توقعات بهبوط أسعار النفط لما دون الـ 40 دولار للبرميل
جو 24 : لم يأت مستوى أسعار النفط في النصف الثاني من عام 2015 حسبما توقعته بعض قيادات الدول العربية النفطية، والتي راهنت على بدء تحسن الأسعار في هذا التوقيت.
وعلى ما يبدو فإن هذه التوقعات أتت في ضوء مسح أجرته منظمة "الأسكوا" للأداء الاقتصادي لدول المنطقة لعام 2014/2015، حيث توقع المسح أن تكون أسعار النفط خلال العام الجاري، ما بين 40.6 دولارا للبرميل كحد أدنى، و70.3 دولارا كحد أقصى.
ووفق النشرة الشهرية لمنظمة "الأوبك" عن الشهر الجاري، فإن متوسط سعر البرميل من النفط العربي بلغ 60.2 دولارا، مطلع كانون ثاني الماضي، وهبط إلى 54.1 دولارا في تموز الماضي، لكن متوسط الأسعار خلال الأيام القليلة الماضية بلغ 40 دولار للبرميل.
وهناك توقعات بأن تهبط الأسعار لما دون الـ 40 دولار للبرميل، وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية العالمية غير المواتية، وبعد دخول الصين في بداية موجة من مشكلات بطء النمو.
ولا زالت أسواق النفط تعاني من تخمة في المعروض، تؤدي إلى استبعاد الأمل في تحسن أسعار النفط في الأجلين القصير والمتوسط، ويضاف للعوامل الدولية، العوامل الإقليمية والقُطرية التي تعيشها الدول العربية النفطية، والتي تجعلها مضطرة لاستمرار الإنتاج عند معدلاته المرتفعة، بسبب اعتماد الإيرادات العامة بهذه الدول على الموارد النفطية بشكل كبير.
هذا الواقع من الأسعار المتدنية وغير المتوقعة بالسوق الدولية قد يفرض على الإدارة الاقتصادية بالدول العربية النفطية مجموعة من التحديات، وهو ما جعل عبدالخالق عبدالله، المستشار السياسي لولي عهد إمارة أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان، يعلق بقوله: "توقعات بالمزيد من تراجع سعر برميل النفط الخام، وربما سيصل 35 دولارا مع نهاية 2015، بعد أن كان سعر البرميل 105 دولارا صيف 2014، سبع سنوات عجاف قادمة".
وبلا شك أن السنوات العجاف التي ستستقبلها الدول العربية النفطية، سوف تجعلها تغير من سياساتها الاقتصادية، الخاصة بمعدلات النمو، والتشغيل، واستمرار برامج الدعم، والتشغيل الحكومي، والعمل على زيادة هامش مساهمة القطاع الخاص، وفيما يلي نتناول ما يمكن أن تفرضه الأزمة من تحديات على تلك الدول.
معدلات النمو
تراجع معدلات النمو، لأية دولة ليس مجرد رقم، ولكنه يترتب عليه تداعيات اقتصادية سلبية، منها انخفاض قدرة الاقتصاد على توليد فرص عمل جديدة، وكذلك تراجع الإيرادات الحكومية، وانخفاض الصادرات، وغيرها.
وحسب تقديرات صندوق النقد العربي في تقريره "آفاق الاقتصاد العربي"، الصادر في أبريل/نيسان الماضي، فإن معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية النفطية ككل ستتراجع في عام 2015 لتصل 2.9%، مقارنة بـ 3.7% في 2014.
وعلى الصعيد القُطري، فقد توقع صندوق النقد الدولي تراجع الناتج السعودي إلى 2.8% في 2015، و2.4% في 2016، مقارنة بـ 3.5% في 2014، كما أن الجزائر يتوقع لها أن ينخفض معدل النمو فيها لنحو 3% خلال العام الجاري، وفي الإمارات يُتوقع أن يحقق معدل للنمو في القطاع غير النفطي 3.4% في 2015، بعد أن كان 4.8% العام الماضي.
وبشكل عام، فإن تراجع معدلات النمو في الدول النفطية الخليجية سوف يؤثر بشكل كبير على قطاع العقارات، الذي يقود النمو بشكل ملحوظ، بعد النفط، وبالتالي ستتأثر الوظائف المرتبطة بقطاع العقارات خلال الفترة المقبلة، وهو ما سيؤثر سلبيًا على البلدان المصدرة للعمالة لدول الخليج، سواء من المنطقة العربية، أو البلدان الآسيوية.
زيادة الإنفاق
تتجه السياسات الاقتصادية بالدول النفطية باتباع سياسة السير عكس الأزمة، بمعنى أنه في ظل انخفاض معدلات النمو، تأخذ الحكومات النفطية آليات من شأنها زيادة الإنفاق العام، لعدم الوقوع في شرك الركود، وحتى تحافظ تلك الاقتصاديات على مستوى مقبول من النشاط الاقتصادي.
ولكن هذه السياسة سوف يكون ثمنها مجموعة من التأثيرات السلبية، على رأسها ارتفاع عجز الموازنة، حيث تشير التقديرات بلوغه 19.5% في السعودية، و21.6% في الجزائر، و9% في العراق، و30% في ليبيا، و10% في البحرين.
وثمة ملاحظة مهمة في هذا الشأن، وهي أن بعض الدول الخليجية بدأت في تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي، وعلى رأسها الإمارات بتحرير سعر الطاقة مطلع آب الحالي، ويُتوقع أن تتخذ السعودية خطوات مماثلة لترشيد الإنفاق العام، وإن أهملت دعم الطاقة حاليًا، ولكن قد يمتد الأمر إلى معدلات التوظيف بالقطاع الحكومي، وترشيد فاتورة الأجور بهذا القطاع.
ولكن سياسة زيادة الإنفاق العام بالدول العربية النفطية، قد لا تتمكن منها دول نفطية عربية على المدى المتوسط، إذا ما استمرت أزمة انهيار أسعار النفط، نظرًا لاتجاه هذه البلدان بلا استثناء نحو السحب من احتياطيات النقد الأجنبي، أو إصدار سندات دين محلية لتمويل عجز الموازنة، وهو ما يؤكد عمق الأزمة التمويلية لهذه البلدان، على الرغم من الوفرة النفطية التي تحققت على مدار الفترة من 2003 – 2014.
وسوف تجد الدول النفطية العربية نفسها مضطرة لتنفيذ توجهات صندوق النقد الدولي، والتي تركز بشكل كبير على هيكل الموازنة، وبشكل عام تركز أجندة صندوق النقد في تقاريرها عن تلك البلدان، على أهمية إلغاء دعم الطاقة، وإعادة النظر في التوظيف الحكومي، وإعطاء فرصة أكبر للقطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، وتنشيط سوق السندات الحكومية لتمويل عجز الموازنة، والحفاظ على رصيد الاحتياطيات الأجنبية.
ولكن هذه الإصلاحات التي يطرحها الصندوق، لا تتواكب والظروف السياسية والاجتماعية التي تعيشها الدول النفطية العربية، سواء تلك التي تعاني من مواجهات مسلحة كما هو الحال في العراق وليبيا، أو التي تخوض حروبًا في اليمن، وهي السعودية وباقي دول الخليج (ما عدا سلطنة عمان).
الدور الإقليمي
ساعدت الملاءة المالية المرتفعة للدول النفطية العربية، وبخاصة دول الخليج، على ممارسة دور إقليمي ملحوظ خلال السنوات الخمس الماضية، حيث استطاعت تغيير دافعة ثورات الربيع العربي، عبر آلية واضحة للتمويل، منعًا وعطاءًا، مما ساعد على تراجع تلك الثورات.
وثمة مواجهة أخرى تخوضها دول خليجية الآن ضد الموقف الإيراني في اليمن، وإذا ما استمرت أزمة انهيار أسعار النفط، فسوف يؤثر ذلك بلا شك على آلية التمويل التي تميزت بها دول الخليج النفطية خلال الفترة الماضية، سواء بتراجع الدعم المالي لمصر وتونس على سبيل المثال، أو تراجع تمويل المعارضة المسلحة في كل من اليمن وسوريا وليبيا.
كما يتوقع أن يتراجع الإنفاق على التسليح من قبل دول الخليج النفطية، والتي تمثل رقمًا مهمًا في حجم إنفاق منطقة الشرق الأوسط على هذا القطاع، حيث أتت السعودية في المرتبة الرابعة من بين دول العالم في الإنفاق على التسليح، والإمارات في الترتيب الـ 19 على مستوى العالم، بحسب تقرير صادر عن معهد استوكهولم لأبحاث السلام الدولى (سيبرى).
ويمثل إنفاق السعودية والإمارات نسبة 58% من حجم إنفاق منطقة الشرق الأوسط على التسليح في عام 2014، البالغ 150 مليار دولار.
