توصيات أول مؤتمر لرؤساء أركان الجيوش العربية في عمان
د. حسين عمر توقه
جو 24 : نشأة جامعة الدول العربية:
في ذلك التاريخ كان العدو واضح المعالم ومعروفا واليوم لا نعرف أي توصيات سيسفر عنها إجتماع رؤساء أركان الجيوش العربية ومن هو العدو.
في عام 1942 برزت فكرة إنشاء الجامعة العربية والتي أطلقها في ذلك الوقت رئيس الوزراء المصري مصطفى النحاس حيث بدأت سلسلة من المشاورات الثنائية بين كل من مصر والأردن والعراق وسوريا ولبنان والمملكة العربية السعودية واليمن. ولقد تم الإتفاق على إجتماع لجنة تحضيرية لهذه الدول بداية من 7/8/1944 لغاية 25/9/1944 وبتاريخ 22/3/1945 تم الإعلان عن تأسيس جامعة الدول العربية المكونة من مصر وسوريا وشرق الأردن ولبنان والعراق واليمن والمملكة العربية السعودية بحيث تكون القاهرة مقر الجامعة وهي تعتبر أقدم منظمة دولية تقام بعد الحرب العالمية الثانية.
لقد كانت الدول العربية المستقلة حديثة العهد بالإستقلال وكانت في معظمها ذات إرتباط أجنبي مقيد أو غير ذات نظام دفاعي قوي. حيث كانت مصر والعراق مرتبطتين بمعاهدتين مع بريطانيا تسمح للقوات البريطانية الإقامة في البلدين. وكان الجيش الأردني بريطاني القيادة والقوات الفرنسية لم تجل عن سورية ولبنان ولم يكن للمملكة العربية السعودية واليمن نظام دفاعي عسكري منظم. وبالرغم من معرفة القادة العرب بأن الصهيونية العالمية تعمل جاهدة وبمؤازرة من الإستعمار البريطاني على إقامة الكيان الصهيوني فوق أرض فلسطين فإن واضعي ميثاق جامعة الدول العربية قد تجاهلوا أهمية العمل العسكري ولم يشيروا إليه لا من قريب أوبعيد بالرغم من أن بروتوكول الإسكندرية الذي وقعت عليه الدول العربية قد نص أن من مهامها تنسيق الخطوات السياسية فيها وصيانة استقلالها وسيادتها من كل إعتداء بالوسائل الممكنة. وبالرغم من اقتراح رئيس وزراء سوريا فارس الخوري أن تكون هناك مشاركة عربية في شؤون الدفاع إلا أن هذا الإقتراح قد أسقط.
إن طي صفحة شؤون الدفاع من ميثاق الجامعة العربية ورفض مفهوم الدفاع العربي المشترك قد أدى إلى تعطيل إمكانية تنظيم وتنسيق أي عمل عسكري عربي مشترك. وكانت الدول العربية منذ إنشاء جامعة الدول العربية وحتى حرب 1948 عاجزة عن اتخاذ أي عمل عسكري مشترك رغم إدراكهم بالخطر الصهيوني المتنامي فبتاريخ 2/12/1945 تم إتخاذ القرار رقم ق16/دع2/ج11 الذي يشير إلى أن الخطر الصهيوني يهدد البلاد العربية وإلى أن هدف الصهيونية هو تأسيس وطن قومي ودولة يهودية في فلسطين.
ولقد عقدت جامعة الدول العربية دورة إستثنائية في بلودان في سوريا من 8/6/1946 لغاية 12/6/1946 للبحث في مسألة فلسطين ولم يكن بين قرارات هذه الدورة الإستثنائية أي قرار عسكري.
تشكيل أول لجنة من الخبراء العسكريين:
وما أن صدر قرار التقسيم بتاريخ 29/11/1947 بتقسيم فلسطين وتدويل القدس وأعلنت بريطانيا عن نيتها الإنسحاب من فلسطين. عندها تنادت اللجنة السياسية التابعة لجامعة الدول العربية إلى الإنعقاد في صوفر لبنان بتاريخ 16/9/1947 وتم تشكيل لجنة من الخبراء العسكريين لدراسة الموقف في فلسطين وتقديم تقريرهم إلى اللجنة السياسية. ولقد تم إجتماع مجلس الجامعة في عاليه لبنان وتم بحث تقرير لجنة الخبراء العسكريين. حيث تضمن التقرير تقييما دقيقا للقوات المسلحة الصهيونية في فلسطين بما لا يقل عن 60 ألف مسلح مجهزين بأسلحة جديدة وذخيرة وافرة ولقد أوصت اللجنة العسكرية بما يلي:
أ: جعل العرب الفلسطينيين الأساس في الدفاع عن بلادهم ووضعهم في وضع مماثل للوضع الذي فيه اليهود من حيث تسليحهم وتنظيم وتحصين مدنهم وقراهم تحصينا فنيا والإستعانة بالمتطوعين القادمين من الأقطار العربية لمساعدة فلسطين.
