الا خبز الاردنيين يا دولة الرئيس
واضح ان الرئيس النسور بدأ يقترب من المنطقة الخطرة شعبيا، والقابلة للالتهاب السريع، ولم يكن ليجرؤ على ذلك لو وجد مصدات نيابية حقيقية تقف في وجهه طوال مسيرة حكومته الحافلة بالاعتداء على الشعب الاردني في صميم حرياته، وحقوقه العامة ، وبالتدريج الى ان وصل الى حد المساس بخبز الاردنيين، وكان قبلها تجرأ بقراراته على دفئهم، وضوئهم، ومائهم، ورفع اسعار الكهرباء والمحروقات والماء على التوالي دون مراعاة لظروفهم، او توفر برنامج تنموي لدى حكومته لانتشال مناطقهم المهمشة من ضيق العيش، وفقدان الامل.
واعلن عليهم حرب الاسعار والضرائب ، ووضعهم في دائرة شظف العيش، والتي تفضي بدورها الى حدة في الطباع، ولعل ذلك يفسر تنامي ، واتساع دائرة العنف والتوتر في النسيج الاجتماعي الاردني. فعندما تطارد الاردني الظروف المعيشية القاسية فان ذلك يفضي الى ارتدادات نفسية عميقة بدأت تظهر في سلوك وممارسة الناس، وفي توسع دائرة الجريمة، وتنامي حالة العنف المحلي، وبدأت الاضطرابات المجتمعية تطل برأسها في الجامعات، وربما سنصل الى ان يغدو التوتر هو السمة الابرز في علاقاتنا البينية. وهذا خطر كبير ينمو في احشاء مجتمع تعرض الى حكومات محسوبة عليه، وعاملته معاملة الاعداء.
وهذا الرئيس كان لعنة بحق على الاردنيين، فمارس عليهم دور الجابي، وكان ينظر الى ما في جيوبهم من قليل الدنيا، ويحسدهم على الحد الادنى في الحياة الذي يعايشونه، وهو افتقر حتى الى الجانب الانساني في الحكم، ولم ينظر الى الضرورات الامنية التي تراعى في اتخاذ القرارات التي لها مساس مباشر بمعيشة الناس، وتفجير كوامن الغضب الشعبي في دواخلهم. ومعروف ان الثورات الكبرى تاريخيا فجرتها سياسيات الضرائب والاسعار الجائرة، واضطهاد طبقة الفقراء، لصالح ادامة رفاهية، ومكتسبات طبقة الحكم، والحفاظ على امتيازاتها.
كلي امل ان يجنب الله الاردن كل سوء، وان لا نسير بطريق الفوضى الذي تدفعنا اليه هذه الحكومة بلا وجل، وكأنها تشرع بخطوات حقيقية نحو خلخلة النسيج الوطني ، وصولا الى اردن مضطرب حاله كحال غيره في المحيط الملتهب للاسف.
وارجو ان يتم التنبه الى خطورة اتخاذ مثل هذه القرارات الخطرة التي تعصف بالعلاقة بين الشعوب وانظمتها السياسية، وتخرب قواعد العملية السياسية المتبعة. وعلى الحكومة التي دفعت الاردنيين على طريق الآلام ان تدرك انها بمساسها بخبزهم انما تقطع مسافة الامان المتبقية بين الشعب وبين حراكه القادم والعودة مجددا الى التخاطب عبر الشارع.