"ابو كمال" يعود إلى مقاعد الدراسة بعد سبعة عقود في ذيبان
جو 24 : لم يتوان الحاج عادل الحوراني (الحاج أبو كمال) بعد سبعة عقود ويزيد عندما كان طالبا في الصف الثالث الأساسي في مدرسة ذيبان الثانوية الشاملة للبنين ان يعود في صبيحة يوم الخميس 8/10/ 2015الى ذات المدرسة لاكمال دراسته. بهذه الكلمات "إنني جئت لأكمل دراستي" فجر الحاج أبو كمال مفاجأة لإدارة المدرسة.
ذهل الجميع!! أكمل الحاج: لقد طُلب مني أن أحصل على كتاب من مدرستي التي درست فيها الصف الأول والثاني والثالث، حتى يتسنى لي إكمال دراستي.
ترسمت على وجوه المعلمين ضحكات أمل وفخر، وراحوا يبحثون معه في سجلات عمرها سبعين عاماً عن اسمه فيها، وجد الحاج ضالته، وكانت الأوراق بلونها المصفر تتحدث عن سنين طوال طوت تلك السجلات، ولم يكن بالحسبان الرجوع لها بعد كل هذه الفترة.
وتعود فصة ابو كمال عندما كان قبل سبعة عقود ويزيد طالباً في الصف الثالث الأساسي في مدرسة ذيبان الثانوية الشاملة للبنين، كان محباً للمدرسة، تواقاً للعلم، صديقاً للقلم.
إلا أن ما درجت عليه العادة في ذلك الوقت، هو أن يبدأ الطفل مبكراً بمساعدة ذويه في كسب قوت يومهم، فيترك الطالب مدرسته ويبدأ بمعاونة أهله بالزراعة وقطف الزيتون وتعلم بعض الأعمال والحرف البسيطة التي يعتاش عليها السكان آنذاك. هذا ما حدث تماماً مع الحاج أبي كمال، فقد غادر مدرسته تاركاً فيها أحلام الطفولة وأمنيات المستقبل ومشاعر حب دفنها تحت أدراج الصف وبين جنبات المدرسة.
أبو كمال تزوج وأصبح لديه من الأبناء والأحفاد الكثير، وجلّهم يحبون العلم أيضاً، تماماً كما هو، فأصبح منهم الطبيب والمهندس والمعلم، مما ضاعف من فخر واعتزاز أبي كمال بنفسه ونسله، وكأنه يقف في أرض ملؤها الأمل يحصد منهاما زرع.
وبين الماضي والحاضر لم تمت بذرة الأمل بعد، ولم تُكسر إرادة الحياة ولم تنثنِ العزيمة لدى أبي كمال، فبعد أن انقضى من عمره خمس وسبعون سنة ويزيد، راح يفكر بشيء لم يكن من المتوقع أن يخطر على بال مسنّ، أكل عليه الدهر وشرب، وكبر أبناؤه وأحفاده، فكان ما فكر به أبو كمال، هو العودة إلى مقاعد الدراسة.
الاستغراب كان سيد الموقف، فلم يتوقع أحد أن يعود هذا الحاج الكبير سنّاً وقدراً إلى الدراسة، ولكن الحاج أبا كمال فكّر ثم قرر ثم نفّذ، فعندما طلع صبح ذلك يوم الخميس 8/10/2015، وأشرقت شمسه الجميلة بخيوطها الذهبية المشعة، استيقظ أبو كمال وارتدى عباءته البيضاء المهيبة وكوفيته الحمراء وعقاله الأسود ونضاراته القديمة، ونهض حاملاً عصاه البنية المتينة متوكلاً على الله متوجهاً إلى مسقط رأسه قرية ذيبان/مأدبا التي غادرها قبل عقود عديدة ليسكن في منطقة خلدا/عمان.
وصل أبو كمال مدرسته، وفتح بابها بيديه التي تملؤها تجاعيد الزمن، مستذكراً حين كان طفلاً يانعاً يافعاً، وكان يفتح ذلك الباب بذات اليدين اللاتي لم يكن يخطها سوى الطفولة والبراءة.