ب: مرابطة الجيوش العربية على حدود فلسطين لمساندة الشعب الفلسطيني في نضاله ومساعدته بالعتاد والأفراد عند الحاجة.
ج: تشكيل قوات من المتطوعين العرب للقتال إلى جانب الشعب الفلسطيني داخل فلسطين وبالتعاون مع قوى الداخل.
ولقد حظيت هذه التوصيات بالموافقة من قبل مجلس الجامعة وبالإجماع وتم تشكيل لجنة عسكرية فنية مرتبطة بالأمين العام. عُهد إليها بمهمة تنفيذ قرارات اللجنة الأولى في تنظيم الدفاع عن فلسطين وإعداد المتطوعين العرب واتخذت اللجنة من دمشق مقرا لها.
وللمرة الأولى يتولد مفهوم الأمن القومي الشامل في رحاب جامعة الدول العربية وانبثق عنه تشكيل جيش الإنقاذ ودخول الجيوش العربية فلسطين والتوقيع على معاهدة الدفاع المشترك.
المؤتمر الأول لرؤساء أركان الجيوش العربية:
وبتاريخ 30/4/1948 عقد رؤساء أركان الجيوش العربية أول مؤتمر لهم في عمان. وقد حضر هذا المؤتمر رئيس اللجنة العسكرية والأمين العام لجامعة الدول العربية. وقد تم رفع توصية بتشكيل ست فرق كاملة التنظيم والسلاح وستة أسراب من الطائرات المقاتلة والقاذفة وأن تكون جميع هذه القوات العربية خاضعة لقيادة واحدة.
وبتاريخ 10/5/1948 وافقت الدول العربية على تولي الملك عبد الله إبن الحسين القيادة العامة للجيوش العربية في فلسطين.
وما أن بدأت بريطانيا مراسم إنتهاء إنتدابها قام في مساء 14/5/1948 بن غوريون بالإعلان عن قيام دولة إسرائيل.
ولقد تحركت قوة الجيش العربي من معسكر الزرقاء إلى قاعدة أمامية قرب الشونة الجنوبية حيث التقى بهم الملك عبد الله بتاريخ 14/5/1948 وخطب بهم وحثهم على الدفاع عن القدس وفلسطين.
وفي فجر 15/5/1948 إجتازت قوة الجيش العربي جسر اللنبي (جسر الملك حسين) إلى داخل فلسطين. وقامت كل من مصر والسعودية والسودان واليمن بتجهيز ثلاث كتائب يبلغ تعداد أفرادها 5 آلاف مقاتل وقامت المملكة الأردنية بتجهيز ثلاث كتائب يبلغ تعداد أفرادها 4550 مقاتل وقامت العراق بتجهيز قوة يبلغ تعدادها 2500 مقاتل وقامت سوريا بتجهيز كتيبتين يبلغ تعداد أفرادهما 1876 مقاتل كما قامت لبنان بتجهيز كتيبة واحدة يبلغ تعداد أفرادها ألف مقاتل أي أن إجمالي عدد المقاتلين من الدول العربية قد بلغ 14926 مقاتل.
يقابلهم على الجانب اليهودي قوات عسكرية جيدة التسليح من الهاغاناه وحرس المستعمرات يبلغ تعدادهم 40 ألف فرد وجيش ميداني مدرب على العمليات العسكرية وله قدرة كبيرة على الحركة يبلغ تعدادهم 16 ألف فرد بالإضافة إلى قوة ضاربة خفيفة الحركة عالية التدريب من البلماخ يبلغ تعدادهم 6 آلاف فرد وقوة من الأرغون وشتيرن يبلغ تعدادهم 5 آلاف فرد أي أن إجمالي القوات اليهودية هو 67000 فرد. أي أن القوات اليهودية كانت تعادل أربعة أضعاف ونصف القوات العربية بالإضافة إلى التفوق في نوعية السلاح والتنظيم والتخطيط.
