2024-11-26 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

أغاني الأعراس.. تاريخ ترويه «زغرودة»

أغاني الأعراس.. تاريخ ترويه «زغرودة»
جو 24 : أبواب - د.فيصل غرايبه - تشكل مفاهيم المرأة عن المرأة،صورة معمقة للثقافة الشعبية، وهي تتجلى في زغاريد العرس الشعبي كمناسبة للفرح ومتنفسا للمرأة لتتغاوى بما أنجبت، فالشابة في المدينة تنتظر العريس،وتحلم بزفة،وفي الريف يظل عشقها كتوما رمزيا ينتظر الموافقة لكن العرس لا بد منه، والعروس لا تتكلم ولكن يحكى عنها عبر الأقارب والجيران. كان المحيط الثقافي للمرأة في المدينة يتمثل بالمطبخ ولوازم البيت والجارة والقريبة،وكان المحيط الثقافي للمرأة في القرية الأسرة والقرية ونساؤها.



تقليد الاهتمام بالعروس
يوجه الكلام للعروس وهو ينطوي على المدح للأوصياء ويقال فيه:
«دارنا كبيرة ودرج الحمام فيها وأم العروس فرحانة يارب تهنيها
قعدتك عالكراسي قعدة البنا والكحل بعينيك زقفت لو غني
والبطن اللي حملك يجعل مسكنو الجنة».

تقليد الانتباه للمنزلة الاجتماعية
تتحدث النساء عن المنزلة الاجتماعية، باعتبارها أمرا هاما يهم الجميع، فيزغردن:
«آويها يا صحن توت يا مجلل بالعنكبوت
وقالوا اليتامى ما بتكبر آويها كبرت وفتحت بيوت
وتحاول النساء القريبات التخفيف على العروس من عناء الغربة، فيقلن:
لا تبكي يا نور العين لا تبكي مانك غريبة ولا بيك مغربك» ويختمن بالقول بعنفوان:
«نحنا بنات العرب ما نركب إلا خيل وسيوفنا مسقطة وكمامنا للذيل عدو بيك يدق بوابنا بالليل نرمل حريمه وندوسه في نعال الخيل»
يشكل ما جاء بالزغاريد صفوة المفاهيم التي فرضت في ذهن المرأة الممنوعة من الكلام والتي لا رأي لها.فهي:سمكة، مهرة،نرجسة،خبزمرقوق،لبن،عسل،خوخ،غزالة،حلية،سمسم، رمانة،تفاحة،صحن مجدرة،فلفل غالي،وردة،صدرها ميدان،بضاعة مشتراة،شمس،صندوق مقفل،عذراء مقفلة باللؤلؤ،كتفها كرمانة التخت،وباختصار شيء طيب،تذهب بالعقل.

طقوس الأعراس
تتحدد زغاريد العرس الشعبي حول المضمون نفسه،بل تتردد زغاريد بالكلمات نفسها من الأردن إلى فلسطين ولبنان، وهي تتكلم عن المرأة وتعكس ما في عقلها. ورغم التطور في الأعراس بانتقال المكان أحيانا إلى فندق ووليمة ورقص ودبكة وأغان مسجلة أو مغن، فلا بد أن تخرج سيدة من هنا أو هناك بزغرودة تحكي عن عواطفها تجاه العريس أو العروس. وفي جانب مواز يظهر التبذير عند البدوي القابع في أعماقنا، في مناسبات الأفراح والعزاء، بقصد إظهار الجاه حتى ولو كان كاذبا. يعبر عنه في هذه الزغرودة التي تغنى في الأردن وفلسطين كما في لبنان، كما يلي:
«عريسي عريسي لا تندم على المال حواجب عروستك خط اللآلي
حواجب عروستك قوس محنية بتسوى بنات حارتك ميه على ميه
ويزغرد للعريس، بالقول :
«آويها اسم الله عليك وعين الله عليك
والعين الحاسدة تعمى وما تقدر عليك
آويها عريسنا أسمراني وايش تقولوا فيه»
وفي إرشاد العروس التي ستصبح كنة (أي الساترة) تستر كل ما تراه في بيت أهل زوجها،على هذه الصورة:
«يا عروس ما تحتاجي نوصيكي لا تخلي حدا بالدار يشكيكي
بيت عمك حبيهم وعزيهم واعمليهم مطرح أهلك الربو كي»

