ملاحظات نقابة المعلمين حول "الحق في التعليم"
جو 24 : تثمن نقابة المعلمين الأردنيين الدور الهام الذي يلعبه المركز الوطني لحقوق الانسان في متابعته للشأن الحقوقي في الأردن ، وذلك للوصول إلى بيئة مدنية تعنى بحقوق الانسان وتحافظ عليه، من خلال رصدها ومتابعتها لسلوكيات وممارسات الجهات التنفيذية وهيئات المجتمع المدني المختلفة.
ومع هذا فإننا نرى – كمؤسسة مجتمع مدني– أن من حقنا أن نبدي ملاحظاتنا على هذا التقرير، وخاصة ما يعنى بـِ (الحق في التعليم) ، لما لمسناه من عدم إيراد العديد من الملفات الحقوقية الهامة والتي تم التقصير فيها أو التغاضي عنها من قبل الجهات المسؤولة في البلد، بما ينعكس سلباً على هذه الحقوق ويتسبب بتراجعها في الخريطة المدنية.
بند التشريعات:
شرح التقرير الجانب المشرق في التشريعات حول "حق الأردنيين في التعليم في الدستور"، وأوضح أن الأردن هو طرف في المواثيق الدولية التي تؤكد على إلزامية التعليم الأساسي ومجانيته، لكنه لم يتطرق البتة إلى منهج الانتقائية التي انتهجتها الحكومات ممثلة بوزارة التربية في تطبيق أو عدم تطبيق مواد من قانونها الصادر سنة 1994م ، بل إن قانون التربية قد أسس عدداً من الموضوعات التي تحتاج إلى أنظمة لتفعيلها في الميدان التعليمي، إلا أنه لم يتم العمل بها حتى الآن.
فقد احتوى القانون على نظام آليات تصنيف المدارس الخاصة بما يضمن جودة التعليم وحقوق المعلمين إلا أنه لم يصدر بعد ، بل إن قانون التقاعد المدني – والذي يطبق على شريحة كبيرة من موظفي الدولة ومنهم المعلمين – لم ينبثق عنه أنظمة تحكمه، ناهيك عن إطلاق يد المسؤول في الإحالة على الاستيداع والتقاعد في نظام الخدمة المدنية مما يحد من حرية التعبير خوفاً من العقوبات ، وبين هذا وذاك تنتشر رائحة الانتقائية والتفاوت في التطبيق.
بند العملية التعليمية :
طرح التقرير حالة وصفية لتفعيل وزارة التربية اجراءات ضبط امتحان الثانوية العامة من حيث الغش، وأكد على إسهامها في إعادة الهيبة وزرع الطمأنينة، وتفعيله لمبدأ التنافسية، وطرح أيضاً أن انخفاض نسبة النجاح أثار التساؤلات والانتقادات من جهة، ومن جهة أخرى كشف إظهارها المستوى الفعلي للدراسة والتعليم في الأردن وترسيخها لمبدأ التنافسية.
بيد أن التقرير لم يتطرق إلى أن الوزارة قد ألغت في هذه السنة ما يعرف تربوياً بالعلامة الحدية (وهي عرف تربوي يُعنى بإضافة علامة إلى ثلاث علامات تفادياً للتفاوت في فهم الأسئلة ودقتها وبين البيئات المدرسية المختلفة) ، وهو مطبق منذ سنوات طويلة، وقد تسبب هذا الإلغاء في أن ما يقرب من 15% من الراسبين قد رسبوا لنقص علامة أو اثنتين أو ثلاث في مادة واحدة فقط، أي حرمان ما لا يقل عن 12,890 من استكمال حياتهم الأكاديمية أو المهنية وتعطلهم لمدة ستة أشهر أو سنة، في حالة تنبئ عن تكدس هؤلاء الآلاف دون عمل يذكر مما يشيع من ثقافة الفراغ والبطالة والشارع.
يضاف إلى ذلك أن مبدأ التنافسية – الذي تحدث عنه التقرير – لم يترسخ ، بدليل أن نسبة الاستثناءات في قبول الجامعات الحكومية لا تزال مرتفعة ، وتوضح إحصائية القبول الموحد للعام الجامعي 2015/2016، أن ما يقارب 42% من المقبولين في الجامعات الحكومية هم من ذوي الاستثناءات المتنوعة (من المكارم الملكية أو الأقل حظاً أو السنوات السابقة أو خارج الأردن)، فأين هو ترسيخ مبدأ التنافسية ، ناهيك عن تردي الشعور العام بالعدالة الاجتماعية جراء واقع المدارس أصلاً.
بند (نوعية التعليم )
تطرق التقرير إلى مجموعة من التحديات التي تواجه نوعية التعليم من بينها : النقص الحاد في أعداد المعلمين وتضخم في أعداد الإداريين مما دفع الوزارة لإعادة هيكلة مديرياتها، مشيراً إلى تأثير محتمل يمس نوعية التعليم جراء دخول ما يقرب من 5000 موظف إداري الى الميدان دون تأهيل مسبق، ولكنه – أي التقرير – لم يتطرق إلى ما قامت به الوزارة من إلغاء لمسار الإدارة المعلوماتية الذي بدوره أحال آلافاً من المعلمين في القطاع الخاص إلى الشارع وفي القطاع العام في بطالة مقنعة يتم إعادتهم مرة أخرى إلى إداريين.
كما لم يتطرق التقرير إلى واقع حملة الدبلوم في وزارة التربية (والذين دخلوا في التعليم بمكرمة ملكية في 2007م) وعدم تأهيلهم كما هو منصوص عليه في قانون الوزارة، بل ولم تسعى الوزارة إلى استثمار المراكز الوطنية المتعددة (وعلى رأسها المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية ) لتأهيل حملة الدبلوم في القطاع الخاص ، بل عملت على إيقاف تعيينهم – بقرار مفاجئ – مما سبب أزمة مجتمعية عملت بسببها العديد من الجهات (ومنها النقابة) على مناهضة هذا القرار لخطورته على الميدان التعليمي.
أضف إلى أن التقرير أيضاً لم يتناول فكرة (المدارس الأقل حظاً) حسب تعريف الوزارة، فليس هناك أي معايير محددة ومعلنة بهذا الخصوص، الأمر الذي جعل هذا المسمى يخضع لشيء من المحسوبية والواسطة وغيرها، وهذا ما ظهر في قائمة (المدارس الأقل حظاً) التي ظهرت إبان إعلان نتائج 2015 م والتي خلت منها الكثير من المدارس النائية وظهر بها بعض المدارس المميزة أصلاً.
بند المناهج الدراسية
لم يتطرق التقرير إلى حجم الفجوة الحاصلة بين ما يدرّس في المناهج عن حقوق الانسان وبين طبيعة ما نحتاجه ، واكتفى فقط بإشارة خجولة إلى "عدم إشراك المركز الوطني لحقوق الإنسان" في تقديم توصياته وتقييمه المسبق لهذه المناهج ، مما يدلل على حجم هذه الفجوة وعدم الجدية في ردمها من خلال بناء مناهج وطنية برؤية تشاركية بين الوزارة ومؤسسات المجتمع المدني.
بند المراكز الثقافية
لم يتطرق التقرير إلى الأسباب المجتمعية المؤدية لظهور المراكز الثقافية ، وخاصة فيما يعنى بالضعف الحاصل في تقديم الخدمة التعليمية في المدارس والذي ينكشف عادة في امتحان التوجيهي ، كما لم يتناول الواقع في أنه عند إغلاقها دون تحسين الخدمة التعليمية فستتحول إلى البيوت (من خلال الدروس الخصوصية)، أي بمعنى أن "الأغنياء سيدفعون والفقراء سيحرمون" ، ناهيك عن عدم وجود برامج تقوية جادة تقدمها الوزارة على شكل حصص تقوية أو أندية صيفية.
نقابة المعلمين
طرح التقرير حالة وصفية لمتابعته لانتخابات نقابة المعلمين في 25/3/2014م، وذلك من حيث الإجراءات ومدى توافقها مع المعايير الدولية ، في حين أن التقرير لم يتطرق أصلاً إلى مدى استيعاب الحكومة لوجود النقابة كمؤسسة حديثة ينبغي أن تدعم من قبل الجميع، ناهيك عن عدم طرح إشكالية التشريعات التي ما زالت تكبل عملها، متناسية – أي الحكومة – بذلك توجيهات صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني عند تأسيس النقابة واصفاً إياها بأنها (مؤسسة وطنية فاعلة ومؤثرة في العمل الجماعي المنحاز للوطن والمواطن ، وهي مدعوة لبناء شراكات حقيقية مع القطاعات والمؤسسات المعنية في العملية التعليمية)، وهذه التوجيهات لا تتم إلا بإيجاد حاضنة تشريعية وقانونية مناسبة.
ولم يطرح التقرير عدالة مطالب المعلمين في إضرابهم الأخير ، ولا حتى ما مورس عليهم من تجييش إعلامي مقصود من قبل الحكومة ومحاولة شيطنتهم أمام الرأي العام، ناهيك عن انقلاب الحكومة على كل معاني الديمقراطية باستصدارها قرار من ديوان تفسير القوانين يجرّم الإضراب ويحاسب عليه، بل وتعمل الحكومة الآن على دراسة تعديلات على قانون العقوبات يتحدث عن تجريم الاضراب ومعاقبة الداعين له والمضربين، في خطوة عرفية لم تشهدها أية دولة ديمقراطية حديثة.
بند التعليم الخاص
نسب التقرير الفضل في إعداد المسودة النهائية لنظام المؤسسات التعليمية الخاصة لإدارة التعليم الخاص في وزارة التربية والتعليم فقط، دون الحديث عن مشاركة النقابة في لجنة الإعداد أصلاً، وممارستها حالة من النضال النقابي لإقراره في أروقة الوزارة ، وما زال النظام حبيس أدراج الوزارة منذ أكثر من عام دون إقرار ودون وجود أسباب واضحة.
كما أن التقرير لم يتطرق إلى طبيعة المشاكل التي يعاني منها المعلمون في هذا القطاع ، من ضعف رواتبهم وانقطاعها في العطل الصيفية ، وضعف البرامج التدريبية والتأهيلية لهم، وانتقاص حقوقهم المهنية والتأمينية بشكل مستمر، مما يدل على حالة من الإهمال غير المبرر لهذه الفئة من قبل الحكومة ، وهي فئة تقترب من 40 ألف معلم ومعلمة. وقد عملت النقابة على طرح موضوعهم بقوة في نظام المؤسسات التعليمية الخاصة، إلا أن ذلك قد تم حبسه في درج الوزير.
الرسوم الجامعية وأسس القبول
لم يتناول التقرير موضوع ارتفاع الأقساط في الدراسات العليا دون أي تغيير يذكر على البرامج الدراسية، كما لم يتطرق إلى معايير المنح الدراسية وعدم خضوع جميع إجراءاتها للشفافية والعدالة.
كما أن التقرير طرح ملاحظته حول وجود دراسة لتجميد الاستثناءات في المقاعد الجامعية الممنوحة لأبناء مجلس التعليم العالي ، ولم يتطرق إشكالية الاستثناءات أصلاً والتي تناهز 42% من القبول الموحد، والتي يجب أن يتم إعادة دراستها لتكون دعماً للطلاب بعد حصولهم على المقعد تنافسياً لا قبل دخولهم في الجامعة لأن طبيعة الخدمة التعليمية المقدمة للطلاب متساوية.
ظاهرة العنف الجامعي
تطرق التقرير إلى حالة وصفية لحالات العنف الجامعي دون التطرق لأسبابها وتداعياتها كما لم يطرح أصلاً العنف المدرسي وحالات الاعتداء على المعلمين ، والتي قدمت نقابة المعلمين دراسة رقمية للحالات التي تم الاعتداء عليها في العام الماضي والنصف الأول من العام الحالي.
الانتخابات الطلابية
لم يتطرق التقرير إلى ما تمارسه بعض الجامعات من محاولة للتدخل في العملية الانتخابية، ناهيك عن ازدواجية التعامل بين الهيئات الطلابية المنتخبة مرة عن أخرى ، من حيث الدعم المادي أو حتى هامش الحريات وبيروقراطية الاجراءات على أي فعالية طلابية، وظهور حالة من التحسس في التعامل مع الاتجاهات الطلابية المختلفة.
الحريات الأكاديمية
ما زال التعيين في الكوادر الإدارية والتدريسية في الجامعات يخضع للواسطات والمحسوبيات واختيار العديد منهم لا يخضع لمعايير النزاهة والشفافية والكفاءة، وما زال الحديث عن هذا الأمر يأتي على خجل ينبأ عن مستقبل مؤلم للحياة الأكاديمية في الجامعات .
وأما مطالبة زملائنا الأساتذة الجامعيين لكيان نقابي لهم فهو مطلب شرعي ووطني، وهو أمر يشكر التقرير على طرحه بوضوح.
التوصيات
خلت التوصيات من الحديث عن آليات أمن وحماية الكوادر التعليمية وخاصة ما يظهر بسبب قراراتهم الأكاديمية ، كما خلت التوصيات من الضغط على الحكومة للحفاظ على الموائمة بين ما يتم إقراره من تشريعات مع ما يتم توقيعه من اتفاقيات، كما هو الحاصل الآن من سعي الحكومة لتعديل قانون العقوبات ليجرّم الإضراب بما يناهض العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
إننا في نقابة المعلمين الأردنيين لنقدم هذه الملاحظات أولا للمركز الوطني لحقوق الأنسان ، والذي نفاخر بعمله وجهده سعيا منا نحو إضافة نوعية على تقريرهم السنوي ليشمل كافة تفاصيل واقعنا التعليمي ، ونقدمها أيضا للرأي العام لنؤدي أحد أدوارنا الرئيسة في الدفع المجتمعي لتطوير العملية التعليمية في الوطن برمته ، من خلال بيئة إيجابية مفعمة بالحريات العامة وحقوق الإنسان .
هدى العتوم
أمين سر نقابة المعلمين الأردنيين
ومع هذا فإننا نرى – كمؤسسة مجتمع مدني– أن من حقنا أن نبدي ملاحظاتنا على هذا التقرير، وخاصة ما يعنى بـِ (الحق في التعليم) ، لما لمسناه من عدم إيراد العديد من الملفات الحقوقية الهامة والتي تم التقصير فيها أو التغاضي عنها من قبل الجهات المسؤولة في البلد، بما ينعكس سلباً على هذه الحقوق ويتسبب بتراجعها في الخريطة المدنية.
بند التشريعات:
شرح التقرير الجانب المشرق في التشريعات حول "حق الأردنيين في التعليم في الدستور"، وأوضح أن الأردن هو طرف في المواثيق الدولية التي تؤكد على إلزامية التعليم الأساسي ومجانيته، لكنه لم يتطرق البتة إلى منهج الانتقائية التي انتهجتها الحكومات ممثلة بوزارة التربية في تطبيق أو عدم تطبيق مواد من قانونها الصادر سنة 1994م ، بل إن قانون التربية قد أسس عدداً من الموضوعات التي تحتاج إلى أنظمة لتفعيلها في الميدان التعليمي، إلا أنه لم يتم العمل بها حتى الآن.
فقد احتوى القانون على نظام آليات تصنيف المدارس الخاصة بما يضمن جودة التعليم وحقوق المعلمين إلا أنه لم يصدر بعد ، بل إن قانون التقاعد المدني – والذي يطبق على شريحة كبيرة من موظفي الدولة ومنهم المعلمين – لم ينبثق عنه أنظمة تحكمه، ناهيك عن إطلاق يد المسؤول في الإحالة على الاستيداع والتقاعد في نظام الخدمة المدنية مما يحد من حرية التعبير خوفاً من العقوبات ، وبين هذا وذاك تنتشر رائحة الانتقائية والتفاوت في التطبيق.
بند العملية التعليمية :
طرح التقرير حالة وصفية لتفعيل وزارة التربية اجراءات ضبط امتحان الثانوية العامة من حيث الغش، وأكد على إسهامها في إعادة الهيبة وزرع الطمأنينة، وتفعيله لمبدأ التنافسية، وطرح أيضاً أن انخفاض نسبة النجاح أثار التساؤلات والانتقادات من جهة، ومن جهة أخرى كشف إظهارها المستوى الفعلي للدراسة والتعليم في الأردن وترسيخها لمبدأ التنافسية.
بيد أن التقرير لم يتطرق إلى أن الوزارة قد ألغت في هذه السنة ما يعرف تربوياً بالعلامة الحدية (وهي عرف تربوي يُعنى بإضافة علامة إلى ثلاث علامات تفادياً للتفاوت في فهم الأسئلة ودقتها وبين البيئات المدرسية المختلفة) ، وهو مطبق منذ سنوات طويلة، وقد تسبب هذا الإلغاء في أن ما يقرب من 15% من الراسبين قد رسبوا لنقص علامة أو اثنتين أو ثلاث في مادة واحدة فقط، أي حرمان ما لا يقل عن 12,890 من استكمال حياتهم الأكاديمية أو المهنية وتعطلهم لمدة ستة أشهر أو سنة، في حالة تنبئ عن تكدس هؤلاء الآلاف دون عمل يذكر مما يشيع من ثقافة الفراغ والبطالة والشارع.
يضاف إلى ذلك أن مبدأ التنافسية – الذي تحدث عنه التقرير – لم يترسخ ، بدليل أن نسبة الاستثناءات في قبول الجامعات الحكومية لا تزال مرتفعة ، وتوضح إحصائية القبول الموحد للعام الجامعي 2015/2016، أن ما يقارب 42% من المقبولين في الجامعات الحكومية هم من ذوي الاستثناءات المتنوعة (من المكارم الملكية أو الأقل حظاً أو السنوات السابقة أو خارج الأردن)، فأين هو ترسيخ مبدأ التنافسية ، ناهيك عن تردي الشعور العام بالعدالة الاجتماعية جراء واقع المدارس أصلاً.
بند (نوعية التعليم )
تطرق التقرير إلى مجموعة من التحديات التي تواجه نوعية التعليم من بينها : النقص الحاد في أعداد المعلمين وتضخم في أعداد الإداريين مما دفع الوزارة لإعادة هيكلة مديرياتها، مشيراً إلى تأثير محتمل يمس نوعية التعليم جراء دخول ما يقرب من 5000 موظف إداري الى الميدان دون تأهيل مسبق، ولكنه – أي التقرير – لم يتطرق إلى ما قامت به الوزارة من إلغاء لمسار الإدارة المعلوماتية الذي بدوره أحال آلافاً من المعلمين في القطاع الخاص إلى الشارع وفي القطاع العام في بطالة مقنعة يتم إعادتهم مرة أخرى إلى إداريين.
كما لم يتطرق التقرير إلى واقع حملة الدبلوم في وزارة التربية (والذين دخلوا في التعليم بمكرمة ملكية في 2007م) وعدم تأهيلهم كما هو منصوص عليه في قانون الوزارة، بل ولم تسعى الوزارة إلى استثمار المراكز الوطنية المتعددة (وعلى رأسها المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية ) لتأهيل حملة الدبلوم في القطاع الخاص ، بل عملت على إيقاف تعيينهم – بقرار مفاجئ – مما سبب أزمة مجتمعية عملت بسببها العديد من الجهات (ومنها النقابة) على مناهضة هذا القرار لخطورته على الميدان التعليمي.
