ألمانيا تنضمّ للتحالف الدولي... فهل وقعت في "الفخ"؟
جو 24 : بعد موافقة مجلس العموم البريطاني على خطّة الحكومة لقصف تنظيم "#الدولة الاسلاميّة"، ها هو نظيره الألماني يتّخذ خطوات في السياق نفسه. فمجلس النوّاب الألماني أو البوندستاغ، وافق على خطّة لتأمين مساعدة عسكريّة في الحرب ضدّ "داعش" من بينها إرسال طائرات استطلاع بالاضافة الى فريق مساندة مؤلّف من 1200 شخص. لكنّ هؤلاء لن ينخرطوا في عمليّات حربيّة مباشرة.
وفي الأرقام، صدّق 445 نائباً (مقابل رفض 146) على خطّة تقدّمت بها المستشارة الألمانيّة #أنغيلا_ميركل لتوفير دعم أكبر في محاربة الارهاب، وخصوصاً بعد هجمات باريس الشهر الماضي. ونالت ألمانيا تقديراً دوليّاً لكونها فتحت أبوابها أمام اللاجئين السوريّين الذين قدّروا استقبال دولتها لهم على عكس دول أوروبّيّة أخرى، حيث لم يلقَ اللاجئون استقبالاً لائقاً كما فعلت #برلين معهم.
وقرّرت الحكومة إرسال ستّ طائرت استطلاعيّة من طراز "تورنايدو" بالاضافة الى طائرة تزويد للوقود وفرقاطة، في محاولة منها لحماية حاملة الطائرات الفرنسيّة "شارل ديغول" في شرق البحر المتوسّط. لكنّ هذه الآليّات لن تشارك في القتال.
وقالت صحيفة "الغارديان" البريطانيّة إنّ عمليّات الإرهاب التي طالت #باريس جعلت فرنسا تطالب "#الاتحاد_الأوروبي" بتطبيق أحد بنود معاهدة لشبونة التي تلزم الدول الأعضاء تأمين مساعدة عسكريّة لضرب "داعش" في العراق وسوريا.
ونقلت الصحيفة عينها أنّ 60 دولة تشارك في قصف التنظيم الارهابي مع تركيز على أهدافه في العراق، أمّا الضربات في سوريا فمحدودة. يأتي ذلك الأمر، لأنّ بعض الدول الغربيّة "حذر من أن تنتهي العمليّات العسكريّة هناك الى خدمة نظام بشّار الأسد". لكنّها تقول إنّ هولندا التي تشنّ ضربات جوّيّة في العراق "قد توسّع مدى عمليّاتها ليشمل #سوريا".
ونشرت صحيفة "داي ولت" الألمانيّة إحصاء تبيّن فيه أنّ 58% من الشعب الألماني يؤيّد توجّه الحكومة، فيما عارضه فقط 37% منهم. ولم تنحصر مكافحة #ألمانيا للإرهاب فوق سوريا والعراق. إنّما أرسلت الدولة أيضاً حوالي 650 جنديّاً الى مالي لدعم القوّات الفرنسيّة الموجودة هناك في محاربة التنظيمات الإرهابيّة.
وفي خضمّ الجدل الغربي عن فاعليّة الضربات الجويّة وقدرتها على حسم المعركة الطويلة مع الإرهاب، تعلو أصوات مطالبة بالوقف الفوري لتلك الضربات لأنّها تخدم التنظيم أكثر ممّا تقوّض عناصره. هذه الآراء أصبحت نوعاً ما اعتياديّة في الدول الغربيّة، إلّا أنّ البارز مؤخّراً انضمام أحد من كان لهم تجربة مريرة مع التنظيم الارهابي الى إطلاق أفكار مشابهة، ومع ذلك فهو يقف بحزم ضدّ الضربات الجوّيّة وخصوصاً في سوريا.