* الكاتب باحث في الدراسات الإستراتيجية والأمن القومي
في ذلك التاريخ كان العدو واضح المعالم ومعروفا واليوم لا نعرف أي توصيات سيسفر عنها إجتماع رؤساء أركان الجيوش العربية ومن هو العدو.
في عام 1942 برزت فكرة إنشاء الجامعة العربية والتي أطلقها في ذلك الوقت رئيس الوزراء المصري مصطفى النحاس حيث بدأت سلسلة من المشاورات الثنائية بين كل من مصر والأردن والعراق وسوريا ولبنان والمملكة العربية السعودية واليمن. ولقد تم الإتفاق على إجتماع لجنة تحضيرية لهذه الدول بداية من 7/8/1944 لغاية 25/9/1944 وبتاريخ 22/3/1945 تم الإعلان عن تأسيس جامعة الدول العربية المكونة من مصر وسوريا وشرق الأردن ولبنان والعراق واليمن والمملكة العربية السعودية بحيث تكون القاهرة مقر الجامعة وهي تعتبر أقدم منظمة دولية تقام بعد الحرب العالمية الثانية.
لقد كانت الدول العربية المستقلة حديثة العهد بالإستقلال وكانت في معظمها ذات إرتباط أجنبي مقيد أو غير ذات نظام دفاعي قوي. حيث كانت مصر والعراق مرتبطتين بمعاهدتين مع بريطانيا تسمح للقوات البريطانية الإقامة في البلدين. وكان الجيش الأردني بريطاني القيادة والقوات الفرنسية لم تجل عن سورية ولبنان ولم يكن للمملكة العربية السعودية واليمن نظام دفاعي عسكري منظم. وبالرغم من معرفة القادة العرب بأن الصهيونية العالمية تعمل جاهدة وبمؤازرة من الإستعمار البريطاني على إقامة الكيان الصهيوني فوق أرض فلسطين فإن واضعي ميثاق جامعة الدول العربية قد تجاهلوا أهمية العمل العسكري ولم يشيروا إليه لا من قريب أوبعيد بالرغم من أن بروتوكول الإسكندرية الذي وقعت عليه الدول العربية قد نص أن من مهامها تنسيق الخطوات السياسية فيها وصيانة استقلالها وسيادتها من كل إعتداء بالوسائل الممكنة. وبالرغم من اقتراح رئيس وزراء سوريا فارس الخوري أن تكون هناك مشاركة عربية في شؤون الدفاع إلا أن هذا الإقتراح قد أسقط.
إن طي صفحة شؤون الدفاع من ميثاق الجامعة العربية ورفض مفهوم الدفاع العربي المشترك قد أدى إلى تعطيل إمكانية تنظيم وتنسيق أي عمل عسكري عربي مشترك. وكانت الدول العربية منذ إنشاء جامعة الدول العربية وحتى حرب 1948 عاجزة عن اتخاذ أي عمل عسكري مشترك رغم إدراكهم بالخطر الصهيوني المتنامي فبتاريخ 2/12/1945 تم إتخاذ القرار رقم ق16/دع2/ج11 الذي يشير إلى أن الخطر الصهيوني يهدد البلاد العربية وإلى أن هدف الصهيونية هو تأسيس وطن قومي ودولة يهودية في فلسطين.
ولقد عقدت جامعة الدول العربية دورة إستثنائية في بلودان في سوريا من 8/6/1946 لغاية 12/6/1946 للبحث في مسألة فلسطين ولم يكن بين قرارات هذه الدورة الإستثنائية أي قرار عسكري.
تشكيل أول لجنة من الخبراء العسكريين:
وما أن صدر قرار التقسيم بتاريخ 29/11/1947 بتقسيم فلسطين وتدويل القدس وأعلنت بريطانيا عن نيتها الإنسحاب من فلسطين. عندها تنادت اللجنة السياسية التابعة لجامعة الدول العربية إلى الإنعقاد في صوفر لبنان بتاريخ 16/9/1947 وتم تشكيل لجنة من الخبراء العسكريين لدراسة الموقف في فلسطين وتقديم تقريرهم إلى اللجنة السياسية. ولقد تم إجتماع مجلس الجامعة في عاليه لبنان وتم بحث تقرير لجنة الخبراء العسكريين. حيث تضمن التقرير تقييما دقيقا للقوات المسلحة الصهيونية في فلسطين بما لا يقل عن 60 ألف مسلح مجهزين بأسلحة جديدة وذخيرة وافرة ولقد أوصت اللجنة العسكرية بما يلي:
أ: جعل العرب الفلسطينيين الأساس في الدفاع عن بلادهم ووضعهم في وضع مماثل للوضع الذي فيه اليهود من حيث تسليحهم وتنظيم وتحصين مدنهم وقراهم تحصينا فنيا والإستعانة بالمتطوعين القادمين من الأقطار العربية لمساعدة فلسطين.
