الدكتور وليد المعاني يكتب عن المدارس الأقل حظا
جو 24 : كتب: الدكتور وليد المعاني - في قصة يوسف السباعي "أرض النفاق" صدزت عام ١٩٤٩ يتحدث الكاتب عن دكان يبيع حبوبا للأخلاق....فمنها حبوب للإخلاص وحبوب لكذا وأخرى لكذا ولكن الحبوب التي كانت تنفذ بسرعة هي حبوب النفاق.
لا أدري هل لو كان الدكان موجودا الآن لاشترت بعض مديريات التربية والتعليم حبوب الحظ...لعل وعسى.
المدارس الأقل حظا...تعبير أطلق على مدارس لم يحقق طلبتها نتائج جيدة في أمتحان الثانوية العامة. ثم ظهرت مجموعة من التعابير أشهرها " المدارس التي لم ينجح أحد من طلبتها".وتحدثت الصحافة عنها كأننا نسمع بها لأول مرة.
هل هو حظ؟ أم قدر؟ أم "بخت" أم تقصير؟؟؟
هل هي كما قال عبد العزيز الدريني: "مشيناها خطى كتبت علينا .. ومن كتبت عليه خطى مشاها"، أوكما قال حكيم هندي: "هنالك أدوية للمرض، لكن لا أدوية للقدر"
أو كما قالت أم مصرية:"قليل البخت يلاقي العظم في الكرشة"؟
أم في حقيقة الأمر أن هذه المدارس منسية، وغير مرئية وأنه لم تجر محاولة جدية واحدة لوضع الأمر في نصابه؟
لماذا نبدو و كأننا متفاجئين من وجود المدارس "التي لم يحالف الحظ" أخدا من أبنائها؟ متفاجئين من ٨٩ مدرسة لم ينجح بها أحد؟ في العام الماضي كان العدد ٤٢٣ مدرسة وأرقام مشابهة في سنوات سابقة. وفي أحد الأعوام رفضت الوزارة الإفصاح عن عدد المدارس، لإضراره بهيبة الوزارة!!!
ففي عام ٢٠١٤ ورد النص التالي في أحد المواقع الإلكترونية : "تعمل وزارة التربية والتعليم على اجراء دراسة واسعة لنتائج التوجيهي الاخيرة خلال الدورة الصيفية الاخيرة لعام 2014 والمدارس التي لم ينجح منها احد وفق امين عام الوزارة الدكتور محمد العكور.
وقال في تصريح ان الوزارة شكلت لجانا في كافة المدارس والمديريات التي ظهر فيها ضعف في نتائج طلبتها حيث ما زالت الوزارة بانتظار التغذية الراجعة لهذه الدراسة.
واضاف العكور ان وزير التربية الدكتور محمد الذنيبات اجتمع بمدراء التربية لدراسة اسباب هذا التراجع وستعلن الوزارة عن هذه النتائج في حال اكتمالها.
الرابط: http://watananews.net/print.php?nid=93952
هل أكملت اللجان والوزارة أعمالها ؟ وأين النتائج التي يجب أن تحدد المشاكل وتقدم الحلول؟ ولماذا لم تعلن هذه النتائج إن وجدت؟ أخشى من عدم اكتمال اللجان لمهامها وأننا مازلنا في مكاننا لم نبارحه.
يتفق الجميع أن عوامل كثيرة ساهمت وتساهم في هذه المشكلة...منها ما له علاقة بوزارة التربية والتعليم ومنها ما له علاقة بالطلبة وأسباب لها علاقة بالأهالي.
فالأهالي اللذين لا يريدون تجميع الصفوف في مدرسة كبيرة تحظى بالأساتذة والمختبرات، ويفضلون مدارس بقرب بيوتهم في الصف الواحد عدد من الطلبة لا يفوق عدد أصابع اليدين، عليهم ان لا يلوموا الا أنفسهم. لقد عرضنا في وزارة التربية حافلات تأخذ الطلبة من بيوتهم وتوصلهم للمدرسة الكبيرة المجمعة فرفض الأهالي.
