أكثر ثقة، ويُكِنُ المزيد من المعتقدات الإيجابية، وتسنح له فرص أكثر لإظهار كفاءته".
أما في أماكن العمل، فربما يصبح وجه المرء وملامحه الوسيمة ثروته الحقيقية.
فعندما توضع مختلف الاعتبارات الأخرى في الحسبان، يبدو من المرجح أن يحصل الأشخاص الأكثر جاذبية على رواتب أكبر، وأن يصلوا لمناصب أعلى في السلم الوظيفي، مقارنة بأولئك الذين يُعتبر مظهرهم غير سار للناظرين.
وكشفت دراسة أجريت على الحاصلين على درجة الماجيستير في إدارة الأعمال أن هناك فارقا تتراوح نسبته ما بين 10 إلى 15 في المئة ما بين الأجور التي يتقاضاها أصحاب المظهر الأكثر جاذبية من بين هؤلاء الخريجين، وتلك التي يتقاضاها أقرانهم ممن يُصنفون على أنهم ذوو سمات أقل جاذبية على الإطلاق.
وهو فارق يمكن أن تصل قيمته النقدية إلى نحو 230 ألف دولار أمريكي (150 ألف جنيه استرليني) على مدى حياة كل من أولئك الأشخاص. وفي هذا السياق، تقول ووكر إن من يتمتع بمظهر جميل أو وسيم "يظل يُوهَب منافع ومزايا طيلة حياته، بدءاً من فترة دراسته وحتى (يصل إلى) مكان عمله".
وحتى في أروقة المحاكم، يمكن أن يكون للمظهر الجذاب فعل السحر. فمن المرجح أن ينال المتهمون ذوو الجاذبية الشكلية أحكاما مخففة عن سواهم، أو ربما يفلتون من الإدانة كليةً.
كما يُرجح أن يتمكن المدعون بالحق المدني من أصحاب المظهر الجذاب من كسب دعاواهم، والحصول كذلك على تسويات مالية أكبر. وتعلق ووكر على ذلك بالقول إن تأثير عامل الجمال وحسن المظهر "واسع الانتشار".
لكن إذا ما كان للجمال فوائده في غالبية الحالات، فلا تزال هناك مواقف يمكن أن تؤتي فيها هذه الصفة نتائج عكسية.
فعلى سبيل المثال، بالرغم من أن الرجال أصحاب المظهر الجذاب يمكن أن يُنظر إليهم باعتبارهم ذوي قدرة أكبر على الاضطلاع بالأدوار القيادية، فإن الأحكام المسبقة والمتحيزة ضد المرأة يمكن أن تؤثر بالسلب على النظرة للنساء الحسناوات، ما يقلل من فرص تعيينهن في وظائف إدارية عليا تتطلب ممن يشغلها القدرة على إظهار سلطته.
(إذا أردت نموذجا على ما تبنته هوليوود في هذا المضمار، فيجدر بك تأمل الشخصية التي لعبتها الممثلة رِيز ويذرسبون في فيلم "ليغالي بلوند"، كما تنصح بذلك ووكر وفريفِرت".
علاوة على ذلك، وكما قد يكون بوسعك أن تتوقع؛ يواجه الأشخاص الذين يتمتعون بحسن المظهر – سواء كانوا رجالا أم نساءً – مشاعر الغيرة ممن حولهم.
وقد أفادت دراسة حديثة أنه إن كان على الراغب في الحصول على وظيفة ما خوض مقابلة شخصية يجريها أشخاص من نفس جنسه، فربما يصبح من يجرون المقابلة أقل ميلا لتوظيف هذا الشخص إذا ما اعتبروا أنه أكثر جاذبية منهم.
الأكثر إزعاجا في هذا الشأن، أن اتصاف المرء بالجمال أو حسن المظهر ربما يضر بفرصه في الحصول على رعاية طبية ملائمة، إذ أننا ننزع إلى الربط ما بين حسن المظهر والتمتع بصحة جيدة.
وهو ما يعني أنه في أغلب الأحوال؛ يجري التعامل مع الأمراض، بقدر أقل من الجدية، عندما يكون المصابون بها ممن يتصفون بحسن المظهر.
وعلى سبيل المثال، فعندما يكون الأطباء بصدد تخفيف الآلام التي يعاني منها مرضاهم، فإنهم يميلون إلى إبداء عناية أقل بمن ينعمون بجاذبية أكبر.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تمثل "فقاعة الجمال" التي قد تحيط بالمرأة الحسناء بشكل ما بقعة مقفرة تشعر فيها هذه السيدة بالوحدة.
ومن بين الأمثلة على ذلك، ما كشفت عنه دراسة أجريت عام 1975، من أن الناس يميلون إلى أن يمضوا بعيدا عن المرأة الجميلة إذا ما صادفوها في الطريق، وذلك في إشارة ربما على الاحترام.
ولكن يبقى أن مثل هذا السلوك من شأنه أن يجعل التفاعل الإنساني بين هذه السيدة وبين من حولها أكثر فتورا.
وتقول فريفِرت إن جاذبية الإنسان من حيث الشكل يمكن أن تكون أكثر قوة كلما كانت أكثر وضوحا، "ولكن في المقابل يمكن أن يجعل هذا الآخرين يشعرون بأنه ليس بمقدورهم الدنو من ذلك الشخص" الجذاب.
ومن المثير للاهتمام في هذا الشأن، ما ذكره مؤخرا موقع (أو.كيه كيوبيد) للمواعدة على شبكة الإنترنت من أن الأشخاص ممن يُرفقون بملفهم الشخصي الصور الأكثر جمالا والخالية من أي عيوب على الإطلاق كانوا الأقل فرصا في العثور على من يرغب في مواعدتهم، مقارنة بأصحاب الصور التي تتسم بغرابة ما في ملامح الوجه، أو تلك الصور الأقل مثالية من حيث تماشيها مع معايير الجمال المتعارف عليها.
وربما يعود ذلك إلى أن الراغبين في المواعدة يشعرون بخوف أقل حينما يكونون بصدد مواعدة أشخاص ذوو صور شخصية عادية، وليست فائقة الجمال.
لهذا السبب، وكما يمكن أن تكون قد توقعت، فإن كون المرء جميلا لا يعني أن بحوزته جواز سفر يوصله إلى السعادة الحتمية، رغم أن اتصاف الإنسان بهذه الصفة يساعده على أن يكون سعيدا بالطبع.
وقد كانت ووكر وفريفِرت حريصتين على تأكيد أن التأثيرات التي يخلفها الجمال سطحية وظاهرية تماما مثل مفاهيمنا عنه، وتشيران إلى أن هذه التأثيرات لا تضرب بجذورها بأي حال من الأحوال في تركيبتنا نحن ككائنات حية، كما قد يتصور البعض.
وفي هذا السياق تقول ووكر: "لدينا مجموعة كاملة من المثل والنماذج الثقافية بشأن الجمال، تسمح لنا بالقول إن شخصا ما جذاب أم لا. وعبر هذه المثل نفسها، نبدأ في الربط بين هذا الأمر وبين الكفاءة".
وبشكل ما، لا يعدو مثل هذا الربط سوى "اتباع مسار معرفي مختصر" يمكننا من إجراء تقييم سريع للأشخاص الذين نتعامل معهم.
وتقول فريفِرت إن هذه الطريقة "ليست موثوقا بها للغاية؛ مثلها مثل العديد من المسارات المختصرة التي نلجأ إليها".
وعلى سبيل المثال؛ من السبل التي قد يمكن من خلالها تخفيف تأثير مظهر المرء الخارجي على من يختبرونه إذا كان بصدد مقابلة شخصية لتحديد مدى جدارته بالحصول على وظيفة ما، أن تُزود إدارة الموارد البشرية القائمين على المقابلة بمعلومات أكثر عن الإنجازات التي حققها ذلك المتقدم لشغل الوظيفة، قبل بدء المقابلة.
وفي نهاية المطاف، تشير فريفِرت إلى أن التركيز المُغالى فيه على المظهر الخارجي، يمكن أن يكون في حد ذاته أمرا ضارا، إذا ما أدى لخلق أجواء لا داعي لها من القلق والتوتر، حتى وإن كان الأمر يتعلق بأناسٍ وُهِبُوا مظهرا حسنا.
وتضيف: "إذا كان لديك هوس مرضي بمسألة الجاذبية (الشكلية)، فإن ذلك قد يشوه خبراتك وتفاعلاتك" مع الآخرين.
ويمكننا الاستعانة بقول شائع مفاده أنه لا يمكن للجمال مهما بلغ أن يعوض عن سوء الشخصية.
أو كما صاغت الكاتبة دوروثي باركر المعنى نفسه ببلاغة رائعة: "الجمال ليس إلا قشرة خارجية رقيقة، أما القبح فهو متغلغل في المرء حتى العظام".
هل يمكن أن يكون المرء جميلا أكثر مما ينبغي؟ قد يكون من الصعب أن يمثل هذا الأمر مشكلة يضطر غالبيتنا إلى التفكير فيها بقدر ما قد يحلو لنا أن نحلم أن نكون كذلك على أرض الواقع.
رغم ذلك، فإن النعم التي ينطوي عليها الجمال، وكذلك النقم الكامنة فيه، تشكل منذ أمد طويل مسألة تحظى بالاهتمام بالنسبة لعلم النفس.
فهل هؤلاء الذين وُهِبُوا قسمات متناسقة ومظهرا لافتا للنظر يعيشون وسط هالة من التقدير والإعجاب، أم أن ذلك قد يصبح في بعض الأحيان بلا قيمة؟
ومن خلال الاستعراض الدقيق لنتائج الدراسات التي جرت في هذا المضمار على مدار عقود، راجعت الباحثتان في مجال علم النفس الاجتماعي ليزا سلاتري ووكر وتونيا فريفِرت، من جامعة شارلوت في ولاية كارولينا شمالي الولايات المتحدة، كل الاستخلاصات التي جرى التوصل إليها حتى الآن حول ذلك الأمر.
وقد خرجتا باستنتاجات ربما لا تتسق مع ما يمكن أن يتوقعه المرء في هذا الصدد.
على المستوى الأكثر سطحية، ربما يُعتقد أن للجمال هالةً ما تحيط به؛ فنحن نرى أن لشخصٍ بعينه صفة ما جيدة، وبفعل مفهوم تداعي المعاني، يفترض عقلنا الباطن أن هذا الشخص وُهِبَ ذات النعمة في جوانب أخرى كذلك من شخصيته.
وهنا تقول الباحثة ووكر إن صفة الجمال "واحدة من صفات عديدة تحدد مكانة ومنزلة من نتعامل معه، ويمكن لنا أن نميزها ونتعرف عليها في وقت مبكر للغاية من تعاملاتنا" مع من حولنا.
وبالنسبة لعلماء النفس، فإنهم يطلقون على هذا الأمر وصف استدلال (مفاده أن) "ما هو جميل؛ فهو جيد بالضرورة".
ولكن عشاق مسلسل "30 روك"، وهو من نوعية مسلسلات ما يُعرف بـ"السيت كوم" التي تتسم بطابعها الكوميدي وبأحداثها التي تدور في أماكن قليلة ومحدودة المساحة، ربما يعتبرون أن هذا المفهوم ليس إلا "فقاعة".
فشخصية جون هام، التي تظهر في المسلسل، يعيبها انعدام الكفاءة على نحو ملحوظ، ولكنها نجحت في أن تحيا في ظل مناخ هانئ يسوده خداع النفس، بفضل وسامة صاحبها.
فعلى سبيل المثال، لم يكن بوسع هام – الذي يعمل طبيبا في المسلسل – أن يؤدي حتى أبسط الحركات التي يجيدها الأطباء مثل الضغط على بطن المريض، وهي الحركة المعروفة باسم "مناورة همليش".
ولكنه - على نحو ما- مضى يتنقل من سنة إلى أخرى، على غير هدى، طيلة أعوام دراسته في كلية الطب، بفضل ما يكمن فيه من سحر طبيعي.
وبحسب ما هو متوافر من براهين وأدلة، فإن مفهوم "الفقاعة" الذي يتبناه البعض هو حقيقة.
ففي مجال التعليم على سبيل المثال، عثرت ووكر وفريفِرت على ثروة من الأبحاث التي تُظهر أن المعلمين والأساتذة في المدارس والجامعات يميلون للحكم على أصحاب المظهر الأفضل من بين الطلاب باعتبارهم الأكثر كفاءة وذكاءً، وهو ما ينعكس على الدرجات والتقييمات التي يمنحونها لهم.
الأكثر من ذلك، أن ما يمكن أن نسميه "تأثير الفقاعة" يتضخم بمرور السنوات. وتوضح فريفِرت هنا بالقول إن "ثمة تأثيرا تراكميا (في هذا الشأن).. إذ يصبح المرء أكثر ثقة، ويُكِنُ المزيد من المعتقدات الإيجابية، وتسنح له فرص أكثر لإظهار كفاءته".