ب: مرابطة الجيوش العربية على حدود فلسطين لمساندة الشعب الفلسطيني في نضاله ومساعدته بالعتاد والأفراد عند الحاجة.
ج: تشكيل قوات من المتطوعين العرب للقتال إلى جانب الشعب الفلسطيني داخل فلسطين وبالتعاون مع قوى الداخل.
ولقد حظيت هذه التوصيات بالموافقة من قبل مجلس الجامعة وبالإجماع وتم تشكيل لجنة عسكرية فنية مرتبطة بالأمين العام. عُهد إليها بمهمة تنفيذ قرارات اللجنة الأولى في تنظيم الدفاع عن فلسطين وإعداد المتطوعين العرب واتخذت اللجنة من دمشق مقرا لها.
وللمرة الأولى يتولد مفهوم الأمن القومي الشامل في رحاب جامعة الدول العربية وانبثق عنه تشكيل جيش الإنقاذ ودخول الجيوش العربية فلسطين والتوقيع على معاهدة الدفاع المشترك.
المؤتمر الأول لرؤساء أركان الجيوش العربية:
وبتاريخ 30/4/1948 عقد رؤساء أركان الجيوش العربية أول مؤتمر لهم في عمان. وقد حضر هذا المؤتمر رئيس اللجنة العسكرية والأمين العام لجامعة الدول العربية. وقد تم رفع توصية بتشكيل ست فرق كاملة التنظيم والسلاح وستة أسراب من الطائرات المقاتلة والقاذفة وأن تكون جميع هذه القوات العربية خاضعة لقيادة واحدة.
وبتاريخ 10/5/1948 وافقت الدول العربية على تولي الملك عبد الله إبن الحسين القيادة العامة للجيوش العربية في فلسطين.
وما أن بدأت بريطانيا مراسم إنتهاء إنتدابها قام في مساء 14/5/1948 بن غوريون بالإعلان عن قيام دولة إسرائيل.
ولقد تحركت قوة الجيش العربي من معسكر الزرقاء إلى قاعدة أمامية قرب الشونة الجنوبية حيث التقى بهم الملك عبد الله بتاريخ 14/5/1948 وخطب بهم وحثهم على الدفاع عن القدس وفلسطين.
وفي فجر 15/5/1948 إجتازت قوة الجيش العربي جسر اللنبي (جسر الملك حسين) إلى داخل فلسطين. وقامت كل من مصر والسعودية والسودان واليمن بتجهيز ثلاث كتائب يبلغ تعداد أفرادها 5 آلاف مقاتل وقامت المملكة الأردنية بتجهيز ثلاث كتائب يبلغ تعداد أفرادها 4550 مقاتل وقامت العراق بتجهيز قوة يبلغ تعدادها 2500 مقاتل وقامت سوريا بتجهيز كتيبتين يبلغ تعداد أفرادهما 1876 مقاتل كما قامت لبنان بتجهيز كتيبة واحدة يبلغ تعداد أفرادها ألف مقاتل أي أن إجمالي عدد المقاتلين من الدول العربية قد بلغ 14926 مقاتل.
يقابلهم على الجانب اليهودي قوات عسكرية جيدة التسليح من الهاغاناه وحرس المستعمرات يبلغ تعدادهم 40 ألف فرد وجيش ميداني مدرب على العمليات العسكرية وله قدرة كبيرة على الحركة يبلغ تعدادهم 16 ألف فرد بالإضافة إلى قوة ضاربة خفيفة الحركة عالية التدريب من البلماخ يبلغ تعدادهم 6 آلاف فرد وقوة من الأرغون وشتيرن يبلغ تعدادهم 5 آلاف فرد أي أن إجمالي القوات اليهودية هو 67000 فرد. أي أن القوات اليهودية كانت تعادل أربعة أضعاف ونصف القوات العربية بالإضافة إلى التفوق في نوعية السلاح والتنظيم والتخطيط.
* الكاتب باحث في الدراسات الإستراتيجية والأمن القومي