الحروب تحذر: قانون التنفيذ الجديد يخدم البنوك ويلقي بالاردنيين في السجون
جو 24 : أصدرت النائب د. رولا الحروب عضو لجنتي الحريات والعمل بيانا دعت فيه مجلس النواب الى اعادة مشروع قانون التنفيذ المعدل الى اللجنة القانونية لمزيد من الدراسة بمشاركة اكبر عدد من النواب والمنظمات الحقوقية واساتذة الحقوق والمحامين والقضاة على اختلاف درجاتهم والنقابات والاتحادات العمالية ومؤسسات المجتمع المدني.
وحذرت الحروب من أن القانون المعدل يفتقد التوازن ويخدم البنوك وكبار الدائنين والشركات الاحتكارية على حساب عموم الشعب الاردني ويوسع دائرة السجن للمدين المعسر ويحمله ما لا طاقة له به، ويحمل خزينة الدولة نفقات اضافية جراء تزايد أعداد المحكومين والموقوفين، ويخالف التزامات الاردن الدولية والعربية في ملف حقوق الإنسان، بالأخص فيما يتعلق بحبس المدين المعسر وتكرار الحبس على الجرم ذاته اكثر من مرة ولعدة سنوات قد تصل في مجموعها الى ما يتجاوز عقوبة القتل العمد، كما يخالف ضمانات المحاكمة العادلة بالغاء كل التبليغات والاخطارات للمدين والاكتفاء بالاخطار الاول الوارد قبل الشروع باجراءات التنفيذ تحت ذريعة تسريع اجراءات التنفيذ.
وأشارت الحروب الى ان القانون ينتهك المادة 6 من الدستور الاردني ويميز بين الموظف العام وغيره من المواطنين ويمنع حبسه، في حين ان الاحرى هو منع حبس كل من لديه مصدر دخل ثابت للسداد.
كما انتقدت الحروب تخفيض مدة السنة الى ستة اشهر في حق المدين في استعادة عقاراته التي بيعت في المزاد العلني، وتخفيض مدة السنة الى ستة اشهر في حق الطعن في سلامة اجراءات التنفيذ، واجبار المستأجر على اخلاء المأجور بعد بيعه للمالك الجديد خلال شهر على الاكثر، وهو ما يخالف شروط عقود الايجار الجديدة من جهة و قانون المالكين والمستأجرين من جهة ثانية ويخالف حق المستأجر الدستوري في الطمأنينة والسكن في العقار الذي يشغله.
وفيما يلي نص البيان الذي جاء من ثلاث عشرة نقطة:
"أتوجه الى الزملاء في مجلس النواب الموقر بطلبي هذا نيابة عن الأكثرية المعسرة الصامتة والمقهورة من شعبنا والتي ستتضرر أيما ضرر إن أقرت مواد مشروع قانون التنفيذ كما وردت من الحكومة، وأدعو زملائي الكرام ممثلي الشعب الاردني إلى التصويت على اعادته الى اللجنة القانونية لمزيد من الدراسة باشراك اكبر عدد ممكن من الزملاء النواب والمنظمات الحقوقية واساتذة الحقوق والمحامين والقضاة والنقابات والاتحادات العمالية ومؤسسات المجتمع المدني، وذلك للأسباب التالية :
أولا: لم تقدم الحكومة اجابة عن بعض الاسئلة الملحة والمطلوبة لاتخاذ قرار بشأن هذا القانون وتعديلاته، ومنها على سبيل المثال الأسئلة التالية:
ما هو الاثر المالي والاجتماعي والاقتصادي المترتب على قانون التنفيذ وحبس المدين المعسر ساري المفعول؟ وما هو الاثر المترتب على مشروع القانون المعدل؟ وكم عدد القضايا المالية المنظورة وتلك التي فصل فيها للأعوام من 2012-2015؟ وكم عدد الاشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام على خلفية قضايا مالية في الفترة ذاتها، خاصة وأن هذه السنوات تشهد أسوأ فترة ركود اقتصادي في تاريخ المملكة؟
كم أعداد الموقوفين على خلفية قضايا مالية ونسبتهم من مجموع الموقوفين في المملكة، وكم أعداد المحكومين على خلفية هذه القضايا، وكم تبلغ المدد الزمنية للتوقيف والسجن وكلفتها على الخزينة، وما درجة وشدة تكرار أحكام السجن والتوقيف بحق الفرد الواحد في تلك القضايا؟
ثانيا: هذا المشروع يفتقر للتوازن في العلاقة بين المحكوم له والمحكوم عليه، فقد جاء بالكامل لمصلحة كبار الدائنين والأثرياء والبنوك على وجه الخصوص، وتم تفصيله لزيادة الضغط على المحكوم عليه اي المدين وزيادة مدد سجنه، حيث أصبح متاحا للدائن أن يخرجه من السجن ثم يعيده اليه في نفس السنة، وهو لا يميز بين المحكوم في قضية حقوقية مدنية والمحكوم في قضية جزائية ويعتبر الحكم سندا تنفيذيا في كليهما يسمح بسجن المحكوم عليه، وهذا بحد ذاته مخالف للمادة 11 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والتي تنص على أنه " لا يجوز حبس أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي " ، وقد صادق عليه الاردن ونشر في الجريدة الرسمية في حزيران 2006، واصبح له قوة القانون، ويسمو فوق القوانين المحلية، والدول المصادقة عليه ملزمة بتوفيق تشريعاتها بما يتوافق مع العهد وليس الاتيان بقانون معدل للتنفيذ القضائي يتوسع في احكام التوقيف والسجن للمدين المعسر، وكان الاصل ان يلغى الحبس اينما ورد في القانون بالنسبة للمدين في القضايا الحقوقية المدنية.
