فضيحة جديدة في التعليم العالي.. هل وصلت النار إلى صندوق دعم البحث العلمي
جو 24 : كتب الدكتور عزام عنانزة - في محطات زمنية معينة، تتوقف المجتمعات لتسأل نفسها، بحثاً عن الحقيقة، ومحاولة مواجهة المصاعب والتحديات واستشراف آفاق المستقبل، ونحن في الأردن نعيش في هذا المنعطف الزمني ونواجه مسألة أو تحدي التطرف والعنف والإرهاب، ويحاول الساسة والمفكرون استنطاق العقل وتحديد الأفكار وتحليلها من جميع الزوايا بحثاً عن أفضل الحلول لاجتثاث هذه الآفة من جذورها، ولما كانت الحرب على التطرف والعنف والإرهاب لا تقتصر على المواجهة العسكرية في ساحة الميدان، وإنما تمتد إلى كل الميادين والساحات الثقافية والاقتصادية والسياسية وغيرها، فإنه منذ التفجيرات الإرهابية لفنادق عمان قبل ما يقارب عقد من الزمان حتى قيام عصابة داعش الوحشية بقتل الشهيد البطل معاذ الكساسبة، أعلنت الدولة الأردنية بكل إمكاناتها وأجهزتها ومؤسساتها الحرب على الفكر المتطرف الذي يغذي التنظيمات الإرهابية، فالفكر هو الذي يغذي العمل والسلوك، وكجزء من هذه الحملة والجهود المبذولة لمكافحة التطرف أعلن الدكتور عبد الله الزعبي مدير عام صندوق البحث العلمي تخصيص جائزة لأفضل بحث يقدم في مجال مكافحة التطرف، وجاءت هذه المبادرة كفكرة رائدة تجسد انسجام كافة أجهزة ومؤسسات الدولة في العمل كفريق لمواجهة تحدي التطرف ولا سيما أن الجامعات هي منابر الفكر والحوار والمعرفة، ولقد وجدت المبادرة الاهتمام الكافي على المستويين الأكاديمي والإعلامي، فالأكاديميون الذين لديهم اهتمامات فكرية وأبحاث علمية وثيقة الصلة بالموضوع تقدموا إلى الصندوق بأبحاثهم، والإعلام غطى المبادرة بشكل جيد نظراً لأهمية الموضوع، بانتظار إعلان الجائزة.
الغريب والعجيب في الأمر أن الصندوق بعد أن تم استقبال طلبات المرشحين، شكّل لجنة سرية لاختيار البحث الفائز بالجائزة، اللجنة عملت بسرية تامة ولكن أيضاً بعيداً عن مبادئ الشفافية والنزاهة والموضوعية، ووفق المعلومات الراشحة من الصندوق –ولا نعرف مدى صدقها في زمن السرية– فيبدو أن اللجنة أوصت بحجب الجائزة لأن الأبحاث المقدمة لا ترقى إلى مستوى الجائزة، وهذا موقف فيه كثير من التجني وفقدان المنطق وغياب الموضوعية، فكيف يكون هناك أبحاث علمية منشورة في مجلات علمية محكمة ومتخصصة وتعتمدها كافة الجامعات الأردنية والعربية كمعيار لغايات الترقيات الأكاديمية ولا ترقى إلى مستوى الجائزة؟ ألا يعتبر هذا الحكم إساءة لكافة الجامعات والمجلات الأردنية والعربية؟ ثم لماذا لم يعلن الصندوق منذ البداية عن شروط الأبحاث المقبولة للمنافسة على الجائزة مثل أن تكون منشورة باللغة الإنجليزية في مجلات دولية، ومن المفارقات الغريبة أن اللجنة التي قد تحجب الجائزة -ربما- ليس لأي من أعضائها إنتاج علمي منشور في المجلات الدولية، ووفق بعض المعلومات المسربة من الصندوق فإن حجب الجائزة يعود لأسباب غير موضوعية، وإذا كان الحال كذلك فإننا أمام مشكلة كبيرة تتعلق بآلية تقييم الأبحاث في الصندوق وملايين الدنانير التي تم إنفاقها على دعم أبحاث علمية تم تقييمها بطرق غير موضوعية، فإذا كانت نار التجاوزات قد وصلت إلى البحث العلمي والجهود المبذولة لمكافحة التطرف، فإننا أمام مشكلة لا تقل أهمية عن الإرهاب والتطرف وهي الإرهاب والتطرف الفكري أو الأكاديمي، وهذا ربما يكون من أخطر أنواع التطرف.
إننا لا نريد أن نوجه أصابع الاتهام لأحد ولكن في زمن المكاشفة والنزاهة والشفافية فإنه لا يجوز أن تكون السرية سبباً في تغليب المزاجيه على العقل والمنطق والبحث العلمي، وإذا كانت وزارة التعليم العالي تشكل لجانا لاختيار رؤساء الجامعات وتعلن عنها بكل شفافية فهل اختيار بحث من مجموعة بحوث مقدمة يستلزم السرية أكثر من اختيار رئيس جامعة؟ وهل أدركت اللجنة أن الجائزة ليست هي المهمة، بل الكتابة عن الموضوع واعتباره من أولويات البحث العلمي وضمن اهتمامات أساتذة الجامعات؟
وفي الختام فإننا نأمل أن يتدارك القائمون على الأمر هذه المسألة وخصوصاً صاحب المبادرة الدكتور عبد الله الزعبي وأن يتم الإعلان عن الجائزة واللجنة والمرشحين بكل شفافية ونزاهة، وأن تستمر الجهود على كافة المستويات في مكافحة التطرف والإرهاب وأن تبقى الجامعات منارات علم وإبداع تخرّج إلى المجتمع أجيال من المتعلمين المحبين لوطنهم والبعيدين عن العنف والتطرف، وبعيداً عن هذه الرؤية فإنه لا داعي للسؤال عن سبب عزوف الأكاديميين عن تقديم مشاريع أبحاث لصندوق دعم البحث العلمي أو أسباب توفر بيئة خصبة للعنف والتطرف والإرهاب في بلادنا، وعظم الله أجركم.
الغريب والعجيب في الأمر أن الصندوق بعد أن تم استقبال طلبات المرشحين، شكّل لجنة سرية لاختيار البحث الفائز بالجائزة، اللجنة عملت بسرية تامة ولكن أيضاً بعيداً عن مبادئ الشفافية والنزاهة والموضوعية، ووفق المعلومات الراشحة من الصندوق –ولا نعرف مدى صدقها في زمن السرية– فيبدو أن اللجنة أوصت بحجب الجائزة لأن الأبحاث المقدمة لا ترقى إلى مستوى الجائزة، وهذا موقف فيه كثير من التجني وفقدان المنطق وغياب الموضوعية، فكيف يكون هناك أبحاث علمية منشورة في مجلات علمية محكمة ومتخصصة وتعتمدها كافة الجامعات الأردنية والعربية كمعيار لغايات الترقيات الأكاديمية ولا ترقى إلى مستوى الجائزة؟ ألا يعتبر هذا الحكم إساءة لكافة الجامعات والمجلات الأردنية والعربية؟ ثم لماذا لم يعلن الصندوق منذ البداية عن شروط الأبحاث المقبولة للمنافسة على الجائزة مثل أن تكون منشورة باللغة الإنجليزية في مجلات دولية، ومن المفارقات الغريبة أن اللجنة التي قد تحجب الجائزة -ربما- ليس لأي من أعضائها إنتاج علمي منشور في المجلات الدولية، ووفق بعض المعلومات المسربة من الصندوق فإن حجب الجائزة يعود لأسباب غير موضوعية، وإذا كان الحال كذلك فإننا أمام مشكلة كبيرة تتعلق بآلية تقييم الأبحاث في الصندوق وملايين الدنانير التي تم إنفاقها على دعم أبحاث علمية تم تقييمها بطرق غير موضوعية، فإذا كانت نار التجاوزات قد وصلت إلى البحث العلمي والجهود المبذولة لمكافحة التطرف، فإننا أمام مشكلة لا تقل أهمية عن الإرهاب والتطرف وهي الإرهاب والتطرف الفكري أو الأكاديمي، وهذا ربما يكون من أخطر أنواع التطرف.
إننا لا نريد أن نوجه أصابع الاتهام لأحد ولكن في زمن المكاشفة والنزاهة والشفافية فإنه لا يجوز أن تكون السرية سبباً في تغليب المزاجيه على العقل والمنطق والبحث العلمي، وإذا كانت وزارة التعليم العالي تشكل لجانا لاختيار رؤساء الجامعات وتعلن عنها بكل شفافية فهل اختيار بحث من مجموعة بحوث مقدمة يستلزم السرية أكثر من اختيار رئيس جامعة؟ وهل أدركت اللجنة أن الجائزة ليست هي المهمة، بل الكتابة عن الموضوع واعتباره من أولويات البحث العلمي وضمن اهتمامات أساتذة الجامعات؟
وفي الختام فإننا نأمل أن يتدارك القائمون على الأمر هذه المسألة وخصوصاً صاحب المبادرة الدكتور عبد الله الزعبي وأن يتم الإعلان عن الجائزة واللجنة والمرشحين بكل شفافية ونزاهة، وأن تستمر الجهود على كافة المستويات في مكافحة التطرف والإرهاب وأن تبقى الجامعات منارات علم وإبداع تخرّج إلى المجتمع أجيال من المتعلمين المحبين لوطنهم والبعيدين عن العنف والتطرف، وبعيداً عن هذه الرؤية فإنه لا داعي للسؤال عن سبب عزوف الأكاديميين عن تقديم مشاريع أبحاث لصندوق دعم البحث العلمي أو أسباب توفر بيئة خصبة للعنف والتطرف والإرهاب في بلادنا، وعظم الله أجركم.