jo24_banner
jo24_banner

الجامعات العربية.. ومضمون الحداثة

الجامعات العربية.. ومضمون الحداثة
جو 24 : بدأت مجموعة من الجامعات العالمية المرموقة، وبعضها ضمن الأفضل على مستوى العالم، تقديم برامج دراسية مجانية من خلال المصادر المفتوحة على شبكة الانترنت، وفوق ذلك، لم يعد الأمر بمجرد إتاحة نصوص المحاضرات في شكل مواد مكتوبة وفيلمية مختلفة، ولكن أصبحت عملية إدماج الطالب في الدراسة والطلب منه القيام ببعض الواجبات مسألة شائعة جداً، ويمكن للطلبة مقابل رسوم معقولة أن يحصلوا على شهادة من الجامعة بإنهائهم للمادة العلمية.
بالطبع ما تقدمه الجامعات من خلال الإنترنت لا يمكن أن ينافس ما تقدمه لطلبتها المنتظمين الذين يدفعون عشرات الآلاف من الدولارات سنوياً، ولكنها في النهاية تقدم فرصة للتعرف على مجالات معرفية جديدة، وتستطيع أن تصقل مهارات ومواهب المتخصصين في بعض المجالات في غير مجالات تخصصاتهم.
التوجه إلى التعليم الإلكتروني يضع أمام المتأملين في مستقبل التعليم مجموعة من الافتراضات التي تثبت نفسها مع الوقت، فالتركيز يجري حالياً على المواد النظرية أو المهنية المتعلقة بمواضيع تكنولوجيا المعلومات، وبما يعني أن برامج الدراسة لهذه المجالات يمكن أن تتوفر كلياً على الشبكة ومن بعض الجامعات المتخصصة وبتكلفة معقولة بالنسبة للطلبة، ويكون التفوق قائماً على مدى قدرة الطلبة على بذل المجهود الشخصي، بينما ستبقى الجامعات بمعناها المكاني الذي يشتمل المباني والمختبرات مخصصة للدراسات العلمية التطبيقية، مثل كليات الطب والهندسة والعلوم.
سينعكس ذلك على مؤسسات علمية كثيرة قائمة، وما زالت تعتمد أنماط التعليم التقليدي، وبما أن الحركة التعليمية مرتبطة بشكل أو بآخر بسوق العمل والطلب على التخصصات العلمية والمعرفية، أو يفترض أن يكون الأمر كذلك، ففي النهاية ستجد الكثير من الجامعات العربية نفسها خارج إطار المنافسة على الطلبة في كثير من التخصصات التي ستصبح متوفرة على المصادر المفتوحة، ويمكن التواصل مع أساتذتها في أي مكان في العالم ودون وجود أي تكلفة إضافية للسفر أو للحصول على المراجع التي ستصبح مجرد ملفات صغيرة يجري تداولها على البريد الإلكتروني.
قبل عقود قليلة كان الحصول على المراجع يتطلب مراسلة المكتبات والحصول على نسخ ترسل في البريد المسجل والتعهد بإعادتها وما إلى ذلك من أمور، وكانت عملية الحصول على مرجع يتطلب أسابيعاً في بعض الأحيان، هذا إن تمكن الباحث من الإطلاع عليه، وكل هذه الأمور بدأت تصبح تراثاً يرويه الأجداد والآباء كما يرون أيضاً لأبنائهم فكرة الرسائل البريدية التي يمكن أن تصل بعد أشهر، هذا إن وصلت من الأساس، بينما الأبناء لا يجدون أي مشكلة في التواصل عبر الانترنت بالصوت والصورة مما كان يعتبر قبل سنوات غير بعيدة من الخيال العلمي.
أين هي الجامعات العربية من مصادر التعليم على الانترنت؟ غالباً لم تبدأ الجامعات العربية بعد الدخول إلى هذه الآفاق على الرغم من وجود بعض المؤسسات الخاصة التي تقدم برامج معينة في بعض التخصصات، ولكنها بالطبع لا تتسم بعمق وتنوع البرامج التي تقدم باللغة الإنجليزية، ومع تطور حركة المزودات المتخصصة للبرامج التعليمية يتوقع أن تكون اللغة العربية مستقبلاً ضمن السياقات العالمية المتوفرة، بينما يبقى المحتوى المعرفي الذي تنتج الدول العربية متأخراً، وبما يعني وجود حركة جديدة لتلقي العلم على مستوى عالمي لا يعترف بالحدود أو تكلفة السفر والانتقال، وهو ما سيفرغ أصلاً المشاركة العربية في إنتاج المعرفة وهي المساهمة الضئيلة التي لا تتناسب مع تاريخ الحضارة العربية أو واقع العرب بوصفهم أصحاب لغة من الأوسع انتشاراً في العالم.
الجامعات العربية ستجد نفسها من جديد خارج العصر، ولن يكون طلبة الكليات النظرية مضطرين أصلاً للتسجيل فيها، وسيجدون مزودين مرموقين بالبرامج التعليمية المهمة خارج بلدانهم وبتكلفة معقولة للغاية، أما الكليات العلمية فإنها تحتاج من أجل المنافسة مستقبلاً إلى استثمارات هائلة يجب أن تبدأ من اليوم، فكم جامعة عربية تفكر في أن تدخل الحداثة بدلاً من التهافت على منتجات التصنيف الغربية؟
الراي
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير