صافرةُ إنذارٍ لن تكونَ الأخيرة ضدَّ العنف
جو 24 : يكتب حمد أبو ضرغم كلماتٍ من واقعٍ جريح، ويغنّيها نقولا سعادة نخلة بجمال الإنسانية. "مش هيك الرجّال بيبقى"، صرخةٌ في إمكان كلماتها الحَفْر في النفس. يأتي الكليب مُكمِّلاً الرسالة، حَذِراً من إفسادها بالعنف الزائد واستدرار الشفقة.
تمرّر الأغنية (من ألحان نخلة أيضاً) ما تودّ قوله بثقة، فلا تبالغ ولا تراوغ. إنّها واحدة من أعمق أغنيات نخلة، صوتها لا يرتجف وإيقاعها لا يتقلّب. يصوّرها المخرج زياد خوري باعتبارها أملاً إنسانياً لا يرتبط بالضرورة بأعيادٍ نسوية ومناسبات.
الكلمات بقوّة دمع طفلٍ وحيد خائف وطفلة من أحزان تتوق إلى طمأنينة العائلة. يضع الكليب المُشاهد أمام خيارَيْن: السلام والعنف. اجعلْ حياة مَن حولكَ جحيماً، أو كُنْ لهم بهجة ضحكات الطفولة. العمل توعويّ في إطارٍ فنيّ راقٍ يتفادى الوعظ ويخشى التحوّل منبراً للخطابة. بُنيته قائمة على "العُري" الأخلاقي لمفهوم الذكورة التي تمارس العنف بأشكاله. لا الضرب وحده ولا تهشيم الوجه يعتبران عنفاً. الذلّ أيضاً.
يكترث العمل للأسباب بحجم اكتراثه للنتائج. يُظهِر الأبناء يضرسون ويُمعِنون في التألّم كلما تناول الأهل حصرماً، فيما على الجهة الأخرى يلوح مشهد العائلة السعيدة والجوّ الهادئ، لإيمان الرجل بأنّ المرأة شريكة عُمر، لا لاعبة على حلبة ملاكمة. "هاي إنسانة متلها متلك"، تقول الأغنية البديعة.
عن هذه الإنسانية الغارقة في التيه والمُعذّبة بغياب العدل، ينهض عملٌ يطلق صافرة إنذارٍ لن تكون الأخيرة ضدّ العنف. صَفْع الوجوه ليس الفعل الوحيد المُسبِّب للوجع، ولا الضربات القوية التي تتلقّاها الروح. ثمة لحظاتٌ يكفي فيها عَرْض الظرف كما هو وإفساح المجال له ليُفصِح عن قسوته. الأغنية هنا: بين عنفٍ يُمسي هو الواقع وبقايا أمل نخشى أن يموت. يؤكد العمل معاني نجاح المرأة وعدم تعارضه مع بناء أسرة فَرِحة، وأنّ الكلمة حين تُخفق في اختراق القلب، ستبوء محاولات الاقناع بالقوّة ورَفْع الصوت، حتماً، بالفشل.
النهار - فاطمة عبدالله
تمرّر الأغنية (من ألحان نخلة أيضاً) ما تودّ قوله بثقة، فلا تبالغ ولا تراوغ. إنّها واحدة من أعمق أغنيات نخلة، صوتها لا يرتجف وإيقاعها لا يتقلّب. يصوّرها المخرج زياد خوري باعتبارها أملاً إنسانياً لا يرتبط بالضرورة بأعيادٍ نسوية ومناسبات.
الكلمات بقوّة دمع طفلٍ وحيد خائف وطفلة من أحزان تتوق إلى طمأنينة العائلة. يضع الكليب المُشاهد أمام خيارَيْن: السلام والعنف. اجعلْ حياة مَن حولكَ جحيماً، أو كُنْ لهم بهجة ضحكات الطفولة. العمل توعويّ في إطارٍ فنيّ راقٍ يتفادى الوعظ ويخشى التحوّل منبراً للخطابة. بُنيته قائمة على "العُري" الأخلاقي لمفهوم الذكورة التي تمارس العنف بأشكاله. لا الضرب وحده ولا تهشيم الوجه يعتبران عنفاً. الذلّ أيضاً.
يكترث العمل للأسباب بحجم اكتراثه للنتائج. يُظهِر الأبناء يضرسون ويُمعِنون في التألّم كلما تناول الأهل حصرماً، فيما على الجهة الأخرى يلوح مشهد العائلة السعيدة والجوّ الهادئ، لإيمان الرجل بأنّ المرأة شريكة عُمر، لا لاعبة على حلبة ملاكمة. "هاي إنسانة متلها متلك"، تقول الأغنية البديعة.
عن هذه الإنسانية الغارقة في التيه والمُعذّبة بغياب العدل، ينهض عملٌ يطلق صافرة إنذارٍ لن تكون الأخيرة ضدّ العنف. صَفْع الوجوه ليس الفعل الوحيد المُسبِّب للوجع، ولا الضربات القوية التي تتلقّاها الروح. ثمة لحظاتٌ يكفي فيها عَرْض الظرف كما هو وإفساح المجال له ليُفصِح عن قسوته. الأغنية هنا: بين عنفٍ يُمسي هو الواقع وبقايا أمل نخشى أن يموت. يؤكد العمل معاني نجاح المرأة وعدم تعارضه مع بناء أسرة فَرِحة، وأنّ الكلمة حين تُخفق في اختراق القلب، ستبوء محاولات الاقناع بالقوّة ورَفْع الصوت، حتماً، بالفشل.
النهار - فاطمة عبدالله