jo24_banner
jo24_banner

إلى نشامى وزارة المياه والري / سلطة المياه

أحمد عبدالباسط الرجوب
جو 24 : خير البداية كلام الله تعالى والذي لا يعلوا عليه كلام منذ ان خلق الله الدنيا وما عليها " وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ " (30 الأنبياء) ، إن الماء أصل جميع الكائنات والمخلوقات الحية ، فمنه خلقت بنسب كبيرة ، وبه تستمر حياتها في النمو والعطاء على أكمل وجه ، فإذا قلَّ الماء عن حده الطبيعي باتت حياة هذه الكائنات مهددة بالخطر والهلاك ، وهذه حقيقة علمية قد توصل إليها علم الأحياء وعلم الكيمياء الحيوية وعلم وظائف الأعضاء حديثًا ، وليست مجرد ملاحظة لاحظها الناس قديمًا.

أما موضوع مقالي فهو صدور قرار المحكمة القاضي بحبس وغرامة مالية على معتدي على مصدر للمياه ، وياتي هذا القرار الاول من نوعه الذي يصدر وفق الاحكام الواردة في القانون المعدل لقانون سلطة المياه رقم 22 لسنة 2014 والذي يعالج قضايا الاعتداءات على مصادر وخطوط المياه الرئيسة في مختلف مناطق المملكة ، وقد اتى هذا من خلال المتابعات الميدانية لنشامى سلطة المياه ومع موازاة ذلك مما يتعرضون له من مخاطر الايذاء بهم احيانا ناهيك عن الجهد المضني لهولاء الجنود الذين يسهرون الليل ويتحملون قسوة حرارة الصيف وبرد الشتاء ، اما اولئك العاملين في محطات معالجة مياه الصرف الصحي " نعم والف نعم " انهم الجنود المجهولين العاملين بصمت مع ظروف بيئية ترفع القبعات احتراما لادائهم.

قد تكون شهادتي مجروحة في هذا المقام لأني من رحم سلطة المياه وقد نلت شرف الخدمة فيها لما يربو عن ثلاثون عاما ، وهنا وبكل اعتزاز ازجي التحية والتقدير الى الزملاء نشامى سلطة المياه (مع شركاتها) الذين يبذلون جهودا جبارة في سبيل المحافظة على قطرة المياه لايصالها الى اهلنا في ربوع الوطن الاغلي في بلد يعاني اصلا من نقص حاد في المياه وانقلاب معادلة التزويد المائي بحيث اصبح الطلب على المياه يفوق بكثير عن المتوفر بسب موجات النزوح والامواج البشرية التي قصدت الاردن طلبا للامان وسلامة الارواح وكما قلت سابقا في احد المقالات " اردن الهاشميين كعبة المظيوم" وخاصة في السنوات الثلاث الاخيرة " أزمة اللاجئين تفاقم الفقر المائي بالأردن " مما زاد التحدي على الايفاء بالطلب على المياه " وهنا من لا يشكر الناس لا يشكر الله " فإن وزارة المياه / سلطة المياه ممثلة برأس ادارتها معالي الوزير وحتى المستويات الادارية في الميدان لا يألون جهدا في سبيل توفير سلعة المياه بالكميات والنوعية المناسبة للمواطنين والمقيمين على ارض المملكة على السواء.

وبرغم معرفتي ودرايتي عن الخطط والبرامج الهادفه التي تعمل بها سلطة المياه في سبيل تحقيق رؤيتها وتنفيذ رسالتها على اكمل وجه إلا أنني وفي هذا السياق ومن خلال خبرتنا في هذا المجال على المستوى المحلي أو في منطقة الشرق الاوسط ، ارى بأنه يلزم وضع التدابير العاجلة والصارمة من اجل المحافظة على كل قطرة مياه وذلك من خلال اجراءات علمية ادارية مدروسة وضمن خطط موضوعة ومجربة " ليس تنظيرا " تحكمها ضوابط اداء (Performance Indicators) من خلال الاجراءات التالية:

