jo24_banner
jo24_banner

زيارات سعودية هامة

حمادة فراعنة
جو 24 : معطيات عديدة فرضت نفسها على دوافع زيارة الامير السعودي محمد بن سلمان الى الاردن وخلفيتها، واول هذه المعطيات يعود لوجود قيادة ديناميكية شابة في القرار السعودي، ولذلك لم يكن عبثاً ولا صدفة سلسلة التغيرات التي حدثت واجتاحت بنية المؤسسة الملكية الحاكمة كي تستقر فيها دماء شابة تستند لتراث المملكة وقدراتها وما تملكه من امكانات، مستجيبة لعملية المواجهة للتحديات المحلية والاقليمية والدولية التي كادت تعصف بكل التراث المحافظ الذي يقود النظام العربي، ولم يعد قادراً على تلبية شروط الحياة ومتطلباتها، فالربيع العربي ولّد قوى اسلامية سياسية جديدة لها نفوذ وحضور عابر للحدود بديلاً ونقيضاً لمجمل اطراف النظام العربي الذي استنفد اغراضه وفقد شرعيته لصالح اطراف اسلامية جديدة يقف في طليعتها اربعة قوى سياسية عابرة للحدود هي : 1- حركة الاخوان المسلمين، 2- ولاية الفقيه، 3- تنظيم القاعدة، 4- تنظيم الدولة الاسلامية داعش، واربعتهم في مواقع التصادم مع النظام العربي، حيث وصل حد السكين لرقبة اطراف النظام كما حصل لكل من زيد العابدين بن علي وحسني مبارك ومعمر القذافي وعلي عبد الله صالح، وهذا التغيير لم يكن بعيداً عن ترتيبات الاميركيين ودورهم وتحالفاتهم، وكان ذلك انعكاساً للتفاهم الاميركي الاوروبي مع كل من حركة الاخوان المسلمين ومع ولاية الفقيه، وفي مواجهة تنظيمي القاعدة وداعش .

التفاهم الاميركي مع الاخوان المسلمين احبطه انقلاب او ثورة او حركة عبد الفتاح السيسي، مدعوماً بقوة من الخليجيين الذين اسالوا المليارات للخزينة المصرية، ومن الاردن الذي وفر الغطاء السياسي وساعد على ازالة الاعتراض الاميركي على نظام السيسي بعد ان سعت واشنطن لمعاقبته مالياً وعسكرياً .

العربية السعودية ومعها الخليجيون والاردن سعوا لاحباط التفاهم الاميركي الايراني او التقليل من شانه، فكان التدخل العسكري المباشر في اليمن وفي تقديم المساعدة المالية لتسليح الجيش اللبناني، وفي غيرها من الاماكن في العراق وسوريا وليبيا، وهذا ما جاء في البيان المشترك الذي نص على الاتفاق على “ تعزيز التعاون الاستراتيجي السياسي والاقتصادي والعكسري والامني بين البلدين السعودية والاردن “، كما تضمن بوضوح بالغ على “ العمل المشترك في مكافحة الارهاب والتنظيمات الارهابية “ و “ رفضهما القاطع لمحاولات التدخل الايراني في الشؤون الداخلية للدول العربية“.

والمعطى الثاني يعود لمضمون ما تم التوصل اليه في القاهرة يوم 30 تموز بين الرئيس السيسي والامير محمد بن سلمان، ومباحثاتهما حول المستجدات في المنطقة وتطوراتها، وتوصلا الى “ حرصهما على بذل كل الجهود لتعزيز الامن والاستقرار في المنطقة العربية والعمل سوياً على حماية الامن القومي العربي، ورفض محاولات التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية “، واتفقا على وضع حزمة من الاليات التنفيذية وفي مقدمتها “ تطوير التعاون العسكري والعمل على انشاء القوة العربية المشتركة “ .

اما المعطى الثالث لدوافع هذه الزيارة فيعود الى ما تم الاتفاق عليه في الدوحة يوم 4 اب 2015، في اعقاب الاجتماع الوزاري الذي جمع وزراء خارجية بلدان مجلس التعاون الخليجي مع الوزير الاميركي جون كيري .

وقد ناقش الوزراء الخليجيون مع كيري “ خطة العمل المشترك الشاملة بين مجموعة 5+1 وايران “ وجملة من الموضوعات الاقليمية بمزيد من التفاصيل “ بما في ذلك ما ورد فيها من القيود والشفافية والاجراءات الوقائية وحرية الوصول الى اي منشاة نووية معلنة وغير معلنة، واليات تنفيذها واثارها الاقليمية “ وتوصلوا الى ضرورة العمل معاً للتصدي لتدخلات ايران في بلدان الخليج العربي، خاصة محاولاتها تقويض الامن والتدخل في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون كما حدث في مملكة البحرين “، كما “ ادانوا الهجمات العنيفة وزعزة الاستقرار من قبل تنظيمي القاعدة وداعش “ و “ اتفقوا على وضع خطوات واقعية لدحر داعش والقاعدة وارساء الامن والاستقرار، بما في ذلك قطع مصادر تمويله ومنع سفر المقاتلين الاجانب، وتبادل المعلومات “ .

وخلص الجانبان الاميركي والخليجي، الى “ العمل لتعزيز الشراكة بينهما، من خلال منتدى التعاون الاستراتيجي بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون، وذلك في اطار المنتدى الذي سيعقد دورته الخامسة في شهر ايلول سبتمبر 2015 في نيويورك“.

حصيلة زيارة عمان من قبل الامير السعودي، مهمة في اطار سعي العربية السعودية لتعزيز التحالف العربي، مع الاردن ومصر وتقوده في مواجهة المخاطر الجادة التي تستهدف الامن العربي بكل تشعباته، وهذا السعي له استحقاقاته من قبل الخليجيين بشكل خاص نحو اليمن لانه يجلس في خاصرتهم، ونحو الاردن الذي يجلس على كتفهم ، ونحو مصر التي تشكل رافعة وحاضنة لتطلعاتهم، ومن دون دفع هذه الاستحقاقات عبر المساهمة في ازالة عقبات استقرار هذه البلدان ودعم اقتصادها والتعامل معها كشركاء، لن يكون النجاح حليفاً لهذه الجهود المتواصلة والمتطورة من قبل العربية السعودية ورؤيتها الجديدة للامن القومي العربي .

h.faraneh@yahoo.com
تابعو الأردن 24 على google news