تقدم أبو كمال بخطى ثابتة تجوب ساحة المدرسة، ثم وصل لغرفة المدير، سلم عليه وعلى المعلمين هناك، صمت الحاج قليلاً، وعم الهدوء المكان، وراحت الأفكار تتطارد في أذهان المعلمين، يتساءلون بصوت منخفض "يا ترى ماذا يريد هذا الحاج، من هو الطالب الذي جعل هذا الحاج بفخامة قدره يزور المدرسة ليسأل عنه.
لحظات قليلة ثم فجر الرجل المفاجأة، قال لهم "إنني جئت لأكمل دراستي"، ذهل الجميع!! أكمل الحاج: لقد طُلب مني أن أحصل على كتاب من مدرستي التي درست فيها الصف الأول والثاني والثالث، حتى يتسنى لي إكمال دراستي.
ترسمت على وجوه المعلمين ضحات أمل وفخر، وراحوا يبحثون معه في سجلات عمرها سبعين عاماً عن اسمه فيها، وجد الحاج ضالته، وكانت الأوراق بلونها المصفر تتحدث عن سنين طوال طوت تلك السجلات، ولم يكن بالحسبان الرجوع لها بعد كل هذه الفترة.
نهض الرجل وبيده ما جاء لأجله، وأمسك بعصاه متجهزاً لمغادرة المكان قائلاً، "هناك أمل يتجدد كل ساعة وكل يوم، ويستطيع الإنسان بلوغه إن أراد، فأنا أردت أن أزرع بأبنائي حب العلم فزرعوه بأبنائهم فوجدتهم أطباء، فقلت لنفسي ما الذي يمنعني أن أكون مثلهم طبيباً أو معلماً، وإن أعطاني الله عمرا مديداً فسأكمل الدكتوراه إن شاء الله"، مكملاً: " بل إني أوصيت أولادي بأن يدفنوا أوراقاً وقلماً معي في قبري حين يتوفني ربي".
كانت هذه الكلمات أروع ما سمعه أولئك المعلمون عبر سنوات عملهم، مؤدّين التحية لعظمة هذا الرجل الذي يختصر وصفه "بأنه رجل". هو الرجل الذي آمن بهم وبرسالتهم وعطائهم، وعاد لينهل علماً من بين أيادي معلمين بعمر أحفاده، حباً وكرامة لهم.الراي
ذهل الجميع!! أكمل الحاج: لقد طُلب مني أن أحصل على كتاب من مدرستي التي درست فيها الصف الأول والثاني والثالث، حتى يتسنى لي إكمال دراستي.
ترسمت على وجوه المعلمين ضحكات أمل وفخر، وراحوا يبحثون معه في سجلات عمرها سبعين عاماً عن اسمه فيها، وجد الحاج ضالته، وكانت الأوراق بلونها المصفر تتحدث عن سنين طوال طوت تلك السجلات، ولم يكن بالحسبان الرجوع لها بعد كل هذه الفترة.
وتعود فصة ابو كمال عندما كان قبل سبعة عقود ويزيد طالباً في الصف الثالث الأساسي في مدرسة ذيبان الثانوية الشاملة للبنين، كان محباً للمدرسة، تواقاً للعلم، صديقاً للقلم.
إلا أن ما درجت عليه العادة في ذلك الوقت، هو أن يبدأ الطفل مبكراً بمساعدة ذويه في كسب قوت يومهم، فيترك الطالب مدرسته ويبدأ بمعاونة أهله بالزراعة وقطف الزيتون وتعلم بعض الأعمال والحرف البسيطة التي يعتاش عليها السكان آنذاك. هذا ما حدث تماماً مع الحاج أبي كمال، فقد غادر مدرسته تاركاً فيها أحلام الطفولة وأمنيات المستقبل ومشاعر حب دفنها تحت أدراج الصف وبين جنبات المدرسة.
أبو كمال تزوج وأصبح لديه من الأبناء والأحفاد الكثير، وجلّهم يحبون العلم أيضاً، تماماً كما هو، فأصبح منهم الطبيب والمهندس والمعلم، مما ضاعف من فخر واعتزاز أبي كمال بنفسه ونسله، وكأنه يقف في أرض ملؤها الأمل يحصد منهاما زرع.
وبين الماضي والحاضر لم تمت بذرة الأمل بعد، ولم تُكسر إرادة الحياة ولم تنثنِ العزيمة لدى أبي كمال، فبعد أن انقضى من عمره خمس وسبعون سنة ويزيد، راح يفكر بشيء لم يكن من المتوقع أن يخطر على بال مسنّ، أكل عليه الدهر وشرب، وكبر أبناؤه وأحفاده، فكان ما فكر به أبو كمال، هو العودة إلى مقاعد الدراسة.
الاستغراب كان سيد الموقف، فلم يتوقع أحد أن يعود هذا الحاج الكبير سنّاً وقدراً إلى الدراسة، ولكن الحاج أبا كمال فكّر ثم قرر ثم نفّذ، فعندما طلع صبح ذلك يوم الخميس 8/10/2015، وأشرقت شمسه الجميلة بخيوطها الذهبية المشعة، استيقظ أبو كمال وارتدى عباءته البيضاء المهيبة وكوفيته الحمراء وعقاله الأسود ونضاراته القديمة، ونهض حاملاً عصاه البنية المتينة متوكلاً على الله متوجهاً إلى مسقط رأسه قرية ذيبان/مأدبا التي غادرها قبل عقود عديدة ليسكن في منطقة خلدا/عمان.
وصل أبو كمال مدرسته، وفتح بابها بيديه التي تملؤها تجاعيد الزمن، مستذكراً حين كان طفلاً يانعاً يافعاً، وكان يفتح ذلك الباب بذات اليدين اللاتي لم يكن يخطها سوى الطفولة والبراءة.
تقدم أبو كمال بخطى ثابتة تجوب ساحة المدرسة، ثم وصل لغرفة المدير، سلم عليه وعلى المعلمين هناك، صمت الحاج قليلاً، وعم الهدوء المكان، وراحت الأفكار تتطارد في أذهان المعلمين، يتساءلون بصوت منخفض "يا ترى ماذا يريد هذا الحاج، من هو الطالب الذي جعل هذا الحاج بفخامة قدره يزور المدرسة ليسأل عنه.
لحظات قليلة ثم فجر الرجل المفاجأة، قال لهم "إنني جئت لأكمل دراستي"، ذهل الجميع!! أكمل الحاج: لقد طُلب مني أن أحصل على كتاب من مدرستي التي درست فيها الصف الأول والثاني والثالث، حتى يتسنى لي إكمال دراستي.
ترسمت على وجوه المعلمين ضحات أمل وفخر، وراحوا يبحثون معه في سجلات عمرها سبعين عاماً عن اسمه فيها، وجد الحاج ضالته، وكانت الأوراق بلونها المصفر تتحدث عن سنين طوال طوت تلك السجلات، ولم يكن بالحسبان الرجوع لها بعد كل هذه الفترة.
نهض الرجل وبيده ما جاء لأجله، وأمسك بعصاه متجهزاً لمغادرة المكان قائلاً، "هناك أمل يتجدد كل ساعة وكل يوم، ويستطيع الإنسان بلوغه إن أراد، فأنا أردت أن أزرع بأبنائي حب العلم فزرعوه بأبنائهم فوجدتهم أطباء، فقلت لنفسي ما الذي يمنعني أن أكون مثلهم طبيباً أو معلماً، وإن أعطاني الله عمرا مديداً فسأكمل الدكتوراه إن شاء الله"، مكملاً: " بل إني أوصيت أولادي بأن يدفنوا أوراقاً وقلماً معي في قبري حين يتوفني ربي".
كانت هذه الكلمات أروع ما سمعه أولئك المعلمون عبر سنوات عملهم، مؤدّين التحية لعظمة هذا الرجل الذي يختصر وصفه "بأنه رجل". هو الرجل الذي آمن بهم وبرسالتهم وعطائهم، وعاد لينهل علماً من بين أيادي معلمين بعمر أحفاده، حباً وكرامة لهم.الراي