تفضيل إنجاب الذكور
يلمس تفضيل إنجاب الذكر على الأنثى عند الأسرة العربية، ويرجع ذلك الى القناعات التالية:
-الرجال قوامون على النساء،والذكر يقطع ميراث الأقارب والصبي يمنع العدو .
-حمل اسم العائلة (يأخذ الثأر ويمحي العار)، ولا هم من تربية الذكر فيما الأنثى (هم البنات حتى الممات) وكذلك (خلف البنت هم بالليل والنهار حتى الممات).
-يتوارث نزعة تفضيل العرب بالجاهلية الذكر على الأنثى، قال تعالى (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجه مسودا وهو كظيم. يتوارى عن القوم من سوء ما بشر به. أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون) سورة النمل .
-تعتبر العشيرة أصول تساند وانتماء تحتاج لليد القوية للذكر .
ولتفضيل الذكر على الأنثى عدة مظاهر عبر الثقافة الشعبية في الطقوس والغناء مثلا، وان وجدت قلة من الأغاني والأمثال التي تضع الأنثى موضع التفضيل الشكلي،مثال المثل المصري: (اللي يسعدها زمانها تجيب بناتها قبل صبيانها) وهذا تفضيل لإنتاج سواعد تريح الوالدة فقط.أو(اللي ما خلفش بنات ما تعرفش الناس انه مات)،أي الحاجة إلى بنات تعول وتصرخ وتنوح وتنبش الشعر وتشق الجيوب لإعلان فقد فقيد،فيما إنجاب البنت تقليل من هيبة الرجل،فقد يطلق زوجته ويضرب القابلة. ويقال في مصر :
«تستاهلي يا جابلة ثلاثين جريدة دابلة
يا مبشرة بالبنية والعوازل واجفة»
أما عند إنجاب الذكر(أم الغلام تستأهل الإكرام )، ويقال غناء:
«لما قالوا دا ولد انشد حيلي وانسند
وجابولي البيض مقشر عليه سمن البلد
ولما قالوا دي بنيه اتهدت الحيطة عليا .»
وللولد حفلة ختان علنية تتمركز حول فكرة الاستمرارية للعائلة، وحفلة ختم القرآن، وكل العناية إذا أصيب بأي مرض، ومرافقة والده في المناسبات واللعب حيثما يشاء،مقابل جريمة ختان البنت التي تتم سرا، وجريمة اللعب أبعد من صحن الدار أو أمامه،اذ يحلل لها الخروج عندما تبلغ في إيصالها الطعام والحاجات إلى الذكور في الحقل،أو لجلب الماء أو الحطب. فالحاجة إلى سواعدها تسقط المحرم. وهكذا الإنتاج وأسلوبه وعلاقاته تحدد المحلل والحرام على البنت،والتي عليها أن تمشي خلف والدها أو أخيها وليس بمساواته،وإذا مرضت قلما يعتني بها،ومن الأمثال:(موت البنت أستر لها). وإذا أردنا اهانة رجل في الريف، أطلقنا عليه لقب (مرى).
وكانت الأمثال الشعبية المتراكمة عبر التاريخ تعبر عن النظرة الدونية نحو الأنثى،كأن لا تعتمد على المرأة لأن لا عقل لها ولا تامن لها: ( لا تأمن للمرأة إذا صلت ولا للشمس إذا ولت ). (من أعطى سره لمراته يا طول عذابه وشتاته )، (مرة ابن مرة اللي يشاور مرة )، أو ( شاورهن وخالف شورهن )، ( شورة المرى إن صحت تأخر مئة سنة لورى)،( بيت البنات خراب ) وهذا المثل من فلسطين وجنوب لبنان يتماشى مع هامشية المرأة في الأمثال المصرية، أي أن العمار يأتي من الذكور. وعلى التناقض من هذا المثل نجد مثلا آخر:(البنت المليحة ولا الصبي الفضيحة).فهذا التناقض في الأمثال تعبير فعلي عن الواقع المتناقض،و(العايقة بتغزل باجر الحمار) أي أنها مدبرة قادرة صاحبة حنكة،أو مدح البنت في معرض مدح أخيها وأمها(فلان أخو أخته)أي لبق وقدير وأمه شريفة،و(الفرس من ورى الفارس) وهذا المثل يعطي المرأة بعض حقها، أو (اللي جوزها معها بتدير العالم بأصبعها)، وهذا يعني إن المرأة ذات عقل وتدبير ومقدرة تحتاج إلى فك قيود،و(النسوان حبال الشيطان)،وهذا يلقي اللوم على الطرف الضعيف _المرأة_ ، وليس على الشيطان -الذكر-.

الموقف من الأقربين
يمدح الخال ويوضع في مرتبة فوق العم، فان(الولد لو بار ثلثيه للخال). لكن إذا كان الخصام مع الآخرين من الحمولة أو العشيرة الأخرى، فالعم والخال في طليعة الشجعان . ويقال في ذلك:
«يا بنتي مين همك ومين قال النذل عمك..
يا بنتي مين هانك مين قال النذل خالك»
أما إذا أنجبت المرأة ست بنات بلا ذكر، فمن يصلح حالها مع حماتها والأخريات (لو فيكي خير جيبتي له قرعومة صبي) ومع زوجها الذي لن يستمر اسمه المجيد،وملكه إن كان من الملاك؟لا شك أن المدبر معروف وهذه مشيئته،فدعوات للأولياء والقديسين الرابضين في أماكن ملموسة،والرزق على الله، والشيخوخة على الأجاويد،فيقال:
«يا عين بنتي نامي نومة الكمون
والصيف عاقل والشتا لا تنام مهموم
رزقهم على رب السما مقسوم»
يجعل الذكر الأب أبو فلان،يحمل الاسم،يدافع يضرب عصا، يساعد في العمل وله حفلة ختم القرآن، له حفلة الطهور، يكبر العائلة ويضيف إليها كي لا يقال (مسكين انقطع نسله). ويحمل الغناء للابن أيضا عدة مضامين، ما دام تزويجه مسألة سهلة (الأم تأتيه بالعروس والأب يدفع ثمنها) مع الوعد بالخلافة، تتمنى له الأم قصرا مثل البيك وكل ما تطمح إليه على رنين الذهب والسلطة المفقودة عندها مثلا : «هي الله .. هي الله ..سمن وعسل بالجرة
يا محمد الحندقه.. خدك احمر ومنقى
اللي حبك بيبوسك ..واللي يبغضك يتلقى
قدرة المرأة على الإبداع»
وفي هذا الحوار غير الواقعي، تأكيد لقدرة المرأة على الإبداع الأدبي والفني .
«نام يا ابني نام ...لاذبحلك طير الحمام
يا حمامي لا تخافي ...بضحك على ابني لينام»
الرأي .
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير