انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني
حمادة فراعنة
جو 24 : يجري التداول على المستوى الإعلامي فكرة انعقاد دورة للمجلس الوطني الفلسطيني، بعد أن بحثت ذلك رسمياً حركة فتح مع كل من الجبهة الديمقراطية والجبهة الشعبية، وتم تسريب خبر استقالة عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية لتكتمل الدوافع القانونية لانعقاده، بهدف التوقف أمام المشهد السياسي مغلق الأفق أمام منظمة التحرير الفلسطينية بالاتجاهات الثلاثة :
أولها : نحو التوصل الى تسوية مع المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، تعيد جزءاً مهما بدا بسيطاً ومتواضعاً من حقوق الشعب العربي الفلسطيني، فحكومة نتنياهو برئيسها وأحزابها وتطرف الغالبية من أعضاء الكنيست يحول دون التوصل الى أي تفاهم أو أرضية مشتركة للوقوف عليها لفتح أي تفاوض معها، وكما وعد نتنياهو ناخبيه لا دولة فلسطينية بعهده .
وثانيها : نحو التراجع عن الأنقلاب وانهاء الأنقسام وقيام وحدة وطنية فلسطينية في اطار منظمة التحرير أو لسلطتها الوطنية، فالأنقسام يتعمق بين الضفة وغزة وبينهما وبين القدس التي يتم تهويدها وأسرلتها تدريجياً وتنفصل عنهما، وبين فتح وحماس، وكلاهما لديه مشروعه ونظامه وبرنامجه بمعزل عن الفصيل الآخر .
وثالثها : حول الوضع المالي المأزوم الذي يتواصل بالمديونية، وعدم القدرة على التطوير وبقاء طرفي الصراع أسرى حاجتهم المالية من قبل المانحين، وأموالهم ليست صدقة تعبيراً عن التعاطف والتقدير، بل هي أداة توظيفية لجعل طرفي الصراع أسرى سياسات المانحين سواء كانت أوروبا وأميركا لسلطة رام الله أو قطر وتركيا لسلطة غزة، فقد فشلت كل من حركتي فتح وحماس في توفير موارد مستقلة نظيفة لتغطية احتياجاتهما المالية .
حركة فتح تلتزم بالتنسيق الأمني مع العدو الاسرائيلي في الضفة، وحركة حماس في غزة تلتزم باتفاق التهدئة الموقع في القاهرة في عهد الرئيس محمد مرسي، واستمر في عهد الرئيس السيسي مع نفس العدو برعاية مصرية، وكلتاهما تتحاشى التصادم مع جيش الاحتلال المتحفز، وتبحثان عن فرص متاحة لتعزيز دورهما ومكانتهما كل منهما في منطقته، فتح بالضفة وحماس في غزة وبالتعاون مع عدوهما المحتل، فلا سلطة لهما دون موافقة ورضا جيش الاحتلال .
حماس تسعى لتوطيد التهدئة لسنوات مقبلة مقابل شرعنة وجودها على طريق أن تصبح هي الجهة المقررة، وهي الطرف البديل لمنظمة التحرير فقد نجحت منظمة التحرير في اقصاء أي طرف عربي يسعى لتمثيل فلسطين، وتسعى حماس لاقصاء منظمة التحرير عن حق تمثيل الشعب الفلسطيني، وفتح تسعى لتجديد شرعيتها عبر منظمة التحرير، بعد فشلها في استعادة قطاع غزة الى حضن الشرعية التي تقودها، وفشلت في اختراق الموقف الاسرائيلي المتطرف ومحاولة دفعه نحو التجاوب مع حقوق الشعب الفلسطيني، مثلما فشلت في جعل حكومة الحمد الله في رام الله، حكومة كل فلسطين .
في تاريخ منظمة التحرير، ترسخت تقاليد غير مكتوبة واجراءات ليست رسمية، ولكنها ملكت القدرة على قاعدة التفاهم بين مختلف الفصائل للتوصل الى اتفاقات ملزمة يتم اقرارها من قبل المؤسسة الفلسطينية على قاعدة التفاهم وتجاوز قاعدة التصويت بالأغلبية والأقلية، ولذلك ترسخت هذه التقاليد وشكلت روافع للنهوض الوطني أمام المعارك السياسية والميدانية التي واجهت الفلسطينيين في شتاتهم، وأول هذه التقاليد انعقاد اجتماع لما يسمى القيادة الفلسطينية المشكلة من ثلاثة أطراف هي : اللجنة التنفيذية، ومكتب رئاسة المجلس الوطني، والأمناء العامين للفصائل، وكان ذلك الاجتماع هو الملاذ للتعبير عن وحدة الكل الفلسطيني، وفي العهد الجديد بعد صعود مكانة حركة حماس بسبب دورها الكفاحي المميز، ونجاحها بالأغلبية البرلمانية، وسيطرتها المنفردة أثر الأنقلاب الذي قامت به في قطاع غزة، واستجابة للوساطة المصرية، تم تشكيل القيادة المؤقتة الأنتقالية لمنظمة التحرير التي ضمت حماس والجهاد، وجمعت اللجنة التنفيذية ورئيس المجلس الوطني وأربعة شخصيات مستقلة مع الأمناء العامين للفصائل، وكان يفترض بحركة فتح أن تستجيب لدعوات الفصائل الفلسطينية لضرورة عقد هذا الاجتماع للقيادة الانتقالية المؤقتة، ولكن التفرد والأستئثار حال دون الأستجابة، وترك حركة حماس مع مرجعياتها التركية والقطرية كي تتمادى في الاتصالات وصولاً لأتفاق سيشطب المعادلة القائمة، ويبني معادلة بديلة سيكون لحركة حماس ثقل معتبر فيها مع العدو الاسرائيلي .
طريق نجاح عقد المجلس الوطني الفلسطيني، عليه أن يبدأ بحركة فتح عبر تماسكها ووحدة قرارها وصيانة مكانتها وتجديد شرعية مؤسساتها الحزبية الداخلية، لتشكل أرضية قوية ومتماسكة للتحالف مع الفصائل الأخرى، على قاعدة تعزيز تمثيلها وشراكتها، وليس مجرد أرقام اضافية لها فتوسيع قاعدة التمثيل وتحسين مضمونه وشراكة جدية لها أثمان سياسية وتنظيمية، وليس مجرد رغبات ذاتية أنانية ضيقة، وبقاء فتح بدون عقد مؤتمرها الحزبي سيعكس نفسه سلباً على الكل الفلسطيني .
التحالف القائم في اطار منظمة التحرير تحالف سياسي بين تنظيمات وأحزاب وشخصيات سياسية ولهدف سياسي، ولذلك عقد المجلس الوطني يتطلب الوضوح السياسي والخطوات السياسية والاجرائية التي تعكس حالة نهوض تنظيمية ذات أفق سياسي، كي تمسك منظمة التحرير اعتماداً على شعبها أولاً وعلى تحالف قواها السياسية ثانياً، كي تمسك ادارة الصراع في مواجهة العدو أولاً، ونحو قطع الطريق على تطلعات حركة حماس الحزبية الضيقة ثانياً، فهل تفعل، حيث المطلوب تعزيز التحالف الوطني وتوسيعه وليس اضعافه وتمزيق صفوفه كما يجري حالياً .
h.faraneh@yahoo.com
أولها : نحو التوصل الى تسوية مع المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، تعيد جزءاً مهما بدا بسيطاً ومتواضعاً من حقوق الشعب العربي الفلسطيني، فحكومة نتنياهو برئيسها وأحزابها وتطرف الغالبية من أعضاء الكنيست يحول دون التوصل الى أي تفاهم أو أرضية مشتركة للوقوف عليها لفتح أي تفاوض معها، وكما وعد نتنياهو ناخبيه لا دولة فلسطينية بعهده .
وثانيها : نحو التراجع عن الأنقلاب وانهاء الأنقسام وقيام وحدة وطنية فلسطينية في اطار منظمة التحرير أو لسلطتها الوطنية، فالأنقسام يتعمق بين الضفة وغزة وبينهما وبين القدس التي يتم تهويدها وأسرلتها تدريجياً وتنفصل عنهما، وبين فتح وحماس، وكلاهما لديه مشروعه ونظامه وبرنامجه بمعزل عن الفصيل الآخر .
وثالثها : حول الوضع المالي المأزوم الذي يتواصل بالمديونية، وعدم القدرة على التطوير وبقاء طرفي الصراع أسرى حاجتهم المالية من قبل المانحين، وأموالهم ليست صدقة تعبيراً عن التعاطف والتقدير، بل هي أداة توظيفية لجعل طرفي الصراع أسرى سياسات المانحين سواء كانت أوروبا وأميركا لسلطة رام الله أو قطر وتركيا لسلطة غزة، فقد فشلت كل من حركتي فتح وحماس في توفير موارد مستقلة نظيفة لتغطية احتياجاتهما المالية .
حركة فتح تلتزم بالتنسيق الأمني مع العدو الاسرائيلي في الضفة، وحركة حماس في غزة تلتزم باتفاق التهدئة الموقع في القاهرة في عهد الرئيس محمد مرسي، واستمر في عهد الرئيس السيسي مع نفس العدو برعاية مصرية، وكلتاهما تتحاشى التصادم مع جيش الاحتلال المتحفز، وتبحثان عن فرص متاحة لتعزيز دورهما ومكانتهما كل منهما في منطقته، فتح بالضفة وحماس في غزة وبالتعاون مع عدوهما المحتل، فلا سلطة لهما دون موافقة ورضا جيش الاحتلال .
