حين أخفته كاتيا ملطَّخاً بالدماء في الخزانة... ليلة زفافها
جو 24 : لعلّها من ليالي العمر الاهم في حياتها، إن لم تكن أهمها. بعد الرقص والضيافة و#الشعائر_الدينية، ينفرد العروسان بليلة حميمة، حيث تختلط مشاعر #الحب بإحساس الرهبة. الليلة نفسها يتحكم بخباياها مستوى الانفتاح. التقاليد العتيقة التي لا تزال رائجة ريفياً، تقضي بسلطتها على اي تقدّم اجتماعي. الاهل في ترقّبٍ وانتظار. تمرّ الساعات ثقيلةً، قبل ان يسلم العريس امانة سنوات من "#التربية الصالحة" الى عمّه، ويتغنّى برجولته بين اقاربه. لكن، رغم أن الغطاء الابيض المبقع يشمل اطرافاً عدة في خصوصيته، الا ان العروس وحدها تخصه بحميمية خاصة في قلبها. الجميع ينسى الحدث بعد ايام، اما هي فستستذكر ليلة حبّها طوال العمر. بين الذكرى الرومانسية ودليل العفة الحسي، يختبئ "الشرشف" في مكانٍ خاص، حتى اشعارٍ آخر يُحتم ظهوره مجدّداً. أين ومتى ولماذا؟
أجمل يوم
ليس مستغرباً بكاتيا، التي تركت المدرسة عند البلوغ، أن تنتظر فارس الاحلام المقنع في منزلها. يدق باب ابيها، يحصل على تأشيرة الخطوبة منه، ويزيح الهم عن ظهره. انها فرضيةٌ حصلت في الواقع. تروي عبير صديقة العروس المقرّبة، ما حصل مع كاتيا بغصّة: "كانت ترغب في تحصيل علومها الجامعية، لكن زواجها المفاجئ منعها من اكمال الدراسة. لم تكن تعرفه سابقاً، قرع جرس والدها، اعطاهما البركة وحصل ما حصل. في اليوم الثاني عاد العريس ليبشر الاهالي ان زوجته (آدمية) والابتسامة تغمر وجهه". وتعتبر ان "الحالة النفسية لصديقتها جيّدة بعد مرور 5 سنوات على الزواج، فهي نشأت في بيئة تقليدية وكانت ترغب في الارتباط المبكر، لكن المفارقة انها لا زالت تحتفظ بشرشف الليلة الاولى لديها وتحدّثني عنه. تؤكّد لي دائماً أنها كانت الليلة الاجمل في حياتها، حيث لا مشاكل ولا هموم، بل زارت فندقاً للمرة الاولى وقضت اياما جميلة معدودة قبل ان تعود الى غسل الصحون والاهتمامات المنزلية". وتضيف: "واجهت العديد من المشاكل مع عائلة زوجها الذين يقسون عليها دائماً في امور عدّة، والسبب يعود الى اضطراباتٍ كانت تشوب علاقة أهل الزوج بعائلتها حيث كانوا يتمنون فتاةً اخرى يزوجونها لابنهم بدلاً منها، اللافت انها لا تكف الحديث عن نفسها، وانهم لا يستطيعون كسر عزيمتها لانها شريفة ونزيهة و(بنت اصل)، رغم محاولاتهم الكثيرة الهادفة الى تدمير ثقتها بنفسها حيث يقارنونها دائماً باخوات زوجها ويتغنون بهن على حسابها ما يثير سخطها".
"النوستالجيا" الغبية
يؤكد الباحث الاجتماعي الدكتور ميشال عبس ان "الاحتفاظ بـ "شرشف"#ليلة_الزواج الاولى هو تقليدٌ بالٍ وغبي، ينتج من تأخّر اجتماعي وانعدام المستوى الثقافي، حيث تحتفظ به الفتاة حرصاً منها على الحفاظ على ذكرى معينة ويدخل ذلك في ما يعرف بالنوستالجيا وحب الاستطراد والعودة بالزمن الى لحظةٍ معينة يستحيل ان تتكرّر، وهي تشبه الى حد ما الاحتفاظ بقارورة احتفالية او بقطعة حلوى مجلّدة من الزفاف لكنها طريقة بدائية وساذجة. لكن لا يجب التطرف في الرومانسية، لان ما من احد لم يمر بتجربة عاطفية سابقة في حياته، كما ان الحب الابدي مفهوم اسطوري لا وجود له، بل يمكن الزوجة ان تعشق غير زوجها رغم انها كانت تكن له حباً عظيماً في السابق". ويلفت الى ان "هذه الظاهرة تقتصر على فئات معينة من المجتمع تحبّذ الفكر التقليدي الريفي، الذي ينظر للفتاة وكأنها شيء اذا ضاع لن يعود، فهي تنجب وعلاقاتها العابرة قد تؤثر على سمعتها، في حين ان الشاب ليس مرتبطاً بمسألة الحمل، فيستطيع ان يفعل ما يشاء من دون ان يشوّه جسده ظاهرياً، رغم انه فعل (السبعة وذمّتها) باطنياً، لا بل يتغنى بذلك حين يجاهر بعلاقاته العابرة مع اكثر من فتاة".
مواجهة "بيت العم"
يشير الدكتور عبس الى ان "الهدف الحقيقي الاكثر شيوعاً الكامن وراء الاحتفاظ بـ "الشرشف" هو امكان مواجهة اهل الزوج مستقبلاً في حال تعييرها بأمرٍ ما يخصها، فاذا بها تظهره لهم بافتخار وتستعرض شرفها. فهي تعتبر بذلك انها تحمي نفسها منهم بسلاحٍ فعال. وهذا ما يؤكّد على الاهمية التي توكلها بعض المجتمعات الى عذرية المرأة فهي اولوية بيولوجية، فقدانها قد يقضي على مستقبلها". ويضيف: "الا ان هذه الامور باتت اليوم كمن يضحك على نفسه، فمن الممكن الفتاة ان تخسر عذريتها وهي تقوم بنشاطٍ رياضي معين كركوب الخيل او رقص الباليه ما لا يلغي انها فتاة صالحة، في حين انه يمكن العاهرة ان تتحايل بمئة طريقة واسلوب للحفاظ على سلامة جسدها، الا انها تكون ماكرة وكاذبة. كما اننا اليوم في زمن التطور #التكنولوجي والطبي لذلك يمكنها ان تعيد ما خسرته ببساطة، هذا ما يجعلني لا اؤمن بهذه التجارب التي لا تمت الى حقيقية الأمور بصلة".
الاولوية الاجتماعية تبقى الاساس
يصرّ الدكتور عبس على ان " تجارب المرأة الجنسية قبل #الزواج لم تعد مرفوضةً من المجتمع، بل انها باتت كالرجل الذي بدوره مشغولٌ اليوم بموضة المثلية الجنسية الاجتماعية اكثر من اي شيء آخر. لذلك ففكرة الزواج من امرأة فقدت عذريتها لم تعد هاجساً، بل الاهم هو اثبات الذات اجتماعياً ومهنياً قبل كل شيء. فهي اذا حققت ذاتها في هذا المجال ستكوّن شخصيةً قويّة تتصدى فيها لكل ما يقف في طريقها". ويعتبر "ان امتداد الفكر المديني الى الارياف انعش فكرة التجارب العاطفية العابرة في حياة الفتيات الريفيات، على عكس الاعتقاد القروي الذي كان مسيطراً على المدن منذ عشرات السنين. الجبل الجديد بدوره لم يعد يهتم لهكذا تفاصيل غير دقيقة، ما يشغله امور علمية ومهنية وعاطفية اكثر رواجاً اليوم".
يبقى "شرشف" السرير رمزاً شكلياً لا يشرّع الباب لاسرار الماضي. كل ما يمكن ان يشير اليه نجاح الليلة الاولى. الحب بدوره لا يقاس بطقوس كهذه. يبقى مفهومه أكبر وأسمى من بروتوكولاتٍ اجتماعية عتيقة. انه قبل كل شيء يحتاج الى "معجزة".
النهار
أجمل يوم
ليس مستغرباً بكاتيا، التي تركت المدرسة عند البلوغ، أن تنتظر فارس الاحلام المقنع في منزلها. يدق باب ابيها، يحصل على تأشيرة الخطوبة منه، ويزيح الهم عن ظهره. انها فرضيةٌ حصلت في الواقع. تروي عبير صديقة العروس المقرّبة، ما حصل مع كاتيا بغصّة: "كانت ترغب في تحصيل علومها الجامعية، لكن زواجها المفاجئ منعها من اكمال الدراسة. لم تكن تعرفه سابقاً، قرع جرس والدها، اعطاهما البركة وحصل ما حصل. في اليوم الثاني عاد العريس ليبشر الاهالي ان زوجته (آدمية) والابتسامة تغمر وجهه". وتعتبر ان "الحالة النفسية لصديقتها جيّدة بعد مرور 5 سنوات على الزواج، فهي نشأت في بيئة تقليدية وكانت ترغب في الارتباط المبكر، لكن المفارقة انها لا زالت تحتفظ بشرشف الليلة الاولى لديها وتحدّثني عنه. تؤكّد لي دائماً أنها كانت الليلة الاجمل في حياتها، حيث لا مشاكل ولا هموم، بل زارت فندقاً للمرة الاولى وقضت اياما جميلة معدودة قبل ان تعود الى غسل الصحون والاهتمامات المنزلية". وتضيف: "واجهت العديد من المشاكل مع عائلة زوجها الذين يقسون عليها دائماً في امور عدّة، والسبب يعود الى اضطراباتٍ كانت تشوب علاقة أهل الزوج بعائلتها حيث كانوا يتمنون فتاةً اخرى يزوجونها لابنهم بدلاً منها، اللافت انها لا تكف الحديث عن نفسها، وانهم لا يستطيعون كسر عزيمتها لانها شريفة ونزيهة و(بنت اصل)، رغم محاولاتهم الكثيرة الهادفة الى تدمير ثقتها بنفسها حيث يقارنونها دائماً باخوات زوجها ويتغنون بهن على حسابها ما يثير سخطها".
