كيف أنقذ جورج وسوف الباص من 6 حوادث مميتة؟
جو 24 : كأن لل#شاحنات و،الباصات ألسنة وأعين وقصص. كأنها أفرادٌ "آدميّةٌ" تعشق وتبكي وتمرح. احداها مرتبطة، كتبت على هيكلها الخلفي عبارة: "ما تلحقني مخطوبة"، وتنذر المارة والسيارات بعدم اتباع خطواتها كي لا يدري العريس بالموضوع. باصٌ آخر بدوره غدرته تفاصيل الحياة القاسية "فعشق السفر من ظلم البشر". اما الشاحنة الثالثة، فحبّذت ان تبشّر ولدها بالعودة فقالت: "راجع يا بابا". هذا خرافياً، اما واقعياً فإن هذه الاقاصيص ما هي سوى تجسيدٌ لرغبات ومخاوف البشر المعلنة عن طريق مقتنياتهم. الجميع يتبارز على اجمل جملةٍ وأطرفها، ليقرأها الجميع ويبتسم. آخرون يذهبون في النقيض نحو التطرّف، فليجأون الى الدراما القصوى في التعبير. الاهم من كل ذلك، ان يعود السائق الى منزله سالماً برفقة صديقته المركبة.
"ما في وفا"
الاستعراض الكلامي الدرامي، يحمل بعض #السائقين الى منحًى اكثر تطرّف. ذلك يحصل حين تجتمع الصورة والعبارة سويةً على زجاج باص خلفي. هذا ما حصل مع عباس، سائق الباص الخصوصي الذي وجد في #جورج_وسوف منقذاً لرحلاته اليومية الى بيروت.
يروي شادي، احد سماسرة الركاب الذين يساهمون في تأمين الزبائن للباصات القصة: "لطالما عُرف هذا السائق تحديداً بحبه الاسطوري لجورج وسوف، فهو لا ينفكّ عن وضع اغانيه خلال القيادة، ويعتبره مثلاً اعلى في حياته. وقد ترجم هذا التأييد للخط الفني على الزجاج الخلفي للباص حيث يضع صورة الوسوف مع عبارة كتب عليها عبارة (ما في وفا)، للمساهمة في حماية المركبة من العين والحسد والحوادث المميتة". ويضيف: "اشهد على رحلاتٍ عدّة الى بيروت، نجا فيها الفان من #حوادث كثيرة وكان السائق دائماً يعتبر ان العبارة التي كتبها على الفان تحميه ولا خوف من الاصطدام. اللافت ان ذلك حصل اكثر من مرّة، خصوصاً ان ثقافة قيادة الفانات عادةً تشوبها مزاحمات، وفي كل موقف نتعرّض له، كان يعيد الفضل الى ابو وديع وعبارته الشهيرة في الحماية".
الحذاء الاكبر حجماً
اضافةً الى الصور والعبارات، تظهر الاشياء المستخدمة لحماية السيارات من العين والحسد، كالأعين والسلاسل لكن أكثرهم إثارةً للجدل "الحذاء" الذي تختلف احجامه بين الكبير والصغير، وألوانه بين الاحمر والازرق والابيض.
جار سلوى كان شهيراً في ايمانه بقدرة الحذاء على حماية عربته. تقول: " كان موصوفاً بالاحذية التي كان يستخدمها ليزيّن به الجزء السفلي من السيارة، حيث كان الحذاء يتغيّر دائماً واعتقد ان الهدف من ذلك هو التسلية اضافةً الى اعتقاد السائق ان الحجم الاكبر للحذاء سيساهم في حماية السيارة اكثر. اما اللون الازرق الذي كان الطاغي دائماً، فرجّح عملية استخدامه له الى الوقاية من العين".
