المرأة العربية .. حبيسة الهودج وطقوس الحريم
جو 24 : العلاقة بين الرجل والمرأة هي أساس المشكلة في الثقافة العربية، فالتعسف في تفسير نصوص دينية كثيرة لم يكن ناتجاً عن نظر في الواقع التاريخي ولكن في مطالب اجتماعية تحركت لتعبر عن مصالح الرجال ومكانتهم في المجتمع، وكان الفقهاء والمختصون بالإفتاء يقومون بمعالجة القضايا كما طرحت أمامهم.
ووفق المعلومات والتفسيرات التي يطرحها الرجال، وبعد ذلك كانت تبدأ مرحلة جديدة من التعسف في التطبيق واتخاذ الفتوى الأكثر تشدداً وفي داخل الفتوى يتم التركيز على الحالات المتطرفة والمستبعدة لتصبح هي الأساس في تطبيق سلطة المجتمع بعد منحها المشروعية الدينية، وبقيت هذه الفتاوى تعيد طرح نفسها، فالمؤسسة الفقهية الحديثة اعتمدت على الإنتاج الفكري للمدارس السابقة التي واجهت قضايا تختص بعصرها وليس بأي عصر آخر، ولم يعد ممكناً أمام تراث فقهي ممتد ومتراكم أن تتم العودة إلى النصوص المؤسسية في القرآن الكريم والسنة النبوية وعزل المؤثرات الموروثة.
في بعض المناطق الريفية والنائية كانت الضمائر مرتاحة لقرون متواصلة لمسألة حرمان المرأة من الميراث كلية، على أساس عدم خروج ممتلكات العائلة من تحت سيطرة كبارها بعد زواج الفتيات، وكان الذين يعارضون نصاً قرآنياً صريحاً وبيناً وثورياً في ظل اعتبار وضعية المرأة في المجتمع العربي وحتى المجتمعات الأخرى المعاصرة، هم أنفسهم من يقضون الوقت في الجدل حول نواقض الوضوء في أدق أدق التفاصيل، ويقدمون افتراضات مستبعدة أحياناً بالمنطق والعقل، وهم أنفسهم اليوم من ينظرون في بحث شرعية التقاط صورة السيلفي مع خروف العيد ويتقدمون لدور الإفتاء بهذه النوعية من الأسئلة، والمشكلة ليست في الإفتاء ذاته، ولكن في العقلية العقيمة التي وجدت الوقت الكافي لتتوقف أمام هذه المسألة في ظل عالم يضطرب من حولها ويموج بالمتغيرات والمشكلات.
المرأة العربية لا تعاني فقط من كونها طاقة هائلة معطلة، فالقضية ليست في تشغيل المرأة وإتاحة الفرصة أمامها للارتقاء الاجتماعي والوظيفي، فالعديد من الأسر دفعت ببناتها إلى طريق التحقق المهني على منطق لا ينبني على القناعة ولكنه يعتمد على اعتبارات اقتصادية، ومع أن المرأة التي أخذت تفرض نفسها على الواقع الاقتصادي وتحولت إلى شخصية منتجة تحولت إلى حقيقة بحد ذاتها، إلا أن التعامل مع قراراتها الشخصية مثل الزواج والطلاق ما زال شأناً عائلياً في المرتبة الأولى، ويمكن تفسير نسبة العنوسة التي ترتفع حالياً، بالاستحواذ الأسري على قرار الارتباط للفتاة مهما كانت قدمت من منجزات في حياتها، وتصبح المعايير القياسية للجدارة الاجتماعية هي المعيار الأساسي في قضية الارتباط التي تتحول مع الجاهات والتقاليد إلى صفقة اجتماعية تتسم على كثير من الاستعراض، وبذلك فإن المرأة التي أصبحت تجد لها مكاناً للقيادة في قمرة الطائرة مسؤولة عن مئات الأرواح، تجد نفسها في لحظة حبيسة الهودج وطقوس الحريم، فأي تناقض يمكن أن تقع فيه وأن يصبغ حياتها وتصرفاتها.
الانحياز ضد المرأة يمتد إلى اللغة، فالأصول اللغوية ترفض أوصافاً مثل رئيسة أو وزيرة أو نائبة، فالعرب لا يؤنثون الرأس، ولا يرئسون الأنثى، ويمتد التحيز والتجني لتوصم المرأة غير المتزوجة بعد سن معين، وهو بالمناسبة يتباين بشدة حسب الخلفية الاجتماعية والمنطقة الجغرافية، بالعنوسة، وكم هي كلمة ممقوتة إذا اقتصرت على المرأة وحدها دون الرجل الذي يعاني أيضاً من ارتفاع متوسط العمر لدى الزواج.
الأبناء في الأسرة العربية يولدون لآباء تربطهم العادات والتقاليد أكثر مما تربطهم العلاقة الإنسانية في حد ذاتها وفي عمقها، وبذلك فإن الجميع يتحولون إلى ممثلين إلى أجيال سابقة عاشت حياتها ضمن ظروفها، بينما تعيش الأجيال الجديدة تحت سلطة تجبرها على الانفصام النفسي والمعنوي المتواصل بكل ما يحمله ذلك من تناقضات أصبحت علامة مميزة لمجتمعاتنا ومن السهل اكتشافها بسهولة ودون مجهود يذكر، والمرأة هي الأساس في حالة الفصام الجمعي ويجب تمكينها لتتخطى ميراث الفصام الذي حملته قروناً من أجل التحرر من كل الأثقال التي تعيق التقدم والعيش في الواقع وشروطه.
الرأي .-سامح المحاريق
ووفق المعلومات والتفسيرات التي يطرحها الرجال، وبعد ذلك كانت تبدأ مرحلة جديدة من التعسف في التطبيق واتخاذ الفتوى الأكثر تشدداً وفي داخل الفتوى يتم التركيز على الحالات المتطرفة والمستبعدة لتصبح هي الأساس في تطبيق سلطة المجتمع بعد منحها المشروعية الدينية، وبقيت هذه الفتاوى تعيد طرح نفسها، فالمؤسسة الفقهية الحديثة اعتمدت على الإنتاج الفكري للمدارس السابقة التي واجهت قضايا تختص بعصرها وليس بأي عصر آخر، ولم يعد ممكناً أمام تراث فقهي ممتد ومتراكم أن تتم العودة إلى النصوص المؤسسية في القرآن الكريم والسنة النبوية وعزل المؤثرات الموروثة.
في بعض المناطق الريفية والنائية كانت الضمائر مرتاحة لقرون متواصلة لمسألة حرمان المرأة من الميراث كلية، على أساس عدم خروج ممتلكات العائلة من تحت سيطرة كبارها بعد زواج الفتيات، وكان الذين يعارضون نصاً قرآنياً صريحاً وبيناً وثورياً في ظل اعتبار وضعية المرأة في المجتمع العربي وحتى المجتمعات الأخرى المعاصرة، هم أنفسهم من يقضون الوقت في الجدل حول نواقض الوضوء في أدق أدق التفاصيل، ويقدمون افتراضات مستبعدة أحياناً بالمنطق والعقل، وهم أنفسهم اليوم من ينظرون في بحث شرعية التقاط صورة السيلفي مع خروف العيد ويتقدمون لدور الإفتاء بهذه النوعية من الأسئلة، والمشكلة ليست في الإفتاء ذاته، ولكن في العقلية العقيمة التي وجدت الوقت الكافي لتتوقف أمام هذه المسألة في ظل عالم يضطرب من حولها ويموج بالمتغيرات والمشكلات.
المرأة العربية لا تعاني فقط من كونها طاقة هائلة معطلة، فالقضية ليست في تشغيل المرأة وإتاحة الفرصة أمامها للارتقاء الاجتماعي والوظيفي، فالعديد من الأسر دفعت ببناتها إلى طريق التحقق المهني على منطق لا ينبني على القناعة ولكنه يعتمد على اعتبارات اقتصادية، ومع أن المرأة التي أخذت تفرض نفسها على الواقع الاقتصادي وتحولت إلى شخصية منتجة تحولت إلى حقيقة بحد ذاتها، إلا أن التعامل مع قراراتها الشخصية مثل الزواج والطلاق ما زال شأناً عائلياً في المرتبة الأولى، ويمكن تفسير نسبة العنوسة التي ترتفع حالياً، بالاستحواذ الأسري على قرار الارتباط للفتاة مهما كانت قدمت من منجزات في حياتها، وتصبح المعايير القياسية للجدارة الاجتماعية هي المعيار الأساسي في قضية الارتباط التي تتحول مع الجاهات والتقاليد إلى صفقة اجتماعية تتسم على كثير من الاستعراض، وبذلك فإن المرأة التي أصبحت تجد لها مكاناً للقيادة في قمرة الطائرة مسؤولة عن مئات الأرواح، تجد نفسها في لحظة حبيسة الهودج وطقوس الحريم، فأي تناقض يمكن أن تقع فيه وأن يصبغ حياتها وتصرفاتها.
الانحياز ضد المرأة يمتد إلى اللغة، فالأصول اللغوية ترفض أوصافاً مثل رئيسة أو وزيرة أو نائبة، فالعرب لا يؤنثون الرأس، ولا يرئسون الأنثى، ويمتد التحيز والتجني لتوصم المرأة غير المتزوجة بعد سن معين، وهو بالمناسبة يتباين بشدة حسب الخلفية الاجتماعية والمنطقة الجغرافية، بالعنوسة، وكم هي كلمة ممقوتة إذا اقتصرت على المرأة وحدها دون الرجل الذي يعاني أيضاً من ارتفاع متوسط العمر لدى الزواج.
الأبناء في الأسرة العربية يولدون لآباء تربطهم العادات والتقاليد أكثر مما تربطهم العلاقة الإنسانية في حد ذاتها وفي عمقها، وبذلك فإن الجميع يتحولون إلى ممثلين إلى أجيال سابقة عاشت حياتها ضمن ظروفها، بينما تعيش الأجيال الجديدة تحت سلطة تجبرها على الانفصام النفسي والمعنوي المتواصل بكل ما يحمله ذلك من تناقضات أصبحت علامة مميزة لمجتمعاتنا ومن السهل اكتشافها بسهولة ودون مجهود يذكر، والمرأة هي الأساس في حالة الفصام الجمعي ويجب تمكينها لتتخطى ميراث الفصام الذي حملته قروناً من أجل التحرر من كل الأثقال التي تعيق التقدم والعيش في الواقع وشروطه.
الرأي .-سامح المحاريق