ما هو الجمال؟ وكيف اختلف مفهومه مع الزمن؟
جو 24 : ما هو الجمال؟ هل بإمكان أحد منا أن يعرف الجمال، هل من الممكن أن يتفق اثنان على مفهوم واحد للجمال؟ فما أراه أنا جميلاً قد يراه غيري عاديأ، وقد يراه شخص آخر منفراً. قد لا يتفق اثنان على الإعجاب بشيء ما لكن أغلبنا يتفق معي إذا قلت أن الجمال مفهوم شخصي، أو كما يقول المثل الشهير "الجمال في عين ناظره" وناظره فقط دوناً عن البقية قد يرى ما يراه جميلاً.
ولا يختلف منظور الجمال من شخص لآخر فقط ، بل يتغير من ثقافة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر، كما تغير مفهوم الجمال تغيراً كبيراً جداً عبر العصور، ومازال يتغير شأنه شأن كل مجالات الحياة يتغير ويتطور مع الزمن وتماشياً مع العصر، حيث أننا لا نستطيع الحديث عن معايير الجمال في حقبة معينة دون ربطها بالمكان الذي نشأت منه والثقافة التي كانت سائدة آنذاك.
ولا يخفى على أحد اهتمام المرأة بالذات بجمالها وأناقتها، ولا يخفى على أحد سرورها الداخلي وسعادتها التي لا توصف عندما تلمح بريق العيون التي تلحظ جمالها وجاذبيتها، لذلك كان اهتمامها منذ قديم العصور بكل ما يبرز جمالها، لكن ضمن الأطر السائدة محلياً وزمنياً.
قد لا تكون عمليات التجميل حديثة جداً كما كنا نعتقد، فهل كنتم تعلمون أن المصريين القدماء قد عرفوا عمليات التجميل، فقد أشارت دراسة حديثة مثيرة للجدل أجريت على تمثال الملكة نفرتيتي أن التمثال قد أجريت عليه بعض التعديلات اللاحقة مما جعل العلماء يشكون أن هذه التعديلات جاءت تماشياً مع وجه الملكة الذي أجريت عليه عمليات تجميل بعد زواجها من الملك. ركز المصريون الفراعنة على النظافة الشخصية أولاً، وعلى رشاقة ونحول جسد المرأة، كثافة شعرها، وأيضاً جمال عيونها، فكانت العيون الجميلة أكثر ما يميز المرأة الفرعونية، وهكذا عرفت المرأة الفرعونية منذ القدم مستحضرات التجميل فكانت تتكحل باللون الأسود كما كانت تضع أحمر الشفاه وطلاء الأظافر، وتتطيب بأطيب العطور.
أما الإغريقون فقد فلسفوا الجمال كما فلسفوا كل شيء آخر في حياتهم فقد ارتبط مفهوم المرأة الجميلة عند قدماء اليونانيين بالشر، فالمرأة الجميلة هي شريرة بالضرورة والشريرة هي جميلة بكل الأحوال. المرأة الجميلة بحسب مفاهيم الإغريق هي المرأة الممتلئة الجسم ذات البشرة ناصعة البياض، والشعر الفاتح، وبالذات لو كان الشعر أحمراً فهو بالتأكيد الأجمل. وقام اليونانيون بتجسيد الجمال في لوحاتهم وتماثيلهم التي ما تزال تشهد على حضارتهم حتى الآن.
المرأة الجميلة عند العرب في عصر الجاهلية هي المرأة نحيلة الخصر، ممتلئة الردفين، طويلة العنق، ذات الشعر الكثيف الطويل، والعينين السوداوين الواسعتين المكحلتين، وكلما ازدادت بشرتها بياضاَ اشتد جمالها في عيون ناظرها.
أما في الشرق الأقصى قديماً فالمرأة الجميلة هي المرأة القصيرة النحيفة شاحبة البشرة، ذات الملامح الناعمة من أنف دقيق وشفاه رقيقة وردية وعيون صغيرة، وكلما صغرت مقاساتها من رأسها إلى أخمص قدميها كانت أجمل في ثقافة الشرق الأقصى.
عندما نشاهد فيلما سينيمائيا عن أوروبا في العصور الوسطى أو عندما ننظر إلى لوحة من لوحات ذلك العصر، يلفت نظرنا أولاً البشرة البيضاء النقية فقد كان جمال الوجه الطبيعي هو السائد، حيث أن استخدام مستحضرات التجميل لم يكن مقبولاً وخاصة للنساء الراقيات، كما كانت البشرة الشديدة البياض دليلاَ على رغد العيش، وعلى رفاهية المرأة وعلى أنها لا تعمل في الحقول طوال يومها، بل هي من الطبقة الأرستقراطية الراقية، كما يلفت نظرنا وبشدة الفساتين المشدودة الخصر ذات التنانير المنفوخة، نعم كانت النساء تعاني لإبراز جمال خصرها بلبس المشدات المرهقة كما تلجأ للحشوات لاعطاء حجم إضافي للأرداف، ورغم أن الخصر النحيل كان الموضة السائدة إلا أن بعض الامتلاء في الجسم كان مقبولاً، حيث أن النحافة الشديدة كانت تدل على الفقر المدقع وأن الشخص لا ينال كفايته من الطعام.
وعلى العكس من أوروبا، فكلما ازدادت المرأة اسمراراً في إفريقيا كانت أجمل، حيث تدل البشرة الداكنة على عراقة أصلها الأفريقي وكلما كانت البشرة أغمق لوناً كانت أصيلة النسب صافية السلالة. كما أن المرأة ممتلئة الجسم حليقة الرأس هي الأجمل في إفريقيا.
في منتصف القرن العشرين بدأ تأثير السينما العالمية على الحياة بشكل عام وعلى الموضة ومفاهيم الجمال بشكل خاص، فتأثرت النساء بمظهر النجمات العالميات ذي الأنوثة الطاغية، جسم رشيق، خصر دقيق وصدر بارز. أما في نهايات القرن العشرين وبتأثير كبير من عارضات الأزياء النحيلات جداً، ظهرت موضة النحافة الشديدة، فمن يشاهد عروض الأزياء في التسعينيات بشكل خاص يلاحظ النحافة المخيفة لعارضات الأزياء والتي كانت أغلبهن يصبن بالبوليميا أو الشره المرضي "أي تقيؤ الطعام عمداُ خوفاً من زيادة الوزن" لخوفهن من أن تكتسب أجسادهن الرقيقة بضعة غرامات مرعبة. وطبعا تأثرت النساء بالميديا وبما تعرضه وسائل الإعلام وأخذت النساء يسعين لتقليد النجمات السينمائيات وعاراضات الأزياء العالميات.
لكن مع بداية الألفية الجديدة حصلت ثورة على مفاهيم الجمال هذه، فقد بدأ الاهتمام أكثر بالصحة أولاً، فأصبحت العارضات والنجمات العالميات، والنساء من بعدهم متأثرين بالدعاية الإعلامية، بالتركيز على الجسد الصحي الرياضي المتناسق الشكل المشدود العضلات قبل أن يكون نحيفاً فقط، ولو أن بعض الامتلاء الجميل وخاصة في الأرداف قد أصبح مقبولاً ويشاهد أكثر من ذي قبل، وأصبح لون البشرة البرونزي اللامع هو الرائج ومن علامات مواكبة المرأة للموضة الحديثة.
كما انتشر هوس عمليات التجميل للحصول على الجسم المثالي، طبعاً المثالي بمفهوم هذا العصر، فأصبح من النادر أن ترى امرأة لم تقم ولو بعمل تجميلي واحد على الأقل، من تجميل الأسنان، إلى تعديل الأنف، ومن حقن الكولاجين، وشد البشرة، إلى ملء الشفتين، وتكبير الصدر، وشفط الدهون، وغيرها الكثير الكثير، وقد يصل الهوس بالبعض إلى نحت الجسم بالكامل. وكل يوم يفاجئنا أطباء التجميل بتقنيات جديدة مبتكرة للوصول إلى الصورة المثالية التي يرغب بها البعض. ولم تعد عمليات التجميل بالنسبة للبعض رجالاً ونساءاً من الكماليات بعد الآن، بل هي هاجس أساسي لا غنى عنه أبداً، وليست بالنسبة للكثيرين سراً يجاهدون لإخفائه، بل إن البعض يتباهى به وأصبح دلالة الوفرة المادية ومواكبة العصر والتكنولوجيا الحديثة للظهور بأجمل صورة.
رغم أن معظمنا قد يوافق أنه لا توجد امرأة غير جميلة، وأن كل امرأة تمتلك جانباً جميلاً على الأقل، لكن ربما لو عادت امرأة تعتبر جميلة جداً وجذابة وتمتلك مواصفات ملكات جمال العصر الحديث، بالزمن للوراء إلى عصر الجاهلية العربي المختلف اختلافاً كبيراً في معايير الجمال، لوجدت نفسها تُصنف من بين القبيحات أو على الأقل من بين الأقل جاذبية. أو بالعكس لربما لو قدر لجميلة الجميلات نفرتيتي او فاتنة الملوك كليوباترا أن ترى النور في أوروبا في العصور الوسطى على سبيل المثال، لاعتبرت من عامة الشعب عاديات الجمال ولنُظر إليهن وكأنهن من الطبقات الكادحة التي لا يلتفت إليها رجل نبيل. لذلك كانت معايير الجمال متغيرة دائما ومتطورة، فمن يدري ما ستكون عليه مقاييس الجمال بعد عدة سنوات قادمة.
ليالينا - حنان عثمان
ولا يختلف منظور الجمال من شخص لآخر فقط ، بل يتغير من ثقافة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر، كما تغير مفهوم الجمال تغيراً كبيراً جداً عبر العصور، ومازال يتغير شأنه شأن كل مجالات الحياة يتغير ويتطور مع الزمن وتماشياً مع العصر، حيث أننا لا نستطيع الحديث عن معايير الجمال في حقبة معينة دون ربطها بالمكان الذي نشأت منه والثقافة التي كانت سائدة آنذاك.
ولا يخفى على أحد اهتمام المرأة بالذات بجمالها وأناقتها، ولا يخفى على أحد سرورها الداخلي وسعادتها التي لا توصف عندما تلمح بريق العيون التي تلحظ جمالها وجاذبيتها، لذلك كان اهتمامها منذ قديم العصور بكل ما يبرز جمالها، لكن ضمن الأطر السائدة محلياً وزمنياً.
قد لا تكون عمليات التجميل حديثة جداً كما كنا نعتقد، فهل كنتم تعلمون أن المصريين القدماء قد عرفوا عمليات التجميل، فقد أشارت دراسة حديثة مثيرة للجدل أجريت على تمثال الملكة نفرتيتي أن التمثال قد أجريت عليه بعض التعديلات اللاحقة مما جعل العلماء يشكون أن هذه التعديلات جاءت تماشياً مع وجه الملكة الذي أجريت عليه عمليات تجميل بعد زواجها من الملك. ركز المصريون الفراعنة على النظافة الشخصية أولاً، وعلى رشاقة ونحول جسد المرأة، كثافة شعرها، وأيضاً جمال عيونها، فكانت العيون الجميلة أكثر ما يميز المرأة الفرعونية، وهكذا عرفت المرأة الفرعونية منذ القدم مستحضرات التجميل فكانت تتكحل باللون الأسود كما كانت تضع أحمر الشفاه وطلاء الأظافر، وتتطيب بأطيب العطور.
أما الإغريقون فقد فلسفوا الجمال كما فلسفوا كل شيء آخر في حياتهم فقد ارتبط مفهوم المرأة الجميلة عند قدماء اليونانيين بالشر، فالمرأة الجميلة هي شريرة بالضرورة والشريرة هي جميلة بكل الأحوال. المرأة الجميلة بحسب مفاهيم الإغريق هي المرأة الممتلئة الجسم ذات البشرة ناصعة البياض، والشعر الفاتح، وبالذات لو كان الشعر أحمراً فهو بالتأكيد الأجمل. وقام اليونانيون بتجسيد الجمال في لوحاتهم وتماثيلهم التي ما تزال تشهد على حضارتهم حتى الآن.
المرأة الجميلة عند العرب في عصر الجاهلية هي المرأة نحيلة الخصر، ممتلئة الردفين، طويلة العنق، ذات الشعر الكثيف الطويل، والعينين السوداوين الواسعتين المكحلتين، وكلما ازدادت بشرتها بياضاَ اشتد جمالها في عيون ناظرها.
أما في الشرق الأقصى قديماً فالمرأة الجميلة هي المرأة القصيرة النحيفة شاحبة البشرة، ذات الملامح الناعمة من أنف دقيق وشفاه رقيقة وردية وعيون صغيرة، وكلما صغرت مقاساتها من رأسها إلى أخمص قدميها كانت أجمل في ثقافة الشرق الأقصى.
عندما نشاهد فيلما سينيمائيا عن أوروبا في العصور الوسطى أو عندما ننظر إلى لوحة من لوحات ذلك العصر، يلفت نظرنا أولاً البشرة البيضاء النقية فقد كان جمال الوجه الطبيعي هو السائد، حيث أن استخدام مستحضرات التجميل لم يكن مقبولاً وخاصة للنساء الراقيات، كما كانت البشرة الشديدة البياض دليلاَ على رغد العيش، وعلى رفاهية المرأة وعلى أنها لا تعمل في الحقول طوال يومها، بل هي من الطبقة الأرستقراطية الراقية، كما يلفت نظرنا وبشدة الفساتين المشدودة الخصر ذات التنانير المنفوخة، نعم كانت النساء تعاني لإبراز جمال خصرها بلبس المشدات المرهقة كما تلجأ للحشوات لاعطاء حجم إضافي للأرداف، ورغم أن الخصر النحيل كان الموضة السائدة إلا أن بعض الامتلاء في الجسم كان مقبولاً، حيث أن النحافة الشديدة كانت تدل على الفقر المدقع وأن الشخص لا ينال كفايته من الطعام.