كما أن هذا كله يتناقض مع الميثاق العربي لحقوق الانسان الذي صادق عليه الاردن، وعندما قدم الاردن تقريره الدوري في اللجنة الدائمة لحقوق الانسان في جامعة الدول العربية كانت من المآخذ على الاردن قضية حبس المدين المعسر وأرسل كتاب من 83 نقطة الى الحكومة التي وعدت بتصويب الاوضاع، فإذا بها تأتينا بقانون اكثر تشددا بحق المدين.
إن معظم دول العالم لا تحبس المدين المعسر، بما في ذلك الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية وهي دول رأسمالية بنظامها الاقتصادي فهل نحن في الاردن أكثر رأسمالية منها ؟!
ثالثا: في الوقت الذي تتجه فيه دول العالم اجمع الى الاخذ بالعقوبات البديلة، فإننا نتوسع في عقوبة الحبس، بل والحبس المكرر على ذات الفعل عدة مرات في السنة والى امد غير مسمى من السنوات الى حين السداد الكلي، والحبس المكرر على نفس الجرم يعد بحد ذاته مخالفة صريحة لحقوق الانسان في العالم اجمع وهو مخالف لمعظم النظم الجزائية والحقوقية في العالم، كما أنه يكلف الدولة مبالغ طائلة، فكل محكوم في الاردن يكلف الخزينة العامة مبلغا لا يقل عن 600 دينار شهريا يدفعها دافع الضرائب الاردني، والاصل ان الدين التعاقدي هو التزام بين اثنين، وحين اقرض الدائن المدين كان يعرف أنه معسر ولكنه طمعا في مبلغ اكبر بفوائد ربوية اقرضه، وهو فوق ذلك كله قادر على حبسه وتكرار حبسه وتغريمه كل الاتعاب والرسوم وهو قادر على مصادرة كل امواله المنقولة وغير المنقولة وبيعها لصالحه، فأين هي العدالة في فرض كل هذه العقوبات على من استدان ثم عجز عن السداد أو تخلف فيه؟!
رابعا: هذا المشروع ألغى في جميع بنوده ذات الصلة كل التبليغات التي أوجبها القانون النافذ رقم 25 لسنة 2007 للمحكوم عليه اي المدين، واكتفى بإخطار المدين في المرة الأولى فقط عند بدء اجراءات التنفيذ المنصوص عليه في المادة 14 وشطب كل ما عداه من اخطارات في باقي المواد وكل المدد الزمنية الواجبة في الاخطار، بما في ذلك استئناف القضية التنفيذية من قبل الدائن بعد توقفها ستة اشهر، واعلام المدين ببيع امواله غير المنقولة وموعد البيع واعطائه فرصة للسداد قبل البيع، واعلامه بعملية البيع والسعر الذي بيعت به الاموال غير المنقولة وهوية الشاري، وإلغاء كل الحقوق التي كانت معطاة له في القانون ساري المفعول من حيث التبليغ والاخطار والعلم بكل مراحل عملية التنفيذ مكتفيا بالاخطار الأول، وفي هذا ظلم كبير للمدين وإخلال بين بضمانات المحاكمة العادلة كما نص عليها ميثاق الامم المتحدة ودليل اجراءات المحاكمة العادلة الصادر عنها.
خامسا: ألغى المشروع حق المدين في استرداد العقار خلال سنة من بيعه ان قام بسداد الدين مع الفوائد والرسوم والمتحصلات، حيث تم تخفيض المدة الى ستة اشهر فقط، كما قام بخفض المدة الزمنية المتاحة للادعاء بفسخ البيع او فراغ الاموال غير المنقولة بسبب وقوع اخطاء في اجراءات التنفيذ من سنة الى ستة اشهر، وهذا كله يعمل ضد المدين ويسلبه إمكانية العمل بجد لإعادة جمع المال اللازم وإنقاذ عقاراته وأمواله غير المنقولة.
سادسا: أباح المشروع لمشتري العقار اخلاء ساكنه خلال شهر من زمن الشراء، وهذا مخالف لقانون المالكين والمستأجرين وقد يكون مخالفا لعقد الايجار ذاته الموقع بين المالك والمستأجر، وهو بكل تأكيد مخالف لحقوق الانسان وللقاعدة الفقهية " لا ضرر ولا ضرار"، فما ذنب المستأجر إن تغيرت ملكية العقار؟ الاصل ان حقه ثابت وفق عقده أو وفق قانون المالكين والمستأجرين ان كان الايجار قديما.
سابعا: اباح المشروع للدائن بيع العقارات والاموال غير المنقولة في المزاد العلني بما في ذلك حصة الشركاء غير المدينين، وفي هذا تعد فاضح على حقوق الغير حسن النية، واضرار واضح بمصالح طرف لا دخل له بالدين التعاقدي بين الدائن والمدين، وهذا بحد ذاته عيب يعتور القانون ويحرفه عن العدالة.
ثامنا: استمر المشروع في اباحة مخالفة دستورية واردة في قوانين التنفيذ السابقة هي استثناء موظفي الدولة أي موظفي القطاع العام من الحبس، وفي هذا تمييز بين المواطنين يخالف نص المادة السادسة من الدستور صراحة، ولو كان الهدف من الاستثناء من الحبس هو وجود مصدر دخل ثابت للسداد، فإن النص يجب ان يعدل لينص على ذلك، سواء كان الموظف يعمل في القطاع العام او الخاص، أو كان له مصدر دخل ثابت من عقار أو عمل أو غيره، لا أن يحصن العاملون في القطاع العام ويكتبوا شيكات وكمبيالات ويتعاقدوا كما شاءوا دون أن يسدوا الدين ودون خشية الحبس، في حين يحبس غيرهم ممن لهم ايضا دخل ثابت حبسا مكررا مع تكرار العقوبة ، ويغرموا الفوائد القانونية المقدرة بـ 9% على اصل المبلغ علما بان الفائدة على الودائع في البنوك لا تتجاوز 4% في احسن احوالها، ويتغرموا اتعاب المحامي ورسوم القضايا وغرامات المحكمة !! هذا خرق صريح لمبدأ المساواة الدستوري والإنساني والأخلاقي والشرعي!!
تاسعا: نص القانون ساري المفعول على انقضاء عقوبة الحبس في حالات منها تصريح المدين بأموال تعود له تكفي لوفاء الدين، ولكن المشروع المعدل جاء بقيد على ما كان القانون قد اباحه، واشترط استيفاء الدائن لدينه بالفعل من تلك الأموال كي ينقضي الحبس، وكان الاجدر ان لا يحبس المدين طالما ان لديه مال غير منقول يفي بالدين ومحجوز لصالح الدائن، فكيف يسمح القانون للدائن بالحجز على هذا المال غير المنقول لصالحه وبيعه ثم سجن المدين فوق ذلك، فإما الحبس أو استيفاء الدين ببيع الاموال غير المنقولة، ولكن ليس كليهما معا، خاصة وان حبس المدين في هذه الحالة سيؤدي الى بقائه في السجن بينما يتم التنفيذ على عقاراته وبيعها بأبخس الاثمان في المزاد وتعريضها لصفقات واتفاقات باطنية مشبوهة لا تخدم الا البنوك وكبار الدائنين من الشركات الكبرى الاحتكارية، وهو ما يظلم المدين من جانب، وقد يؤدي الى استمرار الدين من جانب اخر واستمرار الحبس عند بيع العقار بسعر غير عادل، ويسمح بمراكمة ثروات تلك البنوك والشركات الاحتكارية على حساب عموم المواطنين.
عاشرا: القانون ساري المفعول لا يجيز حبس المدين المفلس اثناء معاملات الافلاس او المدين طالب الصلح الواقي، وهذا حكم صائب وعادل، ولكن مشروع القانون المعدل حذف المدين طالب الصلح الواقي أي أنه أجاز حبسه، كما أنه غير حكم المدين المفلس الى من تقرر اعلان افلاسه بحكم قطعي وليس المدين المفلس أثناء معاملات الافلاس، وهو ما يهدد بايداع كليهما اي المدين المفلس اثناء معاملات الافلاس او المدين طالب الصلح الواقي في السجن، ويعطل امكانية التوصل الى صلح يحول دون الافلاس، ويعطل امكانية المضي في قضية الافلاس بشكل طبيعي في ظل وجود المفلس في السجن وليس خارج القضبان يدير معاملاته بالحد الأدنى من الضرر!!
حادي عشر: القانون ساري المفعول كان يحظر بيع البيت الذي يسكنه المدين او ورثته او حصته الشائعة فيه الا اذا كان البيت او الحصة الشائعة مرهونة او موضع تأمين او كان الدين ناشئا عن ثمن البيت، وكان يحظر حجز ما يتصرف فيه المزارع او يملكه من الاراضي والادوات الزراعية اللازمة لها بالقدر الذي يكفي لمعيشته مع عائلته، وكان ورثته يستفيدون من هذا الحكم ايضا، اما تعديلات مشروع القانون فقد الغت حق الورثة في حماية البيت والمزرعة والادوات الزراعية من البيع والحجز، وفي هذا ضرر اجتماعي واقتصادي بالغ يلحق بهم خاصة إن كانت أحوالهم معسرة، وكان الأصوب بقاء النص على حاله دون تعديل.
ثاني عشر: تنص المادة 55 في المشروع، وهي المعدلة للمادة 114 في القانون الاصلي على أنه في حال فقدان ملف قضية تنفيذية او تلفه كليا او جزئيا، يحقق الرئيس بالامر ويتخذ القرار المناسب بشأن متابعة التنفيذ، وتعتمد النسخة المستخرجة من الحاسوب بعد ختمها بخاتم الدائرة وتوقيعها من الموظف المختص لمتابعة التنفيذ. وهنا أتساءل: أين العقوبة الواقعة على من اضاع الملف ؟ لا يوجد نص عليها في هذا القانون، وهي في القوانين الاخرى ذات الصلة لا تتعدى وصفها بالاهمال وعقوبتها غير رادعة، علما بأن القضية قد تكون بمئات الملايين وقد يكون من اليسير رشوة الموظف بمبلغ كبير لاضاعة الملف جراء تحمل العقوبة الخفيفة، وهو ما حصل مرارا في اكثر من محكمة! وأتساءل أيضا: ما هي ضمانات سلامة الملف المخزن في الحاسوب؟ هل يمنع البرنامج المحوسب المستخدم الاشخاص من التغيير عليه بعد الادخال؟! كيف سيطابق الموظف مع الاصل والاصل مفقود وكيف سيختم بختم الدائرة وهو لا يعرف ان كان الملف المخزن سلم من التغيير؟ وما الذي يحدث ان لم يعثر على ملف مخزن في الحاسوب بالاساس؟ ما هو مصير القضية؟
ثالث عشر: نص المشروع على رفع مبلغ التسوية الذي يودع في صندوق المحكمة لقبول التسوية الى 50% بدلا من 25%، كما نص على تقييد التسوية لسداد باقي المبلغ بثلاث سنوات، وقد اقترحت اللجنة مشكورة خفض الدفعة الاولى الى 30% وسداد باقي المبلغ في اربع سنوات، ولكن الاحرى هو اعادتها الى الربع كما كانت، إن لم يكن خفضها، وعدم النص على زمن السداد للمبلغ المتبقي وتركه لتقدير قاضي التنفيذ وفق أحوال المدين، خاصة في هذا الظرف الاقتصادي الصعب الذي يعصف بالاردن منذ أكثر من ست سنوات والذي ازداد حدة في السنوات الثلاث الاخيرة بسبب قرارات الحكومة وقوانينها.
وأخيرا، فإن هذا المشروع جاء بالكامل لخدمة الدائنين الكبار الذين يشكلون الاقلية في مجتمعنا على حساب صغار التجار والدائنين المعسرين الذين يشكلون الاكثرية العظمى من شعبنا الصابر المكافح، ولذلك كله، فإنني اطالب مجلس النواب الموقر بالتصويت على اعادة القانون للجنة القانونية لاجراء تعديلات واسعة عليه تعيد اليه التوازن المفقود.
وحذرت الحروب من أن القانون المعدل يفتقد التوازن ويخدم البنوك وكبار الدائنين والشركات الاحتكارية على حساب عموم الشعب الاردني ويوسع دائرة السجن للمدين المعسر ويحمله ما لا طاقة له به، ويحمل خزينة الدولة نفقات اضافية جراء تزايد أعداد المحكومين والموقوفين، ويخالف التزامات الاردن الدولية والعربية في ملف حقوق الإنسان، بالأخص فيما يتعلق بحبس المدين المعسر وتكرار الحبس على الجرم ذاته اكثر من مرة ولعدة سنوات قد تصل في مجموعها الى ما يتجاوز عقوبة القتل العمد، كما يخالف ضمانات المحاكمة العادلة بالغاء كل التبليغات والاخطارات للمدين والاكتفاء بالاخطار الاول الوارد قبل الشروع باجراءات التنفيذ تحت ذريعة تسريع اجراءات التنفيذ.
وأشارت الحروب الى ان القانون ينتهك المادة 6 من الدستور الاردني ويميز بين الموظف العام وغيره من المواطنين ويمنع حبسه، في حين ان الاحرى هو منع حبس كل من لديه مصدر دخل ثابت للسداد.
كما انتقدت الحروب تخفيض مدة السنة الى ستة اشهر في حق المدين في استعادة عقاراته التي بيعت في المزاد العلني، وتخفيض مدة السنة الى ستة اشهر في حق الطعن في سلامة اجراءات التنفيذ، واجبار المستأجر على اخلاء المأجور بعد بيعه للمالك الجديد خلال شهر على الاكثر، وهو ما يخالف شروط عقود الايجار الجديدة من جهة و قانون المالكين والمستأجرين من جهة ثانية ويخالف حق المستأجر الدستوري في الطمأنينة والسكن في العقار الذي يشغله.
وفيما يلي نص البيان الذي جاء من ثلاث عشرة نقطة:
"أتوجه الى الزملاء في مجلس النواب الموقر بطلبي هذا نيابة عن الأكثرية المعسرة الصامتة والمقهورة من شعبنا والتي ستتضرر أيما ضرر إن أقرت مواد مشروع قانون التنفيذ كما وردت من الحكومة، وأدعو زملائي الكرام ممثلي الشعب الاردني إلى التصويت على اعادته الى اللجنة القانونية لمزيد من الدراسة باشراك اكبر عدد ممكن من الزملاء النواب والمنظمات الحقوقية واساتذة الحقوق والمحامين والقضاة والنقابات والاتحادات العمالية ومؤسسات المجتمع المدني، وذلك للأسباب التالية :
أولا: لم تقدم الحكومة اجابة عن بعض الاسئلة الملحة والمطلوبة لاتخاذ قرار بشأن هذا القانون وتعديلاته، ومنها على سبيل المثال الأسئلة التالية:
ما هو الاثر المالي والاجتماعي والاقتصادي المترتب على قانون التنفيذ وحبس المدين المعسر ساري المفعول؟ وما هو الاثر المترتب على مشروع القانون المعدل؟ وكم عدد القضايا المالية المنظورة وتلك التي فصل فيها للأعوام من 2012-2015؟ وكم عدد الاشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام على خلفية قضايا مالية في الفترة ذاتها، خاصة وأن هذه السنوات تشهد أسوأ فترة ركود اقتصادي في تاريخ المملكة؟
كم أعداد الموقوفين على خلفية قضايا مالية ونسبتهم من مجموع الموقوفين في المملكة، وكم أعداد المحكومين على خلفية هذه القضايا، وكم تبلغ المدد الزمنية للتوقيف والسجن وكلفتها على الخزينة، وما درجة وشدة تكرار أحكام السجن والتوقيف بحق الفرد الواحد في تلك القضايا؟
ثانيا: هذا المشروع يفتقر للتوازن في العلاقة بين المحكوم له والمحكوم عليه، فقد جاء بالكامل لمصلحة كبار الدائنين والأثرياء والبنوك على وجه الخصوص، وتم تفصيله لزيادة الضغط على المحكوم عليه اي المدين وزيادة مدد سجنه، حيث أصبح متاحا للدائن أن يخرجه من السجن ثم يعيده اليه في نفس السنة، وهو لا يميز بين المحكوم في قضية حقوقية مدنية والمحكوم في قضية جزائية ويعتبر الحكم سندا تنفيذيا في كليهما يسمح بسجن المحكوم عليه، وهذا بحد ذاته مخالف للمادة 11 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والتي تنص على أنه " لا يجوز حبس أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي " ، وقد صادق عليه الاردن ونشر في الجريدة الرسمية في حزيران 2006، واصبح له قوة القانون، ويسمو فوق القوانين المحلية، والدول المصادقة عليه ملزمة بتوفيق تشريعاتها بما يتوافق مع العهد وليس الاتيان بقانون معدل للتنفيذ القضائي يتوسع في احكام التوقيف والسجن للمدين المعسر، وكان الاصل ان يلغى الحبس اينما ورد في القانون بالنسبة للمدين في القضايا الحقوقية المدنية.
