مذيعات الأخبار اللبنانيات لا لتغليب الشكل على المضمون
جو 24 : مذيعات الأخبار اللبنانيات لا لتغليب الشكل على المضمون
لكل مقام مقال، كما لكل مهنة أبوابها وأسرارها التي تدفعها نحو النجاح والتطور والتقدم. قد يختلف الزمن وتتغير المفاهيم والأساليب، لكن تبقى بعض المقومات أساسية في بعض المهن والمقامات والشخصيات، خصوصاً إذا كانت هذه المهن أو المراكز تتصل مباشرة بالناس. تقديم نشرات الأخبار إحدى أكثر المهن متابعة من الناس، إذ لا يكاد يمر يوم من دون أن يتابع المرء مجريات الأحداث ويستمع الى النشرة للوقوف على آخر المستجدات، مما يجعل مذيعي الأخبار ومذيعاته بالتحديد محط أنظار ملايين الناس وانتقاداتهم. لكن كيف تظهر مذيعة الأخبار خلال النشرة، وما المقومات التي عليها التمتع بها كي تكون على قدر المسؤولية، وما هي التغيرات التي طرأت على المهنة اليوم؟
«لها» قابلت عدداً من مذيعات الأخبار في تلفزيونات محلية عدة: ديانا فاخوري، ديما صادق، لينا دوغان، سمر أبو خليل وجسيكا عازار ووقفت على آرائهن في مهنتهن في هذا التحقيق...
ديانا فاخوري: دور مذيعة الأخبار يتعدّى تقديم النشرة
ترى مقدمة الأخبار في تلفزيون «أم تي في» ديانا فاخوري «أن على مذيعة الأخبار امتلاك خلفية سياسية وتاريخية وثقافية واسعة، والتمتع بروح المتابعة والإلمام بمختلف المجريات والأحداث والوقائع الحديثة والقديمة، لأن التاريخ يعيد نفسه». وتؤكد ديانا «أن على المذيعة التمكن من أساليب الحوار والتحليل السياسي، لأن دورها لا يقتصر على تقديم نشرة الأخبار وإذاعتها فقط، بل يتعدى ذلك إلى المشاركة في كتابة الخبر ومتابعته وتحليله وإجراء حوار مباشر حوله. ففي الحالات الاستثنائية مثل النقل المباشر أو وجود ضيف في النشرة، على المذيعة ان تكون جاهزة دائماً لإيصال رسالتها بطريقة صحيحة، وأن تجيد طرح الاسئلة الهادفة وغير الركيكة ومواكبة تطورات الأحداث حتى لا تضيع وتضيّع المشاهد معها».
وتشير فاخوري الى أهمية تمكن مذيعة الأخبار من اللغة العربية، لأن نشرة الأخبار تقدم بالعربية الفصحى، إضافة الى الحضور والإلقاء، وكيفية الجلوس أمام الكاميرا بحيث تخضع المذيعة لدورات تدريبية خاصة تجعلها متمكنة من أصول النطق والإلقاء والاطلالة ومخاطبة المشاهدين.
توضح فاخوري أن المعايير التي تخضع لها مذيعة الأخبار اليوم تختلف عن المعايير السابقة، الى درجة لم يعد يتبقى منها على الشاشات اللبنانية سوى 5% فقط. وتعلّق بالقول: «مع الأسف، باتت غالبية المحطات اللبنانية تهتم بالشكل أكثر من المضمون، فيما المحطات العربية لا تزال تهتم بمضمون مذيعة الاخبار على حساب شكلها». وتضيف: «في تلفزيون الـ «أم تي في»، لا نزال نخضع للمعايير القديمة، وتشدد إدارة التلفزيون كثيراً على صورة المذيعة ومضمونها وعلى فحوى النشرة، إذ يجب ان يتكامل لدينا المضمون مع الشكل، وعادة ما تخضع المذيعة لدورة تدريب في الإلقاء والحضور قبل ممارستها المهنة».
أما بالنسبة الى الفارق بين مذيعات اليوم والأمس، فتؤكد فاخوري أن مذيعات الأمس أهم بكثير من مذيعات اليوم لما تركن من أثر إيجابي في ذاكرة الناس ونفوسهم، وتعدد: سعاد قاروط العشي، نهى الخطيب، نجوى قاسم، دوللي غانم، مي شدياق، يولا سليمان.... وتضيف: «هذه الوجوه التي انطبعت في ذاكرتنا، لها الفضل الأكبر على المهنة، فصاحباتها كن يقدمن النشرة من دون أي خطأ لغوي أو مهني. نحن نفتقر الى هذه المعايير المهمة، فقد باتت شبه مفقودة بعدما حلّ مكانها الشكل والواسطة والمحسوبيات... مشكلة بعض المحطات اليوم أنها توظف مذيعات في مجال الأخبار لتلون بهن نشرات الأخبار وتجذب المشاهد بغض النظر عن خلفيتهن المهنية والثقافية».
وتختتم فاخوري حديثها مؤكدة: «هذه المهنة كانت في الماضي أفضل، ومذيعات الأخبار كنّ جميلات ورصينات، علماً أننا عرفناهن بأعمار كبيرة. أما اليوم فتغلب الأعمار الصغيرة على المهنة. في الماضي كانت مذيعات الأخبار يعتمدن الشكل الكلاسيكي والألوان الرسمية في لباسهن، حتى تلفزيون «أم تي في» كان يركز في بداياته على الزي الكلاسيكي والرسمي لمذيعات الأخبار، ولا يسمح بالألوان الصارخة والأكسسوارات البارزة، وهو لا يزال يحافظ الى اليوم على هذه المبادئ ولو نسبياً. أتمنى استعادة الخط الذي انطلقت به الزميلات في الماضي، لأنهن أضفن صورة جميلة وبعداً رصيناً الى مهنة مذيعة الأخبار».
ديما صادق: لغة الإنترنت باتت تحكم العالم
تؤكد مذيعة الأخبار في تلفزيون «أل بي سي» ديما صادق أن على مذيعة الأخبار أن تتمتع بخلفية ثقافية واسعة، وألا تقتصر خبرتها ومعرفتها على الموضوعات السياسية فقط، بل يجب أن تكون ملمّة بالموضوعات التاريخية على المديين القصير والطويل. وترى أن الثقافة العامة والإلقاء الجيد والتمكن من قواعد اللغة العربية، من أهم مقومات هذه المهنة، ومن ثوابتها الراسخة حاضراً وماضياً.
وبالنسبة الى التغيرات التي طرأت على المهنة، تقول ديما: «لم يطرأ أي جديد على المهنة، وإن حصل فيكون على صعيد الشكل وليس المضمون، كما أرى أن لكل عصر أسلوبه ونسقه. وإذا قارنّا ما بين ستينات القرن الماضي وسبعيناته، لا نلحظ أوجه شبه بينهما، فلكل زمن خصوصيته، وما من زمن يشبه الآخر». وتضيف: «حتى مفردات اللغة التي كانت تستعمل في الماضي تغيرت مع تقدم الزمن، كذلك الأمر بالنسبة الى طريقة التخاطب. ففي الماضي كان الناس عندما يلتقون، يقولون «نهاركم سعيد»، أما اليوم فيقولون «هاي»، حتى اللهجة العامية في الأفلام القديمة اختلفت عنها في أفلام اليوم وما من شيء بقي على حاله».
وإذ توضح صادق أن بعض الناس مصدومون اليوم بإطلالات مذيعات الأخبار، ويفضلون أن يظهرن بأسلوب مذيعات الماضي، مما يُحدث لغطاً لدى البعض، ترى أن من غير المقبول أن يبقى كل شيء على حاله. فالعصر تغير ويجب أن يتغير كل شيء معه. في الستينات، كانت الفصحى تفرض نفسها خلال النشرة. أما اليوم فباتت لغة الانترنت تحكم الإعلام بمختلف وسائله، بغية التواصل المستمر مع المشاهد. ومن هذا المنطلق، لا بد لمذيعة الأخبار من ان تلامس هذا التغيير وتتفاعل معه. فلكل عصر مدرسته، وما هو سائد اليوم يواكب عصرنا الحالي.
وتختتم صادق حديثها بالقول: «يجب ألا يتوقف الزمن في مكان معين، وعلينا مواكبة العصر وتقبّل التغيير. مثلاً، كان يُفرض على مذيعات الأخبار في القنوات الغربية الالتزام بالنسق الكلاسيكي. أما اليوم فقد بات هذا النسق شبه مفقود في أغلب المحطات العالمية، بحيث نكاد لا نجد مذيعة أخبار ترتدي سترة أو ثياباً محتشمة، مما يدفع بعض الناس الى انتقاده واعتباره نوعاً من الانحطاط وكسراً للقاعدة، علماً انه لا يغير شيئاً في المضمون، لا من قريب ولا من بعيد».
لينا دوغان: لم يحافظ الجيل الحالي على المهنة واستهان بقيمتها
لمذيعة الأخبار في تلفزيون «المستقبل» لينا دوغان رأيها الخاص في صفات مذيعة الأخبار والخلفية التي يجب أن تتميز بها، إذ تفضل أن تكون المذيعة خريجة كلية الإعلام وموهوبة في مجالها، وتقول: «أنا لست خريجة إعلام، ووفق خبرتي وتجربتي، أرى أن من الممكن أن تلعب الموهبة والثقافة دوراً إيجابياً وبارزاً في صقل شخصية المذيعة، إذ تدفعانها إلى خوض هذا المجال بشغف، وتقديم كل ما لديها من مخزون ثقافي».
أما في ما يتعلق بالفارق ما بين مذيعات الأمس واليوم فترى أن هناك اختلافاً كبيراً بين الجيلين، وتعتب على الجيل الحالي لأنه لم يحافظ على المهنة واستهان بقيمتها كثيراً. وتورد: «لقد فقدت المهنة مكانتها المرموقة ولم نعد نعرف ماذا يحصل في المحطات. لا يمكنني وضع نفسي في مكانهم، ولكن على إدارة التلفزيون أن تُحسن اختيار المذيعات، وفي حال نجحت في ذلك، على المذيعة ان تحافظ على المكان الذي اختيرت من أجله، وتحترم قيمه». وترى دوغان أن المحطة والمذيعة تتحملان معاً مسؤولية العبث بقيمة المهنة، ولهذا يجب أن تتابع وزارة الإعلام هذا الموضوع بدأب، فتُلزم المحطات بقواعد المهنة ومبادئها، خصوصاً بعدما أصبحت غالبية المحطات المحلية تهتم بالشكل على حساب المضمون. وتجد دوغان أن مذيعات الماضي كان لديهن رادع نفسي يُلزمهن بالرصانة والاحترام، إضافة إلى مقوماتهن، مما يجعلهن يفرضن حضورهن وهيبتهن.
ورغم أن دوغان تفضل الزي الكلاسيكي لمذيعة الأخبار، لكنها لا تجد ضيراً في الخروج عنه مع مراعاة مضمون المادة الإخبارية التي يتم تقديمها، والتي من الممكن أن تحتوي على حوادث مؤلمة أو مفرحة... لذا يجب احترام مشاعر المشاهدين وأذواقهم.
سمر أبو خليل: الإعلام الغربي يفرض معايير على مذيعة الأخبار
أما المذيعة في تلفزيون «الجديد» سمر أبو خليل فترى أن الأفضلية في مهنة الإعلام لأصحاب الاختصاص، بغض النظر عن أي أمر آخر. لكن بالنسبة الى مذيعة الأخبار بالذات فلا بد لها من أن تتمتع بلغة جيدة وثقافة واسعة، فهذه المعايير من أساسيات المهنة، مما يفتح المجال واسعاً أمام المجازين في الأدب العربي والحقوق والعلوم السياسية لخوض غمار هذه المهنة. وتفضل بو خليل الثقافة على الشهادة الجامعية وتعتبرها مهمة في حالات كثيرة، لأن المثقف يستطيع خوض مختلف المجالات، فيما ينحصر بعض حاملي الشهادات في مجال اختصاصهم إذ لا يستطيعون المناقشة أو الحديث بعيداً عنه. ولهذا ترى أن المذيعة المثقفة تستطيع أن تتلافى الأخطاء وتتجاوز المطبات التي قد تعترضها على الهواء من دون أن ينتبه المشاهد لذلك. تترحّم بو خليل على الزمن الماضي وتتأسف لما آلت اليه حال هذه المهنة اليوم، وتقول: «يشهد هذا المجال في عصرنا الحالي انحطاطاً كبيراً لدرجة أن هناك مذيعات أخبار لا يعرفن أسماء الوزراء والنواب، ويقعن في الخطأ من دون حتى أن يتنبّهن اليه، وهذا غير مقبول، لأن دور مذيعة الأخبار أهم من قراءة الخبر. في الماضي، كان الاهتمام يتركز على المضمون أكثر من الشكل، لكن اليوم أصبحت لدينا للأسف مجموعة كبيرة من فئة «كوني جميلة واصمتي»، وهذه مأساة كبيرة في الوسط الاعلامي، أنا لست ضد الجمال، فالله يحب الجمال، ولا أقصد ألا تفكر المرأة الجميلة بأن تصبح مذيعة أخبار، ولكن يجب ألا يكون جمالها على حساب مضمونها. مشكلتنا تكمن في فقر المضمون، والطامة الكبرى ان بعض وسائل الإعلام تشجعهن وتفتح الهواء لهن لشكلهن فقط.
تستذكر بو خليل وجوه الزمن الماضي، وتؤكد أنه زمن لن يتكرر بما فيه من ثقافة ومضمون ولغة وحضور ونطق صحيح... تجذب المشاهد وتشدّه للاستماع والمتابعة، إذ كان المذيعون يتمتعون بسلة متكاملة من المقومات من الصعب وجودها في عصرنا الحالي.
تفضل بو خليل الزي الكلاسيكي لمذيعة الأخبار، وتتقبل التغيير ولكن ضمن حدود قواعد المهنة ومبادئها، فمذيعة الأخبار أو مقدمة البرامج السياسية يجب أن تكون مقنعة في نظرها، ورصينة في ما يتعلق بأسلوب ازيائها وتسريحة شعرها، وعن هذا تقول: «إذا لم تكن المذيعة رصينة بلباسها وبطريقة طرحها للموضوع فلن يتقبلها الناس بجدية». وتضيف: «علينا ألا نكون ملكيين أكثر من الملك، فنحن نقلّد الغرب تقليداً أعمى باستثناء الأمور الجيدة، وفي الإعلام الغربي مدارس عدة: مدرسة CNN ، المدرسة الفرنسية، ومدرسة BBC، وهي كلها تضع معايير لمذيعة الأخبار، أهمها عدم المبالغة في وضع الماكياج، والالتزام بالشعر القصير، فممنوع لديهم ان يتجاوز الشعر حدود الكتفين، في وقت نجد لدينا حبالاً معلقة. وفي ما يتعلق باللباس فمن غيرالمقبول ان تطل مذيعة الأخبار بثياب لا تليق بالمهنة. تتمنى بو خليل أخيراً التزام مقدمات نشرات الأخبار بهذه المعايير التي تحفظ قيمة المذيعة وتعزز رصانتها وتجعل الناس تصدقها وتتفاعل أكثر مع ما تقدمه من أخبار وبرامج.
جسيكا عازار: نفتقد اليوم تلك الوجوه القيمة وتنقصنا خبرتها النادرة
ترى مذيعة الأخبار في تلفزيون «أم تي في» أن مذيعة الأخبار يجب أن تنطلق من خلفية إعلامية أو سياسية، وتكون ملمّة بمختلف الموضوعات التي تقدمها وأن تشارك في صنع الخبر ولا تكون مجرد قارئة. وتقول بهذا الخصوص: «بالنسبة إليّ، قبل أن أكون مذيعة أخبار، عملت في قسم التحرير، ومراسلة على الارض، واختبرت كل انواع العمل الإخباري، وأرى أن تقديم نشرة الأخبار يستوجب جدية قد لا تكون ضرورية في تقديم البرامج العادية أو الترفيهية. لذا على مذيعة الأخبار الإلمام بالمادة التي تقدمها والاطلاع عليها تحسباً لأي طارئ على الهواء».
تجد عازار أن عصرنا الحالي يختلف كثيراً عن الماضي، فقد طرأ تغيير على هذه المهنة، حتى أن الوجوه تغيرت ولم تعد هي نفسها. تقول: «نفتقد اليوم تلك الوجوه القيمة وتنقصنا خبرتها النادرة. ففي الماضي لم يكن من السهل الوصول الى هذه المهنة، أما اليوم ومع انتشار المحطات الفضائية وتعدد التلفزيونات، بات كهلاً الدخول الى هذا المجال. يظن البعض ان هذه المهنة جسر عبور الى الشهرة ويتناسون الخلفية التي يجب عليهم امتلاكها، لأن ليس من السهل النجاح في هذا المجال ما لم يقدّر المرء قيمتها».
أما في ما يتعلق بالشكل فتؤكد عازار إن للشكل اهمية ولكن ليس على حساب المضمون، وتقول: «بدأنا بعمر صغير ونسق جديد لم تكن الناس معتادة عليه، ولكننا استطعنا اجتياز هذا الامتحان بعدما صقلنا أنفسنا وطوّرنا ثقافتنا ولم نتسمّر في مكاننا، كما لم نكتف بالشكل الجيد، بل استطعنا التوفيق بين الشكل والمضمون، ولذلك ربما فتحنا الباب أمام اشخاص آخرين لخوض هذه التجربة وكسر رتابة الصورة التقليدية، من دون المساس بجوهر المهنة وقيمتها».
المذيعات العربيات يغزون الشاشات المصرية
تمتلئ الشاشات المصرية بالمذيعات العربيات اللواتي أثبتن كفاءتهن وحققن نجاحاً استطعن به تهديد عرش المذيعات المصريات، حتى أن الطلب على المذيعة العربية يزداد بين القنوات المصرية، فهل نحن أمام غزو من المذيعات العربيات للشاشات المصرية؟ وهل يؤثر هذا في فرص المذيعة المصرية؟ وماذا تقول المذيعات العربيات اللواتي خضن التجربة؟
داما الكردي: أعتبر أن الإعلام المصري هو المدرسة التي تعلمت منها
عملت أكثر من خمسة عشر عاماً في الإعلام الأردني، لكنها تعتبر السنوات الثلاث الأخيرة في حياتها المهنية بمثابة نقلة نوعية في مشوارها الإعلامي، لأنها عملت خلالها في مصر، وأصبحت تُقدم أخيراً برنامجاً اجتماعياً بعنوان «آخر الليل»، الذي يُعرض على قناة «القاهرة والناس». إنها الإعلامية الأردنية داما الكردي، التي استهلت حديثها قائلةً: «في البداية، أوضح أنني أول إعلامية أردنية تحقق نجاحاً في مصر، وهذا شرف لي ومسؤولية أتمنى أن أكون على قدرها وأنجح في تحملها. لا يمكن أن أصف مدى سعادتي بالعمل في مصر، وأكثر ما يجعلني أشعر بالراحة أن مصر تضم كوادر حقيقية، وجميع العاملين في القنوات المصرية يمتلكون خبرة، هذا بالإضافة إلى ترحيبهم الشديد بالمذيعات العربيات، فلا تفرقة بين مذيعة مصرية أو عربية». وتضيف: «أعتبر عملي في الإعلام المصري نقلة نوعية في حياتي، وقد اكتسبت منه خبرات كثيرة رغم عملي لسنوات طويلة في الإعلام الأردني، فالقنوات الأردنية لا تزال محلية ولا يشاهدها سوى الشعب الأردني، على عكس القنوات المصرية التي تحظى بنسب مشاهدة مصرية وعربية أيضاً. وعلى أي حال، أعتبر أن الإعلام المصري هو المدرسة التي تعلمت منها ولا أزال».
ليليان داوود: المصريون لا يطيقون النفاق
في الوقت الذي اتجهت فيه المذيعات العربيات لتقديم برامج فنية واجتماعية خلال عملهن في الإعلام المصري، قررت الإعلامية اللبنانية ليليان داوود السير عكس التيار وتقديم برنامج سياسي على قناة ontv، وذلك بعدما تركت قناة bbc التي عملت فيها لسنوات طويلة.
ليليان التي تقدم برنامج «الصورة الكاملة»، كشفت عن سبب تركيزها على البرامج السياسية، مؤكدة: «أميل إلى تقديم برامج التوك شو والبرامج السياسية، لأنني أجد نفسي فيها، مع احترامي الشديد للبرامج الفنية والاجتماعية وبرامج المنوعات».
وعن الاختلاف بين الإعلام المصري والعربي، تقول: «لا توجد أي مقارنة، فقناة bbc بمثابة مدرسة إعلامية، وأيضاً ontv مدرسة إعلامية أخرى، ولكل منهما اتجاهها وسياستها، لكن الصعوبة هنا تكمن في كيفية التعامل مع الشعب المصري، الذي يفتح قلبه لأي إعلامي بغض النظر عن جنسيته، لكنه في الوقت نفسه لا يطيق النفاق ويكره الاستماع إلى الإعلاميين المنافقين أو الذين يغيرون آراءهم من وقت الى آخر».
وعن المنافسة بين المذيعات العربيات والمصريات، توضح: «لا يشغلني هذا الأمر كثيراً بعد اتخاذي قراراً بالعمل في مصر، فكل ما أفكر به هو تحقيق أهدافي بنجاح وتقديم برنامج يعرض الصورة الكاملة».
رزان مغربي: ما لا يعرفه البعض أنني أول مذيعة عربية تنضم إلى الإعلام المصري
رزان مغربي ليست فنانة فحسب، وإنما إعلامية ناجحة قدّمت العديد من البرامج الفنية في قنوات كثيرة، وقد اتجهت خلال السنوات الماضية للعمل في قناة «الحياة» المصرية وقدّمت برامج عدة، كان آخرها «الحياة حلوة» والذي اعتمد على استضافة الفنانين.
تتحدث رزان عن تجربة العمل في الإعلام المصري، وتقول: «ما لا يعرفه البعض أنني أول مذيعة عربية تنضم إلى الإعلام المصري من خلال برنامج «البيت بيتك» عام 2007، وبعد ذلك بدأ الإعلام المصري يستقطب إعلاميين عرباً مثل جورج قرداحي وطوني خليفة».
وتضيف: «من وجهة نظري، نجاح أي إعلامية عربية يتوقف فقط على الجمهور المصري الذي يبحث عن المذيعة التي تعبّر عن تطلعاتهم وتنجح في التطرق إلى وجهات نظرهم وتمتلك في داخلها الروح المصرية المرحة الخفيفة. في النهاية، أنا فخورة بنجاحي في مصر، وسعيدة بدخولي قلوب المصريين».
منى أبو حمزة: الشعب المصري العظيم يفتح قلبه لأي شخص موهوب وناجح
أما الإعلامية اللبنانية منى أبو حمزة، التي حققت نجاحاً كبيراً في لبنان والعديد من الدول العربية خلال السنوات الأخيرة، فتمكنت من تحقيق شهرة واسعة في مصر من خلال تقديمها برنامج «مذيع العرب»، الذي عُرض على قناة «الحياة».
وتقول منى عن تجربة عملها في مصر: «أهم ميزة في العمل الإعلامي في مصر، الالتقاء بالشعب المصري العظيم، الذي يفتح قلبه لأي شخص موهوب وناجح، ويعطيه فرصة ويستقبله بحفاوة. وقد حققت من خلال عملي في مصر نقلة كبيرة جداً في مشواري الإعلامي، لأن مصر تحتل مكانة الريادة في الوطن العربي، في الفن والإعلام وغيرهما من المجالات».
ولدى سؤالها عن رأيها في توافد المذيعات العربيات للعمل في مصر، أجابت: «ظاهرة ليست جديدة على مصر، فهي أم الدنيا، ودائماً ما تفتح أبوابها أمام المواهب. وإذا نظرنا إلى حال الدراما أو السينما المصرية، نجد أنها خليط من النجوم المصريين واللبنانيين والتونسيين والسوريين... والشيء نفسه ينطبق على المذيعات. وفي النهاية، الجمهور لا يشعر بفارق إذا وجد أن المذيعة التي يشاهدها تمتلك الموهبة والروح الخفيفة على الشاشة».
وعن رأيها بالمنافسة تقول: «لكل مذيعة مكانة خاصة بها، سواء كانت مصرية أو تحمل أي جنسية أخرى».
مريم أمين: يطلبن أضعاف أجور المذيعة المصرية
أما الإعلامية المصرية مريم أمين فأكدت أن وجود مذيعات عربيات في الفضائيات المصرية ظاهرة إيجابية، لكنها كشفت عن اعتراضها على بعض الأشياء في هذه الظاهرة قائلة: «أريد أن أوجه رسالة إلى المذيعات العربيات، وأقول لهن إنني سعيدة بوجودهن في الإعلام المصري، فقد تشرفنا بوجودكن، لكنني في الوقت نفسه أشعر بالدهشة من تعامل بعض أصحاب الفضائيات مع المذيعات العربيات، إذ يفضل بعضهم المذيعة العربية على المذيعة المصرية، رغم امتلاك كل منهما الخبرة نفسها». وتضيف: «الغريب أيضاً أن بعض أصحاب القنوات الفضائية يقبلون بكل شروط المذيعات العربيات، ممن يطلبن أضعاف أجور المذيعة المصرية، ويرفضون الشروط نفسها للمذيعات المصريات. وأرى أن عمل المذيعات العربيات يؤثر بعض الشيء في عمل المذيعة المصرية في قنوات بلدها الأم، وقد فوجئت في أحد شهور رمضان بأن المذيعين والمذيعات العرب يسيطرون على القنوات المصرية، ولم أجد مذيعة مصرية واحدة».
طارق الشناوي: الإعلام لا يختلف كثيراً عن الفن
وعن غزو المذيعات العربيات الشاشات المصرية، يقول الناقد الفني طارق الشناوي: «بعد ظهور الفضائيات وتطور الإعلام، أصبح من الطبيعي جداً أن تظهر المذيعات العربيات على الشاشات المصرية، والعكس صحيح. فمن الطبيعي أن نرى مذيعة مصرية تعمل في قناة لبنانية أو خليجية، لأن الإعلام لا يختلف كثيراً عن الفن، ففي السينما والدراما نرى فنانين عرباً تمكنوا من الوصول الى مكانة متميزة جداً في مصر، والشيء نفسه ينطبق على الإعلام، فهناك مذيعون عرب نجحوا في مصر رغم سنوات عملهم القليلة».
ويضيف: «من أنجح المذيعات العربيات من وجهة نظري، ليليان داوود، فهي محترفة وتشعر من خلال حديثها بأنها تتمتع بخبرة واسعة في مجال العمل الإعلامي».
أسباب غير مهنية
يقول الأستاذ في كلية الإعلام في جامعة القاهرة، الدكتور محمود علم الدين: «ظهور القنوات الفضائية المصرية التي لا تخاطب الشعب المصري فحسب، وإنما الجماهير العربية بأكملها، وراء وجود مذيعات عربيات، وهذا يساعد في إشعال المنافسة الشريفة في الساحة الإعلامية، كما يحدث في الوسط الفني الذي يضم نجوماً مصريين وعرباً، ولا يمكن أحداً أن ينكر أن هناك إعلاميين عرباً أضافوا إلى الإعلام المصري». ويختتم الدكتور محمود علم الدين حديثه مؤكداً «أن وجود المذيعات العربيات في مصر من الممكن أن يؤثر في عمل المذيعة المصرية، وكلامي هذا لا يقلل من شأن المذيعات العربيات، فبعضهن يمتلكن الخبرة وقادرات على إثبات أنفسهن، ولكن ما أريد قوله أن بعض المسؤولين في القنوات الفضائية يتعاملون مع المذيعة العربية بشكل أفضل من المذيعة المصرية لأسباب غير مهنية، على رأسها الجمال والعيون الملونة والشعر الأشقر، وهي ملامح قد تفتقدها المصرية مقارنة بغيرها».