نيكولا هينين، هو صحافي فرنسيّ اعتقله التنظيم في حزيران سنة 2013 قبل أن يطلق سراحه في نيسان 2014 قاضياً بذلك حوالي عشرة أشهر داخل معتقلات "داعش". وهو عمل على نشر تجربته مع الارهابيّين في كتاب بعنوان "أكاديميّة الجهاد-أخطاؤنا في مواجهة تنظيم الدولة الاسلاميّة".
هينين الذي يعترف بأنّ محمّد إموازي المعروف ب"جون الجهادي" عذّبه جسديّاً ونفسيّاً، لا زال يرفض فكرة الضربات الجويّة ضدّ التنظيم. وهو، أكثر من ذلك، يعدّها كنوع من "فخ" هدفه تقوية "داعش" لا القضاء عليه. وفي مقابلة مع "ذا سيريان كامباين" قال هينين إنّ الرابح من هذه الحرب لن يكون "الحزب الذي يملك أحدث أو أغلى أو أكثر الأسلحة تطوّراً، بل الحزب الذي يتصرّف على أساس كسب الشعب السوري الى جانبه".
وعبّر عن اعتقاده بأنّ إلقاء القنابل يدفع السكّان أكثر باتّجاه التنظيم، مشدّداً على جعل المواطنين ينخرطون أكثر في العمل السياسي. وأضاف قائلاً:" كلّما ازداد أمل السوريّين بالوصول الى حلّ سياسيّ، فإنّ التنظيم سينهار ببساطة".
وقف الحظّ سابقاً الى جانب هينين فلم يعدمه "داعش" كما فعل مع الصحافيّين الأميركيّين جايمس فولي وستيفين سوتلوف، والكاتب البريطاني دايفد هاينز والمتطوّع في قافلة المساعدات الانسانيّة داخل سوريا ألان هينينغ الذين قتلوا جميعاً على يد إموازي نفسه.
ووصف هينين الارهابيّين بأنّهم منفصلون عن الواقع، ويعيشون في عالم موازٍ و"مصفوفة مختلفة" أو "different matrix". وقال عنهم إنّهم يؤمنون بـ"نبوءة مجنونة" تحتّم بروز صراع بين تحالف من 80 دولة ضدّ جيش من المسلمين يأتون من كلّ أنحاء العالم".
لكنّه في المقابل أكّد على أنّ الغرب "يرتكب أخطاء كثيرة" وأنّ العالم "لا يفهم جيّداً المنطقة". وتابع: "نحن نؤجّج أعداءنا، ونؤجّج البؤس". وأرجع سبب التطرّف في سوريا الى "سلبيّة المجتمع الدولي" التي فشلت في مساعدة ديموقراطيّي سوريا حين كانوا "يصرخون من أجل حرّيّتهم، في الوقت الذي كان فيه السوريّون يعيشون في يأس مطبق".
ودعا هينين المجتمع الدولي الى إقامة حظر جوّيّ فوق سوريا. لكنّ فكرته كانت جديدة وغريبة في آن معاً. فبالنسبة إليه، إنّ المناطق التي يسيطر عليها معارضون سوريّون "يجب أن تكون مناطق حظر جوّي" تجاه الجميع. وكلمة "جميع" بالنسبة إليه لا تشمل طائرات الرئيس السوري #بشّار_الأسد أو الطائرات الروسيّة فقط، بل هي تشمل طائرات التحالف الدولي أيضاً. ولم يحدّد الصحافي الفرنسي الجهات التي ستقوم بهذا الحظر خصوصاً أنّ الجميع مستثنى. فالمجتمع الدولي ليس طرفاً سياسيّاً متجانساً يتمتّع برؤية موحّدة، بل على العكس من ذلك تماماً، لا تزال الخلافات تعصف بين القوى الفاعلة والمؤثّرة داخله ، حتى أنّ هنالك بعض التباينات بين الحلفاء في الموضوع السوري. وعلى رغم ذلك، يؤكّد هينين أنّ هذه الخطوة كفيلة بأن تجعل "داعش" يخسر الأراضي "بسرعة مرتفعة".
