المجاملات ..ضرورة لا يتقنها الكثيرون
فستان جميل، وجه منور، جمال واناقة، شهامة وغير ذلك من كلمات نحب ان نسمعها من آخرين، جميلة هي متى كانت واقعية،او حتى قريبة من الواقع ،وهي كذلك مفيدة للاتصال بين الناس وادامة الود والالفة. ولكن مازاد عن حده في حالة المجاملة يتجه صوب «التملق» و»المداهنة» وفي قاموسنا الشعبي «هز الذنب». ترى ما هو الحد الطبيعي للمجاملة؟ من يتقنها اكثر؟ من يحبها اكثر؟ وهل هي جزء من النشاط البشري ؟؟
فن لا يتقنه البعض
بحسب الثلاثيني نشأت عادل: فان المجاملة فن لا يتقنه كثيرون اذ قال «ان تجامل امر مقبول، ولكن ان تتملق وتداهن، فهو سلوك مرفوض سيما ان البعض يرنو الى مكافأة او شهادة تقدير من خلال هذا التصرف». ويزيد ابو صبح « في عملي ارى فئة من الزملاء تتملق وتداهن وتحصل على مكافأة تتجلى في التستر على تقصيرها وعيوبها اتجاه عملها، وفي الوقت ذاته من يجد في عمله ويتقاعس عن التملق، انسان لا يحصل في نهاية الامر الا على راتبه بلا اية حوافز».
الانسان يحب الثناء
وجهة نظر الثلاثيني نشأت تتوافق مع نتائج نشرتها مجلة «الشخصية وعلم النفس الاجتماعي»،في هولندا لتؤكد من خلال إجراء سلسلة من التجارب والاختبارات النفسية على عدد من طلاب الجامعة، أن المشاركين فضلوا الأشخاص المعجبين بهم على غيرهم، بصرف النظر عن اعتقادهم بصحة هذا الإعجاب والإطراء وغيره من العوامل.
بنود نتائج الدراسة في مجملها أكدت أن الإنسان بطبيعته البشرية يحب الثناء والمديح والعبارات الجميلة التي تقال على مسمعه وفي حضوره وان كان كذبا ونفاقا، معزية ذلك بالثقة والأمل والتفاؤل التي تعتري المتلقي حتى وان لم تكن المجاملات صحيحة على الإطلاق.
بتمنى اتعلم «التملق»
بدوره قال معتصم هاني الموظف في شركة قطاع خاص: «إن بإمكان الأشخاص المتملقين الحصول على كل ما يرغبونه من خلال لسانهم وما ينتج من الإطراء وعبارات المجاملات، بصرف النظر عن كونها صادقة أم كاذبة». معتصم أكد ان قناعة من نوع اخر ترسخت لديه مفادها ان هؤلاء تكون فرصهم للنجاح فى العمل اكثر من غيرهم، مشيرا إلى أن الإنسان يحب الإطراء والمديح بطبيعته ويندفع بقوة اكبر نحو من يثنون عليه دون اعتبار الهدف أو الدافع وراء هذا الثناء، او التأكد من مدى مصداقيته على الاقل»، بحسب رأيه.
النساء اكثر تعبا
وترى الثلاثينية ميس فرحان ان المرأة مطالبة بالمجاملة والتملق أكثر من الرجل، ومن منطلق واقع تعيشه قالت: إنها في كثير من الأحيان تبذل قصارى جهدها لأداء المجاملات التي يصل بها البعض إلى درجة الواجب الاجتماعي مع بعض الاقارب وحتى الاصدقاء حتى لا نخسرهم». وتضيف ميس « في كثير من الاحيان قد لا تجد متسعا من الوقت لإرضاء الجميع، فالأهل يلومونك، وأسرة الزوج كذلك، والأقارب، والجيران، والصديقات، والزميلات، وغيرهم؛ ما يشعرها بأنها تعيش فى سجن صنعه أفراد المجتمع، حيث تتركز الأنظار حولها وتتهمها بالتقصير مهماً كانت ظروفها». ميس التي ترفض التملق بمعنى ادعاء ما هو ليس بموجود، ولكنها تداري وتساير بحيث تمشي الامور مع الجميع كما تقول». موظفة القطاع الخاص جمانة مفيد، اوضحت انها تؤيد ما ذهبت اليها فرحان في طرحها حول ان المرأة مطالبة اكثر من الرجل بسلوك درب المجاملات مع من تتعامل معهم في مشوار حياتها اليومي والازلي. مفيد قالت: انها تجامل زميلاتها وزملاءها في العمل وتجامل الاقارب وحتى مرؤسيها وجيرانها وسائق التكسي وبواب العمارة، معتبرة ان الابتسامة والكلمة الحلوة مفاتيح لدخول عالم الاخرين وقبولهم بالتالي لك».
فيما ترفض مفيد ان تتملق بمعنى انها لا تحابي احدا على حساب الحقيقة والمصداقية.
حياة تفرض المجاملة
وختمت مفيد بتعجبها ممن يقبل ان يمدحه احدهم بما هو ليس موجود فيه اساسا فهل يعقل ان يقال للغراب ما اجمل الوان ريشك». وبتساؤل مفيد طرح الموضوع على الخمسيني عصام نفاع الذي قال: ان الايام تغيرت حقا بحيث اصبحت المجاملة مطلوبة والتملق اساسيا في حياتنا رغم ما تتطلبه المرحلة من شفافية وصدق في التعامل.
نفاع اكد عدم معارضته المجاملة ولكنه رفض بشدة ان تكون كاذبة؛ يراد بها الوصول ولو على حساب الاخرين واخذ حقهم بحلاوة اللسان.
شجع وداري ولكن ضمن المعقول
بدوره تناول استاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي، موضوع المجاملات من وجهة نظر اكاديمية قائلا انه لا مانع من التشجيع، ووجود نشاط اجتماعي بين افراد المجتمع الواحد يتمثل في كلمات جميلة وتشجيعية تساعد الاخر في معرفة ما لديه ، كما انها بذات الوقت قد تنمي شعور المحبة والعطاء لديه». ولكن د. خزاعي شدد ان الامر لابد ان يكون في «حدود المعقول والصدق» . لافتا الى ان الامر كذلك يتطلب ذكر اخطاء الشخص الذي نمدحه ان وجدت، بحيث تأخذ المسألة منحنى النقد البناء وفي حدود الادب وليس الهدم».
ورفض د. الخزاعي ربط «المجاملة» بالنفاق الاجتماعي سعيا للحصول على مصلحة معينة ،وان كانت كذلك لدى البعض، موضحا ان «ليس كل من جامل هو شخصا منافقا».
وشدد د. خزاعي على ان المجاملة التي يترتب عليها جحد حق أو إثبات باطل غير جائزة وغير مقبولة كذلك، في حين اذا كانت المجاملة لا يترتب عليها شيء من الباطل؛ إنما هي كلمات طيبة فيها إجمال ولا تتضمن شهادة بغير حق لأحد ولا إسقاط حق لأحد. الدستور