تغليظ العقوبات لمطلقي العيارات النارية ومؤسسات المجتمع المدني تساهم بالتوعية
جو 24 : بات أمر اطلاق العيارات النارية مقلقا للكثير من المواطنين، ما جعل المختصين في الجهات المعنية يأخذون زمام الحزم والمبادرة في تشديد العقوبة المغلظة، لكل من يتسبب في إزعاج العامة، وقيام البعض من مؤسسات المجتمع المدني بنشر التوعية من خطورتها ونبذ ثقافة العنف. في قانون الأسلحة النارية والذخائر رقم (34) لسنة 1952 في الفقرة (ب) من المادة رقم (4) تنص على أنه يحظر حمل الأسلحة النارية المرخصة للأشخاص المنصوص عليهم في البند (6) من الفقرة (أ) من هذه المادة أثناء الاحتفالات الرسمية والحفلات العامة والمؤتمرات والاجتماعات ومواكب الأعراس والجنازات أو أي اجتماع آخر يزيد عدد المجتمعين فيه على عشرة أشخاص. ويرى رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب الدكتور مصطفى عماوي أن هناك تقصيرا من الحكومات المتعاقبة في عدم تطبيق القوانين المرعية الناظمة السارية المفعول منذ عام 1952 ، كقوانين الأسلحة والذخائر ومنع الجرائم، والاجتماعات العامة، والعقوبات، وهي قوانين تنظم وتعاقب كل ما يقلق الراحة أو يلحق الأذى بالمواطنين داخل المجمعات السكنية. ويشير الى أنه سيتم في الدورة العادية المقبلة للبرلمان مناقشة العمل على تعديل هذه القوانين بحيث تكون رادعة لمطلقي العيارات النارية وعنف الملاعب والعنف الجامعي والسرقات وأي الحاق ضرر لأي مواطن من قبل أشخاص خارجين عن القانون، وستكون هناك عقوبات مغلظة، وسيكون القضاء مقيدا في إصدار الحكم (اي بمعنى لا يوجد تكفيل أو حد ادنى للغرامة)، كون بعض القضايا ستتحول من جنحة إلى جناية خاصة فيمن يستعمل السلاح ويصوبه الى اي شخص كان وسيتم اعتبار ذلك شروعا بالقتل وليس الايذاء. ويلفت الى وجود تنسيق بين البرلمان والوزارات المعنية مثل وزارتي الداخلية والعدل حول تعديل هذه القوانين، بما يتناسب مع ظروف الاردن من حيث اختلاف الثقافة المجتمعية لوجود هجرات قسرية من الدول المجاورة، بحيث يتم تطبيق القانون على الجميع حتى لا تكون هناك أيد خفية تستغل مناسبات الافراح والاعياد الوطنية . ويوضح أنه عندما رخصت الأسلحة للمواطنين في السابق كانت لغايات الدفاع عن النفس والحراسة وحماية الممتلكات، فالمجتمع الأردني لا يقبل بمجموعات تخالف القانون وتؤدي إلى ارتكاب الجرائم أو الحاق الضرر بالممتلكات العامة. الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام المقدم عامر السرطاوي، يؤكد تنظيم حملة مكثفة أمنيا واجتماعيا وتوعويا لضبط الأسلحة وكل من يحوزها بطرق غير قانونية وتفتيش المركبات في الطرق وجمع المعلومات بطرق استخبارية عن الاشخاص ممن يمتلكون الاسلحة بطريقة غير قانونية أو من يقومون بإطلاق العيارات النارية. كما يبين أنه من خلال مديريات الشرطة والمراكز الامنية، هناك حملات توعوية وتحذيرات من هذه الظاهرة، وكذلك إرسال رسائل للمواطنين حول خطورتها واثارها السلبية على المجتمع، والتواصل مع أصحاب الافراح قبل بداية احتفالهم بتوجيه التهنئة لهم واخذ التعهد منهم بعدم اطلاق العيارات النارية . وتثمن مديرية الامن العام، بحسب السرطاوي التجاوب الكبير بين المواطنين واطلاقهم المبادرات الخاصة بعدم اطلاق العيارات النارية، لافتا إلى التراجع الكبير لإطلاق العيارات النارية خلال الاسبوع الماضي والتي تكاد تكون صفرا. ويدعو استاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين، إلى الأخذ بالقانون والاستمرار في وضع برامج توعوية وتدريبية من قبل مؤسسات المجتمع للحد من هذه الظاهرة . ويعزو سبب استمرار البعض في اطلاق العيارات النارية لبطء التعديل والتغير في العادات والتقاليد، التي تؤمن بالمغالبة واستخدام القوة وحتى الجفاف أو الحدية في التعبير عن المشاعر . ويؤكد أن هذه العادات مستشرية وما زالت حاضرة في مجتمعنا لسببين متكاملين هما عجز مؤسسات التنشئة الاجتماعية ممثلة في الاسرة والمدرسة والمسجد والاعلام عن تعديل السلوك، وهي تمثل عمليات الضبط الداخلي من الضمير والحرص على الناس وحياتهم، والثانية تتجلى في التركيز المبالغ فيه على دور القانون كضابط خارجي للسلوك من خلال العقوبات، الأمر الذي جعل عملية تعديل السلوك الجمعي ضعيفة بسبب عدم تكامل واستمرار تعميد الضبط الداخلي والخارجي معا ما جعل الممارسة وسبل التصدي لها عملية موسمية. ويقول عميد كلية الشريعة الاسبق في جامعة مؤتة الدكتور محمد الزغول، إن الاسلام من أكثر الاديان تشديدا على قضية العبث بأرواح الناس ولو كان ذلك من باب المزاح أو العبث أو الاشهار به، وقد حذر رسولنا الكريم من ذلك بقوله " لا ضرر ولا ضرار"، وجعل استخدام السلاح محصورا في التدريب وساحات القتال، فنحن نحتاج الى الخروج من هذه الثقافة التي يعبر بها عن الفرح بأذية الاخرين . ويرى أنه من الضروري استخدام المال في الوجه الصحيح، بدلا من دفع المال لغايات اطلاق العيارات النارية، فمن الاحق شراء الطعام للمحتاجين، فهدي رسولنا الكريم في قوله " أولم ولو بشاه" فان ذلك يقود الى ادخال الفرحة للمدعوين ومن باب التكافل الاجتماعي. ويشير إلى أن العيارات النارية كانت تطلق في السابق في البوادي والمدن، التي لم يكن فيها اكتظاظ سكاني، فالرصاصة الطائشة ممكن أن تسقط على انسان أو بيت أو سيارة مما يؤذي الناس ويبث في نفوسهم الخوف والذعر. ويقول المدير التنفيذي في جمعية المساواة لحقوق الانسان هديل الدسوقي، ان اطلاق العيارات النارية أمر مرفوض، مشيرة الى أهمية تكاتف مؤسسات المجتمع المدني من اعلام ومدارس ودور عبادة في التوعية بخطورة اطلاق العيارات النارية. وتؤكد أن هذه الظاهرة تحدث ارباكا وتثير الذعر والخوف، اذ أن الاصابة بالرصاص يمكن أن تتسبب بعاهات وجروح لسنوات، وان حبس من تسول له نفسه اطلاق العيارات النارية هو اسلوب رادع، وقد لمسنا نتائج ذلك عند الاعلان عن نتائج التوجيهي هذه السنة، بقلة من يطلقون هذه العيارات مقارنة بالسنوات السابقة.(بترا- بشرى نيروخ) -