2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

شبكة 1-2-4... هكذا "ضُربت" الصين

شبكة 124... هكذا ضُربت الصين
جو 24 : انشغلت وسائل الاعلام الغربيّة مؤخّراً بخبر اتّجاه #الصين الى التراجع عن سياسة الطفل الواحد التي اعتمدتها منذ سنة 1979 واستبدالها بسياسة الطفلين. لكنّ رغبةالسلطات الصينيّة في تحديد النسل عبر فرض سياسة الانجاب على العائلات، مهما كان شكل تلك السياسة، لا تمرّ بسلاسة داخل الأوساط الشعبيّة.

الاذاعة الرسميّة الوطنيّة الاميركيّة "أن بي آر" رصدت بعض المواقف لصينيّين عبّروا عن استيائهم من تلك السياسات على الشبكة العنكبوتيّة. "بعد عقود من إجبارنا على عدم انجاب الاطفال، هل ستجبرنا الحكومة على إنجابهم الآن؟" سألت إحداهنّ. "إذا كنتما ترفضان أن يكون لكما مزيد من الاطفال، سنقوم بالتخصيب الاصطناعي لقريتكما بأكملها" تهكّمت أخرى.


يقول المسؤولون الصينيّون أنّ انخفاض معدّل الولادات أدّى الى مساعدة الصين في أن تصبح أكثر ثراء وأكثر تعلّماً. لكنّ الاذاعة نفسها تنقل عن ليبيراليّي تلك الدولة تأثّرهم بكتابات الاقتصادي النمسوي فريديريك هايك الذي اعتبر ذاك التدخّل الحكومي في تحديد النسل غروراً قاتلاً، حيث ورد ذلك في كتابه: "الغرور القاتل ... أخطاء الاشتراكيّة".

المحامية والكاتبة آيمي نايثان التقت بالعديد من النساء حين كانت في الصين. وتعجّبت من وقوف الصعوبات الاقتصادية والحياتية وراء اكتفاء الثنائيّ بولد واحد. أمّاالقانون فلم يكن إلّا السبب الثاني. نايثان كتبت في موقع "هافينغتون بوست" الاميركي أنّ النساء الصينيّات لم يملكن الوقت ولا المال لتربية أكثر من ولد، حتى اللّواتي انتمين الى الطبقة الوسطى. والمشكلة الكبيرة تظهر، حين تضطر امرأة عاملة لترك ابنها لدى والديها اللذين يسكنان في منطقة بعيدة حيث تعمد الى رؤية ابنها بعد قضائها لساعتين وأكثر على الطريق قبل الوصول الى مكان سكن ذويها.

وقالت إحداهنّ: " لماذا علينا أن نحصل على ولدين يعيشان بعيدين عنّا؟" وكانت سياسة الطفل الواحد تعرف استثناءات عدّة، فسمح مثلاً للأب الوحيد والأمّ الوحيدة أن ينجبا طفلين. لكن إن أرادا الامتناع عن انجاب الولد الثاني باعا حقّهما للدولة مقابل راتب شهريّ، مع عدم تمتّعهما بميزة استرداد الحقّ المباع. وتنقل نايثان إحساس الصينيّات بغلاء المعيشة وبأنّ تربية الصبيّ مكلفة أكثر من تربية الفتاة أكان لناحية التعليم (مراحل دراسيّة متقدّمة أكثر) أو لناحية شراء شقّة له عند بلوغه مرحلة الزواج. ولهذه الأسباب وغيرها تعتقد الكاتبة أن لا شيء سيتغيّر، خصوصاً أنّ كثيرين ممّن كان الاستثناء يشملهم لم ينجبوا أكثر من طفل وليست لديهم النيّة الآن في أن يفعلوا ذلك.

قناة "سي أن بي سي" الأميركيّة تشير الى أنّ القرار الجديد بإلغاء سياسة الطفل الواحد أراح قطاعات اقتصاديّة كثيرة مثل شركات تصنيع الحليب وطعام الاطفال، محلّات الألبسة والالعاب، الطبّ المتعلّق برعاية الامومة.
وتشدّد القناة على صحّة الدراسة التي تفيد بأنّ مجتمعاً ما، حين يصبح أكثر ثراءً، فإنّ سكّانه يتجنّبونالحصول على أكثر من ولد أو حتى إنجاب أيّ ولد، لأنّ تركيزهم ينصبّ على العمل أو على أهداف أخرى. وتذكر ما حصل في #سنغافورة في ستّينات وسبعينات القرن الماضي حين أطلقت السلطات الرسميّة حملة تحت عنوان:"فتاة أم صبيّ – إثنان يكفيان" وذلك للحدّ من الولادات وتحسين الاوضاع الاقتصاديّة.

وتؤكّد القناة أنّ سياسة الطفلين هي كسياسة الطفل الواحد تبقى رمزاً لجهود الصين من أجل السيطرة على شعبها. إنّما "تصرّفات الانسان مثل قوى السوق لا يمكن أن تتمّ السيطرة عليها بشكل كلّيّ حتى من قبل أقوى بيروقراطيّات بيجينغ". وينصح التلفيزيون نفسه الحكومة الصينيّة بالسماح لشعبها باختيار طريقه كما يريد وذلك بأن "ينافس ويفشل وينجح على طريقته".

صحيفة "فايننشال تايمس" الاميركيّة ترى أنّ الوقت تأخّر لإقرار السياسة الصينيّة الجديدة المتعلّقة بالانجاب. فارتفاع كلفة المعيشة واللايقين الذي يلخّص حالة البلاد الاقتصاديّة في المستقبل سيلغيان أيّ تأثيرات إيجابيّة محتملة بالنسبة للسياسة المستجدّة. وتتابع الصحيفة فتقول: "القوّة العاملة في الصين تتضاءل وسكّانها يشيخون. البنك الدولي يتوقّع أنّ 17% من سكّان الصين ستكون أعمارهم 65 سنة وما فوق بحلول العام 2030 مقارنة مع 10% هذه السنة. الصين تتصرّف أفضل من #اليابان في هذا المضمار، لكنّ اليابانيّين على الأقل أصبحوا أثرياء قبل أن يشيخوا".

أمّا صحيفة "واشنطن تايمس" فاعتبرت أنّ سياسة الطفل الواحد منعت 400 مليون ولادة جديدة في تلك البلاد. والغرامات التي فرضتها السلطات الصينيّة على الذين انجبوا الولد الثاني تجاوزت 314 مليار دولار منذ سنة 1980. واضطرّت الصين أن تلغي سياسة الطفل الواحد بعدما أصبحت "الكارثة الديموغرافيّة" على شفير أن تهديد هذه الدولة.

فالشبكة الاجتماعيّة الحكوميّة "4-2-1" كما يسمّيها الجمهور الصيني والتي تعني أربعة أجداد ووالدين يعيلهم ولد واحد، كانت ستتسبّب بمشاكل اقتصاديّة واجتماعيّة كبيرة لا تستطيع التركيبة السكّانيّة والبنى الاقتصاديّة الحاليّة تداركها او معالجتها، بالاضافة الى صعوبة الثنائيّ الصينيّ في تأقلمه مع السياسة الجديدة. وكانت الصين في العقود الماضية شهدت عمليّات إجهاض كبيرة طالت المواليد من الاناث لأنّ العائلات اتكلت على الصبيّ لكونه الاكثر قدرة على إعالتها في المستقبل. ومع توزّع الجنسين بنسبة 122 صبيّ مقابل 100 فتاة كما هو متوقّع مع السياسة الجديدة، فإنّ 35 مليون صينيّ سيبقون من دون زواج مع طرح بعض الاختصاصيّين الصينيّين لفكرة توظيف نساء من جنوب شرق آسيا لإغلاق الفجوة، بحسب الصحيفة.

تنتقل الصين من سياسة الى أخرى هي أقرب ما يكون الى تصحيح وإعادة تصحيح لما تعتبره خللاً ديموغرافيّاً. إنّما تثور تساؤلات عمّا يمكن أن تؤدّي إليه عمليّات التصحيح المتكرّرة تلك بالنسبة الى الاستقرار السكّاني في هذه البلاد. فالانتقال من سياسة الطفل الواحد الى سياسة الطفلين لا يزال يدور في فلك تقييد الصين لحرّيّة الزوجين في الانجاب وطريقته. فهل يمكن لبيجينغ أن تصحّح التصحيح كلّ 30 أو 40 سنة تقريباً؟ وكيف يمكن لها أن تسوّق هذه السياسات خصوصاً أنّ تقييد الانجاب لا يتعلّق بتحديد النسل فقط بل يرتبط أيضاً وربّما أكثر بتحديد سلوك الصينيّين ونمط عيشهم وطريقة تفكيرهم ...؟

النهار
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير