النسور إذ يدعم لبيب الخضرا.. نسمع جعجعة ولا نرى طحنا
أحمد الحراسيس - قام رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور مساء الخميس بزيارة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، حيث التقى الوزير لبيب الخضرا وقدّم الدعم الذي ربما تكون إحدى الجهات أو التيارات الناشطة في مراكز صنع القرار قد طلبته منه..
بالتأكيد الزيارة ليست اعتيادية، ولا يمكن فهمها خارج اطار دعم الخضرا ومناوءة معارضي نهجه من تيارات شعبية وسياسية وشخصيات أكاديمية وبرلمانية، وهي -الزيارة- إن دلّت فإنما تدلّ على أن الرئيس ما زال على العهد الأول؛ "لا أهمية كبيرة لرأي الأردنيين.. موالاة ومعارضين"، فالمهمّ أن تنال الحكومة رضا هذا التيار صاحب الحظوة دون غيره.
النسور خلال هذه الزيارة البائسة أكد "أهمية المحافظة على الانجازات المتميزة في مجال التعليم العالي والتي جعلته مقصدا لعشرات الآلاف من الطلبة العرب والاجانب"، وهو ما يكشف نظرة مادية بحتة لملف التعليم العالي، دون تفكير كثير بحقّ المواطن الفقير في أنحاء المملكة بالحصول على تعليم عالٍ متميز.
الخضرا.. حديث كثير وفعل قليل
لم يكن الخضرا بتصريحاته خلال الزيارة أحسن حالا من النسور، فبعد أن تباكى على تدني مستوى الانفاق الحكومي على قطاع التعليم العالي، أبرز الخضرا عزوف الأردنيين عن التعليم التقني كواحد من أكبر التحديات التي تواجه التعليم العالي! ولا نعلم كيف استقام الأمر لدى الخضرا ورئيسه؛ تارة شكوى من قلة الدعم وتارة أخرى يريدون تعزيز التعليم التقني وتشجيع الأردنيين على الانخراط به، ومع علم كليهما بالكلفة المالية المترتبة على التعليم التقني إلا أن الاشارات بأن ذلك قادم خلال الأيام القليلة المقبلة لا تتوقف..
لكن تلك الرغبات بتعزيز التعليم التقني لم ترافقها أفعال كثيرة، فلا يُعقل أن تعلن حكومة توجهها لادماج المواطنين ببرامج التعليم التقني في البلاد بين ليلة وضحاها، فالتعليم التقني بحاجة إلى مخصصات مالية كبيرة بداية، بالإضافة للأرضيات والمعدات والمدربين الأكفاء قبل تطبيقه، الأمر يحتاج لعامين أو ثلاثة على الأقل وليس عاما أو أشهر معدودة، إلا إن كانت النوايا تتجه نحو تخريج أفواج غير مؤهلة من العاطلين عن العمل!
تلك الشكوك تعززت لدى مراقبين وأكاديميين بشكل كبير خلال الأسابيع الماضية، فمن غير المعقول أن تطلب تعليما تقنيا حقيقيا وتعيّن مهندسا زراعيا قارب الثمانين من عمره كرئيس للجنة، فالتخصص مهم في هذه الحالة والخبرة الادارية ليست وحدها الأولوية.
محاولات رسمية لاجهاض مشاريع التعليم التقني؟
في السابق، حاول وزير التعليم أمين محمود انشاء معهد للتعليم التقني عبر شراكة مع اليابانيين، وحصل على ترحيب رسمي من قبل رئيس الوزراء الياباني، إلا أنه لم يتمكن من مواصلة عمله لأسباب خارجة عن ارادته، كما عمل محمود على وضع خطة لإقامة الجامعة الصينية الأردنية التقنية لكن يبدو أن من خلفَه حاول تعطيلها قدر المستطاع قبل أن يأتي قرار مجلس الوزراء بتخصيص 1000 دونم لبناء الجامعة التي ستموّل الصين انشاء مبانيها.
تعطيل انشاء الجامعة الصينية أثار غضب عدد من الأكاديميين الذين قالوا إنه مصلحة للجامعات الخاصة، حيث أن برامج التعليم التقني المحترفة والمدروسة من شأنها الحد من إقبال الطلبة على الجامعات الخاصة.
اعادة النظر بمعدلات القبول
لم يكتف الخضرا خلال زيارة النسور بتلك التصريحات، وعاد للحديث عن مجلس التعليم العالي المقال عبر الاشارة إلى "ضرورة إعادة النظر بقرار المجلس السابق رفع معدلات القبول في الجامعات، وذلك على ضوء نتائج الثانوية العامة"، وكأن الأعضاء المقالين من المجلس السابق هم أصحاب قرار رفع معدلات القبول!! لكن اللافت أن الحقيقة تقول بأن أربعة أعضاء من الخمسة المقالين عارضوا رفع معدلات القبول أساسا. كما تقول حقيقة أخرى أن الوزير نفسه رفض التصويت على سنة بدء تطبيق القرار واتخذ قراره بانفاذ رفع معدلات القبول اعتبارا من العام الدراسي الحالي، بالاضافة إلى ان رغبته كانت رفع معدلات القبول إلى 75 وليس 70.. فلماذا إذن انقلب اليوم وحاول ايهام العامة أن المجلس السابق هو صاحب قرار رفع معدلات القبول؟!!
بالأمس كانت المطالب اقالة الدكتور لبيب الخضرا وكفّ يده عن ملف تعليم الأردنيين.. لكن وبعد زيارة اليوم وتصريحات الوزير ورئيسه، بدا واضحا أن الأمر لن يستقيم دون ذهاب الحكومة التي أفقرت الأردنيين وتعمل جاهدة لسلبهم فرصهم بالتعليم العالي..