هنا السذاجة اللبنانية: سلاح أو خاتم "سوليتير"!
جو 24 : لعلّ "أل بي سي آي" خاطرت بعرض "قلبي دقّ" بعد نشرة الأخبار المسائية، ولعلّها، في الآن عينه، ارتأت ذلك بعدما تساءلت: أيّ الأعمال لن تشكّل مواجهته مسلسلَي "24 قيراط" ("أم تي في") و"تشيللو" ("المستقبل") خسارةً فادحة؟ أتى "قلبي دقّ" ليحلّ أزمة الثامنة والنصف مساء. القصّة لا تحتمل تأويلات، كُتِبت لترخي ضحكة، فإذا بها في أحيان تبلغ أعتاب السذاجة. كارين رزق الله البطلة وصاحبة النصّ، تقدّم حبكة تراوح ما بين البسيط والأقل بساطة. بساطةٌ قد تستميل مُشاهداً وتشدّه إليها، من غير أن تقوى على تَرْك إضافة. هذا المسلسل لقطاتٌ مقبولة، وأخرى لا ترتقي الى مستوى. لولا النَفَس الطريف، لجنى على نفسه باجتراح حبكةٍ لا أساس لها. كان الوقت متأخراً ليلاً حين وجدت كريستين (رزق الله) أنّ الثمالة ضربت العقل وحالت دون نشاط الذاكرة. أنقذها سامي (يورغو شلهوب) من عدم القدرة على تذكّر أين وضعت البطاقة التي تخوّلها استعادة سيارتها لدى خروجهما من سهرة زفاف. اصطحبها بسيارته، ولما استفاقت، وجدت نفسها في سريره والوالد يهددها بسلاحه ويصيح مطالباً باستعادة شرف العائلة. الكذب سبيلٌ الى النجاة: ألّفت على الأب الغاضب (في المناسبة، لا ينطلي غضبه على أحد) أنّها وسامي زوجان، وما هو صادمٌ أكثر: الزواج مدنيٌّ وفي قبرص تحديداً! هاجَ نقولا دانيال في دور الأب، ولم يرضَ لابنته هذه النهاية التعيسة، فإذا به يشترط مع "رجال" العائلة تسجيل الزواج كنسياً وتزويده بالوثيقة الرسمية ليتأكّد. لنقل إنّ النصّ مقبولٌ لو تولّى المغامرة مخرجٌ آخر. غادة دغفل قدّمته سطحياً لا تعوّض الصورة اللحظات الراكدة. المرء أحياناً ظروفه وما يطرأ ليعدّل المزاج ويقلب المسار، لكنّ الإبداع المشهدي مفقودٌ منذ اللقطة الأولى، وافتقار التنفيذ عيناً ساحرة واضح وضوح الشمس منذ البداية.
يمكن التركيبة ألا تكتفي بالخواء والغيرة ركنَيْن من أساسياتها. لكلّ من الزوجين تينا (اسم الدلع لكريستين) وسامي حبيبٌ آخر، لكنّ العمل اختار لأداء دور خطيبة يورغو شلهوب ممثلة مصطنعة تزيد الدور تسطيحاً: ستيفاني سالم في دور الخطيبة دانا. يصبح الصراع الجوهري: الخطيبة تفقد أعصابها في مكتب خطيبها، وتنهال على زوجته المفترَضة زعيقاً، فيما يستخلص الخطيب- وهو هنا الزوجُ أيضاً- أنّ الخطيبة متعلّمة ومن عائلة راقية، فكيف أتت على تصرُّفٍ كهذا؟ يتضح أنّ "العائلة الراقية" ما هي إلا نموذج "العائلة" في المسلسلات اللبنانية: بريستيج وكعب عالي وربطة عنق صامدة. لكنّ الكاتبة أضافت إرسال الأولاد للتعلُّم في فرنسا كضرورة للمَظهر والسُمعة. هل اكتفت رزق الله بنقل الصورة المُستَهلكة وتكريسها؟ الجواب: لا. فماذا فعلت؟ أتت بالصورة "النقيض" لتُشهرها في وجه الصورة "الأصل"، فيصبح المسلسل هكذا: عائلة سامي "الراقية" اختزالٌ للسذاجة، فيما عائلة تينا تحلّ مشكلاتها بالسلاح وهمّها تزويج بناتها. ثم تُرفَق الصورة بالاكسسوارات المناسبة: ملابس مترهّلة وتكاسل وفقر، ليُقال في النهاية إنّ المأزق يطال الجميع ولا مَهرب من المواجهة. لا طبقات وسطى في هذه المسلسلات، إما ألماس وسوليتير وأمٌ تحرّض ابنتها على تلقّي الهدايا من الخطيب، وإما أسلحة وعَوَز وذكورية. الهمّ كبيرٌ الآن: كيف تضبط الخطيبة أعصابها إن لم ينفصل الزوجان نهائياً؟ ثمة ما يسبّب القلق ويفرض انتظاره بحرارة: مَن هي الفتاة ذات السنوات الإحدى عشرة التي يشعر سامي تجاهها بالحب، ويتذكّر يوم كانا صغيرَيْن يلعبان في الحديقة؟ سنتوقّع كل شيء، إلا أن تكون الطفلة الحلم وآسرة القلب، كارين رزق الله نفسها. عندها، بئس هذا المسلسل!
النهار فاطمة عبدالله
يمكن التركيبة ألا تكتفي بالخواء والغيرة ركنَيْن من أساسياتها. لكلّ من الزوجين تينا (اسم الدلع لكريستين) وسامي حبيبٌ آخر، لكنّ العمل اختار لأداء دور خطيبة يورغو شلهوب ممثلة مصطنعة تزيد الدور تسطيحاً: ستيفاني سالم في دور الخطيبة دانا. يصبح الصراع الجوهري: الخطيبة تفقد أعصابها في مكتب خطيبها، وتنهال على زوجته المفترَضة زعيقاً، فيما يستخلص الخطيب- وهو هنا الزوجُ أيضاً- أنّ الخطيبة متعلّمة ومن عائلة راقية، فكيف أتت على تصرُّفٍ كهذا؟ يتضح أنّ "العائلة الراقية" ما هي إلا نموذج "العائلة" في المسلسلات اللبنانية: بريستيج وكعب عالي وربطة عنق صامدة. لكنّ الكاتبة أضافت إرسال الأولاد للتعلُّم في فرنسا كضرورة للمَظهر والسُمعة. هل اكتفت رزق الله بنقل الصورة المُستَهلكة وتكريسها؟ الجواب: لا. فماذا فعلت؟ أتت بالصورة "النقيض" لتُشهرها في وجه الصورة "الأصل"، فيصبح المسلسل هكذا: عائلة سامي "الراقية" اختزالٌ للسذاجة، فيما عائلة تينا تحلّ مشكلاتها بالسلاح وهمّها تزويج بناتها. ثم تُرفَق الصورة بالاكسسوارات المناسبة: ملابس مترهّلة وتكاسل وفقر، ليُقال في النهاية إنّ المأزق يطال الجميع ولا مَهرب من المواجهة. لا طبقات وسطى في هذه المسلسلات، إما ألماس وسوليتير وأمٌ تحرّض ابنتها على تلقّي الهدايا من الخطيب، وإما أسلحة وعَوَز وذكورية. الهمّ كبيرٌ الآن: كيف تضبط الخطيبة أعصابها إن لم ينفصل الزوجان نهائياً؟ ثمة ما يسبّب القلق ويفرض انتظاره بحرارة: مَن هي الفتاة ذات السنوات الإحدى عشرة التي يشعر سامي تجاهها بالحب، ويتذكّر يوم كانا صغيرَيْن يلعبان في الحديقة؟ سنتوقّع كل شيء، إلا أن تكون الطفلة الحلم وآسرة القلب، كارين رزق الله نفسها. عندها، بئس هذا المسلسل!
النهار فاطمة عبدالله