تعيين رؤساء الجامعات .. عدم اكتراث بردود الفعل وتجاهل لمعايير النزاهة والشفافية
أحمد الحراسيس - حسم وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور لبيب الخضرا، أمر رئاسة جامعة اليرموك بتعيين الدكتور رفعت الفاعوري رئيسا للجامعة خلفا للدكتور عبدالله الموسى، متجاهلا جميع الانتقادات التي وجهها أكاديميون ومراقبون وأعضاء سابقون في مجلس التعليم العالي لتفرّد الوزير باتخاذ القرار وتجاوزه أسس النزاهة والشفافية في التعيين.
بالتأكيد الوزير لم يكن ليفعل ذلك دون أن يأخذ ضوءا أخضر من الرئيس عبدالله النسور الذي يبدو غير مدرك أو متواطئ مع وزيره؛ فالرئيس لابدّ أنه تابع وشاهد ردة الفعل على أداء الخضرا كما قرأ هبّة مجلس التعليم العالي المقال واشاراته المختلفة للتجاوزات التي يشهدها قطاع التعليم العالي، ورغم ذلك شكّل النسور مجلسا جديدا وصادق بسرعة الصوت على ما يرغب الخضرا به.
اخر الأصوات المحذرة من سياسات الخضرا كان الوزير الأسبق الدكتور صلاح جرار. وبلا شكّ، فإن الواجب على كل مهتم بالشأن التعليمي أن يتوقف كثيرا ويفكّر فيما تقوله شخصية أكاديمية بحجم الدكتور صلاح جرار.
جرار طالب رئيس الوزراء بوضوح أن يباشر بالتحقيق في استيضاح ديوان المحاسبة رقم 61 لسنة 2010 والمتعلق بملف العطاءات الخاصة بمشاريع الموقع الدائم للجامعة الألمانية إبان تولي الخضرا رئاسة الجامعة، اضافة لاستيضاح الديوان رقم 21/2/3/4953 تاريخ 23/3/2014 حول مشروع تطوير وحدة الخدمات الالكترونية عندما كان الخضرا عميدا لكلية الحجاوي وفايز الخصاونة رئيسا للجامعة.
وهنا، لا بدّ من الإشارة إلى مخاطبات رئيس جامعة اليرموك السابق الدكتور عبدالله الموسى وهيئة مكافحة الفساد، حيث أكد الموسى في تلك المراسلات ان الجامعة شكّلت لجنة تحقيق بخصوص مشروع وحدة الخدمات الالكترونية المشار إليه في تقرير ديوان المحاسبة والذي كلّف نحو 338 ألف دينار، وأيّدت اللجنة مجمل ما جاء في التقرير.
قد يعتقد البعض أن لتحذيرات جرار تلك علاقة بطموحه في رئاسة اليرموك، وهذه نظرة قاصرة، فجرار سجّل ملاحظات وجيهة وهامة على آلية اختيار الرؤساء وهيمنة الوزير الخضرا على لجنة الاختيار، بالإضافة لعدم اعتماد اللجنة أسسا واضحة وعادلة في اختيار الرؤساء، ولعل هذا ما أشار إليه وزير التعليم العالي الأسبق وليد المعاني عندما دعا لجنة الاختيار للتنحي ودعا القائمين على شأن الدولة الأردنية لوقف مهزلة كبرى يشهدها قطاع التعليم العالي.
مظاهر "المهزلة الكبرى" كثيرة، ولا مجال لتفصيلها، إلا أن بيان مجلس التعليم العالي كشف بعض الشواهد على الاختلال والاشكال في عمل الوزارة، وهنا نذكّر -على سبيل المثال لا الحصر- باصرار الخضرا على عرض ملف رئاسة التكنولوجيا والتجديد للرئيس السابق أمام ديوان التشريع رغم حصوله على 3 اصوات فقط، ولم يفعل ذلك مع ملف رئاسة اليرموك رغم حصوله على اصوات اغلبية المجلس. وكذلك تهديد أعضاء المجلس بمراقبة هواتفهم الجوالة. وطلبه من أحد الأعضاء التصويت على التجديد لرئيس الحسين فيما طلب من اخر مغادرة جلسة اليرموك. وطلبه من أحد الأعضاء الترشح لرئاسة جامعة بينما اعترض على اخر بحجة "تضارب المصالح". بالاضافة لقرار رفع معدلات القبول، والذي أكد أعضاء المجلس المقال أنه لم يؤخذ بالاجماع كما يدعي الوزير.
صمّ الرئيس أذنه عن كلّ تلك النداءات، وأصوات كثيرة أخرى يدفعنا للجزم أن الرئيس النسور شريك للخضرا باستهداف أبناء المحافظات الأقل حظّا.