حماس تسعى لتوطيد التهدئة لسنوات مقبلة مقابل شرعنة وجودها على طريق أن تصبح هي الجهة المقررة، وهي الطرف البديل لمنظمة التحرير فقد نجحت منظمة التحرير في اقصاء أي طرف عربي يسعى لتمثيل فلسطين، وتسعى حماس لاقصاء منظمة التحرير عن حق تمثيل الشعب الفلسطيني، وفتح تسعى لتجديد شرعيتها عبر منظمة التحرير، بعد فشلها في استعادة قطاع غزة الى حضن الشرعية التي تقودها، وفشلت في اختراق الموقف الاسرائيلي المتطرف ومحاولة دفعه نحو التجاوب مع حقوق الشعب الفلسطيني، مثلما فشلت في جعل حكومة الحمد الله في رام الله، حكومة كل فلسطين .
في تاريخ منظمة التحرير، ترسخت تقاليد غير مكتوبة واجراءات ليست رسمية، ولكنها ملكت القدرة على قاعدة التفاهم بين مختلف الفصائل للتوصل الى اتفاقات ملزمة يتم اقرارها من قبل المؤسسة الفلسطينية على قاعدة التفاهم وتجاوز قاعدة التصويت بالأغلبية والأقلية، ولذلك ترسخت هذه التقاليد وشكلت روافع للنهوض الوطني أمام المعارك السياسية والميدانية التي واجهت الفلسطينيين في شتاتهم، وأول هذه التقاليد انعقاد اجتماع لما يسمى القيادة الفلسطينية المشكلة من ثلاثة أطراف هي : اللجنة التنفيذية، ومكتب رئاسة المجلس الوطني، والأمناء العامين للفصائل، وكان ذلك الاجتماع هو الملاذ للتعبير عن وحدة الكل الفلسطيني، وفي العهد الجديد بعد صعود مكانة حركة حماس بسبب دورها الكفاحي المميز، ونجاحها بالأغلبية البرلمانية، وسيطرتها المنفردة أثر الأنقلاب الذي قامت به في قطاع غزة، واستجابة للوساطة المصرية، تم تشكيل القيادة المؤقتة الأنتقالية لمنظمة التحرير التي ضمت حماس والجهاد، وجمعت اللجنة التنفيذية ورئيس المجلس الوطني وأربعة شخصيات مستقلة مع الأمناء العامين للفصائل، وكان يفترض بحركة فتح أن تستجيب لدعوات الفصائل الفلسطينية لضرورة عقد هذا الاجتماع للقيادة الانتقالية المؤقتة، ولكن التفرد والأستئثار حال دون الأستجابة، وترك حركة حماس مع مرجعياتها التركية والقطرية كي تتمادى في الاتصالات وصولاً لأتفاق سيشطب المعادلة القائمة، ويبني معادلة بديلة سيكون لحركة حماس ثقل معتبر فيها مع العدو الاسرائيلي .
طريق نجاح عقد المجلس الوطني الفلسطيني، عليه أن يبدأ بحركة فتح عبر تماسكها ووحدة قرارها وصيانة مكانتها وتجديد شرعية مؤسساتها الحزبية الداخلية، لتشكل أرضية قوية ومتماسكة للتحالف مع الفصائل الأخرى، على قاعدة تعزيز تمثيلها وشراكتها، وليس مجرد أرقام اضافية لها فتوسيع قاعدة التمثيل وتحسين مضمونه وشراكة جدية لها أثمان سياسية وتنظيمية، وليس مجرد رغبات ذاتية أنانية ضيقة، وبقاء فتح بدون عقد مؤتمرها الحزبي سيعكس نفسه سلباً على الكل الفلسطيني .
التحالف القائم في اطار منظمة التحرير تحالف سياسي بين تنظيمات وأحزاب وشخصيات سياسية ولهدف سياسي، ولذلك عقد المجلس الوطني يتطلب الوضوح السياسي والخطوات السياسية والاجرائية التي تعكس حالة نهوض تنظيمية ذات أفق سياسي، كي تمسك منظمة التحرير اعتماداً على شعبها أولاً وعلى تحالف قواها السياسية ثانياً، كي تمسك ادارة الصراع في مواجهة العدو أولاً، ونحو قطع الطريق على تطلعات حركة حماس الحزبية الضيقة ثانياً، فهل تفعل، حيث المطلوب تعزيز التحالف الوطني وتوسيعه وليس اضعافه وتمزيق صفوفه كما يجري حالياً .
h.faraneh@yahoo.com