وعلى العكس من أوروبا، فكلما ازدادت المرأة اسمراراً في إفريقيا كانت أجمل، حيث تدل البشرة الداكنة على عراقة أصلها الأفريقي وكلما كانت البشرة أغمق لوناً كانت أصيلة النسب صافية السلالة. كما أن المرأة ممتلئة الجسم حليقة الرأس هي الأجمل في إفريقيا.
في منتصف القرن العشرين بدأ تأثير السينما العالمية على الحياة بشكل عام وعلى الموضة ومفاهيم الجمال بشكل خاص، فتأثرت النساء بمظهر النجمات العالميات ذي الأنوثة الطاغية، جسم رشيق، خصر دقيق وصدر بارز. أما في نهايات القرن العشرين وبتأثير كبير من عارضات الأزياء النحيلات جداً، ظهرت موضة النحافة الشديدة، فمن يشاهد عروض الأزياء في التسعينيات بشكل خاص يلاحظ النحافة المخيفة لعارضات الأزياء والتي كانت أغلبهن يصبن بالبوليميا أو الشره المرضي "أي تقيؤ الطعام عمداُ خوفاً من زيادة الوزن" لخوفهن من أن تكتسب أجسادهن الرقيقة بضعة غرامات مرعبة. وطبعا تأثرت النساء بالميديا وبما تعرضه وسائل الإعلام وأخذت النساء يسعين لتقليد النجمات السينمائيات وعاراضات الأزياء العالميات.
لكن مع بداية الألفية الجديدة حصلت ثورة على مفاهيم الجمال هذه، فقد بدأ الاهتمام أكثر بالصحة أولاً، فأصبحت العارضات والنجمات العالميات، والنساء من بعدهم متأثرين بالدعاية الإعلامية، بالتركيز على الجسد الصحي الرياضي المتناسق الشكل المشدود العضلات قبل أن يكون نحيفاً فقط، ولو أن بعض الامتلاء الجميل وخاصة في الأرداف قد أصبح مقبولاً ويشاهد أكثر من ذي قبل، وأصبح لون البشرة البرونزي اللامع هو الرائج ومن علامات مواكبة المرأة للموضة الحديثة.
كما انتشر هوس عمليات التجميل للحصول على الجسم المثالي، طبعاً المثالي بمفهوم هذا العصر، فأصبح من النادر أن ترى امرأة لم تقم ولو بعمل تجميلي واحد على الأقل، من تجميل الأسنان، إلى تعديل الأنف، ومن حقن الكولاجين، وشد البشرة، إلى ملء الشفتين، وتكبير الصدر، وشفط الدهون، وغيرها الكثير الكثير، وقد يصل الهوس بالبعض إلى نحت الجسم بالكامل. وكل يوم يفاجئنا أطباء التجميل بتقنيات جديدة مبتكرة للوصول إلى الصورة المثالية التي يرغب بها البعض. ولم تعد عمليات التجميل بالنسبة للبعض رجالاً ونساءاً من الكماليات بعد الآن، بل هي هاجس أساسي لا غنى عنه أبداً، وليست بالنسبة للكثيرين سراً يجاهدون لإخفائه، بل إن البعض يتباهى به وأصبح دلالة الوفرة المادية ومواكبة العصر والتكنولوجيا الحديثة للظهور بأجمل صورة.
رغم أن معظمنا قد يوافق أنه لا توجد امرأة غير جميلة، وأن كل امرأة تمتلك جانباً جميلاً على الأقل، لكن ربما لو عادت امرأة تعتبر جميلة جداً وجذابة وتمتلك مواصفات ملكات جمال العصر الحديث، بالزمن للوراء إلى عصر الجاهلية العربي المختلف اختلافاً كبيراً في معايير الجمال، لوجدت نفسها تُصنف من بين القبيحات أو على الأقل من بين الأقل جاذبية. أو بالعكس لربما لو قدر لجميلة الجميلات نفرتيتي او فاتنة الملوك كليوباترا أن ترى النور في أوروبا في العصور الوسطى على سبيل المثال، لاعتبرت من عامة الشعب عاديات الجمال ولنُظر إليهن وكأنهن من الطبقات الكادحة التي لا يلتفت إليها رجل نبيل. لذلك كانت معايير الجمال متغيرة دائما ومتطورة، فمن يدري ما ستكون عليه مقاييس الجمال بعد عدة سنوات قادمة.
ليالينا - حنان عثمان