والطلبة اللذين يغيبورن عن الفصل الثاني في الصف الثاني عشر ليعملوا في جمع المنتجات الزراعية من الحقول مع ذويهم أو بالأجر لابد أن يفشلوا في الإمتحان. الطلبة اللذين لا يملكون ثمن الكتب الخاصة بالثانوية العامة (24) دينار، لايجدون ما يدرسون منه وسيفشلوا.
المدارس التي لا تجد معلما، أو معلما بديلا، أو معلما ملحقا، كيف لطلابها النجاح؟. المدارس التي لا توجد بها مختبرات، وإن وجدت فمغلق عليها، كيف لطلابها النجاح؟ المدارس التي ترتفع الحرارة في صفوفها لدرجة لا تطاق وتفتح شبابيكها عديمة المناخل للتهويه فتدخلها أسراب الذباب، كيف لطلبتها النجاح؟
معظم المشاريع التي طرحتها الوزارة ومن ضمنها المدارس الضخمة لم تعط أكلها. والمدارس التي يتم التركيز على تطويرها تتكرر في كل برنامج من قبل كل منظمة دولية. كأن هناك مدارس محظية وأخرى غير ذلك. والمنظمات المشاركة في التطوير تقدم برامج متشابهة، كم كنت أتمنى أن يكون للوزارة دور في تجميعها وتوجيهها، بدل تبعثرها بحيث تصبح عديمة الجدوى.
لماذا يتركز الرسوب وعدم النجاح في مدارس الذكور ولا نجده في مدارس الإناث؟ وهل لهذا علاقة بتوفر العمل للراسبين في الثانوية برواتب مجزية، بحيث تجعل النجاح" أمرا غير مرغوب فيه"؟.
إن التراجع الذي تشهده المدارس عموما و مدارس في مناطق بعينها لن تصلحه خطط طوارىء، ولا مؤتمرات لن ترى توصياتها الضؤ، وإنما يتم عن طريق:
(أولا) التقييم الحقيقي للطالب في كل صف.
(الثاني) التقييم الصادق للعملية التعليمية والإدارية، وتطويرها، ومحاسبة المعلمين والإداريين في المدرسة المعنية وقبلهم المشرفون التربويون. محاسبتهم على أدائهم كائنا من كانوا، بحيث يتحملوا نتائج أعمالهم.
و(الثالث) فيتم عن طريق تغيير المناهج وتبسيطها وإزالة اللغو والحشو منها.
أما (الرابع) فيكون بتجميع المدارس ذات الصفوف الصغيرة والإمكانات المتواضعة في المدارس المجمعة الشاملة (التي تعمل بأقل من نصف طاقتها)، وإقناع الأهالي بذلك وتقديم الحوافز لهم وللطلبة، وعدم ترك القرار في ذلك لهم.
أما الأمر (الخامس) والأخير فيكون بإجراء التعديل اللازم على النظام الذي يمنع توزيع الكتب مجانا على الصفين الحادي عشر والثاني عشر، وإعتبار ذلك أولوية وطنية (الكلفة المالية مليون ونصف مليون دينار).
يجب العودة للنشاطات التي تحبب الطالب في مدرسته، فما هو المعيب في الرياضة والفن والموسيقى؟ وما المعيب في الرحلات المدرسية العلمية والثقافية؟ لماذا نساعد على حالة الإغتراب بين الطالب ومجتمعه؟
يكون العلاج عادة من مراحل. ويسمى في بعض اقطار شمال إفريقيا بالتدبير، أول العلاج الإدراك بوجود مشكلة والإعتراف بها، والإعلان عنها وليس كنسها تحت السجاد. ثم يأتي من يشخص العلة ويبين مواطن الخلل. ويليه من يقدم العلاج الناجع، الذي يجب أن نتذوقه حتى لو كان مرا.
وعودة لقصة أرض النفاق ليوسف السباعي، ففيها يقول:
نحن شعب يحب الموتى، ولا يرى مزايا الأحياء حتى يستقروا في باطن الأرض.
والله من وراء القصد
لا أدري هل لو كان الدكان موجودا الآن لاشترت بعض مديريات التربية والتعليم حبوب الحظ...لعل وعسى.
المدارس الأقل حظا...تعبير أطلق على مدارس لم يحقق طلبتها نتائج جيدة في أمتحان الثانوية العامة. ثم ظهرت مجموعة من التعابير أشهرها " المدارس التي لم ينجح أحد من طلبتها".وتحدثت الصحافة عنها كأننا نسمع بها لأول مرة.
هل هو حظ؟ أم قدر؟ أم "بخت" أم تقصير؟؟؟
هل هي كما قال عبد العزيز الدريني: "مشيناها خطى كتبت علينا .. ومن كتبت عليه خطى مشاها"، أوكما قال حكيم هندي: "هنالك أدوية للمرض، لكن لا أدوية للقدر"
أو كما قالت أم مصرية:"قليل البخت يلاقي العظم في الكرشة"؟
أم في حقيقة الأمر أن هذه المدارس منسية، وغير مرئية وأنه لم تجر محاولة جدية واحدة لوضع الأمر في نصابه؟
لماذا نبدو و كأننا متفاجئين من وجود المدارس "التي لم يحالف الحظ" أخدا من أبنائها؟ متفاجئين من ٨٩ مدرسة لم ينجح بها أحد؟ في العام الماضي كان العدد ٤٢٣ مدرسة وأرقام مشابهة في سنوات سابقة. وفي أحد الأعوام رفضت الوزارة الإفصاح عن عدد المدارس، لإضراره بهيبة الوزارة!!!
ففي عام ٢٠١٤ ورد النص التالي في أحد المواقع الإلكترونية : "تعمل وزارة التربية والتعليم على اجراء دراسة واسعة لنتائج التوجيهي الاخيرة خلال الدورة الصيفية الاخيرة لعام 2014 والمدارس التي لم ينجح منها احد وفق امين عام الوزارة الدكتور محمد العكور.
وقال في تصريح ان الوزارة شكلت لجانا في كافة المدارس والمديريات التي ظهر فيها ضعف في نتائج طلبتها حيث ما زالت الوزارة بانتظار التغذية الراجعة لهذه الدراسة.
واضاف العكور ان وزير التربية الدكتور محمد الذنيبات اجتمع بمدراء التربية لدراسة اسباب هذا التراجع وستعلن الوزارة عن هذه النتائج في حال اكتمالها.
الرابط: http://watananews.net/print.php?nid=93952
هل أكملت اللجان والوزارة أعمالها ؟ وأين النتائج التي يجب أن تحدد المشاكل وتقدم الحلول؟ ولماذا لم تعلن هذه النتائج إن وجدت؟ أخشى من عدم اكتمال اللجان لمهامها وأننا مازلنا في مكاننا لم نبارحه.
يتفق الجميع أن عوامل كثيرة ساهمت وتساهم في هذه المشكلة...منها ما له علاقة بوزارة التربية والتعليم ومنها ما له علاقة بالطلبة وأسباب لها علاقة بالأهالي.
فالأهالي اللذين لا يريدون تجميع الصفوف في مدرسة كبيرة تحظى بالأساتذة والمختبرات، ويفضلون مدارس بقرب بيوتهم في الصف الواحد عدد من الطلبة لا يفوق عدد أصابع اليدين، عليهم ان لا يلوموا الا أنفسهم. لقد عرضنا في وزارة التربية حافلات تأخذ الطلبة من بيوتهم وتوصلهم للمدرسة الكبيرة المجمعة فرفض الأهالي.
والطلبة اللذين يغيبورن عن الفصل الثاني في الصف الثاني عشر ليعملوا في جمع المنتجات الزراعية من الحقول مع ذويهم أو بالأجر لابد أن يفشلوا في الإمتحان. الطلبة اللذين لا يملكون ثمن الكتب الخاصة بالثانوية العامة (24) دينار، لايجدون ما يدرسون منه وسيفشلوا.
المدارس التي لا تجد معلما، أو معلما بديلا، أو معلما ملحقا، كيف لطلابها النجاح؟. المدارس التي لا توجد بها مختبرات، وإن وجدت فمغلق عليها، كيف لطلابها النجاح؟ المدارس التي ترتفع الحرارة في صفوفها لدرجة لا تطاق وتفتح شبابيكها عديمة المناخل للتهويه فتدخلها أسراب الذباب، كيف لطلبتها النجاح؟
معظم المشاريع التي طرحتها الوزارة ومن ضمنها المدارس الضخمة لم تعط أكلها. والمدارس التي يتم التركيز على تطويرها تتكرر في كل برنامج من قبل كل منظمة دولية. كأن هناك مدارس محظية وأخرى غير ذلك. والمنظمات المشاركة في التطوير تقدم برامج متشابهة، كم كنت أتمنى أن يكون للوزارة دور في تجميعها وتوجيهها، بدل تبعثرها بحيث تصبح عديمة الجدوى.
لماذا يتركز الرسوب وعدم النجاح في مدارس الذكور ولا نجده في مدارس الإناث؟ وهل لهذا علاقة بتوفر العمل للراسبين في الثانوية برواتب مجزية، بحيث تجعل النجاح" أمرا غير مرغوب فيه"؟.
إن التراجع الذي تشهده المدارس عموما و مدارس في مناطق بعينها لن تصلحه خطط طوارىء، ولا مؤتمرات لن ترى توصياتها الضؤ، وإنما يتم عن طريق:
(أولا) التقييم الحقيقي للطالب في كل صف.
(الثاني) التقييم الصادق للعملية التعليمية والإدارية، وتطويرها، ومحاسبة المعلمين والإداريين في المدرسة المعنية وقبلهم المشرفون التربويون. محاسبتهم على أدائهم كائنا من كانوا، بحيث يتحملوا نتائج أعمالهم.
و(الثالث) فيتم عن طريق تغيير المناهج وتبسيطها وإزالة اللغو والحشو منها.
أما (الرابع) فيكون بتجميع المدارس ذات الصفوف الصغيرة والإمكانات المتواضعة في المدارس المجمعة الشاملة (التي تعمل بأقل من نصف طاقتها)، وإقناع الأهالي بذلك وتقديم الحوافز لهم وللطلبة، وعدم ترك القرار في ذلك لهم.
أما الأمر (الخامس) والأخير فيكون بإجراء التعديل اللازم على النظام الذي يمنع توزيع الكتب مجانا على الصفين الحادي عشر والثاني عشر، وإعتبار ذلك أولوية وطنية (الكلفة المالية مليون ونصف مليون دينار).
يجب العودة للنشاطات التي تحبب الطالب في مدرسته، فما هو المعيب في الرياضة والفن والموسيقى؟ وما المعيب في الرحلات المدرسية العلمية والثقافية؟ لماذا نساعد على حالة الإغتراب بين الطالب ومجتمعه؟
يكون العلاج عادة من مراحل. ويسمى في بعض اقطار شمال إفريقيا بالتدبير، أول العلاج الإدراك بوجود مشكلة والإعتراف بها، والإعلان عنها وليس كنسها تحت السجاد. ثم يأتي من يشخص العلة ويبين مواطن الخلل. ويليه من يقدم العلاج الناجع، الذي يجب أن نتذوقه حتى لو كان مرا.
وعودة لقصة أرض النفاق ليوسف السباعي، ففيها يقول:
نحن شعب يحب الموتى، ولا يرى مزايا الأحياء حتى يستقروا في باطن الأرض.
والله من وراء القصد