مطالعة قانونية حول قانون "المطبوعات"
جو 24 : أكد مركز حماية وحرية الصحفيين رفضه للقيود التي وضعتها الحكومة على حرية الإعلام في مشروع قانون المطبوعات والنشر المعدل والذي قدمته للبرلمان.
وقال المركز في بيان صادر عنه يتضمن مطالعة قانونية أعدتها وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين "ميلاد" التابعة للمركز أن "الحرص على الحريات وتطوير الحالة المهنية وتعزيز حالة التنظيم الذاتي لا يتم بترخيص وحجب المواقع الإخبارية الإلكترونية".
وبين الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين الزميل نضال منصور بالقول "نحن مع مبدأ المساءلة للإعلام، فهو غير محصن ويخضع لسيادة القانون"، منبهاً بأن هذه الغاية "لا تتحقق بالمقترحات القانونية التي قدمتها الحكومة، والتي تضر بصورة الأردن وتضعه ضمن قائمة أعداء حرية الإعلام والإنترنت".
ودعت المطالعة القانونية التي أعدها مدير وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين "ميلاد" المحامي محمد قطيشات إلى أن "تلتزم المطبوعة الإلكترونية التي تنشر مواداً صحفية أو تعليقات من المتصفحين عبر حزم الإنترنت المستخدمة في الأردن إلى تسجيل مواقعهم كمؤسسات أو شركات وفقاً لأحكام قانون الشركات".
وطالبت المطالعة بتطبيق الجرائم والعقوبات الواردة في قانون المطبوعات دون سواه على المواد الصحفية والتعليقات الواردة عليها من المتصفحين والمنشورة على أي مطبوعة إلكترونية عبر حزم الإنترنت المستخدمة في الأردن، على أنه يعتبر عدم التسجيل في سجل الشركات للمطبوعة الإلكترونية ظرفاً مشدداً للعقوبة.
وعارضت المطالعة إصباغ صفة الاستعجال على قضايا المطبوعات والنشر لأنها تؤثر بشكل سلبي على حقوق الخصوم وتشكل إرهاقاً لكاهل القضاء.
وأشارت إلى أن تعريف المطبوعة الإلكترونية في مشروع القانون المعدل يجعلها تنصرف لكل المواقع الإلكترونية الموجودة على شبكة الإنترنت، وهذا سيجعل القانون غير قابل للتطبيق، ويلزم في الوقت ذاته وفقاً لهذا التعريف مواقع إلكترونية مثل ياهو وجوجل وفيسبوك واليوتيوب والتويتر بالترخيص بالأردن.
ورحبت المطالعة بالتعريف الذي أدخله المشرع على تعريف جرائم القدح والذم لأنه أكثر انضباطاً.
وفيما يلي نص المطالعة القانونية:
مطالعة قانونية
على مشروع القانون المعدل لقانون المطبوعات والنشر المقدم من الحكومة
إعداد: المحامي محمد قطيشات
مدير وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين "ميلاد"
المادة الثانية من المشروع المقترح من قبل الحكومة:
أن النص المقترح من قبل الحكومة نص أفضل من النص الأصلي إلى حد معين ويساعد في حل كثير من إشكاليات التطبيقات القضائية و ازدواجية تطبيق النصوص القانونية على المادة الصحفية الواحدة.
حيث أن تعريف جرائم الذم والقدح هو تعريف واضح في نص المادة 188 من قانون العقوبات، بينما عبارة (ما يسيء لكرامة الأفراد وحرياتهم) هي عبارة غير واضحة والجريمة التي تتضمنها وهي الإساءة لكرامة الأفراد غير معرفة في القانون الأردني.
لذا يعتبر التعديل المقترح أكثر انضباطاُ من النص الأصلي وسيمنع تعدد القوانين على المادة الصحفية الواحدة بالنسبة لجرائم الذم والقدح بحق الأفراد.
ولكن هناك مأخذين على التعديل المقترح هما:
أولاً:
أن التعديل المقترح من قبل الحكومة اعتبر جريمة التحقير من ضمن جرائم النشر عندما استخدم لفظ (التحقير) في التعديل المقترح. وهذا يخالف أحكام القانون وأحكام القضاء.
فمن المعروف قانونا أن المشرع الأردني فرق في قانون العقوبات بين جريمة الذم وبين جريمة القدح وبين جريمة التحقير وقد أفرد في نصوص المواد 188 و189 و190 تعريف خاص لكل جريمة. وبين في المادة 190 من قانون العقوبات بأن التحقير هو كل تحقير أو سباب - غير الذم والقدح - يوجه إلى المعتدى عليه وجهاً لوجه بالكلام أو الحركات أو بكتابة أو رسم لم يجعلا علنيين أو بمخابرة برقية أو هاتفية أو بمعاملة غليظة.
وعليه فان التحقير يأخذ إحدى الصور التالية:
- عن طريق المواجهة مع المعتدى عليه أي وجها لوجه.
- عن طريق الكلام أو الحركات أو الكتابة أو الرسم بشرط إلا يتوافر عنصر العلنية فيها.
- عن طريق البرقيات.
- عن طريق الهاتف.
- عن طريق المعاملة الغليظة.
وعليه لا يمكن بأي حال من الأحوال ارتكاب جرم التحقير بواسطة الصحف أو الكتب أو المجلات. وبالتالي لا يمكن مسائلة صحفي عن نشر مادة صحفية عن جرم التحقير بأي حال من الأحوال.
وهذا ما استقر عليه القضاء الأردني في جميع قضايا المطبوعات والنشر ومن ذلك القرار الصادر في القضية رقم 455/2007 بداية جزاء عمان التالي:
(إن المادة 190 من قانون العقوبات عرفت التحقير بأنه كل تحقير أو سباب غير الذم والقدح يوجه إلى المعتدى عليه وجهها أوجه بالكلام ...) و انه ووفق التعريف الوارد أعلاه لا مجال قانونا لاعتبار ما ورد في المادة الصحفية تحقير للمشتكيين لانتفاء احد أهم أركان هذا الجرم وهو توجيه العبارات للمعتدى عليهم وجهها لوجه وهو الأمر غير المتوافر في هذه الدعوى كون المادة الصحفية موضوع الدعوى تم نشرها في صحيفة أسبوعية ولم توجه للمشتكيين وجهها لوجه مما يستتبع إعلان عدم مسؤولية الظنينين عن جرم).
ثانياً :
إن التعديل المقترح من قبل الحكومة يقصر جرائم الذم والقدح الواقعة على الأفراد العاديين فقط ولا يشمل جرائم الذم والقدح الواقعة على الموظفين الرسميين أو المؤسسات والهيئات الرسمية ، وهذا مطلب حقوقي للإعلاميين بنقل تلك الجرائم من قانون العقوبات والتي يعاقب على تلك الجرائم بالحبس إلى قانون المطبوعات والنشر والذي تتمثل عقوباته بالغرامات المالية فقط . إضافة إلى أن المعاقبة على تلك الجرائم بالحبس إنما يتعارض مع المعايير الدولية لحرية الرأي والتعبير ولا يتماشى مع التجارب الديمقراطية الحديثة التي ألغت تماما جرائم ازدراء المؤسسات الرسمية.
المادة الثالثة من المشروع المقترح من قبل الحكومة:
إن نص المادة الثالثة من التعديل المقترح من قبل الحكومة يعمق مسالة التخصص القضائي في قضايا الإعلام، من خلال التأكيد على وجود غرف قضائية متخصصة تتولى النظر في قضايا المطبوعات والنشر بشقيها: الشق الجزائي (جرائم النشر) والشق المدني (دعاوى التعويض المدني).
وهذا يساعد بشكل أساسي في حل إشكالية تنازع الاختصاص القضائي بالنسبة لجرائم النشر المرتكبة بواسطة وسائل الإعلام، بعد أن كانت تتناثر قضايا الإعلام والمطبوعات والنشر وخاصة المرتكبة عبر المواقع الالكترونية الإخبارية بين اختصاص محاكم البداية ومحاكم الصلح.
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ان جعل النظر في قضايا التعويض المدني التي يقيمها المتضرر للغرفة القضائية المتخصصة في قضايا الإعلام سيدعم الإعلام من خلال مثول الإعلاميين أمام قاضي مدني متخصص في الإعلام يفهم ويستوعب تماما طبيعة العمل الإعلامي ومشكلاته وصعوباته والذي يطلع أكثر من غيره على قوانين الإعلام وتفسيرات و اتجاهات القضاء في قضايا الإعلام فهو بذلك الأقدر على التعامل مع قضايا الإعلام.
ومن زاوية أخرى يؤكد التعديل المقترح على نزع اختصاص محكمة أمن الدولة ومحاكم الصلح في جرائم النشر المرتكبة بواسطة وسائل الإعلام من خلال النص على إنشاء غرف قضائية متخصصة والنص على أن قاضي محكمة بداية عمان هو المختص في النظر بالجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والخارجي المنصوص عليها في قانون العقوبات النافذ.
ولكن على الرغم مما تقدم إلا أن هناك مأخذين على ذلك النص المقترح هما:
أولاً:
إن التعديل استخدم عبارة (بواسطة المطبوعات أو وسائل الإعلام المرئي والمسموع) في المادة 42 بجميع فقراتها وذلك لبيان نوع القضايا التي تختص بها الغرف القضائية المتخصصة.
وان هذا العبارة ستثير إشكالية في التطبيق القضائي نظرا لوجود أكثر من تفسير لمفهوم المطبوعة الوارد في المادة الثانية من قانون المطبوعات وفيما إذا كان هذا التعريف يشمل الصحيفة الالكترونية أم لا.
فقد فرق القانون الأصلي في المادة الثانية بين المطبوعة من جهة وبين المطبوعة الصحفية والمتخصصة من جهة أخرى حيث جعل لكل منهما تعريف مستقل. وشمل المطبوعة الالكترونية التي تختار التسجيل في دائرة المطبوعات والنشر بتعريف المطبوعة الصحفية والمتخصصة. في حين أن التعديل المقترح عاد وسلب المواقع الالكترونية حق الاختيار وألزمها بالتسجيل والترخيص.