ويمكن القول بأن الإدارة الاقتصادية بالدول النفطية العربية، يغلب عليها الطابع السياسي، ولا يتوقع أن تتخذ قرارًا لتخفيض إنتاجها من النفط في ظل انهيار الأسعار، أو إعادة النظر في المواجهة العسكرية مع الموقف الإيراني في كل من اليمن وسوريا والعراق.الاناضول
وعلى ما يبدو فإن هذه التوقعات أتت في ضوء مسح أجرته منظمة "الأسكوا" للأداء الاقتصادي لدول المنطقة لعام 2014/2015، حيث توقع المسح أن تكون أسعار النفط خلال العام الجاري، ما بين 40.6 دولارا للبرميل كحد أدنى، و70.3 دولارا كحد أقصى.
ووفق النشرة الشهرية لمنظمة "الأوبك" عن الشهر الجاري، فإن متوسط سعر البرميل من النفط العربي بلغ 60.2 دولارا، مطلع كانون ثاني الماضي، وهبط إلى 54.1 دولارا في تموز الماضي، لكن متوسط الأسعار خلال الأيام القليلة الماضية بلغ 40 دولار للبرميل.
وهناك توقعات بأن تهبط الأسعار لما دون الـ 40 دولار للبرميل، وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية العالمية غير المواتية، وبعد دخول الصين في بداية موجة من مشكلات بطء النمو.
ولا زالت أسواق النفط تعاني من تخمة في المعروض، تؤدي إلى استبعاد الأمل في تحسن أسعار النفط في الأجلين القصير والمتوسط، ويضاف للعوامل الدولية، العوامل الإقليمية والقُطرية التي تعيشها الدول العربية النفطية، والتي تجعلها مضطرة لاستمرار الإنتاج عند معدلاته المرتفعة، بسبب اعتماد الإيرادات العامة بهذه الدول على الموارد النفطية بشكل كبير.
هذا الواقع من الأسعار المتدنية وغير المتوقعة بالسوق الدولية قد يفرض على الإدارة الاقتصادية بالدول العربية النفطية مجموعة من التحديات، وهو ما جعل عبدالخالق عبدالله، المستشار السياسي لولي عهد إمارة أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان، يعلق بقوله: "توقعات بالمزيد من تراجع سعر برميل النفط الخام، وربما سيصل 35 دولارا مع نهاية 2015، بعد أن كان سعر البرميل 105 دولارا صيف 2014، سبع سنوات عجاف قادمة".
وبلا شك أن السنوات العجاف التي ستستقبلها الدول العربية النفطية، سوف تجعلها تغير من سياساتها الاقتصادية، الخاصة بمعدلات النمو، والتشغيل، واستمرار برامج الدعم، والتشغيل الحكومي، والعمل على زيادة هامش مساهمة القطاع الخاص، وفيما يلي نتناول ما يمكن أن تفرضه الأزمة من تحديات على تلك الدول.
معدلات النمو
تراجع معدلات النمو، لأية دولة ليس مجرد رقم، ولكنه يترتب عليه تداعيات اقتصادية سلبية، منها انخفاض قدرة الاقتصاد على توليد فرص عمل جديدة، وكذلك تراجع الإيرادات الحكومية، وانخفاض الصادرات، وغيرها.
وحسب تقديرات صندوق النقد العربي في تقريره "آفاق الاقتصاد العربي"، الصادر في أبريل/نيسان الماضي، فإن معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية النفطية ككل ستتراجع في عام 2015 لتصل 2.9%، مقارنة بـ 3.7% في 2014.
وعلى الصعيد القُطري، فقد توقع صندوق النقد الدولي تراجع الناتج السعودي إلى 2.8% في 2015، و2.4% في 2016، مقارنة بـ 3.5% في 2014، كما أن الجزائر يتوقع لها أن ينخفض معدل النمو فيها لنحو 3% خلال العام الجاري، وفي الإمارات يُتوقع أن يحقق معدل للنمو في القطاع غير النفطي 3.4% في 2015، بعد أن كان 4.8% العام الماضي.
وبشكل عام، فإن تراجع معدلات النمو في الدول النفطية الخليجية سوف يؤثر بشكل كبير على قطاع العقارات، الذي يقود النمو بشكل ملحوظ، بعد النفط، وبالتالي ستتأثر الوظائف المرتبطة بقطاع العقارات خلال الفترة المقبلة، وهو ما سيؤثر سلبيًا على البلدان المصدرة للعمالة لدول الخليج، سواء من المنطقة العربية، أو البلدان الآسيوية.
زيادة الإنفاق
تتجه السياسات الاقتصادية بالدول النفطية باتباع سياسة السير عكس الأزمة، بمعنى أنه في ظل انخفاض معدلات النمو، تأخذ الحكومات النفطية آليات من شأنها زيادة الإنفاق العام، لعدم الوقوع في شرك الركود، وحتى تحافظ تلك الاقتصاديات على مستوى مقبول من النشاط الاقتصادي.