كما أن هذا كله يتناقض مع الميثاق العربي لحقوق الانسان الذي صادق عليه الاردن، وعندما قدم الاردن تقريره الدوري في اللجنة الدائمة لحقوق الانسان في جامعة الدول العربية كانت من المآخذ على الاردن قضية حبس المدين المعسر وأرسل كتاب من 83 نقطة الى الحكومة التي وعدت بتصويب الاوضاع، فإذا بها تأتينا بقانون اكثر تشددا بحق المدين.
إن معظم دول العالم لا تحبس المدين المعسر، بما في ذلك الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية وهي دول رأسمالية بنظامها الاقتصادي فهل نحن في الاردن أكثر رأسمالية منها ؟!
ثالثا: في الوقت الذي تتجه فيه دول العالم اجمع الى الاخذ بالعقوبات البديلة، فإننا نتوسع في عقوبة الحبس، بل والحبس المكرر على ذات الفعل عدة مرات في السنة والى امد غير مسمى من السنوات الى حين السداد الكلي، والحبس المكرر على نفس الجرم يعد بحد ذاته مخالفة صريحة لحقوق الانسان في العالم اجمع وهو مخالف لمعظم النظم الجزائية والحقوقية في العالم، كما أنه يكلف الدولة مبالغ طائلة، فكل محكوم في الاردن يكلف الخزينة العامة مبلغا لا يقل عن 600 دينار شهريا يدفعها دافع الضرائب الاردني، والاصل ان الدين التعاقدي هو التزام بين اثنين، وحين اقرض الدائن المدين كان يعرف أنه معسر ولكنه طمعا في مبلغ اكبر بفوائد ربوية اقرضه، وهو فوق ذلك كله قادر على حبسه وتكرار حبسه وتغريمه كل الاتعاب والرسوم وهو قادر على مصادرة كل امواله المنقولة وغير المنقولة وبيعها لصالحه، فأين هي العدالة في فرض كل هذه العقوبات على من استدان ثم عجز عن السداد أو تخلف فيه؟!
رابعا: هذا المشروع ألغى في جميع بنوده ذات الصلة كل التبليغات التي أوجبها القانون النافذ رقم 25 لسنة 2007 للمحكوم عليه اي المدين، واكتفى بإخطار المدين في المرة الأولى فقط عند بدء اجراءات التنفيذ المنصوص عليه في المادة 14 وشطب كل ما عداه من اخطارات في باقي المواد وكل المدد الزمنية الواجبة في الاخطار، بما في ذلك استئناف القضية التنفيذية من قبل الدائن بعد توقفها ستة اشهر، واعلام المدين ببيع امواله غير المنقولة وموعد البيع واعطائه فرصة للسداد قبل البيع، واعلامه بعملية البيع والسعر الذي بيعت به الاموال غير المنقولة وهوية الشاري، وإلغاء كل الحقوق التي كانت معطاة له في القانون ساري المفعول من حيث التبليغ والاخطار والعلم بكل مراحل عملية التنفيذ مكتفيا بالاخطار الأول، وفي هذا ظلم كبير للمدين وإخلال بين بضمانات المحاكمة العادلة كما نص عليها ميثاق الامم المتحدة ودليل اجراءات المحاكمة العادلة الصادر عنها.