خرافة غير خطيرة
يلفت الاستاذ في علم النفس الاجتماعي هاشم حسيني الى ان "ظاهرة العبارات والصور المنتشرة على هياكل #الشاحنات والباصات هي جزءٌ من تراثٍ عالمي، انقرض في الغرب، لكنه ما زال منتشراً في الدول النامية والمتخلّفة. ويعود السبب في ذلك الى مسألة التنظير والتشاؤم والايمان بالاسرار المستقبلية عن طريق الامور الايحائية، وهي قصصٌ ترجع الى العصور القديمة ولها رسوبيات ماضية. كما تساهم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المتأزّمة في تعزيز هكذا ظواهر خصوصاً في حال #التدهور_الامني. لكن ذلك لا يعتبر جانباً خطيراً من العقل الخرافي، بل يدخل في اطار شبيه بالابراج والتبصير، والهدف الرئيسي منه هو تلمس الحماية والحلول الكبيرة بوسائل رخيصة نظراً للامكانيات الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة للمواطنين. ويعتبر ان "استخدام التعابير الطريفة التي تصنف ايضاً كجزء من الشق الخرافي، تهدف الى اضفاء روح المرح والتنافس والعمل على اختيار التعبير الشعبي الذي يحصد جماهيرية اكبر. من هنا تدخل ظاهرة انتشار صور الفنانين تعبيراً عن اقتداء ومفاخرة بالولاء له، وهي تشبه الى حد كبير عملية التأييد السياسي، وهنا نعود الى موضوع النوستالجيا والتشاؤم حيث يتم اختيار تعابير اغاني مرافقة للصورة تدل على الحزن والشجن واللوعة".
"طلاق" بين الوعي والثقافة؟
يشير حسيني الى ان "المستوى الثقافي والتعليمي للافراد لا علاقة له بالوعي والادراك لحقيقة الامور في ما يتعلّق بظاهرة اللجوء الى الصور والعبارات لحماية المقتنيات، فقد يكون الشخص في اعلى المستويات التعليمية لكنه لا يتمتع بأدنى مستويات الوعي بأمور الفكر الوجودي، لانه لا يستطيع التخلّص من العقلية الموروثة بل ان تفكيره الباطني يشبه افكار اولاد الشوارع الى حدٍّ كبير. وهذا ما يفتح النقاش الى ظواهر مماثلة، كانتشار صاحبات الالهام على شاشات التلفزة والايمان المفرط بالابراج، فهذه البرامج تحتل المراتب الاولى اليوم، ويساهم المثقفون ايضاً في نجاحها وليس الامنيون وحدهم". ويضيف:" للأنا دورٌ ايضاً في ذلك، حيث تصنف هذه الظواهر جزءاً من حب الذات والخوف من الحسد والعين، فيصوّر الشخص نفسه ومقتنياته كمحطٍّ لأنظار الجميع ويعتبر نفسه مستهدفاً من قبلهم".
تبقى ظاهرة حماية السيارات من العين والحسد رائجةً في المجتمع اللبناني. بعيداً عن الهدف المرجو من ممارسات كهذه، الا ان الطرافة المستخدمة قد تساهم في حل مشكلة الانتظار ساعات في زحمة السير الخانقة. لعلّ "الحراتيق" والعبارات المستخدمة، رغم سذاجتها، ارحم من ازمات الطرق. السؤال الذي يطرح هنا: "كيف سيحمي ابو وديع الباص من حفرةٍ قاسية في منتصف الطريق؟". للوسوف اجابة واحدة وحسب: "ما في وفا".
"ما في وفا"
الاستعراض الكلامي الدرامي، يحمل بعض #السائقين الى منحًى اكثر تطرّف. ذلك يحصل حين تجتمع الصورة والعبارة سويةً على زجاج باص خلفي. هذا ما حصل مع عباس، سائق الباص الخصوصي الذي وجد في #جورج_وسوف منقذاً لرحلاته اليومية الى بيروت.
يروي شادي، احد سماسرة الركاب الذين يساهمون في تأمين الزبائن للباصات القصة: "لطالما عُرف هذا السائق تحديداً بحبه الاسطوري لجورج وسوف، فهو لا ينفكّ عن وضع اغانيه خلال القيادة، ويعتبره مثلاً اعلى في حياته. وقد ترجم هذا التأييد للخط الفني على الزجاج الخلفي للباص حيث يضع صورة الوسوف مع عبارة كتب عليها عبارة (ما في وفا)، للمساهمة في حماية المركبة من العين والحسد والحوادث المميتة". ويضيف: "اشهد على رحلاتٍ عدّة الى بيروت، نجا فيها الفان من #حوادث كثيرة وكان السائق دائماً يعتبر ان العبارة التي كتبها على الفان تحميه ولا خوف من الاصطدام. اللافت ان ذلك حصل اكثر من مرّة، خصوصاً ان ثقافة قيادة الفانات عادةً تشوبها مزاحمات، وفي كل موقف نتعرّض له، كان يعيد الفضل الى ابو وديع وعبارته الشهيرة في الحماية".