: لها - نيرمين زكي
لكل مقام مقال، كما لكل مهنة أبوابها وأسرارها التي تدفعها نحو النجاح والتطور والتقدم. قد يختلف الزمن وتتغير المفاهيم والأساليب، لكن تبقى بعض المقومات أساسية في بعض المهن والمقامات والشخصيات، خصوصاً إذا كانت هذه المهن أو المراكز تتصل مباشرة بالناس. تقديم نشرات الأخبار إحدى أكثر المهن متابعة من الناس، إذ لا يكاد يمر يوم من دون أن يتابع المرء مجريات الأحداث ويستمع الى النشرة للوقوف على آخر المستجدات، مما يجعل مذيعي الأخبار ومذيعاته بالتحديد محط أنظار ملايين الناس وانتقاداتهم. لكن كيف تظهر مذيعة الأخبار خلال النشرة، وما المقومات التي عليها التمتع بها كي تكون على قدر المسؤولية، وما هي التغيرات التي طرأت على المهنة اليوم؟
«لها» قابلت عدداً من مذيعات الأخبار في تلفزيونات محلية عدة: ديانا فاخوري، ديما صادق، لينا دوغان، سمر أبو خليل وجسيكا عازار ووقفت على آرائهن في مهنتهن في هذا التحقيق...
ديانا فاخوري: دور مذيعة الأخبار يتعدّى تقديم النشرة
ترى مقدمة الأخبار في تلفزيون «أم تي في» ديانا فاخوري «أن على مذيعة الأخبار امتلاك خلفية سياسية وتاريخية وثقافية واسعة، والتمتع بروح المتابعة والإلمام بمختلف المجريات والأحداث والوقائع الحديثة والقديمة، لأن التاريخ يعيد نفسه». وتؤكد ديانا «أن على المذيعة التمكن من أساليب الحوار والتحليل السياسي، لأن دورها لا يقتصر على تقديم نشرة الأخبار وإذاعتها فقط، بل يتعدى ذلك إلى المشاركة في كتابة الخبر ومتابعته وتحليله وإجراء حوار مباشر حوله. ففي الحالات الاستثنائية مثل النقل المباشر أو وجود ضيف في النشرة، على المذيعة ان تكون جاهزة دائماً لإيصال رسالتها بطريقة صحيحة، وأن تجيد طرح الاسئلة الهادفة وغير الركيكة ومواكبة تطورات الأحداث حتى لا تضيع وتضيّع المشاهد معها».
وتشير فاخوري الى أهمية تمكن مذيعة الأخبار من اللغة العربية، لأن نشرة الأخبار تقدم بالعربية الفصحى، إضافة الى الحضور والإلقاء، وكيفية الجلوس أمام الكاميرا بحيث تخضع المذيعة لدورات تدريبية خاصة تجعلها متمكنة من أصول النطق والإلقاء والاطلالة ومخاطبة المشاهدين.
توضح فاخوري أن المعايير التي تخضع لها مذيعة الأخبار اليوم تختلف عن المعايير السابقة، الى درجة لم يعد يتبقى منها على الشاشات اللبنانية سوى 5% فقط. وتعلّق بالقول: «مع الأسف، باتت غالبية المحطات اللبنانية تهتم بالشكل أكثر من المضمون، فيما المحطات العربية لا تزال تهتم بمضمون مذيعة الاخبار على حساب شكلها». وتضيف: «في تلفزيون الـ «أم تي في»، لا نزال نخضع للمعايير القديمة، وتشدد إدارة التلفزيون كثيراً على صورة المذيعة ومضمونها وعلى فحوى النشرة، إذ يجب ان يتكامل لدينا المضمون مع الشكل، وعادة ما تخضع المذيعة لدورة تدريب في الإلقاء والحضور قبل ممارستها المهنة».
أما بالنسبة الى الفارق بين مذيعات اليوم والأمس، فتؤكد فاخوري أن مذيعات الأمس أهم بكثير من مذيعات اليوم لما تركن من أثر إيجابي في ذاكرة الناس ونفوسهم، وتعدد: سعاد قاروط العشي، نهى الخطيب، نجوى قاسم، دوللي غانم، مي شدياق، يولا سليمان.... وتضيف: «هذه الوجوه التي انطبعت في ذاكرتنا، لها الفضل الأكبر على المهنة، فصاحباتها كن يقدمن النشرة من دون أي خطأ لغوي أو مهني. نحن نفتقر الى هذه المعايير المهمة، فقد باتت شبه مفقودة بعدما حلّ مكانها الشكل والواسطة والمحسوبيات... مشكلة بعض المحطات اليوم أنها توظف مذيعات في مجال الأخبار لتلون بهن نشرات الأخبار وتجذب المشاهد بغض النظر عن خلفيتهن المهنية والثقافية».
وتختتم فاخوري حديثها مؤكدة: «هذه المهنة كانت في الماضي أفضل، ومذيعات الأخبار كنّ جميلات ورصينات، علماً أننا عرفناهن بأعمار كبيرة. أما اليوم فتغلب الأعمار الصغيرة على المهنة. في الماضي كانت مذيعات الأخبار يعتمدن الشكل الكلاسيكي والألوان الرسمية في لباسهن، حتى تلفزيون «أم تي في» كان يركز في بداياته على الزي الكلاسيكي والرسمي لمذيعات الأخبار، ولا يسمح بالألوان الصارخة والأكسسوارات البارزة، وهو لا يزال يحافظ الى اليوم على هذه المبادئ ولو نسبياً. أتمنى استعادة الخط الذي انطلقت به الزميلات في الماضي، لأنهن أضفن صورة جميلة وبعداً رصيناً الى مهنة مذيعة الأخبار».
ديما صادق: لغة الإنترنت باتت تحكم العالم
تؤكد مذيعة الأخبار في تلفزيون «أل بي سي» ديما صادق أن على مذيعة الأخبار أن تتمتع بخلفية ثقافية واسعة، وألا تقتصر خبرتها ومعرفتها على الموضوعات السياسية فقط، بل يجب أن تكون ملمّة بالموضوعات التاريخية على المديين القصير والطويل. وترى أن الثقافة العامة والإلقاء الجيد والتمكن من قواعد اللغة العربية، من أهم مقومات هذه المهنة، ومن ثوابتها الراسخة حاضراً وماضياً.
وبالنسبة الى التغيرات التي طرأت على المهنة، تقول ديما: «لم يطرأ أي جديد على المهنة، وإن حصل فيكون على صعيد الشكل وليس المضمون، كما أرى أن لكل عصر أسلوبه ونسقه. وإذا قارنّا ما بين ستينات القرن الماضي وسبعيناته، لا نلحظ أوجه شبه بينهما، فلكل زمن خصوصيته، وما من زمن يشبه الآخر». وتضيف: «حتى مفردات اللغة التي كانت تستعمل في الماضي تغيرت مع تقدم الزمن، كذلك الأمر بالنسبة الى طريقة التخاطب. ففي الماضي كان الناس عندما يلتقون، يقولون «نهاركم سعيد»، أما اليوم فيقولون «هاي»، حتى اللهجة العامية في الأفلام القديمة اختلفت عنها في أفلام اليوم وما من شيء بقي على حاله».
وإذ توضح صادق أن بعض الناس مصدومون اليوم بإطلالات مذيعات الأخبار، ويفضلون أن يظهرن بأسلوب مذيعات الماضي، مما يُحدث لغطاً لدى البعض، ترى أن من غير المقبول أن يبقى كل شيء على حاله. فالعصر تغير ويجب أن يتغير كل شيء معه. في الستينات، كانت الفصحى تفرض نفسها خلال النشرة. أما اليوم فباتت لغة الانترنت تحكم الإعلام بمختلف وسائله، بغية التواصل المستمر مع المشاهد. ومن هذا المنطلق، لا بد لمذيعة الأخبار من ان تلامس هذا التغيير وتتفاعل معه. فلكل عصر مدرسته، وما هو سائد اليوم يواكب عصرنا الحالي.
وتختتم صادق حديثها بالقول: «يجب ألا يتوقف الزمن في مكان معين، وعلينا مواكبة العصر وتقبّل التغيير. مثلاً، كان يُفرض على مذيعات الأخبار في القنوات الغربية الالتزام بالنسق الكلاسيكي. أما اليوم فقد بات هذا النسق شبه مفقود في أغلب المحطات العالمية، بحيث نكاد لا نجد مذيعة أخبار ترتدي سترة أو ثياباً محتشمة، مما يدفع بعض الناس الى انتقاده واعتباره نوعاً من الانحطاط وكسراً للقاعدة، علماً انه لا يغير شيئاً في المضمون، لا من قريب ولا من بعيد».
لينا دوغان: لم يحافظ الجيل الحالي على المهنة واستهان بقيمتها
لمذيعة الأخبار في تلفزيون «المستقبل» لينا دوغان رأيها الخاص في صفات مذيعة الأخبار والخلفية التي يجب أن تتميز بها، إذ تفضل أن تكون المذيعة خريجة كلية الإعلام وموهوبة في مجالها، وتقول: «أنا لست خريجة إعلام، ووفق خبرتي وتجربتي، أرى أن من الممكن أن تلعب الموهبة والثقافة دوراً إيجابياً وبارزاً في صقل شخصية المذيعة، إذ تدفعانها إلى خوض هذا المجال بشغف، وتقديم كل ما لديها من مخزون ثقافي».
أما في ما يتعلق بالفارق ما بين مذيعات الأمس واليوم فترى أن هناك اختلافاً كبيراً بين الجيلين، وتعتب على الجيل الحالي لأنه لم يحافظ على المهنة واستهان بقيمتها كثيراً. وتورد: «لقد فقدت المهنة مكانتها المرموقة ولم نعد نعرف ماذا يحصل في المحطات. لا يمكنني وضع نفسي في مكانهم، ولكن على إدارة التلفزيون أن تُحسن اختيار المذيعات، وفي حال نجحت في ذلك، على المذيعة ان تحافظ على المكان الذي اختيرت من أجله، وتحترم قيمه». وترى دوغان أن المحطة والمذيعة تتحملان معاً مسؤولية العبث بقيمة المهنة، ولهذا يجب أن تتابع وزارة الإعلام هذا الموضوع بدأب، فتُلزم المحطات بقواعد المهنة ومبادئها، خصوصاً بعدما أصبحت غالبية المحطات المحلية تهتم بالشكل على حساب المضمون. وتجد دوغان أن مذيعات الماضي كان لديهن رادع نفسي يُلزمهن بالرصانة والاحترام، إضافة إلى مقوماتهن، مما يجعلهن يفرضن حضورهن وهيبتهن.
ورغم أن دوغان تفضل الزي الكلاسيكي لمذيعة الأخبار، لكنها لا تجد ضيراً في الخروج عنه مع مراعاة مضمون المادة الإخبارية التي يتم تقديمها، والتي من الممكن أن تحتوي على حوادث مؤلمة أو مفرحة... لذا يجب احترام مشاعر المشاهدين وأذواقهم.
سمر أبو خليل: الإعلام الغربي يفرض معايير على مذيعة الأخبار
أما المذيعة في تلفزيون «الجديد» سمر أبو خليل فترى أن الأفضلية في مهنة الإعلام لأصحاب الاختصاص، بغض النظر عن أي أمر آخر. لكن بالنسبة الى مذيعة الأخبار بالذات فلا بد لها من أن تتمتع بلغة جيدة وثقافة واسعة، فهذه المعايير من أساسيات المهنة، مما يفتح المجال واسعاً أمام المجازين في الأدب العربي والحقوق والعلوم السياسية لخوض غمار هذه المهنة. وتفضل بو خليل الثقافة على الشهادة الجامعية وتعتبرها مهمة في حالات كثيرة، لأن المثقف يستطيع خوض مختلف المجالات، فيما ينحصر بعض حاملي الشهادات في مجال اختصاصهم إذ لا يستطيعون المناقشة أو الحديث بعيداً عنه. ولهذا ترى أن المذيعة المثقفة تستطيع أن تتلافى الأخطاء وتتجاوز المطبات التي قد تعترضها على الهواء من دون أن ينتبه المشاهد لذلك. تترحّم بو خليل على الزمن الماضي وتتأسف لما آلت اليه حال هذه المهنة اليوم، وتقول: «يشهد هذا المجال في عصرنا الحالي انحطاطاً كبيراً لدرجة أن هناك مذيعات أخبار لا يعرفن أسماء الوزراء والنواب، ويقعن في الخطأ من دون حتى أن يتنبّهن اليه، وهذا غير مقبول، لأن دور مذيعة الأخبار أهم من قراءة الخبر. في الماضي، كان الاهتمام يتركز على المضمون أكثر من الشكل، لكن اليوم أصبحت لدينا للأسف مجموعة كبيرة من فئة «كوني جميلة واصمتي»، وهذه مأساة كبيرة في الوسط الاعلامي، أنا لست ضد الجمال، فالله يحب الجمال، ولا أقصد ألا تفكر المرأة الجميلة بأن تصبح مذيعة أخبار، ولكن يجب ألا يكون جمالها على حساب مضمونها. مشكلتنا تكمن في فقر المضمون، والطامة الكبرى ان بعض وسائل الإعلام تشجعهن وتفتح الهواء لهن لشكلهن فقط.
تستذكر بو خليل وجوه الزمن الماضي، وتؤكد أنه زمن لن يتكرر بما فيه من ثقافة ومضمون ولغة وحضور ونطق صحيح... تجذب المشاهد وتشدّه للاستماع والمتابعة، إذ كان المذيعون يتمتعون بسلة متكاملة من المقومات من الصعب وجودها في عصرنا الحالي.
تفضل بو خليل الزي الكلاسيكي لمذيعة الأخبار، وتتقبل التغيير ولكن ضمن حدود قواعد المهنة ومبادئها، فمذيعة الأخبار أو مقدمة البرامج السياسية يجب أن تكون مقنعة في نظرها، ورصينة في ما يتعلق بأسلوب ازيائها وتسريحة شعرها، وعن هذا تقول: «إذا لم تكن المذيعة رصينة بلباسها وبطريقة طرحها للموضوع فلن يتقبلها الناس بجدية». وتضيف: «علينا ألا نكون ملكيين أكثر من الملك، فنحن نقلّد الغرب تقليداً أعمى باستثناء الأمور الجيدة، وفي الإعلام الغربي مدارس عدة: مدرسة CNN ، المدرسة الفرنسية، ومدرسة BBC، وهي كلها تضع معايير لمذيعة الأخبار، أهمها عدم المبالغة في وضع الماكياج، والالتزام بالشعر القصير، فممنوع لديهم ان يتجاوز الشعر حدود الكتفين، في وقت نجد لدينا حبالاً معلقة. وفي ما يتعلق باللباس فمن غيرالمقبول ان تطل مذيعة الأخبار بثياب لا تليق بالمهنة. تتمنى بو خليل أخيراً التزام مقدمات نشرات الأخبار بهذه المعايير التي تحفظ قيمة المذيعة وتعزز رصانتها وتجعل الناس تصدقها وتتفاعل أكثر مع ما تقدمه من أخبار وبرامج.
جسيكا عازار: نفتقد اليوم تلك الوجوه القيمة وتنقصنا خبرتها النادرة
ترى مذيعة الأخبار في تلفزيون «أم تي في» أن مذيعة الأخبار يجب أن تنطلق من خلفية إعلامية أو سياسية، وتكون ملمّة بمختلف الموضوعات التي تقدمها وأن تشارك في صنع الخبر ولا تكون مجرد قارئة. وتقول بهذا الخصوص: «بالنسبة إليّ، قبل أن أكون مذيعة أخبار، عملت في قسم التحرير، ومراسلة على الارض، واختبرت كل انواع العمل الإخباري، وأرى أن تقديم نشرة الأخبار يستوجب جدية قد لا تكون ضرورية في تقديم البرامج العادية أو الترفيهية. لذا على مذيعة الأخبار الإلمام بالمادة التي تقدمها والاطلاع عليها تحسباً لأي طارئ على الهواء».
تجد عازار أن عصرنا الحالي يختلف كثيراً عن الماضي، فقد طرأ تغيير على هذه المهنة، حتى أن الوجوه تغيرت ولم تعد هي نفسها. تقول: «نفتقد اليوم تلك الوجوه القيمة وتنقصنا خبرتها النادرة. ففي الماضي لم يكن من السهل الوصول الى هذه المهنة، أما اليوم ومع انتشار المحطات الفضائية وتعدد التلفزيونات، بات كهلاً الدخول الى هذا المجال. يظن البعض ان هذه المهنة جسر عبور الى الشهرة ويتناسون الخلفية التي يجب عليهم امتلاكها، لأن ليس من السهل النجاح في هذا المجال ما لم يقدّر المرء قيمتها».
أما في ما يتعلق بالشكل فتؤكد عازار إن للشكل اهمية ولكن ليس على حساب المضمون، وتقول: «بدأنا بعمر صغير ونسق جديد لم تكن الناس معتادة عليه، ولكننا استطعنا اجتياز هذا الامتحان بعدما صقلنا أنفسنا وطوّرنا ثقافتنا ولم نتسمّر في مكاننا، كما لم نكتف بالشكل الجيد، بل استطعنا التوفيق بين الشكل والمضمون، ولذلك ربما فتحنا الباب أمام اشخاص آخرين لخوض هذه التجربة وكسر رتابة الصورة التقليدية، من دون المساس بجوهر المهنة وقيمتها».
المذيعات العربيات يغزون الشاشات المصرية
تمتلئ الشاشات المصرية بالمذيعات العربيات اللواتي أثبتن كفاءتهن وحققن نجاحاً استطعن به تهديد عرش المذيعات المصريات، حتى أن الطلب على المذيعة العربية يزداد بين القنوات المصرية، فهل نحن أمام غزو من المذيعات العربيات للشاشات المصرية؟ وهل يؤثر هذا في فرص المذيعة المصرية؟ وماذا تقول المذيعات العربيات اللواتي خضن التجربة؟
داما الكردي: أعتبر أن الإعلام المصري هو المدرسة التي تعلمت منها
عملت أكثر من خمسة عشر عاماً في الإعلام الأردني، لكنها تعتبر السنوات الثلاث الأخيرة في حياتها المهنية بمثابة نقلة نوعية في مشوارها الإعلامي، لأنها عملت خلالها في مصر، وأصبحت تُقدم أخيراً برنامجاً اجتماعياً بعنوان «آخر الليل»، الذي يُعرض على قناة «القاهرة والناس». إنها الإعلامية الأردنية داما الكردي، التي استهلت حديثها قائلةً: «في البداية، أوضح أنني أول إعلامية أردنية تحقق نجاحاً في مصر، وهذا شرف لي ومسؤولية أتمنى أن أكون على قدرها وأنجح في تحملها. لا يمكن أن أصف مدى سعادتي بالعمل في مصر، وأكثر ما يجعلني أشعر بالراحة أن مصر تضم كوادر حقيقية، وجميع العاملين في القنوات المصرية يمتلكون خبرة، هذا بالإضافة إلى ترحيبهم الشديد بالمذيعات العربيات، فلا تفرقة بين مذيعة مصرية أو عربية». وتضيف: «أعتبر عملي في الإعلام المصري نقلة نوعية في حياتي، وقد اكتسبت منه خبرات كثيرة رغم عملي لسنوات طويلة في الإعلام الأردني، فالقنوات الأردنية لا تزال محلية ولا يشاهدها سوى الشعب الأردني، على عكس القنوات المصرية التي تحظى بنسب مشاهدة مصرية وعربية أيضاً. وعلى أي حال، أعتبر أن الإعلام المصري هو المدرسة التي تعلمت منها ولا أزال».
ليليان داوود: المصريون لا يطيقون النفاق
في الوقت الذي اتجهت فيه المذيعات العربيات لتقديم برامج فنية واجتماعية خلال عملهن في الإعلام المصري، قررت الإعلامية اللبنانية ليليان داوود السير عكس التيار وتقديم برنامج سياسي على قناة ontv، وذلك بعدما تركت قناة bbc التي عملت فيها لسنوات طويلة.
ليليان التي تقدم برنامج «الصورة الكاملة»، كشفت عن سبب تركيزها على البرامج السياسية، مؤكدة: «أميل إلى تقديم برامج التوك شو والبرامج السياسية، لأنني أجد نفسي فيها، مع احترامي الشديد للبرامج الفنية والاجتماعية وبرامج المنوعات».
وعن الاختلاف بين الإعلام المصري والعربي، تقول: «لا توجد أي مقارنة، فقناة bbc بمثابة مدرسة إعلامية، وأيضاً ontv مدرسة إعلامية أخرى، ولكل منهما اتجاهها وسياستها، لكن الصعوبة هنا تكمن في كيفية التعامل مع الشعب المصري، الذي يفتح قلبه لأي إعلامي بغض النظر عن جنسيته، لكنه في الوقت نفسه لا يطيق النفاق ويكره الاستماع إلى الإعلاميين المنافقين أو الذين يغيرون آراءهم من وقت الى آخر».
وعن المنافسة بين المذيعات العربيات والمصريات، توضح: «لا يشغلني هذا الأمر كثيراً بعد اتخاذي قراراً بالعمل في مصر، فكل ما أفكر به هو تحقيق أهدافي بنجاح وتقديم برنامج يعرض الصورة الكاملة».
رزان مغربي: ما لا يعرفه البعض أنني أول مذيعة عربية تنضم إلى الإعلام المصري
رزان مغربي ليست فنانة فحسب، وإنما إعلامية ناجحة قدّمت العديد من البرامج الفنية في قنوات كثيرة، وقد اتجهت خلال السنوات الماضية للعمل في قناة «الحياة» المصرية وقدّمت برامج عدة، كان آخرها «الحياة حلوة» والذي اعتمد على استضافة الفنانين.
تتحدث رزان عن تجربة العمل في الإعلام المصري، وتقول: «ما لا يعرفه البعض أنني أول مذيعة عربية تنضم إلى الإعلام المصري من خلال برنامج «البيت بيتك» عام 2007، وبعد ذلك بدأ الإعلام المصري يستقطب إعلاميين عرباً مثل جورج قرداحي وطوني خليفة».
وتضيف: «من وجهة نظري، نجاح أي إعلامية عربية يتوقف فقط على الجمهور المصري الذي يبحث عن المذيعة التي تعبّر عن تطلعاتهم وتنجح في التطرق إلى وجهات نظرهم وتمتلك في داخلها الروح المصرية المرحة الخفيفة. في النهاية، أنا فخورة بنجاحي في مصر، وسعيدة بدخولي قلوب المصريين».
منى أبو حمزة: الشعب المصري العظيم يفتح قلبه لأي شخص موهوب وناجح
أما الإعلامية اللبنانية منى أبو حمزة، التي حققت نجاحاً كبيراً في لبنان والعديد من الدول العربية خلال السنوات الأخيرة، فتمكنت من تحقيق شهرة واسعة في مصر من خلال تقديمها برنامج «مذيع العرب»، الذي عُرض على قناة «الحياة».
وتقول منى عن تجربة عملها في مصر: «أهم ميزة في العمل الإعلامي في مصر، الالتقاء بالشعب المصري العظيم، الذي يفتح قلبه لأي شخص موهوب وناجح، ويعطيه فرصة ويستقبله بحفاوة. وقد حققت من خلال عملي في مصر نقلة كبيرة جداً في مشواري الإعلامي، لأن مصر تحتل مكانة الريادة في الوطن العربي، في الفن والإعلام وغيرهما من المجالات».
ولدى سؤالها عن رأيها في توافد المذيعات العربيات للعمل في مصر، أجابت: «ظاهرة ليست جديدة على مصر، فهي أم الدنيا، ودائماً ما تفتح أبوابها أمام المواهب. وإذا نظرنا إلى حال الدراما أو السينما المصرية، نجد أنها خليط من النجوم المصريين واللبنانيين والتونسيين والسوريين... والشيء نفسه ينطبق على المذيعات. وفي النهاية، الجمهور لا يشعر بفارق إذا وجد أن المذيعة التي يشاهدها تمتلك الموهبة والروح الخفيفة على الشاشة».
وعن رأيها بالمنافسة تقول: «لكل مذيعة مكانة خاصة بها، سواء كانت مصرية أو تحمل أي جنسية أخرى».
مريم أمين: يطلبن أضعاف أجور المذيعة المصرية
أما الإعلامية المصرية مريم أمين فأكدت أن وجود مذيعات عربيات في الفضائيات المصرية ظاهرة إيجابية، لكنها كشفت عن اعتراضها على بعض الأشياء في هذه الظاهرة قائلة: «أريد أن أوجه رسالة إلى المذيعات العربيات، وأقول لهن إنني سعيدة بوجودهن في الإعلام المصري، فقد تشرفنا بوجودكن، لكنني في الوقت نفسه أشعر بالدهشة من تعامل بعض أصحاب الفضائيات مع المذيعات العربيات، إذ يفضل بعضهم المذيعة العربية على المذيعة المصرية، رغم امتلاك كل منهما الخبرة نفسها». وتضيف: «الغريب أيضاً أن بعض أصحاب القنوات الفضائية يقبلون بكل شروط المذيعات العربيات، ممن يطلبن أضعاف أجور المذيعة المصرية، ويرفضون الشروط نفسها للمذيعات المصريات. وأرى أن عمل المذيعات العربيات يؤثر بعض الشيء في عمل المذيعة المصرية في قنوات بلدها الأم، وقد فوجئت في أحد شهور رمضان بأن المذيعين والمذيعات العرب يسيطرون على القنوات المصرية، ولم أجد مذيعة مصرية واحدة».
طارق الشناوي: الإعلام لا يختلف كثيراً عن الفن
وعن غزو المذيعات العربيات الشاشات المصرية، يقول الناقد الفني طارق الشناوي: «بعد ظهور الفضائيات وتطور الإعلام، أصبح من الطبيعي جداً أن تظهر المذيعات العربيات على الشاشات المصرية، والعكس صحيح. فمن الطبيعي أن نرى مذيعة مصرية تعمل في قناة لبنانية أو خليجية، لأن الإعلام لا يختلف كثيراً عن الفن، ففي السينما والدراما نرى فنانين عرباً تمكنوا من الوصول الى مكانة متميزة جداً في مصر، والشيء نفسه ينطبق على الإعلام، فهناك مذيعون عرب نجحوا في مصر رغم سنوات عملهم القليلة».
ويضيف: «من أنجح المذيعات العربيات من وجهة نظري، ليليان داوود، فهي محترفة وتشعر من خلال حديثها بأنها تتمتع بخبرة واسعة في مجال العمل الإعلامي».
أسباب غير مهنية
يقول الأستاذ في كلية الإعلام في جامعة القاهرة، الدكتور محمود علم الدين: «ظهور القنوات الفضائية المصرية التي لا تخاطب الشعب المصري فحسب، وإنما الجماهير العربية بأكملها، وراء وجود مذيعات عربيات، وهذا يساعد في إشعال المنافسة الشريفة في الساحة الإعلامية، كما يحدث في الوسط الفني الذي يضم نجوماً مصريين وعرباً، ولا يمكن أحداً أن ينكر أن هناك إعلاميين عرباً أضافوا إلى الإعلام المصري». ويختتم الدكتور محمود علم الدين حديثه مؤكداً «أن وجود المذيعات العربيات في مصر من الممكن أن يؤثر في عمل المذيعة المصرية، وكلامي هذا لا يقلل من شأن المذيعات العربيات، فبعضهن يمتلكن الخبرة وقادرات على إثبات أنفسهن، ولكن ما أريد قوله أن بعض المسؤولين في القنوات الفضائية يتعاملون مع المذيعة العربية بشكل أفضل من المذيعة المصرية لأسباب غير مهنية، على رأسها الجمال والعيون الملونة والشعر الأشقر، وهي ملامح قد تفتقدها المصرية مقارنة بغيرها».
: لها - نيرمين زكي