إفلاس أوباما يحوله إلى قذافي العالم .. والاستجداء سيد الموقف
تامر خرمه- في أولى جولاته الانتخابية ضد منافسه "الجمهوري" ميت رومني، بدأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما بمغازلة "الايباك" واستعطاف اللوبي الصهيوني لدعمه في معركة البقاء في البيت الأبيض، بعد ان بات مرشح "الديمقراطيين" لدورة رئاسية مقبلة.
بعد فشله بنقل شعار "التغيير" -الذي رفعه في معركته الانتخابية السابقة- إلى أرض الواقع، وعجزه عن المجيء بأي جديد لإقناع الشارع الأمريكي بإعادة انتخابه، وتخبط السياسة الامريكية في عهده، عبر اوباما عن حالة الإفلاس التي بلغها من خلال استجداء اللوبي الصهيوني طمعاً في كرسي الرئاسة الامريكية.
الجمهوريون كانوا قد شنوا هجمة استباقية عبر انتقاد برنامج الحزب الديمقراطي والإشارة إلى خلوه من كلمة "الله" وعدم مساندته لـ "إسرائيل"، الأمر الذي دفع أوباما إلى التدخل شخصيا لإضافة بعض التعديلات على برنامجه الانتخابي بإضافة اعتراف بأن القدس عاصمة "اسرائيل"، وبدغدغة مشاعر اليانكي الدينية عبر إضافة كلمة "الله".
اللوبي الصهيوني الذي مازال يعتبر ورقة "الجوكر" في لعبة الانتخابات الأمريكية كشف مجددا نقطة ضعف النظام "الفيتوقراطي" لواشنطن، والذي من المفترض أنه يحول دون تمركز السلطة في يد أية جهة كانت، غير أن اضطرار أوباما لاستخدام لغة الجمهوريين في دعايته الانتخابية، تدلل على حجم التدخلات الصهيونية في أدق تفاصيل السياسة الأمريكية.
جولات الرئيس الأمريكي السابقة وخطاباته التي ألقاها في العواصم العربية والإسلامية ضمن محاولة التبشير بعصر أمريكي جديد، بعد تمزق صورة الولايات المتحدة إثر مغامرات الجمهوريين في أفغانستان والعراق، وكافة المساعي التي دأب عليها الديمقراطيون للعودة إلى تكتيك الديمقراطية المبهرجة والترويج للسياسات الأمريكية في المنطقة العربية، تحت عناوين حقوق الإنسان وكافة العناوين الاخرى التي كانت تهيمن على الخطاب الأمريكي إبان الحرب الباردة، والتي سقطت من قاموس واشنطن السياسي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، كل هذه المساعي والجهود التي دفعت باتجاهها محصلة موازين القوى، ذهبت أدراج الرياح في لحظة استجداء العطف الصهيوني التي عرت "العم سام" وكشفت هشاشة النظام الأمريكي، الذي اتفق على تسميته بالنظام "الفيتوقراطي".
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الشره لكرسي الرئاسة الأمريكية دفع أوباما إلى استخدام الخطاب المافيوي الذي تمتاز به السلطة في أية دولة عالمثالثية، وهو ذلك الخطاب الذي يعبر عن مفهوم "المختار والمزرعة"، والذي كان بدوره السبب الرئيسي في سقوط رأس النظام بعدد من الدول العربية التي كان الحاكم فيها يعتقد أنه صاحب الحق المطلق في التحكم بمصير رعاياه ومستقبل "مزرعته" التي حملت اصطلاحا لقب "دولة".
هذه النظرة الرجعية لعلاقة السلطة بالشعب، لا تختلف على الإطلاق عن نظرة الرئيس الأمريكي للشعوب الاخرى، حيث منح نفسه حق تقرير مصير تلك الشعوب، و"وهب" العطايا لمعسكر اللوبي الصهيوني في الشرق الأوسط، وانتزاع الهوية التاريخية لأرض فلسطين العربية، حيث تبجح دون خجل بمغازلة اللوبي الصهيوني عبر منحه العاصمة التي يشاء، في لغة لا تختلف في جوهرها عن لغة معمر القذافي التي كان يخاطب فيها شعبه، إلا أن أوباما كان يخاطب العالم كله باستخدام هذه اللغة.
أما البروباغاندا الحقوقية التي لجأ إليها أوباما في بداية عهده بالرقص على حبال البيت الأبيض، فقد تم نسفها عبر إضافاته العبقرية على برنامج حزبه، متناسيا ان القانون الدولي يمكن الأردن من إدارة المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، غير أن صاحبنا الذي يظن أنه صاحب الولاية على كوكب الأرض، قرر عبر هبة اقطاعية إجراء تعديلاته الشخصية على القانون الدولي.
الشعب العربي لم يعد يحتمل عقلية السلطة المافيوية في ظل هذا الربيع الذي توج المنطقة من محيطها إلى خليجها، وعبر هذه المفردات الأوبامية تكون واشنطن قد جردت حلفائها من ورقة التوت التي منحتهم إياها منظمات حقوق الإنسان.