jo24_banner
jo24_banner

يغتصب حياتك الشخصية كل يوم...هذا شرٌّ لا بد منه

يغتصب حياتك الشخصية كل يوم...هذا شرٌّ لا بد منه
جو 24 : يمكن تعريف مواقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك، تويتر، انستغرام، يوتيوب...)، بأنها وببساطة، تقنيات موجودة على شبكة الإنترنت يستخدمها الناس، للتواصل، والتفاعل بعضهم مع البعض. غزت وسائل التواصل الاجتماعي حياتنا من دون استئذان فأصبحت ركناً أساسياً منها ترافقنا في أعمالنا، في نشاطاتنا وحتى أثناء نومنا لتلغي الحواجز والحدود الجغرافية والفوارق الثقافية وتغير العادات والتقاليد الاجتماعية وجعلت من العالم قرية صغيرة. وتعاظم دورها عند الأفراد والمجتمعات لحد اعتبارها أساسا للتواصل بين البشر. لكن السؤال الأهم الذي يطرح: ماذا قدمت وسائل التواصل الاجتماعي الى العالم وماذا سلبته؟

هل هو تواصل أو تفكيك؟
أكد الاختصاصي في الارشاد والتوعية العائلية والزوجية الدكتور رائد محسن في اتصال مع "النهار" على أن وسائل التواصل الاجتماعي أثرت بشكل سلبي في التواصل الأسري والاجتماعي وعلى العلاقات الإنسانية، إلى جانب تأثيرها في مهارات التواصل الاجتماعي المباشر لدى كثير من أفراد المجتمع. وشدد على أن الاستغراق في استخدام هذه الوسائل يضعف العلاقات الاجتماعية ويقلل من التفاعل الاجتماعي في محيط الأسرة، وذلك من خلال قلة الزيارات واللقاءات العائلية. ويضيف أنها تزيد أيضاً من الاغتراب النفسي بين الشباب ومجتمعهم، إلى جانب تأثيرها سلباً في مهارات التواصل الاجتماعي، ما قد يسبب عزلة اجتماعية إذ كلما زاد استخدام وسائل التواصل تراجع الرضا عن النفس. ويؤكد أننا سابقا لم نكن نشهد هذه الظواهر المتكاثرة اليوم والتي أوجدها الادمان على مواقع التواصل الاجتماعي من أمراض نفسية، وكيان افتراضي لسد الفراغ العاطفي وحب الظهور والغيرة.
وأشار محسن الى أن وسائل التواصل الاجتماعي أعطت مستخدميها فرصاً كبرى للتأثير والانتقال عبر الحدود بلا قيود مما سهل التعارف بين الأشخاص، ففي الماضي لم تكن هذه السهولة متوافرة. واعتبر أنه يحمل في طياته وجهاً سلبياً خاصوصا اذا كان الشريكان يبنيان علاقتهما عبر وسائل التواصل اذ إن نسبتها بالنجاح ضئيلة، لأن الاحتكاك اليومي بين الشريكين يقوي العلاقة.

انتهاء زمن الخصوصية
ورأى أن وسائل التواصل الاجتماعي قد أنهت زمن الخصوصية التي كان يتمتع بها الفرد في السابق بحيث إن بامكان من لا يعلم حدود المشاركة مع الآخرين أن يطلعهم على مسائل خاصة به. وأضاف أن وسائل التواصل، اليوم، أصبحت تفضح أدق تفاصيل حياتنا وحياة أبنائنا وبناتنا وأسرنا؛ حيث يشاهد الغرباء تفاصيلنا الخاصة وكأنهم يسكنون معنا، بل ويشاركوننا حياتنا لحظة بلحظة، مشدداً على أن المشكلة الأساسية تكمن في كيفية تعامل الأفراد مع هذه التقنيات المتوافرة، لأن سوء استعمالها يولد آثارا سلبية أما استعمالها باعتدال وذكاء فيجنبنا الكثير من المشقات.

علمٌ قائم بذاته
من جهته، شدد الخبير في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي فيليب أبو زيد لـ "النهار" على أن وسائل التواصل الاجتماعي اليوم علمٌ قائم بحد ذاته ويدرس في الجامعات وقد وضع لها أسس وقواعد وأخلاقيات، انطلاقاً من هنا اعتبر أن مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الأفراد من حيث التعاطي معها بشكل صحيح خصوصاً انه لم يوضع حتى اليوم اي قانون ينظم استخدامها مع أن أي خرق يتم عبر هذه المواقع يحاسب عليه كأي جرم.

وينظر أبو زيد في الإيجابيات التي أدخلتها وسائل التواصل الى حياتنا وأهمها السرعة في الحصول على الخبر، إذ لم يعد الجمهور مضطراً الى انتظار نشرة الأخبار المسائية لمعرفة المستجدات المحلية والاقليمية والعالمية لأن الأخبار أصبحت بمتناول يده، يعلم بالحدث فور وروده من خلال فايسبوك و"تويتر" وخدمة "الخبر العاجل"، ونشأ مصطلح صحافة المواطن في إطار ما عرف بالإعلام الجديد كظاهرة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي فسمحت للمواطن أن يتحول الى مراسل وأن يتواصل مباشرة مع الآخرين دون الحاجة الى وسطاء.

وتابع:" أما في مجال الأعمال فأوجدت مواقع التواصل الاجتماعي ثورة في عالم التسويق وساهمت في انتشار اوسع للعلامات التجارية والشركات بكلفة أقل وبدقة أكبر من الوسائل التقليدية ما أثر سلباً على شبكات التلفزة وعلى دورها التقليدي في مجال الأخبار والاعلانات كما أثرت على قطاع الاعلانات بحد ذاته بسبب وصولها لشريحة أكبر من الناس".
ويضيف أبو زيد أن مواقع التواصل الاجتماعي سهّلت التفاعل بين الجمهور والسياسيين والفنانين والشخصيات العامة، ورأى أن السياسيين استغلوا وسائل التواصل لنشر أفكارهم السياسية والتواصل مع أكبر قاعدة من الناس. لكنها في المقابل ورغم الايجابيات التي قدمتها لهم كان لها أثر سلبي ما يتعلق بالخصوصية والحياة الشخصية خصوصاً في موضوع الفضائح والأخبار الكاذبة التي تنتشر اليوم أسرع عبر وسائل التواصل.

شرٌّ لا بد منه

يشدد أبو زيد أن المسؤولية تقع على المستخدم للتأكد من مصدر الخبر الذي يصل اليه، مستعيداً سوء التفاهم الذي حصل مع الفنانة نجوى كرم عندما ردت على تغريدة لانجيلينا جولي تعلن من خلالها الأخيرة تضامنها مع الشعب اللبناني بعد انفجاري برج البراجنة. ويفسر أن مواقع التواصل الاجتماعي فرضت نفسها على حياة الانسان مثلها مثل أي ظاهرة جديدة في المجتمع، مشددا ًعلى أنها "شرٌّ لا بد منه". وختم: " تخدم وسائل التواصل الاجتماعي أهدافاً عدة منها نشر الوعي وتثقيف المجتمع والقيام بثورة والتخريب وحتى كسب المال. والسؤال اليوم لا يتعلق باستخدامنا مواقع التواصل الاجتماعي أم لا، بل هل نعلم كيف نستخدمها؟".

بغض النظر عن تأييدنا لوسائل التواصل الاجتماعي أو رفضنا إياها، لا يسعنا انكار الايجابيات التي وفرتها لرواد مواقع التواصل اجتماعياً و ثقافياً وسياسيا وحتى مهنياً. فلكل تكنولوجيا حسناتها وسيئاتها وفي ظل ازدياد الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن يبقى الأهم أن نتحصن بالوعي والذكاء.
النهار
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير