jo24_banner
jo24_banner

نصر جديد لأردوغان: إعادة العربية لمدارس تركيا

نصر جديد لأردوغان: إعادة العربية لمدارس تركيا
جو 24 : قررت وزارة التربية التركية وضع اللغة العربية كمادة اختيارية في المنهاج التعليمي اعتبارا من الصف الثاني الابتدائي، في خطوة من الحكومة الإسلامية تبررها بالانفتاح على 350 مليون نسمة من الناطقين بها، وينتقدها خصومها على اعتبار أنها خطوة إضافية في حرب الإسلاميين "الناعمة" على بقايا رموز "تركيا الكمالية" نسبة لمؤسسها مصطفى كمال اتاتورك (أبو الأتراك).

ورحّب نقابيون وأكاديميون أتراك بالقرار واعتبروه إيجابيا وديمقراطيا، وسط مخاوف العلمانيين سياسيين ومفكرين، من أهداف هذا القرار السياسية بالنسبة للحكام الإسلاميين الذين يعملون على دعم "البنية الاجتماعية الاساسية" لمزيد أسلمة الدولة والمجتمع باعتبار أن اللغة العربية هي أهم عنصر لتحقيق هذا الهدف.

وقال نائب رئيس نقابة "أغيتيم بير" التربوية لطيف سلوي، إن تعليم اللغة العربية سيبدأ اعتبارا من السنة الدراسية 2016-2017، مشيرا إلى أنه تم إعداد منهاج خاص للتعليم، يمكن للطلاب اختياره بدءا من الصف الثاني الابتدائي حتى الثامن الاعدادي.

ولفت إلى أن إدخال اللغات الإنكليزية والفرنسية والألمانية إلى المنهاج التعليمي جاء في وقت سابق، مشيرا إلى أن اللغة العربية ستكون اختيارية في المدارس الابتدائية والإعدادية، وإجبارية في مدارس الأئمة والخطباء.

وأوضح سلوي أن منهاج اللغة العربية يعتمد نظرية استخدام اللغة كأداة تواصل، وليس أسلوب تعليم قواعد اللغة، مضيفا "العربية هي إحدى اللغات الرسمية الست المعترف بها في الأمم المتحدة، ويتحدث بها حوالي 350 مليون نسمة في 22 بلدا، نعتبر القرار (قرار إدخال تعليم اللغة العربية) ضروريا وإيجابيا وديمقراطيا، إذا ما أخذنا في الاعتبار دخولها بين اللغات الشائعة في الآونة الأخيرة".

واعتبر بكر غور المدرس في جامعة يلدريم بيازيد قرار وزارة التربية إدخال اللغة العربية على المنهاج التعليمي بدءا من الصف الثاني الابتدائي "قرارا إيجابيا وديمقراطيا"، لكونه يلبي طلب أولياء الأمور الراغبين بتعليم أبنائهم اللغة العربية.

وأصدر مجلس الوزراء التركي عام 2010، قرارا بإدخال تعليم اللغة العربية كلغة أجنبية إلى المناهج التعليمية في المدراس، فيما قررت وزارة التربية في السنة الدراسية 2013-2014 بدأ تعليم اللغات الأجنبية اعتبارا من الصف الثاني، عوضا عن الرابع.

وقيل في ذلك الوقت إن تركيا اتخذت حزمة من القرارات الأخرى للعودة إلى "بيئتها الشرقية" منها نشر تعليم اللغة العربية كمدخل لهذه العودة، وذلك بعد رفض أوروبا للقبول بها كعضو في الاتحاد الأوروبي، رغم أنها عضو نشط وفاعل في الحلف الأطلسي القوة العسكرية الضاربة للغرب في أكثر من مكان بالعالم.

وتعارض دول الاتحاد الأوروبي بقيادة فرنسا بشدة حصول تركيا على عضوية الاتحاد. وتقول أنقرة إن العامل الديني عنصر أساسي في هذا الرفض، وإن "النادي المسيحي" يرفض ان يضم في صفوفه دولة مسلمة، وعلى هذا الأساس قررت العودة لخلفيتها العربية الإسلامية.

ويقول محللون إن عودة الأتراك المصلحية/الاقتصادية بالأساس إلى خلفيتها العربية الإسلامية مهددة بدورها بالفشل لأن الحكام الاسلاميين لم يعودوا إلى المنطقة محايدين، وإنما حاملين لواء دعم جهات سياسية ضد أخرى.

ويضيف هؤلاء أن من سوء حظ حكام تركيا الإسلاميين أنهم يدعمون جماعات الإسلام السياسي التي تخوض الحروب ضد مجتمعاتها، وهو ما جعل الأتراك شركاء اساسيين في هذه الحروب، وعليهم ان يتحملوا تبعاتها.

وقال ظفر جليك الباحث في مؤسسة الأبحاث الاقتصادية الاجتماعية المدرس في جامعة يلدريم بيازيد، إن خريجي قسم اللغة العربية وآدابها وقسم إعداد معلمي العربية يمكنهم العمل كمدرسين للمادة.

واستغرب بكر غور موقف بعض الفئات الرافض لإدخال اللغة العربية في المنهاج التعليمي دون الإنكليزية والألمانية والفرنسية، داعيا إلى إضافة اللغتين الكردية والفارسية أيضا.

ويقول مراقبون إن حرص حكومة اردوغان على إعادة الدور الحيوي للغة العربية في البلاد، يخفي أكثر من هدف يمكن أن يحققه الإسلاميون من هذا القرار.

ومن الناحية الرمزية، سيكون بإمكان اردوغان وجماعته أن يستمروا في إفحام خصومهم العلمانيين بالقول "ها أننا قد نجحنا رغم معارضتكم في ضرب أحد أهم المكاسب التي حققها لكم أتاتورك على انقاض الخلافة الإسلامية في تركيا"، على حد تعبير المراقبين.

وأدت هزيمة دولة الخلافة الإسلامية في تركيا في الحرب العالمية الأولى في بداية القرن العشرين إلى صعود الزعيم العسكري (مصطفى كمال) أتاتورك الذي نجح في تأسيس الدولة التركية الحديثة.

وبانتخابه رئيسا لتركيا، أعطى اتاتورك دفعا قويا إلى العلمانية. وكان من أبرز قراراته أنه اتخذ الحروف اللاتينية بدلا من العربية في كتابة الأبجدية التركية، وألغى تدريس الإسلام في المدارس والجامعات ودعا إلى تركيا قومية، واستبدل الشريعة الإسلامية بقانون وضعي.

ومنذ وصولهم إلى السلطة في العام 2002، تدرج الإسلاميون في حملتهم على كلّ مظاهر العلمنة في تركيا ونجحوا على مراحل في تحييد المؤسسة العسكرية التي كانت تعتبر نفسها الحامي الأول للعلمانية، وأقدموا على سن العديد من القوانين التي سمحت لمظاهر التدين بالعودة وبقوة الى البلاد، مثل لباس الحجاب داخل المؤسسات التربوية الذي كان ممنوعا بحكم قوانين تركيا الكمالية.

ويرى محللون أن قرار استعادة اللغة العربية لمكانتها في تركيا ما قبل الدولة العلمانية، بقدر ما يجد مبرراته المنطقية في الانفتاح على ثقافة عربية اسلامية جارة، أثرت في الحضارة التركية لعقود طويلة، فإنه لا شك انه يخدم أيضا توجهات الاسلاميين السياسية والتي من أهم اهدافها استعادة الطابع الإسلامي للحكم في تركيا، وإغلاق دائرة "الانتقام التاريخي" من اتاتورك المتهم من الحركات الإسلامية، بأنه ارتكب جرائم لا تعد بحق الإسلام والمسلمين، كما يقولون.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير