إليسا تردُّ الصاعَ صاعَيْن للمرأة المعنَّفة
جو 24 : لم يكن المراد مزيداً من الدماء حتى يتسنّى للرسالة أن تصل فجّةً، قاسية. محض مصادفة - ربما - تزامُن طَرْح "يا مرايتي" لإليسا وفجيعة مقتل سارة الأمين. كليبٌ موجَّه كإنذار أخير الى كلّ امرأة صامتة.
عملٌ أشبه بإصبع تلامس الجرح وتشاء لو تداويه بالكيّ. تحمل المخرجة إنجي جمّال إليسا الى التألق المغمَّس بالألم، البالغ ذروته بالانتفاض. لوهلةٍ، تتراءى المرأة هشّة، تتلقّى اللكمات وتتستّر عليها بالصمت والمساحيق. هنا سارة الأمين، وكلّ امرأة خائفة. الكليب قليل الوعظ، كثير العِبر. كأنّه أتى في لحظة تسبق فوات الأوان وتحول دون السكّة الخاطئة. إليسا وجمّال تحضّان على التصدّي لأنياب الوحش: لا تكوني صامتة. ليس التحمُّل دائماً من شيم المرأة. ثمة ما لا يُسكَت عليه حين يبلغ من الذلّ درجةً. تتلبّس إليسا دوركِ بينما تخشين على أطفالكِ من الصراخ والتجنّي والعِقد. حقُّكِ، لكنّ العمل يشاء لكِ حقاً آخر، كأنّ تكفّي عن دور "البطلة الخارقة" التي لا تشعر بالوجع. يريد لكِ بطولة عنوانها رفض المصير البائس والنهاية المعطوبة. من أجلكِ. من أجل أولادكِ. وكي لا تبقي الضحية.
إليسا أمام أمانةٍ تؤديها بمسؤولية، فتبدو مقنعة رغم طغيان المكان الهادئ المناقض لقبح ما يجري داخل الجدران الأربعة. توازي جمّال ما بين "خصوصية" الزوجين بِلينها وقسوتها، وانشراح المكان بما يخبّئ للمرء من احتمالات. تصبح الطبيعة بصفائها و"غربتها" عن بشاعة الإنسان منطلقاً لصفاء مُنتَظر بعد غبار كثيفة، وسكينةٍ بعد غصّة. يدرك العمل ما يريد قوله وبأي نبرة. رغم الانكسار في أغنية كتبها أحمد ماضي ولحّنها زياد برجي (واحدة من أجمل ما غنّت إليسا)، تتحوّل الهشاشة عزيمة، وتلقّي الصفعات دفاعاً عن النفس واستعادة لحق أُهدِر. إليسا أمام خيار عدم المهادنة. مقابل الصاع لا بدّ من "صاعين"، ليس بغرض تمجيد الثأر بل لعدالة ممكنة. عدالة الإنسان، لا القوي على الضعيف والظالم على المظلوم.
النهار
عملٌ أشبه بإصبع تلامس الجرح وتشاء لو تداويه بالكيّ. تحمل المخرجة إنجي جمّال إليسا الى التألق المغمَّس بالألم، البالغ ذروته بالانتفاض. لوهلةٍ، تتراءى المرأة هشّة، تتلقّى اللكمات وتتستّر عليها بالصمت والمساحيق. هنا سارة الأمين، وكلّ امرأة خائفة. الكليب قليل الوعظ، كثير العِبر. كأنّه أتى في لحظة تسبق فوات الأوان وتحول دون السكّة الخاطئة. إليسا وجمّال تحضّان على التصدّي لأنياب الوحش: لا تكوني صامتة. ليس التحمُّل دائماً من شيم المرأة. ثمة ما لا يُسكَت عليه حين يبلغ من الذلّ درجةً. تتلبّس إليسا دوركِ بينما تخشين على أطفالكِ من الصراخ والتجنّي والعِقد. حقُّكِ، لكنّ العمل يشاء لكِ حقاً آخر، كأنّ تكفّي عن دور "البطلة الخارقة" التي لا تشعر بالوجع. يريد لكِ بطولة عنوانها رفض المصير البائس والنهاية المعطوبة. من أجلكِ. من أجل أولادكِ. وكي لا تبقي الضحية.
إليسا أمام أمانةٍ تؤديها بمسؤولية، فتبدو مقنعة رغم طغيان المكان الهادئ المناقض لقبح ما يجري داخل الجدران الأربعة. توازي جمّال ما بين "خصوصية" الزوجين بِلينها وقسوتها، وانشراح المكان بما يخبّئ للمرء من احتمالات. تصبح الطبيعة بصفائها و"غربتها" عن بشاعة الإنسان منطلقاً لصفاء مُنتَظر بعد غبار كثيفة، وسكينةٍ بعد غصّة. يدرك العمل ما يريد قوله وبأي نبرة. رغم الانكسار في أغنية كتبها أحمد ماضي ولحّنها زياد برجي (واحدة من أجمل ما غنّت إليسا)، تتحوّل الهشاشة عزيمة، وتلقّي الصفعات دفاعاً عن النفس واستعادة لحق أُهدِر. إليسا أمام خيار عدم المهادنة. مقابل الصاع لا بدّ من "صاعين"، ليس بغرض تمجيد الثأر بل لعدالة ممكنة. عدالة الإنسان، لا القوي على الضعيف والظالم على المظلوم.
النهار