"النوستالجيا" الغبية
يؤكد الباحث الاجتماعي الدكتور ميشال عبس ان "الاحتفاظ بـ "شرشف"#ليلة_الزواج الاولى هو تقليدٌ بالٍ وغبي، ينتج من تأخّر اجتماعي وانعدام المستوى الثقافي، حيث تحتفظ به الفتاة حرصاً منها على الحفاظ على ذكرى معينة ويدخل ذلك في ما يعرف بالنوستالجيا وحب الاستطراد والعودة بالزمن الى لحظةٍ معينة يستحيل ان تتكرّر، وهي تشبه الى حد ما الاحتفاظ بقارورة احتفالية او بقطعة حلوى مجلّدة من الزفاف لكنها طريقة بدائية وساذجة. لكن لا يجب التطرف في الرومانسية، لان ما من احد لم يمر بتجربة عاطفية سابقة في حياته، كما ان الحب الابدي مفهوم اسطوري لا وجود له، بل يمكن الزوجة ان تعشق غير زوجها رغم انها كانت تكن له حباً عظيماً في السابق". ويلفت الى ان "هذه الظاهرة تقتصر على فئات معينة من المجتمع تحبّذ الفكر التقليدي الريفي، الذي ينظر للفتاة وكأنها شيء اذا ضاع لن يعود، فهي تنجب وعلاقاتها العابرة قد تؤثر على سمعتها، في حين ان الشاب ليس مرتبطاً بمسألة الحمل، فيستطيع ان يفعل ما يشاء من دون ان يشوّه جسده ظاهرياً، رغم انه فعل (السبعة وذمّتها) باطنياً، لا بل يتغنى بذلك حين يجاهر بعلاقاته العابرة مع اكثر من فتاة".
مواجهة "بيت العم"
يشير الدكتور عبس الى ان "الهدف الحقيقي الاكثر شيوعاً الكامن وراء الاحتفاظ بـ "الشرشف" هو امكان مواجهة اهل الزوج مستقبلاً في حال تعييرها بأمرٍ ما يخصها، فاذا بها تظهره لهم بافتخار وتستعرض شرفها. فهي تعتبر بذلك انها تحمي نفسها منهم بسلاحٍ فعال. وهذا ما يؤكّد على الاهمية التي توكلها بعض المجتمعات الى عذرية المرأة فهي اولوية بيولوجية، فقدانها قد يقضي على مستقبلها". ويضيف: "الا ان هذه الامور باتت اليوم كمن يضحك على نفسه، فمن الممكن الفتاة ان تخسر عذريتها وهي تقوم بنشاطٍ رياضي معين كركوب الخيل او رقص الباليه ما لا يلغي انها فتاة صالحة، في حين انه يمكن العاهرة ان تتحايل بمئة طريقة واسلوب للحفاظ على سلامة جسدها، الا انها تكون ماكرة وكاذبة. كما اننا اليوم في زمن التطور #التكنولوجي والطبي لذلك يمكنها ان تعيد ما خسرته ببساطة، هذا ما يجعلني لا اؤمن بهذه التجارب التي لا تمت الى حقيقية الأمور بصلة".
الاولوية الاجتماعية تبقى الاساس
يصرّ الدكتور عبس على ان " تجارب المرأة الجنسية قبل #الزواج لم تعد مرفوضةً من المجتمع، بل انها باتت كالرجل الذي بدوره مشغولٌ اليوم بموضة المثلية الجنسية الاجتماعية اكثر من اي شيء آخر. لذلك ففكرة الزواج من امرأة فقدت عذريتها لم تعد هاجساً، بل الاهم هو اثبات الذات اجتماعياً ومهنياً قبل كل شيء. فهي اذا حققت ذاتها في هذا المجال ستكوّن شخصيةً قويّة تتصدى فيها لكل ما يقف في طريقها". ويعتبر "ان امتداد الفكر المديني الى الارياف انعش فكرة التجارب العاطفية العابرة في حياة الفتيات الريفيات، على عكس الاعتقاد القروي الذي كان مسيطراً على المدن منذ عشرات السنين. الجبل الجديد بدوره لم يعد يهتم لهكذا تفاصيل غير دقيقة، ما يشغله امور علمية ومهنية وعاطفية اكثر رواجاً اليوم".
يبقى "شرشف" السرير رمزاً شكلياً لا يشرّع الباب لاسرار الماضي. كل ما يمكن ان يشير اليه نجاح الليلة الاولى. الحب بدوره لا يقاس بطقوس كهذه. يبقى مفهومه أكبر وأسمى من بروتوكولاتٍ اجتماعية عتيقة. انه قبل كل شيء يحتاج الى "معجزة".
النهار