أما في أماكن العمل، فربما يصبح وجه المرء وملامحه الوسيمة ثروته الحقيقية.
فعندما توضع مختلف الاعتبارات الأخرى في الحسبان، يبدو من المرجح أن يحصل الأشخاص الأكثر جاذبية على رواتب أكبر، وأن يصلوا لمناصب أعلى في السلم الوظيفي، مقارنة بأولئك الذين يُعتبر مظهرهم غير سار للناظرين.
وكشفت دراسة أجريت على الحاصلين على درجة الماجيستير في إدارة الأعمال أن هناك فارقا تتراوح نسبته ما بين 10 إلى 15 في المئة ما بين الأجور التي يتقاضاها أصحاب المظهر الأكثر جاذبية من بين هؤلاء الخريجين، وتلك التي يتقاضاها أقرانهم ممن يُصنفون على أنهم ذوو سمات أقل جاذبية على الإطلاق.
وهو فارق يمكن أن تصل قيمته النقدية إلى نحو 230 ألف دولار أمريكي (150 ألف جنيه استرليني) على مدى حياة كل من أولئك الأشخاص. وفي هذا السياق، تقول ووكر إن من يتمتع بمظهر جميل أو وسيم "يظل يُوهَب منافع ومزايا طيلة حياته، بدءاً من فترة دراسته وحتى (يصل إلى) مكان عمله".
وحتى في أروقة المحاكم، يمكن أن يكون للمظهر الجذاب فعل السحر. فمن المرجح أن ينال المتهمون ذوو الجاذبية الشكلية أحكاما مخففة عن سواهم، أو ربما يفلتون من الإدانة كليةً.
كما يُرجح أن يتمكن المدعون بالحق المدني من أصحاب المظهر الجذاب من كسب دعاواهم، والحصول كذلك على تسويات مالية أكبر. وتعلق ووكر على ذلك بالقول إن تأثير عامل الجمال وحسن المظهر "واسع الانتشار".
لكن إذا ما كان للجمال فوائده في غالبية الحالات، فلا تزال هناك مواقف يمكن أن تؤتي فيها هذه الصفة نتائج عكسية.
فعلى سبيل المثال، بالرغم من أن الرجال أصحاب المظهر الجذاب يمكن أن يُنظر إليهم باعتبارهم ذوي قدرة أكبر على الاضطلاع بالأدوار القيادية، فإن الأحكام المسبقة والمتحيزة ضد المرأة يمكن أن تؤثر بالسلب على النظرة للنساء الحسناوات، ما يقلل من فرص تعيينهن في وظائف إدارية عليا تتطلب ممن يشغلها القدرة على إظهار سلطته.
(إذا أردت نموذجا على ما تبنته هوليوود في هذا المضمار، فيجدر بك تأمل الشخصية التي لعبتها الممثلة رِيز ويذرسبون في فيلم "ليغالي بلوند"، كما تنصح بذلك ووكر وفريفِرت".
علاوة على ذلك، وكما قد يكون بوسعك أن تتوقع؛ يواجه الأشخاص الذين يتمتعون بحسن المظهر – سواء كانوا رجالا أم نساءً – مشاعر الغيرة ممن حولهم.
وقد أفادت دراسة حديثة أنه إن كان على الراغب في الحصول على وظيفة ما خوض مقابلة شخصية يجريها أشخاص من نفس جنسه، فربما يصبح من يجرون المقابلة أقل ميلا لتوظيف هذا الشخص إذا ما اعتبروا أنه أكثر جاذبية منهم.
الأكثر إزعاجا في هذا الشأن، أن اتصاف المرء بالجمال أو حسن المظهر ربما يضر بفرصه في الحصول على رعاية طبية ملائمة، إذ أننا ننزع إلى الربط ما بين حسن المظهر والتمتع بصحة جيدة.
وهو ما يعني أنه في أغلب الأحوال؛ يجري التعامل مع الأمراض، بقدر أقل من الجدية، عندما يكون المصابون بها ممن يتصفون بحسن المظهر.
وعلى سبيل المثال، فعندما يكون الأطباء بصدد تخفيف الآلام التي يعاني منها مرضاهم، فإنهم يميلون إلى إبداء عناية أقل بمن ينعمون بجاذبية أكبر.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تمثل "فقاعة الجمال" التي قد تحيط بالمرأة الحسناء بشكل ما بقعة مقفرة تشعر فيها هذه السيدة بالوحدة.
ومن بين الأمثلة على ذلك، ما كشفت عنه دراسة أجريت عام 1975، من أن الناس يميلون إلى أن يمضوا بعيدا عن المرأة الجميلة إذا ما صادفوها في الطريق، وذلك في إشارة ربما على الاحترام.
ولكن يبقى أن مثل هذا السلوك من شأنه أن يجعل التفاعل الإنساني بين هذه السيدة وبين من حولها أكثر فتورا.
وتقول فريفِرت إن جاذبية الإنسان من حيث الشكل يمكن أن تكون أكثر قوة كلما كانت أكثر وضوحا، "ولكن في المقابل يمكن أن يجعل هذا الآخرين يشعرون بأنه ليس بمقدورهم الدنو من ذلك الشخص" الجذاب.
ومن المثير للاهتمام في هذا الشأن، ما ذكره مؤخرا موقع (أو.كيه كيوبيد) للمواعدة على شبكة الإنترنت من أن الأشخاص ممن يُرفقون بملفهم الشخصي الصور الأكثر جمالا والخالية من أي عيوب على الإطلاق كانوا الأقل فرصا في العثور على من يرغب في مواعدتهم، مقارنة بأصحاب الصور التي تتسم بغرابة ما في ملامح الوجه، أو تلك الصور الأقل مثالية من حيث تماشيها مع معايير الجمال المتعارف عليها.
وربما يعود ذلك إلى أن الراغبين في المواعدة يشعرون بخوف أقل حينما يكونون بصدد مواعدة أشخاص ذوو صور شخصية عادية، وليست فائقة الجمال.
لهذا السبب، وكما يمكن أن تكون قد توقعت، فإن كون المرء جميلا لا يعني أن بحوزته جواز سفر يوصله إلى السعادة الحتمية، رغم أن اتصاف الإنسان بهذه الصفة يساعده على أن يكون سعيدا بالطبع.
وقد كانت ووكر وفريفِرت حريصتين على تأكيد أن التأثيرات التي يخلفها الجمال سطحية وظاهرية تماما مثل مفاهيمنا عنه، وتشيران إلى أن هذه التأثيرات لا تضرب بجذورها بأي حال من الأحوال في تركيبتنا نحن ككائنات حية، كما قد يتصور البعض.
وفي هذا السياق تقول ووكر: "لدينا مجموعة كاملة من المثل والنماذج الثقافية بشأن الجمال، تسمح لنا بالقول إن شخصا ما جذاب أم لا. وعبر هذه المثل نفسها، نبدأ في الربط بين هذا الأمر وبين الكفاءة".
وبشكل ما، لا يعدو مثل هذا الربط سوى "اتباع مسار معرفي مختصر" يمكننا من إجراء تقييم سريع للأشخاص الذين نتعامل معهم.
وتقول فريفِرت إن هذه الطريقة "ليست موثوقا بها للغاية؛ مثلها مثل العديد من المسارات المختصرة التي نلجأ إليها".
وعلى سبيل المثال؛ من السبل التي قد يمكن من خلالها تخفيف تأثير مظهر المرء الخارجي على من يختبرونه إذا كان بصدد مقابلة شخصية لتحديد مدى جدارته بالحصول على وظيفة ما، أن تُزود إدارة الموارد البشرية القائمين على المقابلة بمعلومات أكثر عن الإنجازات التي حققها ذلك المتقدم لشغل الوظيفة، قبل بدء المقابلة.
وفي نهاية المطاف، تشير فريفِرت إلى أن التركيز المُغالى فيه على المظهر الخارجي، يمكن أن يكون في حد ذاته أمرا ضارا، إذا ما أدى لخلق أجواء لا داعي لها من القلق والتوتر، حتى وإن كان الأمر يتعلق بأناسٍ وُهِبُوا مظهرا حسنا.
وتضيف: "إذا كان لديك هوس مرضي بمسألة الجاذبية (الشكلية)، فإن ذلك قد يشوه خبراتك وتفاعلاتك" مع الآخرين.
ويمكننا الاستعانة بقول شائع مفاده أنه لا يمكن للجمال مهما بلغ أن يعوض عن سوء الشخصية.
أو كما صاغت الكاتبة دوروثي باركر المعنى نفسه ببلاغة رائعة: "الجمال ليس إلا قشرة خارجية رقيقة، أما القبح فهو متغلغل في المرء حتى العظام".