وأمام هذه التناقضات و لمنع الوقوع في إشكاليات التطبيق وتنازع الاختصاص القضائي فانه لابد من استخدم عبارة أكثر ضبطاً. ونقترح العبارة التالية:
(بواسطة كافة أنواع المطبوعات الواردة في هذا القانون أو وسائل الإعلام المرئي والمسموع).
ثانياً:
لم يفرق التعديل المقترح من قبل الحكومة بين نوعين من الدعاوى المدنية فقد استخدم عبارة (الدعاوى المدنية التي يقيمها أي متضرر للمطالبة بالتعويض المقرر له بمقتضى أحكام القانون المدني).
حيث فرق الفقه القانوني بين الدعوى المدنية التي تقام بالتبعية أمام المحكمة الجزائية وبين الدعوى المدنية التي تقام أمام المحاكم المدنية بشكل مستقل، ويتمثل ذلك الفرق وفقا كما ورد في كتاب شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني (الجزاءات الأول والثاني) للدكتور حسن جوخدار (الطبعة الأولى 1993) صفحة 125 بالاتي:
(يجب أن يتوافر في مصدر الضرر عناصر الجريمة، أو بمعنى آخر أن يؤلف الفعل الضار جريمة في مفهوم القانون الجزائي، وبهذا يختلف سبب الدعوى المدنية التبعية التي يعنى بها قانون أصول المحاكمات الجزائية عن السبب في الدعاوى المدنية العادية التي لا يختص بنظرها القضاء الجزائي، فالفعل الذي لا يعتبر جريمة لا يعني قانون أصول المحاكمات الجزائية في شيء ولا يشكل سببا للدعوى المدنية أمام القضاء الجزائي، وإن كان فعلاً غير مشروع وفقا للقانون المدني وعلى القضاء الجزائي أن يتحقق من الوصف القانوني للفعل، فإن كان لا يشكل جريمة وجب عليه الحكم بعدم اختصاصه في نظر الدعوى المدنية. والقول بغير ذلك يؤدي بالأفراد إلى رفع دعاواهم المدنية الصرفة إلى القضاء الجزائي عن أفعال لا تعتبر جرائم، ولا يخفى ما في ذلك من خروج على قواعد الاختصاص وإشغال القضاء الجزائي بمسائل لا علاقة له بها.
ويقول الدكتور كامل السعيد في كتابه شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية طبعة 2010 صفحة (202) في تفريقه بين الدعوى المدنية التبعية التي تقام أمام المحكمة الجزائية وبين الدعوى المدنية العادية التي تقام أمام المحكمة المدنية: (وإما من حيث السبب، فنجد أن سبب دعوى الحق العام كما اشرنا هو واقعه تشكل جريمة من وجهه نظر قانون العقوبات، في حين أن سبب دعوى الحق الشخصي هي ذات الواقعة ولكنها تشكل فعلا" ضارا" من وجهه نظر القانون المدني الأردني).
وعليه فإن عدم التفرقة بين نوعي الدعوى المدنية سيحدث إرباكاً في إجراءات التقاضي وإهدارا كبيرا لحقوق الدفاع عن الإعلاميين، فالدعوى المدنية المستقلة يتبع في إجراءاتها من حيث تبادل اللوائح شكلا معيناً ويشترط تقديمها وفقا لمدد معينة نص عليها قانون أصول المحاكمات المدنية، بينما الدعوى المدنية التبعية مع دعوى الحق العام يطبق عليها قانون أصول المحاكمات الجزائية والذي يتضمن أحكاما قانونية خاصة بالادعاء بالحق الشخصي تختلف عما ورد في قانون أصول المحاكمات المدنية سواء من حيث شكل اللوائح المتبادلة بين الخصوم أو من حيث مدد التقادم أو مدد الطعون وطريقة نظر الدعوى المدنية والأساس القانوني الذي يجب أن يحكم عليه قاضي الموضوع.
وعليه نقترح تعديل عبارة ( الدعاوى المدنية التي يقيمها أي متضرر للمطالبة بالتعويض المقرر له بمقتضى أحكام القانون المدني) الواردة في نص المادة 42 /أ/2 من التعديل المقترح لتصبح بالشكل التالي:
(الدعاوى المدنية التي يقيمها أي متضرر بشكل مستقل عن دعوى الحق العام للمطالبة بالتعويض المقرر له بمقتضى أحكام القانون المدني).
وان عدم تعديل النص المقترح سيؤدي إلى وقف العمل بنصوص قانون أصول المحاكمات الجزائية المتعلقة بالادعاء بالحق الشخصي بموجب قانون المطبوعات والنشر وهذا غير جائز تشريعياً.
ثالثاً:
استخدم التعديل المقترح عبارة (الدعاوى المدنية التي يقيمها أي متضرر للمطالبة بالتعويض المقرر له بمقتضى أحكام القانون المدني وأحكام هذا القانون) في نص المادة 42 /أ/2 من التعديل المقترح.
وان عبارة (أحكام هذا القانون) تعتبر من أنواع اللغو والمشرع لا يلغو والسبب في ذلك هو أن أحكام التعويض المدني عن الفعل الضار مكانها القانون المدني والذي عالجها تفصيلا في المواد 256 إلى المواد 272 في حين أن قانون المطبوعات والنشر لم يتضمن مثل تلك الأحكام وهو في الأساس قانون تنظيمي فقط.
رابعاً :
إن إصباغ صفة الاستعجال على قضايا المطبوعات والنشر بشقيها الجزائي والمدني وإنقاص المدد اللازمة لتبادل اللوائح والبينات بين الخصوم والمدد اللازمة للطعون في الأحكام إلى النصف أي إلى مدة 15 يوم وفي بعض الأحيان ستصل إلى 5 أيام وعقد الجلسات مرتين في الأسبوع على الأقل، في تأثير سلبي كبير على حقوق الخصوم سواء مدعي أو مشتكي أم مدعى عليه أو مشتكى عليه وفيه إرهاق كبير لكاهل القضاء. وذلك للأسباب التالية:
1. إن صفة الاستعجال في قضايا المطبوعات والنشر تضر بحرية الإعلام ولا تنفعها ولم يصبح لها أي داع بعد أن أعطى الصحفيين الحق في عدم المثول طوال إجراءات المحاكمة في حال توكيل محام يحضر جلسات المحاكمة.
وإن طبيعة إجراءات التقاضي في القضايا الجزائية لا يمكن أن تنحصر بوقت معين إذ ليس من العدالة بمكان أن تمارس النيابة العامة دورها وتحضر اتهامها وبيناتها ضد الصحفي وتأخذ الوقت الكافي حيث أن الفقرة (هـ) من المادة 42 والتي قررت أن المدعي العام يتولى التحقيق في قضايا المطبوعات والنشر وإصدار قراره خلال 15 يوم من مباشرته التحقيق ليست قاعد قانونية آمرة كما هي في التعديل المقترح ، في حين يلزم الصحفي المشتكى عليه بحصر وتحضير بيناته ودفاعه خلال فترة جدا قصيرة خاصة مع انحصار حقه في الحصول على مصادر المعلومات. فالقضايا الجزائية قضايا تنطوي على عقوبات جسدية أحياناً ومالية باهظة أحياناً أخرى. والاستعجال يتنافى مع تلك الطبيعة.
2. إن إنقاص مدد تبادل اللوائح والبينات بين الخصوم إلى النصف بعد أن كانت 30 يوما في حال تقديم المدعى عليه لجوابه وبيناته وعشرة أيام للمدعي ليقدم رده على جواب المدعى عليه وليقدم بيناته الداحضة على بينات المدعى عليه، سيخرق حقوق كلا الخصمين سواء مدعي أم مدعى عليه نظرا لقصر تلك المدد، خاصة أن التجربة قضائية أثبتت أن المدد الأصلية هي وقت كافي لتحضير اللوائح والبينات. وأن إنقاصها في ضرر كبير.
3. إن إنقاص مدد الطعون للنصف أيضا والتي ستصل إلى 15 يوم في القرارات الصادرة عن محكمة البداية فيه ضياع كبير للحقوق ولكلا الخصمين وذلك لان التجربة القضائية أثبتت أن القضاة يعانون من عدم كفاية الجهاز الإداري المساعد وهو الذي يتولى طباعة القرار القضائي بعد النطق بالحكم، الأمر الذي يفرض على القضاة مراجعة قرار الحكم أكثر من مرة لخروجه دون أخطاء لغوية أو نحوية أو شكلية أو موضوعية وهذا عادة يأخذ مدة زمنية لا تقل عن 10 أيام في الأحوال العادية نظرا لضغط العمل الذي يواجه القضاة.
4. لقد أثبتت التقارير القضائية السنوية التي ترفع من رئيس المجلس القضائي إلى جلالة الملك المعظم في الخمس سنوات الأخير أن القضاء يعاني من زيادة كبيرة في عدد القضايا ، فالقضاة يعانون من حجم القضايا المنظورة في يوم العمل الواحد وان تقرير جلستين على الأقل في الأسبوع الواحد لكل قضايا سيرهق قاضي المطبوعات ، وقد يؤثر على جودة القرارات القضائية. خاصة مع وجود حقيقة واقعة وهي بطأ نظام التبليغات في النظام القضائي الأردني وهذا ما سيؤدي إلى كثرة التأجيلات لجلسات المحاكمة دون داع لعدم وقوع إجراءات قضائية خلال فترة يومين أو ثلاثة وهي مدة تأجيل الجلسات وفقا للتعديل المقترح.
5. لم يحدث من قبل أعطيت القضايا المرفوعة على المحامين والأطباء والمهندسين وغيرهم من المهنيين صفة الاستعجال نظرا لدقة تلك القضايا وتأثيرها على مستقبلهم المهني، ومن باب العدالة أن يعامل الإعلاميين بذات المعاملة.
وعليه فإننا نقترح إلغاء صفة الاستعجال عن قضايا المطبوعات والنشر بنوعيها الجزائي والمدني وعدم إنقاص المدد لتقديم اللوائح والبينات بين الخصوم وكذلك مدد الطعون.
المادة الرابعة والخامسة من المشروع المقترح من قبل الحكومة:
إن نص المادتين الرابعة والخامسة من المشروع المقترح من قبل الحكومة مليء بالمآخذ القانونية نوردها بالترتيب وفقا لفقرات المادة الخامسة حيث أنها مرتبطة بالمادة الرابعة ووفقا لما هو آت:
أولاً: فيما يتعلق بالفقرة (أ) من المادة 49 من المشروع المقترح من الحكومة.
- إن التعديل المقترح استخدم كلمة (نشاط) وربطها (بالشؤون الداخلية والخارجية للمملكة) وهذا استخدام غير موفق تماماً في لغة التشريع نظرا لمرونة العبارة وعدم انضباطها، فقد تتنوع المواد الصحفية وتتعدد ولا يمكن معرفة أي منها متصل بالشؤون الداخلية أو الخارجية للمملكة وذلك لعدم وجود تعريف لتلك الشؤون، فقد تتضمن المادة الصحفية موضوعا عن القطاع الخاص أو أفراد وقد تتضمن حديثا عن الرياضة أو الفن أو الصناعة هل تعتبر هذه شؤون داخلية مثلاً؟؟. كما أن إعطاء القرار في تحديد ما إذا كان من نشاط المطبوعة الالكترونية وبالتالي حجبها لجهة غير قضائية يعتبر انتهاكاً صارخا لحقوق الإنسان بشكل عام ولحرية الإعلام حيث أعطى المشروع المقترح لمدير دائرة المطبوعات والنشر الحق في الحكم عليها بالإغلاق وفقا لما جاء في الفقرة ز من ذات المادة 49. وهذا تغول مطلق على السلطة القضائية.
- إن التعديل المقترح استخدم عبارة ( المطبوعة الالكترونية) وهذا يجعل من وجود النص القانوني غير قابل للتطبيق الأمر الذي يتعارض مع فكرة التشريع التي تقوم على أن القانون يوضع ليطبق وإلا أصبح من باب اللغو.
فعند العودة إلى تعريف المطبوعة الالكترونية وفقا لما جاء في المادة الثانية من قانون المطبوعات والنشر نجد أنها عبارة عن:
(موقع الكتروني له عنوان الكتروني محدد على الشبكة المعلوماتية يقدم خدمات النشر، بما في ذلك الأخبار والتقارير والتحقيقات والمقالات والتعليقات ، ويختار التسجيل في سجل خاص ينشا في الدائرة بموجب تعليمات يصدرها الوزير لهذه الغاية).
ووفقا لهذا التعريف العام فانه يشمل جميع المواقع الالكترونية الموجودة على شبكة الانترنت وبغض النظر عن مصدرها و نوعها وشكلها ولغتها وهذا سيجعل من القائمين على عمل المواقع الالكترونية مثل الياهو والجوجل والفايس بوك واليوتيوب وغيرها من المواقع الالكترونية العالمية التي تقدم الأخبار والتقارير والتحقيقات والمقالات وهي بالملايين وبغض النظر على لغتها مواقع الكترونية ملزمة بالترخيص في دائرة المطبوعات والنشر وهذا ما لن يحدث ولا يمكن أن يطبق.
وعليه إن مثل وجود هذا النص القانون سيقيد عمل المواقع الالكترونية جميعا الموجودة على شبكة الانترنت وهذا بالطبع غير منطقي.
ومن زاوية قانونية أخرى أن النص المقترح غير قابل للتطبيق على أرض الواقع من عدة وجوه: - أن المادة 13 من قانون المطبوعات والنشر تشترط لمنح رخصة لإصدار المطبوعة الصحفية أو المتخصصة أن يتم تسجيلها كشركة وفقا لأحكام قانون الشركات النافذ المفعول. وهذا يعني أن جميع المواقع الالكترونية التي تقدم خدمة الأخبار والمقالات بغض النظر عن لغتها ومكانها من العالم مجبرة على تسجيل شركة في الأردن وفقا لقانون الشركات الأردني. وهذا غير قابل للتطبيق.
وبالفرض الساقط جواز ما تقدم إلا أنه سيجبر دائرة المطبوعات والنشر على استقبال طلبات ترخيص لمواقع الكترونية مهما كانت لغتها ومهما كان صدروها ومكان طباعة موادها وفي أي مكان في العالم.
وذلك لأن المادة 12 من قانون المطبوعات والنشر المشار إليها أعلاه نصت:
(يقدم طلب الحصول على رخصة إصدار مطبوعة صحفية أو متخصصة إلى الوزير متضمنا البيانات التالية:
أ. اسم طالب الرخصة ومحل إقامته وعنوانه.
ب. اسم المطبوعة ومكان طبعها وصدورها.
من الواضح أن جميع الأمور التقنية ـ مع الاحترام والتقدير- لم تكن محل اعتبار في النص المقترح، ومن الواضح أيضاً أنه اعتبر أن مكان مشاهدة المواقع الإخبارية الالكترونية هو مكان طبعها وصدورها، ولم يتم الأخذ بعين الاعتبار من أين تمنح المساحة الافتراضية للموقع الالكتروني على الانترنت ومن هي الجهات أو الشركات الدولية التي تملك مساحة على شبكة المعلومات الدولية" الانترنت" الذي تمنح تلك المساحة الافتراضية وكيف يتم ذلك.
وينبني على هذه الأمور التقنية جدل فقهي وقانوني دولي وعربي غير محسوم لغاية الآن يتعلق بالاختصاص الدولي للمحاكم الأردنية بعمل المواقع الالكترونية الإخبارية والتي تسمح الجهات الأمنية - التي تراقب شبكة الانترنت عبر خطي الانترنت المخصصين للأردن هاشم1 وهاشم 2 ـ للشعب الأردني بمشاهدتها داخل حدود المملكة الأردنية الهاشمية.
وأن عدم مراعاة كل ذلك لهو أمر يجافي المنطق القانوني السليم. ويجعل الأمر غير قابل للتطبيق. ويضع على النيابة العامة الجليلة عبئاً كبيرا ومستحيلاً في ملاحقة جميع المواقع الالكترونية الإخبارية في كل دول العالم لأنها غير ملتزمة بشروط الترخيص الواردة في القانون الأردني.
- إن النص المقترح ـ مع الاحترام والتقدير ـ اعتبر المطبوعة الالكترونية هيئة اعتبارية أو شخصية اعتبارية كباقي المطبوعات الدورية وهي ليست كذلك سندا لأحكام المادة 50 من القانون المدني في حين أن الواجب اعتبارها إحدى الخدمات التي تقدمها الانترنت. والانترنت هي عبارة شبكة معلومات دولية " فضاء افتراضي " لا يمكن تقنيا ً وقانونيا إخضاعها لقواعد الترخيص في أي دولة في العالم. وسيجعل الأردن على القائمة الأولى لأعداء الانترنت في العالم الأمر الذي يسيء إلى الأردن الديمقراطي أمام العالم.
- إن النص المقترح ـ مع الاحترام والتقدير ـ غير قابل للتطبيق على المواقع الالكترونية الإخبارية لان الفعل المجرم الذي عاقبت عليه المادة 48 من قانون المطبوعات والنشر بالغرامة 5000 دينار – 10000 دينار يعاقب على فعل الإصدار وفقا لعبارة (كل من أصدر مطبوعة دورية) وفعل الإصدار ينصرف للصحف الورقية أو الكتب ولا ينصرف للمواقع الإخبارية الالكترونية خاصة ان المشرع عبر عن مفهومه للتوزيع بالنسبة للمطبوعة الالكترونية في المادة الثانية من القانون بأنه إتاحة الاطلاع على المطبوعة الالكترونية من خلال الشبكة المعلوماتية.
وبالفرض الساقط أن فعل الإصدار ينصرف على المواقع الالكترونية الإخبارية إلا أنه أيضا لا يمكن أن يطبق ما جاء في القرار ـ مع الاحترام والتقدير ـ على أرض الواقع لان فعل الإصدار وإن وقع فإنما لم يقع من حدود المملكة الأردنية الهاشمية لان جميع المواقع الالكترونية في العالم بغض النظر أين تشاهد سواء في الأردن أم خارجها فإنها تصدر من خارج الأردن، وبالتالي يكون القضاء الأردني غير مختص بتطبيق القانون الأردني عليها.
فالإصدار لا يعني كتابة المواد الصحفية أو نشرها أو إجازة نشر التعليقات وإنما القدرة على جعل الموقع الالكتروني الإخباري ظاهرا على شبكة الانترنت وان يكون متاحا للجمهور . وهذا ما لا يملكه شخص عادي أو مالك موقع الكتروني وان الشخص الذي يجب أن يقاضى وفقا لمفهوم الإصدار هي الشركات التي تملك مساحات على الانترنت.
وفي جميع الأحوال أن النص المقترح - مع الاحترام والتقدير ـ يخالف القالب الدستوري لحرية الرأي والتعبير ولحرية الإعلام والصحافة والتي من أهم أركانها عدم فرض أي قيود على صدور المنابر الإعلامية وممارسة العمل الإعلامي فالترخيص المسبق يعتبر قيدا على حرية الصحافة والإعلام.
وذلك من خلال إخضاعه لشروط الموافقة المسبقة في حين أن جميع الديمقراطيات العريقة وحتى حديثة النشأة منها اتجهت منذ فترة إلى الإخطار المسبق أو التسجيل فقط دون الترخيص المسبق. وذلك تمشياً مع المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي ووقع وصادق عليه الأردن ونشره في الجريدة الرسمية رقم 4764 بتاريخ 15/6/2006.
وعليه فإننا نقترح تعديل النص الحالي للمادة 49 والذي ينص على:
(لا تستفيد المطبوعة الالكترونية ومالكها وناشرها وكتابها وصحافيوها والعاملون فيها من مزايا هذا القانون ما لم تكن مرخصة ومسجلة وفقا لأحكامه).
وليصبح على النحو التالي:
على الرغم مما ورد في هذا القانون أو في أي تشريع آخر :
1) تلزم المطبوعة الالكترونية التي تنشر مواد صحفية أو تعليقات من المتصفحين عبر استخدام حزم الانترنت المستخدمة في المملكة بالتسجيل كشركة وفقا لأحكام قانون الشركات النافذ.
2) تطبق الجرائم والعقوبات الواردة في هذا القانون دون سواه على المواد الصحفية المنشورة على أي مطبوعة الكترونية عبر استخدام حزم الانترنت المستخدمة في المملكة. على أن يعتبر عدم تسجيل المطبوعة الالكترونية وفقا لما ورد في الفقرة 1 من هذه المادة ذلك ظرفا مشددا للعقوبة.
3) لا تسأل المطبوعة الالكترونية عن التعليقات الواردة إليها من قبل المتصفحين والملحقة بالمواد الصحفية. ولا يحول ذلك دون ملاحقة المسؤول جزائيا وفق لقواعد المسؤولية الجزائية.
4) يعتبر مالك و/ أو ناشر المطبوعة الإلكترونية رئيساً للتحرير.
5) تعاقب المطبوعة الالكترونية غير المسجلة وفقا لما ورد في الفقرة 1 من هذه المادة بغرامة لا تقل عن 200 دينار ولا تزيد عن 1000 دينار.
وبالطبع لابد من تعديل تعريف المطبوعة الالكترونية الوارد في المادة الثانية نظرا لعمومية التعريف وشموله جميع المواقع على الانترنت وحصره فقط بتلك المواقع الالكترونية التي تستخدم حزم الانترنت المستخدمة في المملكة.
ليصبح التعريف على النحو التالي:
(موقع الكتروني له عنوان الكتروني محدد على الشبكة المعلوماتية يقدم خدمات النشر، بما في ذلك الأخبار والتقارير والتحقيقات والمقالات والتعليقات، عبر حزم الانترنت المستخدمة في المملكة).
وعند النظر إلى هذا الاقتراح مع ما ورد في نص المادة42/ و من قانون المطبوعات والنشر والتي تنص على:
(تقام دعوى الحق العام في الجرائم التي ترتكب بواسطة المطبوعات الدورية على المطبوعة الصحفية ورئيس تحريرها أو مدير المطبوعة المتخصصة وكاتب المادة الصحفية كفاعلين أصليين ويكون مالك المطبوعة مسؤولا بالتضامن والتكافل عن الحقوق الشخصية المترتبة على تلك الجرائم وعن نفقات المحاكمة ولا يترتب عليه أي مسؤولية جزائية إلا إذا ثبت اشتراكه أو تدخله الفعلي في الجريمة).
فإن مسألة الخصومة الجزائية في القضايا المقامة على المطبوعات الالكترونية أصبحت واضحة تماماً ومحسومة.
وبما أن ذات القانون في المادة 42/ه نص على ندب مدعي عام للتحقيق في قضايا المطبوعات والنشر فانه يملك الوسائل القانونية لاستقصاء الجرائم وتعقب مرتكبيها وجمع الأدلة وفقا لما ورد في قانون أصول المحاكمات الجزائية ومن ضمنها الاستعانة بالخبرة الفنية.
فان مسألة معرفة هوية الفاعل والمسؤولين جزائيا أصبحت واضحة ومحسومة أيضاً من خلال تعقب صاحب ومستخدم حزمة الانترنت المستخدمة في نشر المواد الصحفية والتعليقات.
ومن زاوية أخرى إذا كان هدف المشروع المقترح من قبل الحكومة معاقبة من يرتكب فعل يسيء للمملكة من خارج المملكة فان القواعد العامة في قانون العقوبات كافية دون إجراء أي تعديل في قانون المطبوعات والنشر.
حيث جاء في قانون العقوبات ما يلي:
المادة 9: الصلاحية الذاتية:
(تسري أحكام هذا القانون على كل أردني أو أجنبي - فاعلا كان أو شريكا محرضا أو متدخلا - ارتكب خارج المملكة جناية أو جنحة مخلة بأمن الدولة.... ).
المادة 10: الصلاحية الشخصية:
(تسري أحكام هذا القانون:
1. على كل أردني - فاعلا كان أو شريكا محرضا أو متدخلا - ارتكب خارج المملكة جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون الأردني. كما تسري الأحكام المذكورة على من ذكر ولو فقد الجنسية الأردنية أو اكتسبها بعد ارتكاب الجناية أو الجنحة.
2. على الجرائم التي يرتكبها خارج المملكة أي موظف أردني أثناء ممارسته وظيفته أو بمناسبة ممارسته إياها.
3. على الجرائم التي يرتكبها خارج المملكة موظفو السلك الخارجي، والقناصل الأردنيون ما تمتعوا بالحصانة التي يخولهم إياها القانون الدولي العام.
4. على كل أجنبي مقيم في المملكة الأردنية الهاشمية ، فاعلا كان أو شريكا محرضا أو متدخلا، ارتكب خارج المملكة الأردنية الهاشمية جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون الأردني. إذا لم يكن استرداده قد طلب أو قبل).
ثانياً: فيما يتعلق بالفقرة (ب) من المادة 49 من المشروع المقترح من الحكومة.
إن النص المقترح من قبل الحكومة عندما قرر أن الموقع الالكتروني ستطبق عليه جميع التشريعات النافذة ذات العلاقة بالمطبوعة الصحفية فانه يلزم بشكل غير مباشر بضرورة الالتزام بالشروط الخاصة في قانون المطبوعات والنشر من حيث تعيين رئيس تحرير مسجل في نقابة الصحفيين, وهذا يتعارض تماما مع طبيعة عمل المواقع الالكترونية وخاصة المدونات الشخصية التي لا يملكها صحفيين في الغالب فالانترنت مفتوح للجميع، كما أن مسألة إلزامية العضوية في النقابة تخالف بشكل صريح المعايير الدولية لحرية الرأي والتعبير.
ثالثاً فيما يتعلق بالفقرات (ج ، د، هـ) من المادة 49 من المشروع المقترح من الحكومة:
إن التعديل المقترح يعتبر أن التعليقات مادة صحفية وهذا ما يخالف قواعد المنطق القانون السليم وأسس المهنية الصحفية خاصة أن قانون المطبوعات والنشر يقوم ينظم عمل الصحافة ويستخدم في معظم نصوصه قواعد مهنية مثل المادتين 5 و7 منه.
فمن الناحية المهنية الصحفية والقانونية أيضا أن العمل الصحفي يتنوع وتتعدد أشكاله بين الخبر والتحقيقات بأنواعها ومقالات الرأي والبيانات والكاريكاتير... الخ . كما أن القانون أفرد أحكام قانونية خاصة لبعض أنواع الفن الصحفي مثل ما جاء في نص المادة 27 والتي نصت على:
(إذا نشرت المطبوعة الصحفية خبرا غير صحيح أو مقالا يتضمن معلومات غير صحيحة فيحق للشخص الذي يتعلق به الخبر أو المقال الرد على الخبر أو المقال أو المطالبة بتصحيحه وعلى رئيس التحرير نشر الرد أو التصحيح مجانا في العدد الذي يلي تاريخ ورود أي منهما في المكان والحروف نفسها التي نشر فيها الخبر أو المقال في المطبوعة الصحفية).
إضافة إلى أن القضاء الأردني استقر ومنذ أكثر من عقد على ترتيب أحكام قانونية خاصة لكل نوع من أنواع المواد الصحفية أو العمل الصحفي.
وبالتالي من غير المقبول اعتبار التعليقات مواد صحفية وبالتالي يجب أن تطبق عليها القواعد القانونية الواردة في قانون المطبوعات والنشر مثل النزاهة والموضوعية والتوازن والحيدة والتي اعتبر القانون عدم الالتزام بها جرائم معاقب عليها.
ولكن بذات الوقت من المقبول أن يعتبر التعليق الذي يتضمن معلومات أو أخبار أو وقائع محددة جزء من المادة الصحفية التي ألحقت بها تلك التعليقات، وفي هذه الحالة ستطبق عليها القواعد القضائية في تفسير المادة الصحفية ككل متكامل ودون النظر إلى الجزء فقط. وهذا ما يقبله المنطق القانوني السليم.
أما التعليقات الأخرى التي تنطوي على آراء شخصية ، فمن غير المقبول قانونا أن يسأل عنها المطبوعة الالكترونية أو كاتب المادة الصحفية أو رئيس التحرير فهي آراء شخصية ولا تعبر عن رأي المطبوعة الالكترونية. تماماً مثلما يحدث في البرامج الحوارية عبر وسائل الإعلام المرئي والمسموع.
وبخصوص ما ورد في الفقرة ج من اعتبار مالك المطبوعة الالكترونية ومديرها وأي من العاملين فيها من ذوي العلاقة بالمادة محل التعليق مسؤولين جزائياً فان ذلك يعتبر تناقضاً واضحا مع ما ورد في قواعد المسؤولية التي فرضتها المادة 42 من قانون المطبوعات والنشر والتي قررت أن دعوى الحق العام في المطبوعات الدورية تقام على رئيس التحرير وكاتب المادة الصحفية فقط وأي شخص تثبت مسؤوليته الجزائية، كما يخالف القواعد العامة في المسؤولية الجزائية، إذ أن العقوبة شخصية.
ومن زاوية أخرى فإن إلزام المطبوعة الالكترونية بالاحتفاظ بسجل خاص بالتعليقات المرسلة إليها يعتبر من باب اللغو، إذ لا قيمة قانونية لهذا الإلزام في ظل وجود حق للصحفيين بكتمان مصادر معلوماتهم، وطالما أنهم قانوناً يتحملون مسؤولية كذب مصدر المعلومات.
رابعاً: فيما يتعلق بالفقرة (ز) من المادة 49 من المشروع المقترح من الحكومة:
إن إعطاء مدير عام دائرة المطبوعات والنشر سلطة الحكم والتقرير في مدى ارتكاب المواقع الالكترونية غير المرخصة في المملكة لمخالفات لأحكام قانون المطبوعات والنشر وأي قانون آخر هو تغول واضح على السلطة القضائية ، فهذه السلطة والصلاحية يجب أن تكون للقضاء وليس للجهة الإدارية.
وقال المركز في بيان صادر عنه يتضمن مطالعة قانونية أعدتها وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين "ميلاد" التابعة للمركز أن "الحرص على الحريات وتطوير الحالة المهنية وتعزيز حالة التنظيم الذاتي لا يتم بترخيص وحجب المواقع الإخبارية الإلكترونية".
وبين الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين الزميل نضال منصور بالقول "نحن مع مبدأ المساءلة للإعلام، فهو غير محصن ويخضع لسيادة القانون"، منبهاً بأن هذه الغاية "لا تتحقق بالمقترحات القانونية التي قدمتها الحكومة، والتي تضر بصورة الأردن وتضعه ضمن قائمة أعداء حرية الإعلام والإنترنت".
ودعت المطالعة القانونية التي أعدها مدير وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين "ميلاد" المحامي محمد قطيشات إلى أن "تلتزم المطبوعة الإلكترونية التي تنشر مواداً صحفية أو تعليقات من المتصفحين عبر حزم الإنترنت المستخدمة في الأردن إلى تسجيل مواقعهم كمؤسسات أو شركات وفقاً لأحكام قانون الشركات".
وطالبت المطالعة بتطبيق الجرائم والعقوبات الواردة في قانون المطبوعات دون سواه على المواد الصحفية والتعليقات الواردة عليها من المتصفحين والمنشورة على أي مطبوعة إلكترونية عبر حزم الإنترنت المستخدمة في الأردن، على أنه يعتبر عدم التسجيل في سجل الشركات للمطبوعة الإلكترونية ظرفاً مشدداً للعقوبة.
وعارضت المطالعة إصباغ صفة الاستعجال على قضايا المطبوعات والنشر لأنها تؤثر بشكل سلبي على حقوق الخصوم وتشكل إرهاقاً لكاهل القضاء.
وأشارت إلى أن تعريف المطبوعة الإلكترونية في مشروع القانون المعدل يجعلها تنصرف لكل المواقع الإلكترونية الموجودة على شبكة الإنترنت، وهذا سيجعل القانون غير قابل للتطبيق، ويلزم في الوقت ذاته وفقاً لهذا التعريف مواقع إلكترونية مثل ياهو وجوجل وفيسبوك واليوتيوب والتويتر بالترخيص بالأردن.
ورحبت المطالعة بالتعريف الذي أدخله المشرع على تعريف جرائم القدح والذم لأنه أكثر انضباطاً.
وفيما يلي نص المطالعة القانونية:
مطالعة قانونية
على مشروع القانون المعدل لقانون المطبوعات والنشر المقدم من الحكومة
إعداد: المحامي محمد قطيشات
مدير وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين "ميلاد"
المادة الثانية من المشروع المقترح من قبل الحكومة:
أن النص المقترح من قبل الحكومة نص أفضل من النص الأصلي إلى حد معين ويساعد في حل كثير من إشكاليات التطبيقات القضائية و ازدواجية تطبيق النصوص القانونية على المادة الصحفية الواحدة.
حيث أن تعريف جرائم الذم والقدح هو تعريف واضح في نص المادة 188 من قانون العقوبات، بينما عبارة (ما يسيء لكرامة الأفراد وحرياتهم) هي عبارة غير واضحة والجريمة التي تتضمنها وهي الإساءة لكرامة الأفراد غير معرفة في القانون الأردني.
لذا يعتبر التعديل المقترح أكثر انضباطاُ من النص الأصلي وسيمنع تعدد القوانين على المادة الصحفية الواحدة بالنسبة لجرائم الذم والقدح بحق الأفراد.
ولكن هناك مأخذين على التعديل المقترح هما:
أولاً:
أن التعديل المقترح من قبل الحكومة اعتبر جريمة التحقير من ضمن جرائم النشر عندما استخدم لفظ (التحقير) في التعديل المقترح. وهذا يخالف أحكام القانون وأحكام القضاء.
فمن المعروف قانونا أن المشرع الأردني فرق في قانون العقوبات بين جريمة الذم وبين جريمة القدح وبين جريمة التحقير وقد أفرد في نصوص المواد 188 و189 و190 تعريف خاص لكل جريمة. وبين في المادة 190 من قانون العقوبات بأن التحقير هو كل تحقير أو سباب - غير الذم والقدح - يوجه إلى المعتدى عليه وجهاً لوجه بالكلام أو الحركات أو بكتابة أو رسم لم يجعلا علنيين أو بمخابرة برقية أو هاتفية أو بمعاملة غليظة.
وعليه فان التحقير يأخذ إحدى الصور التالية:
- عن طريق المواجهة مع المعتدى عليه أي وجها لوجه.
- عن طريق الكلام أو الحركات أو الكتابة أو الرسم بشرط إلا يتوافر عنصر العلنية فيها.
- عن طريق البرقيات.
- عن طريق الهاتف.
- عن طريق المعاملة الغليظة.
وعليه لا يمكن بأي حال من الأحوال ارتكاب جرم التحقير بواسطة الصحف أو الكتب أو المجلات. وبالتالي لا يمكن مسائلة صحفي عن نشر مادة صحفية عن جرم التحقير بأي حال من الأحوال.
وهذا ما استقر عليه القضاء الأردني في جميع قضايا المطبوعات والنشر ومن ذلك القرار الصادر في القضية رقم 455/2007 بداية جزاء عمان التالي:
(إن المادة 190 من قانون العقوبات عرفت التحقير بأنه كل تحقير أو سباب غير الذم والقدح يوجه إلى المعتدى عليه وجهها أوجه بالكلام ...) و انه ووفق التعريف الوارد أعلاه لا مجال قانونا لاعتبار ما ورد في المادة الصحفية تحقير للمشتكيين لانتفاء احد أهم أركان هذا الجرم وهو توجيه العبارات للمعتدى عليهم وجهها لوجه وهو الأمر غير المتوافر في هذه الدعوى كون المادة الصحفية موضوع الدعوى تم نشرها في صحيفة أسبوعية ولم توجه للمشتكيين وجهها لوجه مما يستتبع إعلان عدم مسؤولية الظنينين عن جرم).
ثانياً :
إن التعديل المقترح من قبل الحكومة يقصر جرائم الذم والقدح الواقعة على الأفراد العاديين فقط ولا يشمل جرائم الذم والقدح الواقعة على الموظفين الرسميين أو المؤسسات والهيئات الرسمية ، وهذا مطلب حقوقي للإعلاميين بنقل تلك الجرائم من قانون العقوبات والتي يعاقب على تلك الجرائم بالحبس إلى قانون المطبوعات والنشر والذي تتمثل عقوباته بالغرامات المالية فقط . إضافة إلى أن المعاقبة على تلك الجرائم بالحبس إنما يتعارض مع المعايير الدولية لحرية الرأي والتعبير ولا يتماشى مع التجارب الديمقراطية الحديثة التي ألغت تماما جرائم ازدراء المؤسسات الرسمية.
المادة الثالثة من المشروع المقترح من قبل الحكومة:
إن نص المادة الثالثة من التعديل المقترح من قبل الحكومة يعمق مسالة التخصص القضائي في قضايا الإعلام، من خلال التأكيد على وجود غرف قضائية متخصصة تتولى النظر في قضايا المطبوعات والنشر بشقيها: الشق الجزائي (جرائم النشر) والشق المدني (دعاوى التعويض المدني).
وهذا يساعد بشكل أساسي في حل إشكالية تنازع الاختصاص القضائي بالنسبة لجرائم النشر المرتكبة بواسطة وسائل الإعلام، بعد أن كانت تتناثر قضايا الإعلام والمطبوعات والنشر وخاصة المرتكبة عبر المواقع الالكترونية الإخبارية بين اختصاص محاكم البداية ومحاكم الصلح.
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ان جعل النظر في قضايا التعويض المدني التي يقيمها المتضرر للغرفة القضائية المتخصصة في قضايا الإعلام سيدعم الإعلام من خلال مثول الإعلاميين أمام قاضي مدني متخصص في الإعلام يفهم ويستوعب تماما طبيعة العمل الإعلامي ومشكلاته وصعوباته والذي يطلع أكثر من غيره على قوانين الإعلام وتفسيرات و اتجاهات القضاء في قضايا الإعلام فهو بذلك الأقدر على التعامل مع قضايا الإعلام.
ومن زاوية أخرى يؤكد التعديل المقترح على نزع اختصاص محكمة أمن الدولة ومحاكم الصلح في جرائم النشر المرتكبة بواسطة وسائل الإعلام من خلال النص على إنشاء غرف قضائية متخصصة والنص على أن قاضي محكمة بداية عمان هو المختص في النظر بالجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والخارجي المنصوص عليها في قانون العقوبات النافذ.
ولكن على الرغم مما تقدم إلا أن هناك مأخذين على ذلك النص المقترح هما:
أولاً:
إن التعديل استخدم عبارة (بواسطة المطبوعات أو وسائل الإعلام المرئي والمسموع) في المادة 42 بجميع فقراتها وذلك لبيان نوع القضايا التي تختص بها الغرف القضائية المتخصصة.
وان هذا العبارة ستثير إشكالية في التطبيق القضائي نظرا لوجود أكثر من تفسير لمفهوم المطبوعة الوارد في المادة الثانية من قانون المطبوعات وفيما إذا كان هذا التعريف يشمل الصحيفة الالكترونية أم لا.
فقد فرق القانون الأصلي في المادة الثانية بين المطبوعة من جهة وبين المطبوعة الصحفية والمتخصصة من جهة أخرى حيث جعل لكل منهما تعريف مستقل. وشمل المطبوعة الالكترونية التي تختار التسجيل في دائرة المطبوعات والنشر بتعريف المطبوعة الصحفية والمتخصصة. في حين أن التعديل المقترح عاد وسلب المواقع الالكترونية حق الاختيار وألزمها بالتسجيل والترخيص.