ولكن هذه السياسة سوف يكون ثمنها مجموعة من التأثيرات السلبية، على رأسها ارتفاع عجز الموازنة، حيث تشير التقديرات بلوغه 19.5% في السعودية، و21.6% في الجزائر، و9% في العراق، و30% في ليبيا، و10% في البحرين.
وثمة ملاحظة مهمة في هذا الشأن، وهي أن بعض الدول الخليجية بدأت في تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي، وعلى رأسها الإمارات بتحرير سعر الطاقة مطلع آب الحالي، ويُتوقع أن تتخذ السعودية خطوات مماثلة لترشيد الإنفاق العام، وإن أهملت دعم الطاقة حاليًا، ولكن قد يمتد الأمر إلى معدلات التوظيف بالقطاع الحكومي، وترشيد فاتورة الأجور بهذا القطاع.
ولكن سياسة زيادة الإنفاق العام بالدول العربية النفطية، قد لا تتمكن منها دول نفطية عربية على المدى المتوسط، إذا ما استمرت أزمة انهيار أسعار النفط، نظرًا لاتجاه هذه البلدان بلا استثناء نحو السحب من احتياطيات النقد الأجنبي، أو إصدار سندات دين محلية لتمويل عجز الموازنة، وهو ما يؤكد عمق الأزمة التمويلية لهذه البلدان، على الرغم من الوفرة النفطية التي تحققت على مدار الفترة من 2003 – 2014.
وسوف تجد الدول النفطية العربية نفسها مضطرة لتنفيذ توجهات صندوق النقد الدولي، والتي تركز بشكل كبير على هيكل الموازنة، وبشكل عام تركز أجندة صندوق النقد في تقاريرها عن تلك البلدان، على أهمية إلغاء دعم الطاقة، وإعادة النظر في التوظيف الحكومي، وإعطاء فرصة أكبر للقطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، وتنشيط سوق السندات الحكومية لتمويل عجز الموازنة، والحفاظ على رصيد الاحتياطيات الأجنبية.
ولكن هذه الإصلاحات التي يطرحها الصندوق، لا تتواكب والظروف السياسية والاجتماعية التي تعيشها الدول النفطية العربية، سواء تلك التي تعاني من مواجهات مسلحة كما هو الحال في العراق وليبيا، أو التي تخوض حروبًا في اليمن، وهي السعودية وباقي دول الخليج (ما عدا سلطنة عمان).
الدور الإقليمي
ساعدت الملاءة المالية المرتفعة للدول النفطية العربية، وبخاصة دول الخليج، على ممارسة دور إقليمي ملحوظ خلال السنوات الخمس الماضية، حيث استطاعت تغيير دافعة ثورات الربيع العربي، عبر آلية واضحة للتمويل، منعًا وعطاءًا، مما ساعد على تراجع تلك الثورات.
وثمة مواجهة أخرى تخوضها دول خليجية الآن ضد الموقف الإيراني في اليمن، وإذا ما استمرت أزمة انهيار أسعار النفط، فسوف يؤثر ذلك بلا شك على آلية التمويل التي تميزت بها دول الخليج النفطية خلال الفترة الماضية، سواء بتراجع الدعم المالي لمصر وتونس على سبيل المثال، أو تراجع تمويل المعارضة المسلحة في كل من اليمن وسوريا وليبيا.
كما يتوقع أن يتراجع الإنفاق على التسليح من قبل دول الخليج النفطية، والتي تمثل رقمًا مهمًا في حجم إنفاق منطقة الشرق الأوسط على هذا القطاع، حيث أتت السعودية في المرتبة الرابعة من بين دول العالم في الإنفاق على التسليح، والإمارات في الترتيب الـ 19 على مستوى العالم، بحسب تقرير صادر عن معهد استوكهولم لأبحاث السلام الدولى (سيبرى).
ويمثل إنفاق السعودية والإمارات نسبة 58% من حجم إنفاق منطقة الشرق الأوسط على التسليح في عام 2014، البالغ 150 مليار دولار.
ويمكن القول بأن الإدارة الاقتصادية بالدول النفطية العربية، يغلب عليها الطابع السياسي، ولا يتوقع أن تتخذ قرارًا لتخفيض إنتاجها من النفط في ظل انهيار الأسعار، أو إعادة النظر في المواجهة العسكرية مع الموقف الإيراني في كل من اليمن وسوريا والعراق.الاناضول