خامسا: ألغى المشروع حق المدين في استرداد العقار خلال سنة من بيعه ان قام بسداد الدين مع الفوائد والرسوم والمتحصلات، حيث تم تخفيض المدة الى ستة اشهر فقط، كما قام بخفض المدة الزمنية المتاحة للادعاء بفسخ البيع او فراغ الاموال غير المنقولة بسبب وقوع اخطاء في اجراءات التنفيذ من سنة الى ستة اشهر، وهذا كله يعمل ضد المدين ويسلبه إمكانية العمل بجد لإعادة جمع المال اللازم وإنقاذ عقاراته وأمواله غير المنقولة.
سادسا: أباح المشروع لمشتري العقار اخلاء ساكنه خلال شهر من زمن الشراء، وهذا مخالف لقانون المالكين والمستأجرين وقد يكون مخالفا لعقد الايجار ذاته الموقع بين المالك والمستأجر، وهو بكل تأكيد مخالف لحقوق الانسان وللقاعدة الفقهية " لا ضرر ولا ضرار"، فما ذنب المستأجر إن تغيرت ملكية العقار؟ الاصل ان حقه ثابت وفق عقده أو وفق قانون المالكين والمستأجرين ان كان الايجار قديما.
سابعا: اباح المشروع للدائن بيع العقارات والاموال غير المنقولة في المزاد العلني بما في ذلك حصة الشركاء غير المدينين، وفي هذا تعد فاضح على حقوق الغير حسن النية، واضرار واضح بمصالح طرف لا دخل له بالدين التعاقدي بين الدائن والمدين، وهذا بحد ذاته عيب يعتور القانون ويحرفه عن العدالة.
ثامنا: استمر المشروع في اباحة مخالفة دستورية واردة في قوانين التنفيذ السابقة هي استثناء موظفي الدولة أي موظفي القطاع العام من الحبس، وفي هذا تمييز بين المواطنين يخالف نص المادة السادسة من الدستور صراحة، ولو كان الهدف من الاستثناء من الحبس هو وجود مصدر دخل ثابت للسداد، فإن النص يجب ان يعدل لينص على ذلك، سواء كان الموظف يعمل في القطاع العام او الخاص، أو كان له مصدر دخل ثابت من عقار أو عمل أو غيره، لا أن يحصن العاملون في القطاع العام ويكتبوا شيكات وكمبيالات ويتعاقدوا كما شاءوا دون أن يسدوا الدين ودون خشية الحبس، في حين يحبس غيرهم ممن لهم ايضا دخل ثابت حبسا مكررا مع تكرار العقوبة ، ويغرموا الفوائد القانونية المقدرة بـ 9% على اصل المبلغ علما بان الفائدة على الودائع في البنوك لا تتجاوز 4% في احسن احوالها، ويتغرموا اتعاب المحامي ورسوم القضايا وغرامات المحكمة !! هذا خرق صريح لمبدأ المساواة الدستوري والإنساني والأخلاقي والشرعي!!
تاسعا: نص القانون ساري المفعول على انقضاء عقوبة الحبس في حالات منها تصريح المدين بأموال تعود له تكفي لوفاء الدين، ولكن المشروع المعدل جاء بقيد على ما كان القانون قد اباحه، واشترط استيفاء الدائن لدينه بالفعل من تلك الأموال كي ينقضي الحبس، وكان الاجدر ان لا يحبس المدين طالما ان لديه مال غير منقول يفي بالدين ومحجوز لصالح الدائن، فكيف يسمح القانون للدائن بالحجز على هذا المال غير المنقول لصالحه وبيعه ثم سجن المدين فوق ذلك، فإما الحبس أو استيفاء الدين ببيع الاموال غير المنقولة، ولكن ليس كليهما معا، خاصة وان حبس المدين في هذه الحالة سيؤدي الى بقائه في السجن بينما يتم التنفيذ على عقاراته وبيعها بأبخس الاثمان في المزاد وتعريضها لصفقات واتفاقات باطنية مشبوهة لا تخدم الا البنوك وكبار الدائنين من الشركات الكبرى الاحتكارية، وهو ما يظلم المدين من جانب، وقد يؤدي الى استمرار الدين من جانب اخر واستمرار الحبس عند بيع العقار بسعر غير عادل، ويسمح بمراكمة ثروات تلك البنوك والشركات الاحتكارية على حساب عموم المواطنين.
عاشرا: القانون ساري المفعول لا يجيز حبس المدين المفلس اثناء معاملات الافلاس او المدين طالب الصلح الواقي، وهذا حكم صائب وعادل، ولكن مشروع القانون المعدل حذف المدين طالب الصلح الواقي أي أنه أجاز حبسه، كما أنه غير حكم المدين المفلس الى من تقرر اعلان افلاسه بحكم قطعي وليس المدين المفلس أثناء معاملات الافلاس، وهو ما يهدد بايداع كليهما اي المدين المفلس اثناء معاملات الافلاس او المدين طالب الصلح الواقي في السجن، ويعطل امكانية التوصل الى صلح يحول دون الافلاس، ويعطل امكانية المضي في قضية الافلاس بشكل طبيعي في ظل وجود المفلس في السجن وليس خارج القضبان يدير معاملاته بالحد الأدنى من الضرر!!
حادي عشر: القانون ساري المفعول كان يحظر بيع البيت الذي يسكنه المدين او ورثته او حصته الشائعة فيه الا اذا كان البيت او الحصة الشائعة مرهونة او موضع تأمين او كان الدين ناشئا عن ثمن البيت، وكان يحظر حجز ما يتصرف فيه المزارع او يملكه من الاراضي والادوات الزراعية اللازمة لها بالقدر الذي يكفي لمعيشته مع عائلته، وكان ورثته يستفيدون من هذا الحكم ايضا، اما تعديلات مشروع القانون فقد الغت حق الورثة في حماية البيت والمزرعة والادوات الزراعية من البيع والحجز، وفي هذا ضرر اجتماعي واقتصادي بالغ يلحق بهم خاصة إن كانت أحوالهم معسرة، وكان الأصوب بقاء النص على حاله دون تعديل.
ثاني عشر: تنص المادة 55 في المشروع، وهي المعدلة للمادة 114 في القانون الاصلي على أنه في حال فقدان ملف قضية تنفيذية او تلفه كليا او جزئيا، يحقق الرئيس بالامر ويتخذ القرار المناسب بشأن متابعة التنفيذ، وتعتمد النسخة المستخرجة من الحاسوب بعد ختمها بخاتم الدائرة وتوقيعها من الموظف المختص لمتابعة التنفيذ. وهنا أتساءل: أين العقوبة الواقعة على من اضاع الملف ؟ لا يوجد نص عليها في هذا القانون، وهي في القوانين الاخرى ذات الصلة لا تتعدى وصفها بالاهمال وعقوبتها غير رادعة، علما بأن القضية قد تكون بمئات الملايين وقد يكون من اليسير رشوة الموظف بمبلغ كبير لاضاعة الملف جراء تحمل العقوبة الخفيفة، وهو ما حصل مرارا في اكثر من محكمة! وأتساءل أيضا: ما هي ضمانات سلامة الملف المخزن في الحاسوب؟ هل يمنع البرنامج المحوسب المستخدم الاشخاص من التغيير عليه بعد الادخال؟! كيف سيطابق الموظف مع الاصل والاصل مفقود وكيف سيختم بختم الدائرة وهو لا يعرف ان كان الملف المخزن سلم من التغيير؟ وما الذي يحدث ان لم يعثر على ملف مخزن في الحاسوب بالاساس؟ ما هو مصير القضية؟
ثالث عشر: نص المشروع على رفع مبلغ التسوية الذي يودع في صندوق المحكمة لقبول التسوية الى 50% بدلا من 25%، كما نص على تقييد التسوية لسداد باقي المبلغ بثلاث سنوات، وقد اقترحت اللجنة مشكورة خفض الدفعة الاولى الى 30% وسداد باقي المبلغ في اربع سنوات، ولكن الاحرى هو اعادتها الى الربع كما كانت، إن لم يكن خفضها، وعدم النص على زمن السداد للمبلغ المتبقي وتركه لتقدير قاضي التنفيذ وفق أحوال المدين، خاصة في هذا الظرف الاقتصادي الصعب الذي يعصف بالاردن منذ أكثر من ست سنوات والذي ازداد حدة في السنوات الثلاث الاخيرة بسبب قرارات الحكومة وقوانينها.
وأخيرا، فإن هذا المشروع جاء بالكامل لخدمة الدائنين الكبار الذين يشكلون الاقلية في مجتمعنا على حساب صغار التجار والدائنين المعسرين الذين يشكلون الاكثرية العظمى من شعبنا الصابر المكافح، ولذلك كله، فإنني اطالب مجلس النواب الموقر بالتصويت على اعادة القانون للجنة القانونية لاجراء تعديلات واسعة عليه تعيد اليه التوازن المفقود.