الحذاء الاكبر حجماً
اضافةً الى الصور والعبارات، تظهر الاشياء المستخدمة لحماية السيارات من العين والحسد، كالأعين والسلاسل لكن أكثرهم إثارةً للجدل "الحذاء" الذي تختلف احجامه بين الكبير والصغير، وألوانه بين الاحمر والازرق والابيض.
جار سلوى كان شهيراً في ايمانه بقدرة الحذاء على حماية عربته. تقول: " كان موصوفاً بالاحذية التي كان يستخدمها ليزيّن به الجزء السفلي من السيارة، حيث كان الحذاء يتغيّر دائماً واعتقد ان الهدف من ذلك هو التسلية اضافةً الى اعتقاد السائق ان الحجم الاكبر للحذاء سيساهم في حماية السيارة اكثر. اما اللون الازرق الذي كان الطاغي دائماً، فرجّح عملية استخدامه له الى الوقاية من العين".
خرافة غير خطيرة
يلفت الاستاذ في علم النفس الاجتماعي هاشم حسيني الى ان "ظاهرة العبارات والصور المنتشرة على هياكل #الشاحنات والباصات هي جزءٌ من تراثٍ عالمي، انقرض في الغرب، لكنه ما زال منتشراً في الدول النامية والمتخلّفة. ويعود السبب في ذلك الى مسألة التنظير والتشاؤم والايمان بالاسرار المستقبلية عن طريق الامور الايحائية، وهي قصصٌ ترجع الى العصور القديمة ولها رسوبيات ماضية. كما تساهم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المتأزّمة في تعزيز هكذا ظواهر خصوصاً في حال #التدهور_الامني. لكن ذلك لا يعتبر جانباً خطيراً من العقل الخرافي، بل يدخل في اطار شبيه بالابراج والتبصير، والهدف الرئيسي منه هو تلمس الحماية والحلول الكبيرة بوسائل رخيصة نظراً للامكانيات الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة للمواطنين. ويعتبر ان "استخدام التعابير الطريفة التي تصنف ايضاً كجزء من الشق الخرافي، تهدف الى اضفاء روح المرح والتنافس والعمل على اختيار التعبير الشعبي الذي يحصد جماهيرية اكبر. من هنا تدخل ظاهرة انتشار صور الفنانين تعبيراً عن اقتداء ومفاخرة بالولاء له، وهي تشبه الى حد كبير عملية التأييد السياسي، وهنا نعود الى موضوع النوستالجيا والتشاؤم حيث يتم اختيار تعابير اغاني مرافقة للصورة تدل على الحزن والشجن واللوعة".
"طلاق" بين الوعي والثقافة؟
يشير حسيني الى ان "المستوى الثقافي والتعليمي للافراد لا علاقة له بالوعي والادراك لحقيقة الامور في ما يتعلّق بظاهرة اللجوء الى الصور والعبارات لحماية المقتنيات، فقد يكون الشخص في اعلى المستويات التعليمية لكنه لا يتمتع بأدنى مستويات الوعي بأمور الفكر الوجودي، لانه لا يستطيع التخلّص من العقلية الموروثة بل ان تفكيره الباطني يشبه افكار اولاد الشوارع الى حدٍّ كبير. وهذا ما يفتح النقاش الى ظواهر مماثلة، كانتشار صاحبات الالهام على شاشات التلفزة والايمان المفرط بالابراج، فهذه البرامج تحتل المراتب الاولى اليوم، ويساهم المثقفون ايضاً في نجاحها وليس الامنيون وحدهم". ويضيف:" للأنا دورٌ ايضاً في ذلك، حيث تصنف هذه الظواهر جزءاً من حب الذات والخوف من الحسد والعين، فيصوّر الشخص نفسه ومقتنياته كمحطٍّ لأنظار الجميع ويعتبر نفسه مستهدفاً من قبلهم".
تبقى ظاهرة حماية السيارات من العين والحسد رائجةً في المجتمع اللبناني. بعيداً عن الهدف المرجو من ممارسات كهذه، الا ان الطرافة المستخدمة قد تساهم في حل مشكلة الانتظار ساعات في زحمة السير الخانقة. لعلّ "الحراتيق" والعبارات المستخدمة، رغم سذاجتها، ارحم من ازمات الطرق. السؤال الذي يطرح هنا: "كيف سيحمي ابو وديع الباص من حفرةٍ قاسية في منتصف الطريق؟". للوسوف اجابة واحدة وحسب: "ما في وفا".