أبواب الوزارة !
د. يعقوب ناصر الدين
لقد اكتفى القطاع الحكومي بالنظر إلى القطاع الخاص على أنه أحد الموارد الهامة من الضرائب والرسوم والجمارك ، وجعل الإجراءات طويلة متعددة المحطات لكي يجني في كل محطة المزيد من العائدات ، وكل ذلك يجري وسط اجراءات معقدة ، ومهينة أحياناً ، حتى تفاقمت مشاعر الريبة والشك المتبادلة ، وكأن القطاعين ينتميان إلى بلدين مختلفين .
وصل الحال إلى درجة أن يشتكي المستثمرون المحليون والعرب والأجانب إلى جلالة الملك ما يواجهونه من تعقيدات ترافق المشروع الإستثماري قبل وأثناء وبعد تنفيذه ، وقد عرفنا بعض المشروعات الإستثمارية الكبيرة التي اختصرت الطريق من أوله ، واستكملت سيرها نحو دول أخرى في المنطقة لا تقدم تسهيلات أفضل مما هو موجود لدينا على الورق ، ولكنها تملك خبرة التعامل مع المستثمر وتحسن معاملته حتى لو مارست عليه قدراً من الاجراءات التي لا تخلو من التعقيد !
لقد لخّص جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله المشكلة في جملة قصيرة قالها خلال لقائه قبل أيام مع ممثلي الفعاليات الشعبية في العقبة ، بعد تدشينه لميناء الشيخ صباح الأحمد للغاز الطبيعي، ورصيف الخدمات البحرية لمنظومة موانئ الطاقة " إذا أردنا محاربة الفقر والبطالة ، وخلق فرص عمل ، فيجب تسهيل وتبسيط الإجراءات الحكومية المتعلقة بالمشاريع الاستثمارية ، لا أن يتم تعطيلها عند كل صغيرة وكبيرة " أليس هذا ما يحدث فعلاً ، أليس القطاع الخاص معنياًفي خلق فرص العمل ، وتحسين الأوضاع المعيشية ، والمساهمة في المجهود الوطني للتغلب على ظاهرتي الفقر والبطالة ؟
ومرة أخرى يوجه جلالة الملك الحكومة خلال زيارته لدار رئاسة الوزراء مؤخراً إلى الإسراع بمعالجة التحديات التي يعانيها القطاع الخاص ، والتواصل مع مختلف فعالياته لايجاد الحلول " الجذرية " لها ، في ظل الظروف القائمة ، وكان دولة رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور نفسه قد عبّرعن إداركه لما يواجهه القطاع الصناعي الأردني من تحديات باتت تهدد بتوقف بعض الصناعات عن الإنتاج ، وذلك خلال لقائه بصحبة عدد من أعضاء الحكومة مع أعضاء غرفة الصناعة ، وكان الحديث واضحاً وصريحاً في الاتجاهين ، ولكن أن يلخص أحد الوزراء الموقف بالقول " أبواب الوزارة مفتوحة أمامكم متى شئتم " فهذا يعني أننا ما زلنا ندور في حلقة الحوار العقيم ، وليس في الجلوس على طاولة متقابلين كل يمثل دوره الحقيقي ليس في حل المشاكل وحسب ، بل في تشكيل جبهة الصمود في وجه تلك التحديات ، وهي كبيرة وكثيرة وخطيرة ، تفرض على جميع الأطراف أن ينجحوا أمام اختبار وطني حقيقي ، أما أبواب الوزارة فقد جعلت لتكون مفتوحة بطبيعتها !
yacoub@meuco.jo
www.yacoubnasereddin.com