 ضرورة التفكير في انشاء لجنه تختص بشؤون المياه تسمى " اللجنة الدائمة للموارد المائية في الدولة " والتي ستركز على تنظيم ادارة قطاع المياه بين الجهات ذات العلاقة في الدوله والكفاءة الاقتصادية والاستدامة المالية وهنا برأيي المتواضع لا اعتقد انها تتقاطع في مهمامها مع مهام اللجنة الملكية للمياه " ومن خلالها يتم وضع قانون المياه الوطني وما يتبعة من وضع سياسة للموارد المائية مع إنشاء منظومة قاعدة بيانات موارد المياه في الدولة.
 وضع قانون خاص بترشيد استهلاك المياه وتحديد استخداماتها ومنع الاعتداءات على شبكات المياه وسرقتها وعلى المجتمع تحمل المسؤولية في هذا الاطار.
 انشاء ادارة ترشيد وكفاءة استخدام المياه والطاقة وذلك بهدف ترشيد وكفاءة استخدام المياه والطاقة للحفاظ على موارد الدولة وتقليل الهدر منها فضلا عن تشكيل ورفع مستوى الوعي لدى ألاجيال المستقبل وتثقيفهم حول سبل التكيف مع توجهات الاقتصاد في معدلات الاستهلاك.
 تشكيل لجنة للبحوث في مجال الكفاءة والمحافظة على المياه وأخذ زمام المبادرة في إقامة التعاون والتنسيق الكامل مع المراكز الأكاديمية والبحثية ذات الصلة.
 التركيز على فاقد المياه " الفني والاداري " (NRW) اذ يعتبر فاقد المياه مصدرا مائيا يمكن تعزيزة في شبكات المياه من خلال وضع خطة محكمة "خارطة طريق " (Road Map) لخمس سنوات مثلا للوصول الى فاقد مياه تناقصي يصل الى 30% كمعدل متوسط وعلى رقعة الوطن ، ودعم القائمين على تنفيذ هذه الخطة بافضل الكفاءات من الكوادر البشرية وتدريبهم وتزويدهم بأحدث التقنيات ومعدات الكشف عن التسرب في الشبكات والخزانات للوصول الى اقل نسبة مؤية من الفاقد ، واذا ما تحقق ذلك وبحساب بسيط نستطيع ضخ الاف الامتار المكعبة من المياه كانت تذهب هدرا.
 التركيز على قضايا الحوكمة (Water Governance) والتوعية الفعالة باعتبارهما جوهر أزمة المياه ، "هناك ما يكفي من المياه للجميع" و"عدم كفاية المياه في بعض الأحيان هي بسبب سوء الإدارة الوسطى والفساد – لا اعمم " ، وعدم وجود المؤسسات المناسبة ، والجمود البيروقراطي ونقص الاستثمار في القدرات البشرية والبنية التحتية.
 التركيز على إعداد خطط توسيع استغلال مياه الصرف الصحي المعالجة
(Treated Sewerage Effluent) وتحليلها بعناية لتقليل التأثيرات السلبية على مياه الشرب والنظم البيئية مما يخفف من الطلب على مياه الشرب في اعمال الري المقيد.
ختاما ننحي احتراما لكل القائمين على ادارة قطاع المياه في بلادنا الاردنية لمعرفتنا بالجهود الخيرة التي يبذلونها وكما اسلفت من رأس الهرم الاداري في الوزارة الى من هم في الميدان راجيا التوفيق لهم ولجميع موظفي الدولة التي نتفيأ ضلالها لتحقيق رؤية جلالة سيد البلاد في التقدم والازدهار.
تقبل الله طاعتكم في هذا الشهر الفضيل وعساكم من العائدين وحمى الله بلادي الاردنية من شرور الفتن ما ظهر منها وما بطن.


arajoub21@yahoo.com
تابعو الأردن 24 على google news