أضف إلى أن التقرير أيضاً لم يتناول فكرة (المدارس الأقل حظاً) حسب تعريف الوزارة، فليس هناك أي معايير محددة ومعلنة بهذا الخصوص، الأمر الذي جعل هذا المسمى يخضع لشيء من المحسوبية والواسطة وغيرها، وهذا ما ظهر في قائمة (المدارس الأقل حظاً) التي ظهرت إبان إعلان نتائج 2015 م والتي خلت منها الكثير من المدارس النائية وظهر بها بعض المدارس المميزة أصلاً.
بند المناهج الدراسية
لم يتطرق التقرير إلى حجم الفجوة الحاصلة بين ما يدرّس في المناهج عن حقوق الانسان وبين طبيعة ما نحتاجه ، واكتفى فقط بإشارة خجولة إلى "عدم إشراك المركز الوطني لحقوق الإنسان" في تقديم توصياته وتقييمه المسبق لهذه المناهج ، مما يدلل على حجم هذه الفجوة وعدم الجدية في ردمها من خلال بناء مناهج وطنية برؤية تشاركية بين الوزارة ومؤسسات المجتمع المدني.
بند المراكز الثقافية
لم يتطرق التقرير إلى الأسباب المجتمعية المؤدية لظهور المراكز الثقافية ، وخاصة فيما يعنى بالضعف الحاصل في تقديم الخدمة التعليمية في المدارس والذي ينكشف عادة في امتحان التوجيهي ، كما لم يتناول الواقع في أنه عند إغلاقها دون تحسين الخدمة التعليمية فستتحول إلى البيوت (من خلال الدروس الخصوصية)، أي بمعنى أن "الأغنياء سيدفعون والفقراء سيحرمون" ، ناهيك عن عدم وجود برامج تقوية جادة تقدمها الوزارة على شكل حصص تقوية أو أندية صيفية.
نقابة المعلمين
طرح التقرير حالة وصفية لمتابعته لانتخابات نقابة المعلمين في 25/3/2014م، وذلك من حيث الإجراءات ومدى توافقها مع المعايير الدولية ، في حين أن التقرير لم يتطرق أصلاً إلى مدى استيعاب الحكومة لوجود النقابة كمؤسسة حديثة ينبغي أن تدعم من قبل الجميع، ناهيك عن عدم طرح إشكالية التشريعات التي ما زالت تكبل عملها، متناسية – أي الحكومة – بذلك توجيهات صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني عند تأسيس النقابة واصفاً إياها بأنها (مؤسسة وطنية فاعلة ومؤثرة في العمل الجماعي المنحاز للوطن والمواطن ، وهي مدعوة لبناء شراكات حقيقية مع القطاعات والمؤسسات المعنية في العملية التعليمية)، وهذه التوجيهات لا تتم إلا بإيجاد حاضنة تشريعية وقانونية مناسبة.
ولم يطرح التقرير عدالة مطالب المعلمين في إضرابهم الأخير ، ولا حتى ما مورس عليهم من تجييش إعلامي مقصود من قبل الحكومة ومحاولة شيطنتهم أمام الرأي العام، ناهيك عن انقلاب الحكومة على كل معاني الديمقراطية باستصدارها قرار من ديوان تفسير القوانين يجرّم الإضراب ويحاسب عليه، بل وتعمل الحكومة الآن على دراسة تعديلات على قانون العقوبات يتحدث عن تجريم الاضراب ومعاقبة الداعين له والمضربين، في خطوة عرفية لم تشهدها أية دولة ديمقراطية حديثة.
بند التعليم الخاص
نسب التقرير الفضل في إعداد المسودة النهائية لنظام المؤسسات التعليمية الخاصة لإدارة التعليم الخاص في وزارة التربية والتعليم فقط، دون الحديث عن مشاركة النقابة في لجنة الإعداد أصلاً، وممارستها حالة من النضال النقابي لإقراره في أروقة الوزارة ، وما زال النظام حبيس أدراج الوزارة منذ أكثر من عام دون إقرار ودون وجود أسباب واضحة.
كما أن التقرير لم يتطرق إلى طبيعة المشاكل التي يعاني منها المعلمون في هذا القطاع ، من ضعف رواتبهم وانقطاعها في العطل الصيفية ، وضعف البرامج التدريبية والتأهيلية لهم، وانتقاص حقوقهم المهنية والتأمينية بشكل مستمر، مما يدل على حالة من الإهمال غير المبرر لهذه الفئة من قبل الحكومة ، وهي فئة تقترب من 40 ألف معلم ومعلمة. وقد عملت النقابة على طرح موضوعهم بقوة في نظام المؤسسات التعليمية الخاصة، إلا أن ذلك قد تم حبسه في درج الوزير.
الرسوم الجامعية وأسس القبول
لم يتناول التقرير موضوع ارتفاع الأقساط في الدراسات العليا دون أي تغيير يذكر على البرامج الدراسية، كما لم يتطرق إلى معايير المنح الدراسية وعدم خضوع جميع إجراءاتها للشفافية والعدالة.
كما أن التقرير طرح ملاحظته حول وجود دراسة لتجميد الاستثناءات في المقاعد الجامعية الممنوحة لأبناء مجلس التعليم العالي ، ولم يتطرق إشكالية الاستثناءات أصلاً والتي تناهز 42% من القبول الموحد، والتي يجب أن يتم إعادة دراستها لتكون دعماً للطلاب بعد حصولهم على المقعد تنافسياً لا قبل دخولهم في الجامعة لأن طبيعة الخدمة التعليمية المقدمة للطلاب متساوية.
ظاهرة العنف الجامعي
تطرق التقرير إلى حالة وصفية لحالات العنف الجامعي دون التطرق لأسبابها وتداعياتها كما لم يطرح أصلاً العنف المدرسي وحالات الاعتداء على المعلمين ، والتي قدمت نقابة المعلمين دراسة رقمية للحالات التي تم الاعتداء عليها في العام الماضي والنصف الأول من العام الحالي.
الانتخابات الطلابية
لم يتطرق التقرير إلى ما تمارسه بعض الجامعات من محاولة للتدخل في العملية الانتخابية، ناهيك عن ازدواجية التعامل بين الهيئات الطلابية المنتخبة مرة عن أخرى ، من حيث الدعم المادي أو حتى هامش الحريات وبيروقراطية الاجراءات على أي فعالية طلابية، وظهور حالة من التحسس في التعامل مع الاتجاهات الطلابية المختلفة.
الحريات الأكاديمية
ما زال التعيين في الكوادر الإدارية والتدريسية في الجامعات يخضع للواسطات والمحسوبيات واختيار العديد منهم لا يخضع لمعايير النزاهة والشفافية والكفاءة، وما زال الحديث عن هذا الأمر يأتي على خجل ينبأ عن مستقبل مؤلم للحياة الأكاديمية في الجامعات .
وأما مطالبة زملائنا الأساتذة الجامعيين لكيان نقابي لهم فهو مطلب شرعي ووطني، وهو أمر يشكر التقرير على طرحه بوضوح.
التوصيات
خلت التوصيات من الحديث عن آليات أمن وحماية الكوادر التعليمية وخاصة ما يظهر بسبب قراراتهم الأكاديمية ، كما خلت التوصيات من الضغط على الحكومة للحفاظ على الموائمة بين ما يتم إقراره من تشريعات مع ما يتم توقيعه من اتفاقيات، كما هو الحاصل الآن من سعي الحكومة لتعديل قانون العقوبات ليجرّم الإضراب بما يناهض العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
إننا في نقابة المعلمين الأردنيين لنقدم هذه الملاحظات أولا للمركز الوطني لحقوق الأنسان ، والذي نفاخر بعمله وجهده سعيا منا نحو إضافة نوعية على تقريرهم السنوي ليشمل كافة تفاصيل واقعنا التعليمي ، ونقدمها أيضا للرأي العام لنؤدي أحد أدوارنا الرئيسة في الدفع المجتمعي لتطوير العملية التعليمية في الوطن برمته ، من خلال بيئة إيجابية مفعمة بالحريات العامة وحقوق الإنسان .
هدى العتوم
أمين سر نقابة المعلمين الأردنيين