وأمام هذه التناقضات و لمنع الوقوع في إشكاليات التطبيق وتنازع الاختصاص القضائي فانه لابد من استخدم عبارة أكثر ضبطاً. ونقترح العبارة التالية:
(بواسطة كافة أنواع المطبوعات الواردة في هذا القانون أو وسائل الإعلام المرئي والمسموع).
ثانياً:
لم يفرق التعديل المقترح من قبل الحكومة بين نوعين من الدعاوى المدنية فقد استخدم عبارة (الدعاوى المدنية التي يقيمها أي متضرر للمطالبة بالتعويض المقرر له بمقتضى أحكام القانون المدني).
حيث فرق الفقه القانوني بين الدعوى المدنية التي تقام بالتبعية أمام المحكمة الجزائية وبين الدعوى المدنية التي تقام أمام المحاكم المدنية بشكل مستقل، ويتمثل ذلك الفرق وفقا كما ورد في كتاب شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني (الجزاءات الأول والثاني) للدكتور حسن جوخدار (الطبعة الأولى 1993) صفحة 125 بالاتي:
(يجب أن يتوافر في مصدر الضرر عناصر الجريمة، أو بمعنى آخر أن يؤلف الفعل الضار جريمة في مفهوم القانون الجزائي، وبهذا يختلف سبب الدعوى المدنية التبعية التي يعنى بها قانون أصول المحاكمات الجزائية عن السبب في الدعاوى المدنية العادية التي لا يختص بنظرها القضاء الجزائي، فالفعل الذي لا يعتبر جريمة لا يعني قانون أصول المحاكمات الجزائية في شيء ولا يشكل سببا للدعوى المدنية أمام القضاء الجزائي، وإن كان فعلاً غير مشروع وفقا للقانون المدني وعلى القضاء الجزائي أن يتحقق من الوصف القانوني للفعل، فإن كان لا يشكل جريمة وجب عليه الحكم بعدم اختصاصه في نظر الدعوى المدنية. والقول بغير ذلك يؤدي بالأفراد إلى رفع دعاواهم المدنية الصرفة إلى القضاء الجزائي عن أفعال لا تعتبر جرائم، ولا يخفى ما في ذلك من خروج على قواعد الاختصاص وإشغال القضاء الجزائي بمسائل لا علاقة له بها.
ويقول الدكتور كامل السعيد في كتابه شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية طبعة 2010 صفحة (202) في تفريقه بين الدعوى المدنية التبعية التي تقام أمام المحكمة الجزائية وبين الدعوى المدنية العادية التي تقام أمام المحكمة المدنية: (وإما من حيث السبب، فنجد أن سبب دعوى الحق العام كما اشرنا هو واقعه تشكل جريمة من وجهه نظر قانون العقوبات، في حين أن سبب دعوى الحق الشخصي هي ذات الواقعة ولكنها تشكل فعلا" ضارا" من وجهه نظر القانون المدني الأردني).
وعليه فإن عدم التفرقة بين نوعي الدعوى المدنية سيحدث إرباكاً في إجراءات التقاضي وإهدارا كبيرا لحقوق الدفاع عن الإعلاميين، فالدعوى المدنية المستقلة يتبع في إجراءاتها من حيث تبادل اللوائح شكلا معيناً ويشترط تقديمها وفقا لمدد معينة نص عليها قانون أصول المحاكمات المدنية، بينما الدعوى المدنية التبعية مع دعوى الحق العام يطبق عليها قانون أصول المحاكمات الجزائية والذي يتضمن أحكاما قانونية خاصة بالادعاء بالحق الشخصي تختلف عما ورد في قانون أصول المحاكمات المدنية سواء من حيث شكل اللوائح المتبادلة بين الخصوم أو من حيث مدد التقادم أو مدد الطعون وطريقة نظر الدعوى المدنية والأساس القانوني الذي يجب أن يحكم عليه قاضي الموضوع.
وعليه نقترح تعديل عبارة ( الدعاوى المدنية التي يقيمها أي متضرر للمطالبة بالتعويض المقرر له بمقتضى أحكام القانون المدني) الواردة في نص المادة 42 /أ/2 من التعديل المقترح لتصبح بالشكل التالي:
(الدعاوى المدنية التي يقيمها أي متضرر بشكل مستقل عن دعوى الحق العام للمطالبة بالتعويض المقرر له بمقتضى أحكام القانون المدني).
وان عدم تعديل النص المقترح سيؤدي إلى وقف العمل بنصوص قانون أصول المحاكمات الجزائية المتعلقة بالادعاء بالحق الشخصي بموجب قانون المطبوعات والنشر وهذا غير جائز تشريعياً.
ثالثاً:
استخدم التعديل المقترح عبارة (الدعاوى المدنية التي يقيمها أي متضرر للمطالبة بالتعويض المقرر له بمقتضى أحكام القانون المدني وأحكام هذا القانون) في نص المادة 42 /أ/2 من التعديل المقترح.
وان عبارة (أحكام هذا القانون) تعتبر من أنواع اللغو والمشرع لا يلغو والسبب في ذلك هو أن أحكام التعويض المدني عن الفعل الضار مكانها القانون المدني والذي عالجها تفصيلا في المواد 256 إلى المواد 272 في حين أن قانون المطبوعات والنشر لم يتضمن مثل تلك الأحكام وهو في الأساس قانون تنظيمي فقط.
رابعاً :
إن إصباغ صفة الاستعجال على قضايا المطبوعات والنشر بشقيها الجزائي والمدني وإنقاص المدد اللازمة لتبادل اللوائح والبينات بين الخصوم والمدد اللازمة للطعون في الأحكام إلى النصف أي إلى مدة 15 يوم وفي بعض الأحيان ستصل إلى 5 أيام وعقد الجلسات مرتين في الأسبوع على الأقل، في تأثير سلبي كبير على حقوق الخصوم سواء مدعي أو مشتكي أم مدعى عليه أو مشتكى عليه وفيه إرهاق كبير لكاهل القضاء. وذلك للأسباب التالية:
1. إن صفة الاستعجال في قضايا المطبوعات والنشر تضر بحرية الإعلام ولا تنفعها ولم يصبح لها أي داع بعد أن أعطى الصحفيين الحق في عدم المثول طوال إجراءات المحاكمة في حال توكيل محام يحضر جلسات المحاكمة.
وإن طبيعة إجراءات التقاضي في القضايا الجزائية لا يمكن أن تنحصر بوقت معين إذ ليس من العدالة بمكان أن تمارس النيابة العامة دورها وتحضر اتهامها وبيناتها ضد الصحفي وتأخذ الوقت الكافي حيث أن الفقرة (هـ) من المادة 42 والتي قررت أن المدعي العام يتولى التحقيق في قضايا المطبوعات والنشر وإصدار قراره خلال 15 يوم من مباشرته التحقيق ليست قاعد قانونية آمرة كما هي في التعديل المقترح ، في حين يلزم الصحفي المشتكى عليه بحصر وتحضير بيناته ودفاعه خلال فترة جدا قصيرة خاصة مع انحصار حقه في الحصول على مصادر المعلومات. فالقضايا الجزائية قضايا تنطوي على عقوبات جسدية أحياناً ومالية باهظة أحياناً أخرى. والاستعجال يتنافى مع تلك الطبيعة.
2. إن إنقاص مدد تبادل اللوائح والبينات بين الخصوم إلى النصف بعد أن كانت 30 يوما في حال تقديم المدعى عليه لجوابه وبيناته وعشرة أيام للمدعي ليقدم رده على جواب المدعى عليه وليقدم بيناته الداحضة على بينات المدعى عليه، سيخرق حقوق كلا الخصمين سواء مدعي أم مدعى عليه نظرا لقصر تلك المدد، خاصة أن التجربة قضائية أثبتت أن المدد الأصلية هي وقت كافي لتحضير اللوائح والبينات. وأن إنقاصها في ضرر كبير.
3. إن إنقاص مدد الطعون للنصف أيضا والتي ستصل إلى 15 يوم في القرارات الصادرة عن محكمة البداية فيه ضياع كبير للحقوق ولكلا الخصمين وذلك لان التجربة القضائية أثبتت أن القضاة يعانون من عدم كفاية الجهاز الإداري المساعد وهو الذي يتولى طباعة القرار القضائي بعد النطق بالحكم، الأمر الذي يفرض على القضاة مراجعة قرار الحكم أكثر من مرة لخروجه دون أخطاء لغوية أو نحوية أو شكلية أو موضوعية وهذا عادة يأخذ مدة زمنية لا تقل عن 10 أيام في الأحوال العادية نظرا لضغط العمل الذي يواجه القضاة.
4. لقد أثبتت التقارير القضائية السنوية التي ترفع من رئيس المجلس القضائي إلى جلالة الملك المعظم في الخمس سنوات الأخير أن القضاء يعاني من زيادة كبيرة في عدد القضايا ، فالقضاة يعانون من حجم القضايا المنظورة في يوم العمل الواحد وان تقرير جلستين على الأقل في الأسبوع الواحد لكل قضايا سيرهق قاضي المطبوعات ، وقد يؤثر على جودة القرارات القضائية. خاصة مع وجود حقيقة واقعة وهي بطأ نظام التبليغات في النظام القضائي الأردني وهذا ما سيؤدي إلى كثرة التأجيلات لجلسات المحاكمة دون داع لعدم وقوع إجراءات قضائية خلال فترة يومين أو ثلاثة وهي مدة تأجيل الجلسات وفقا للتعديل المقترح.
5. لم يحدث من قبل أعطيت القضايا المرفوعة على المحامين والأطباء والمهندسين وغيرهم من المهنيين صفة الاستعجال نظرا لدقة تلك القضايا وتأثيرها على مستقبلهم المهني، ومن باب العدالة أن يعامل الإعلاميين بذات المعاملة.
وعليه فإننا نقترح إلغاء صفة الاستعجال عن قضايا المطبوعات والنشر بنوعيها الجزائي والمدني وعدم إنقاص المدد لتقديم اللوائح والبينات بين الخصوم وكذلك مدد الطعون.
المادة الرابعة والخامسة من المشروع المقترح من قبل الحكومة:
إن نص المادتين الرابعة والخامسة من المشروع المقترح من قبل الحكومة مليء بالمآخذ القانونية نوردها بالترتيب وفقا لفقرات المادة الخامسة حيث أنها مرتبطة بالمادة الرابعة ووفقا لما هو آت:
أولاً: فيما يتعلق بالفقرة (أ) من المادة 49 من المشروع المقترح من الحكومة.
- إن التعديل المقترح استخدم كلمة (نشاط) وربطها (بالشؤون الداخلية والخارجية للمملكة) وهذا استخدام غير موفق تماماً في لغة التشريع نظرا لمرونة العبارة وعدم انضباطها، فقد تتنوع المواد الصحفية وتتعدد ولا يمكن معرفة أي منها متصل بالشؤون الداخلية أو الخارجية للمملكة وذلك لعدم وجود تعريف لتلك الشؤون، فقد تتضمن المادة الصحفية موضوعا عن القطاع الخاص أو أفراد وقد تتضمن حديثا عن الرياضة أو الفن أو الصناعة هل تعتبر هذه شؤون داخلية مثلاً؟؟. كما أن إعطاء القرار في تحديد ما إذا كان من نشاط المطبوعة الالكترونية وبالتالي حجبها لجهة غير قضائية يعتبر انتهاكاً صارخا لحقوق الإنسان بشكل عام ولحرية الإعلام حيث أعطى المشروع المقترح لمدير دائرة المطبوعات والنشر الحق في الحكم عليها بالإغلاق وفقا لما جاء في الفقرة ز من ذات المادة 49. وهذا تغول مطلق على السلطة القضائية.
- إن التعديل المقترح استخدم عبارة ( المطبوعة الالكترونية) وهذا يجعل من وجود النص القانوني غير قابل للتطبيق الأمر الذي يتعارض مع فكرة التشريع التي تقوم على أن القانون يوضع ليطبق وإلا أصبح من باب اللغو.
فعند العودة إلى تعريف المطبوعة الالكترونية وفقا لما جاء في المادة الثانية من قانون المطبوعات والنشر نجد أنها عبارة عن:
(موقع الكتروني له عنوان الكتروني محدد على الشبكة المعلوماتية يقدم خدمات النشر، بما في ذلك الأخبار والتقارير والتحقيقات والمقالات والتعليقات ، ويختار التسجيل في سجل خاص ينشا في الدائرة بموجب تعليمات يصدرها الوزير لهذه الغاية).
ووفقا لهذا التعريف العام فانه يشمل جميع المواقع الالكترونية الموجودة على شبكة الانترنت وبغض النظر عن مصدرها و نوعها وشكلها ولغتها وهذا سيجعل من القائمين على عمل المواقع الالكترونية مثل الياهو والجوجل والفايس بوك واليوتيوب وغيرها من المواقع الالكترونية العالمية التي تقدم الأخبار والتقارير والتحقيقات والمقالات وهي بالملايين وبغض النظر على لغتها مواقع الكترونية ملزمة بالترخيص في دائرة المطبوعات والنشر وهذا ما لن يحدث ولا يمكن أن يطبق.
وعليه إن مثل وجود هذا النص القانون سيقيد عمل المواقع الالكترونية جميعا الموجودة على شبكة الانترنت وهذا بالطبع غير منطقي.
ومن زاوية قانونية أخرى أن النص المقترح غير قابل للتطبيق على أرض الواقع من عدة وجوه: - أن المادة 13 من قانون المطبوعات والنشر تشترط لمنح رخصة لإصدار المطبوعة الصحفية أو المتخصصة أن يتم تسجيلها كشركة وفقا لأحكام قانون الشركات النافذ المفعول. وهذا يعني أن جميع المواقع الالكترونية التي تقدم خدمة الأخبار والمقالات بغض النظر عن لغتها ومكانها من العالم مجبرة على تسجيل شركة في الأردن وفقا لقانون الشركات الأردني. وهذا غير قابل للتطبيق.
وبالفرض الساقط جواز ما تقدم إلا أنه سيجبر دائرة المطبوعات والنشر على استقبال طلبات ترخيص لمواقع الكترونية مهما كانت لغتها ومهما كان صدروها ومكان طباعة موادها وفي أي مكان في العالم.
وذلك لأن المادة 12 من قانون المطبوعات والنشر المشار إليها أعلاه نصت:
(يقدم طلب الحصول على رخصة إصدار مطبوعة صحفية أو متخصصة إلى الوزير متضمنا البيانات التالية:
أ. اسم طالب الرخصة ومحل إقامته وعنوانه.
ب. اسم المطبوعة ومكان طبعها وصدورها.
من الواضح أن جميع الأمور التقنية ـ مع الاحترام والتقدير- لم تكن محل اعتبار في النص المقترح، ومن الواضح أيضاً أنه اعتبر أن مكان مشاهدة المواقع الإخبارية الالكترونية هو مكان طبعها وصدورها، ولم يتم الأخذ بعين الاعتبار من أين تمنح المساحة الافتراضية للموقع الالكتروني على الانترنت ومن هي الجهات أو الشركات الدولية التي تملك مساحة على شبكة المعلومات الدولية" الانترنت" الذي تمنح تلك المساحة الافتراضية وكيف يتم ذلك.
وينبني على هذه الأمور التقنية جدل فقهي وقانوني دولي وعربي غير محسوم لغاية الآن يتعلق بالاختصاص الدولي للمحاكم الأردنية بعمل المواقع الالكترونية الإخبارية والتي تسمح الجهات الأمنية - التي تراقب شبكة الانترنت عبر خطي الانترنت المخصصين للأردن هاشم1 وهاشم 2 ـ للشعب الأردني بمشاهدتها داخل حدود المملكة الأردنية الهاشمية.
وأن عدم مراعاة كل ذلك لهو أمر يجافي المنطق القانوني السليم. ويجعل الأمر غير قابل للتطبيق. ويضع على النيابة العامة الجليلة عبئاً كبيرا ومستحيلاً في ملاحقة جميع المواقع الالكترونية الإخبارية في كل دول العالم لأنها غير ملتزمة بشروط الترخيص الواردة في القانون الأردني.
- إن النص المقترح ـ مع الاحترام والتقدير ـ اعتبر المطبوعة الالكترونية هيئة اعتبارية أو شخصية اعتبارية كباقي المطبوعات الدورية وهي ليست كذلك سندا لأحكام المادة 50 من القانون المدني في حين أن الواجب اعتبارها إحدى الخدمات التي تقدمها الانترنت. والانترنت هي عبارة شبكة معلومات دولية " فضاء افتراضي " لا يمكن تقنيا ً وقانونيا إخضاعها لقواعد الترخيص في أي دولة في العالم. وسيجعل الأردن على القائمة الأولى لأعداء الانترنت في العالم الأمر الذي يسيء إلى الأردن الديمقراطي أمام العالم.
- إن النص المقترح ـ مع الاحترام والتقدير ـ غير قابل للتطبيق على المواقع الالكترونية الإخبارية لان الفعل المجرم الذي عاقبت عليه المادة 48 من قانون المطبوعات والنشر بالغرامة 5000 دينار – 10000 دينار يعاقب على فعل الإصدار وفقا لعبارة (كل من أصدر مطبوعة دورية) وفعل الإصدار ينصرف للصحف الورقية أو الكتب ولا ينصرف للمواقع الإخبارية الالكترونية خاصة ان المشرع عبر عن مفهومه للتوزيع بالنسبة للمطبوعة الالكترونية في المادة الثانية من القانون بأنه إتاحة الاطلاع على المطبوعة الالكترونية من خلال الشبكة المعلوماتية.
وبالفرض الساقط أن فعل الإصدار ينصرف على المواقع الالكترونية الإخبارية إلا أنه أيضا لا يمكن أن يطبق ما جاء في القرار ـ مع الاحترام والتقدير ـ على أرض الواقع لان فعل الإصدار وإن وقع فإنما لم يقع من حدود المملكة الأردنية الهاشمية لان جميع المواقع الالكترونية في العالم بغض النظر أين تشاهد سواء في الأردن أم خارجها فإنها تصدر من خارج الأردن، وبالتالي يكون القضاء الأردني غير مختص بتطبيق القانون الأردني عليها.
فالإصدار لا يعني كتابة المواد الصحفية أو نشرها أو إجازة نشر التعليقات وإنما القدرة على جعل الموقع الالكتروني الإخباري ظاهرا على شبكة الانترنت وان يكون متاحا للجمهور . وهذا ما لا يملكه شخص عادي أو مالك موقع الكتروني وان الشخص الذي يجب أن يقاضى وفقا لمفهوم الإصدار هي الشركات التي تملك مساحات على الانترنت.
وفي جميع الأحوال أن النص المقترح - مع الاحترام والتقدير ـ يخالف القالب الدستوري لحرية الرأي والتعبير ولحرية الإعلام والصحافة والتي من أهم أركانها عدم فرض أي قيود على صدور المنابر الإعلامية وممارسة العمل الإعلامي فالترخيص المسبق يعتبر قيدا على حرية الصحافة والإعلام.
وذلك من خلال إخضاعه لشروط الموافقة المسبقة في حين أن جميع الديمقراطيات العريقة وحتى حديثة النشأة منها اتجهت منذ فترة إلى الإخطار المسبق أو التسجيل فقط دون الترخيص المسبق. وذلك تمشياً مع المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي ووقع وصادق عليه الأردن ونشره في الجريدة الرسمية رقم 4764 بتاريخ 15/6/2006.
وعليه فإننا نقترح تعديل النص الحالي للمادة 49 والذي ينص على:
(لا تستفيد المطبوعة الالكترونية ومالكها وناشرها وكتابها وصحافيوها والعاملون فيها من مزايا هذا القانون ما لم تكن مرخصة ومسجلة وفقا لأحكامه).
وليصبح على النحو التالي:
على الرغم مما ورد في هذا القانون أو في أي تشريع آخر :
1) تلزم المطبوعة الالكترونية التي تنشر مواد صحفية أو تعليقات من المتصفحين عبر استخدام حزم الانترنت المستخدمة في المملكة بالتسجيل كشركة وفقا لأحكام قانون الشركات النافذ.
2) تطبق الجرائم والعقوبات الواردة في هذا القانون دون سواه على المواد الصحفية المنشورة على أي مطبوعة الكترونية عبر استخدام حزم الانترنت المستخدمة في المملكة. على أن يعتبر عدم تسجيل المطبوعة الالكترونية وفقا لما ورد في الفقرة 1 من هذه المادة ذلك ظرفا مشددا للعقوبة.
3) لا تسأل المطبوعة الالكترونية عن التعليقات الواردة إليها من قبل المتصفحين والملحقة بالمواد الصحفية. ولا يحول ذلك دون ملاحقة المسؤول جزائيا وفق لقواعد المسؤولية الجزائية.
4) يعتبر مالك و/ أو ناشر المطبوعة الإلكترونية رئيساً للتحرير.
5) تعاقب المطبوعة الالكترونية غير المسجلة وفقا لما ورد في الفقرة 1 من هذه المادة بغرامة لا تقل عن 200 دينار ولا تزيد عن 1000 دينار.
وبالطبع لابد من تعديل تعريف المطبوعة الالكترونية الوارد في المادة الثانية نظرا لعمومية التعريف وشموله جميع المواقع على الانترنت وحصره فقط بتلك المواقع الالكترونية التي تستخدم حزم الانترنت المستخدمة في المملكة.
ليصبح التعريف على النحو التالي:
(موقع الكتروني له عنوان الكتروني محدد على الشبكة المعلوماتية يقدم خدمات النشر، بما في ذلك الأخبار والتقارير والتحقيقات والمقالات والتعليقات، عبر حزم الانترنت المستخدمة في المملكة).
وعند النظر إلى هذا الاقتراح مع ما ورد في نص المادة42/ و من قانون المطبوعات والنشر والتي تنص على:
(تقام دعوى الحق العام في الجرائم التي ترتكب بواسطة المطبوعات الدورية على المطبوعة الصحفية ورئيس تحريرها أو مدير المطبوعة المتخصصة وكاتب المادة الصحفية كفاعلين أصليين ويكون مالك المطبوعة مسؤولا بالتضامن والتكافل عن الحقوق الشخصية المترتبة على تلك الجرائم وعن نفقات المحاكمة ولا يترتب عليه أي مسؤولية جزائية إلا إذا ثبت اشتراكه أو تدخله الفعلي في الجريمة).
فإن مسألة الخصومة الجزائية في القضايا المقامة على المطبوعات الالكترونية أصبحت واضحة تماماً ومحسومة.
وبما أن ذات القانون في المادة 42/ه نص على ندب مدعي عام للتحقيق في قضايا المطبوعات والنشر فانه يملك الوسائل القانونية لاستقصاء الجرائم وتعقب مرتكبيها وجمع الأدلة وفقا لما ورد في قانون أصول المحاكمات الجزائية ومن ضمنها الاستعانة بالخبرة الفنية.
فان مسألة معرفة هوية الفاعل والمسؤولين جزائيا أصبحت واضحة ومحسومة أيضاً من خلال تعقب صاحب ومستخدم حزمة الانترنت المستخدمة في نشر المواد الصحفية والتعليقات.
ومن زاوية أخرى إذا كان هدف المشروع المقترح من قبل الحكومة معاقبة من يرتكب فعل يسيء للمملكة من خارج المملكة فان القواعد العامة في قانون العقوبات كافية دون إجراء أي تعديل في قانون المطبوعات والنشر.
حيث جاء في قانون العقوبات ما يلي:
المادة 9: الصلاحية الذاتية:
(تسري أحكام هذا القانون على كل أردني أو أجنبي - فاعلا كان أو شريكا محرضا أو متدخلا - ارتكب خارج المملكة جناية أو جنحة مخلة بأمن الدولة.... ).
المادة 10: الصلاحية الشخصية:
(تسري أحكام هذا القانون:
1. على كل أردني - فاعلا كان أو شريكا محرضا أو متدخلا - ارتكب خارج المملكة جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون الأردني. كما تسري الأحكام المذكورة على من ذكر ولو فقد الجنسية الأردنية أو اكتسبها بعد ارتكاب الجناية أو الجنحة.
2. على الجرائم التي يرتكبها خارج المملكة أي موظف أردني أثناء ممارسته وظيفته أو بمناسبة ممارسته إياها.
3. على الجرائم التي يرتكبها خارج المملكة موظفو السلك الخارجي، والقناصل الأردنيون ما تمتعوا بالحصانة التي يخولهم إياها القانون الدولي العام.
4. على كل أجنبي مقيم في المملكة الأردنية الهاشمية ، فاعلا كان أو شريكا محرضا أو متدخلا، ارتكب خارج المملكة الأردنية الهاشمية جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون الأردني. إذا لم يكن استرداده قد طلب أو قبل).
ثانياً: فيما يتعلق بالفقرة (ب) من المادة 49 من المشروع المقترح من الحكومة.
إن النص المقترح من قبل الحكومة عندما قرر أن الموقع الالكتروني ستطبق عليه جميع التشريعات النافذة ذات العلاقة بالمطبوعة الصحفية فانه يلزم بشكل غير مباشر بضرورة الالتزام بالشروط الخاصة في قانون المطبوعات والنشر من حيث تعيين رئيس تحرير مسجل في نقابة الصحفيين, وهذا يتعارض تماما مع طبيعة عمل المواقع الالكترونية وخاصة المدونات الشخصية التي لا يملكها صحفيين في الغالب فالانترنت مفتوح للجميع، كما أن مسألة إلزامية العضوية في النقابة تخالف بشكل صريح المعايير الدولية لحرية الرأي والتعبير.
ثالثاً فيما يتعلق بالفقرات (ج ، د، هـ) من المادة 49 من المشروع المقترح من الحكومة:
إن التعديل المقترح يعتبر أن التعليقات مادة صحفية وهذا ما يخالف قواعد المنطق القانون السليم وأسس المهنية الصحفية خاصة أن قانون المطبوعات والنشر يقوم ينظم عمل الصحافة ويستخدم في معظم نصوصه قواعد مهنية مثل المادتين 5 و7 منه.
فمن الناحية المهنية الصحفية والقانونية أيضا أن العمل الصحفي يتنوع وتتعدد أشكاله بين الخبر والتحقيقات بأنواعها ومقالات الرأي والبيانات والكاريكاتير... الخ . كما أن القانون أفرد أحكام قانونية خاصة لبعض أنواع الفن الصحفي مثل ما جاء في نص المادة 27 والتي نصت على:
(إذا نشرت المطبوعة الصحفية خبرا غير صحيح أو مقالا يتضمن معلومات غير صحيحة فيحق للشخص الذي يتعلق به الخبر أو المقال الرد على الخبر أو المقال أو المطالبة بتصحيحه وعلى رئيس التحرير نشر الرد أو التصحيح مجانا في العدد الذي يلي تاريخ ورود أي منهما في المكان والحروف نفسها التي نشر فيها الخبر أو المقال في المطبوعة الصحفية).
إضافة إلى أن القضاء الأردني استقر ومنذ أكثر من عقد على ترتيب أحكام قانونية خاصة لكل نوع من أنواع المواد الصحفية أو العمل الصحفي.
وبالتالي من غير المقبول اعتبار التعليقات مواد صحفية وبالتالي يجب أن تطبق عليها القواعد القانونية الواردة في قانون المطبوعات والنشر مثل النزاهة والموضوعية والتوازن والحيدة والتي اعتبر القانون عدم الالتزام بها جرائم معاقب عليها.
ولكن بذات الوقت من المقبول أن يعتبر التعليق الذي يتضمن معلومات أو أخبار أو وقائع محددة جزء من المادة الصحفية التي ألحقت بها تلك التعليقات، وفي هذه الحالة ستطبق عليها القواعد القضائية في تفسير المادة الصحفية ككل متكامل ودون النظر إلى الجزء فقط. وهذا ما يقبله المنطق القانوني السليم.
أما التعليقات الأخرى التي تنطوي على آراء شخصية ، فمن غير المقبول قانونا أن يسأل عنها المطبوعة الالكترونية أو كاتب المادة الصحفية أو رئيس التحرير فهي آراء شخصية ولا تعبر عن رأي المطبوعة الالكترونية. تماماً مثلما يحدث في البرامج الحوارية عبر وسائل الإعلام المرئي والمسموع.
وبخصوص ما ورد في الفقرة ج من اعتبار مالك المطبوعة الالكترونية ومديرها وأي من العاملين فيها من ذوي العلاقة بالمادة محل التعليق مسؤولين جزائياً فان ذلك يعتبر تناقضاً واضحا مع ما ورد في قواعد المسؤولية التي فرضتها المادة 42 من قانون المطبوعات والنشر والتي قررت أن دعوى الحق العام في المطبوعات الدورية تقام على رئيس التحرير وكاتب المادة الصحفية فقط وأي شخص تثبت مسؤوليته الجزائية، كما يخالف القواعد العامة في المسؤولية الجزائية، إذ أن العقوبة شخصية.
ومن زاوية أخرى فإن إلزام المطبوعة الالكترونية بالاحتفاظ بسجل خاص بالتعليقات المرسلة إليها يعتبر من باب اللغو، إذ لا قيمة قانونية لهذا الإلزام في ظل وجود حق للصحفيين بكتمان مصادر معلوماتهم، وطالما أنهم قانوناً يتحملون مسؤولية كذب مصدر المعلومات.
رابعاً: فيما يتعلق بالفقرة (ز) من المادة 49 من المشروع المقترح من الحكومة:
إن إعطاء مدير عام دائرة المطبوعات والنشر سلطة الحكم والتقرير في مدى ارتكاب المواقع الالكترونية غير المرخصة في المملكة لمخالفات لأحكام قانون المطبوعات والنشر وأي قانون آخر هو تغول واضح على السلطة القضائية ، فهذه السلطة والصلاحية يجب أن تكون للقضاء وليس للجهة الإدارية.