وفي جميع الأحوال، ما زال الحظر الجوّي فكرة بعيدة من التنفيذ وغير مطروحة حاليّاً. وإذا كان من بحث حول خطّة عسكريّة أفضل حسماً في القضاء على "داعش"، فالأمر يتعلّق أكثر بتعزيز فكرة تكوين قوّات برّيّة محلّيّة لتنفيذ المهمّة. وبحسب وكالة "رويترز" الأميركيّة، اعترف وزير الخارجيّة الأميركي #جون_كيري بعدم قدرة القصف الجوّي وحده على إنهاء المعركة ضدّ المتطرّفين. وطالب، بعد اجتماع "منظّمة الأمن والتعاون الأوروبّيّة" في بلغراد، بجيش برّيّ ينخرط في قتال الإرهابيّين، يتألّف من قوّات سوريّة وعربيّة. لكنّه أكّد أيضاً أنّ الحلّ السياسي في سوريا قادر على إزالة التنظيم في خلال "أشهر" ... قاصداً بذلك المعنى الحرفي للكلمة.المصدر: "النهار"
جورج عيسى
وفي الأرقام، صدّق 445 نائباً (مقابل رفض 146) على خطّة تقدّمت بها المستشارة الألمانيّة #أنغيلا_ميركل لتوفير دعم أكبر في محاربة الارهاب، وخصوصاً بعد هجمات باريس الشهر الماضي. ونالت ألمانيا تقديراً دوليّاً لكونها فتحت أبوابها أمام اللاجئين السوريّين الذين قدّروا استقبال دولتها لهم على عكس دول أوروبّيّة أخرى، حيث لم يلقَ اللاجئون استقبالاً لائقاً كما فعلت #برلين معهم.
وقرّرت الحكومة إرسال ستّ طائرت استطلاعيّة من طراز "تورنايدو" بالاضافة الى طائرة تزويد للوقود وفرقاطة، في محاولة منها لحماية حاملة الطائرات الفرنسيّة "شارل ديغول" في شرق البحر المتوسّط. لكنّ هذه الآليّات لن تشارك في القتال.
وقالت صحيفة "الغارديان" البريطانيّة إنّ عمليّات الإرهاب التي طالت #باريس جعلت فرنسا تطالب "#الاتحاد_الأوروبي" بتطبيق أحد بنود معاهدة لشبونة التي تلزم الدول الأعضاء تأمين مساعدة عسكريّة لضرب "داعش" في العراق وسوريا.
ونقلت الصحيفة عينها أنّ 60 دولة تشارك في قصف التنظيم الارهابي مع تركيز على أهدافه في العراق، أمّا الضربات في سوريا فمحدودة. يأتي ذلك الأمر، لأنّ بعض الدول الغربيّة "حذر من أن تنتهي العمليّات العسكريّة هناك الى خدمة نظام بشّار الأسد". لكنّها تقول إنّ هولندا التي تشنّ ضربات جوّيّة في العراق "قد توسّع مدى عمليّاتها ليشمل #سوريا".
ونشرت صحيفة "داي ولت" الألمانيّة إحصاء تبيّن فيه أنّ 58% من الشعب الألماني يؤيّد توجّه الحكومة، فيما عارضه فقط 37% منهم. ولم تنحصر مكافحة #ألمانيا للإرهاب فوق سوريا والعراق. إنّما أرسلت الدولة أيضاً حوالي 650 جنديّاً الى مالي لدعم القوّات الفرنسيّة الموجودة هناك في محاربة التنظيمات الإرهابيّة.
وفي خضمّ الجدل الغربي عن فاعليّة الضربات الجويّة وقدرتها على حسم المعركة الطويلة مع الإرهاب، تعلو أصوات مطالبة بالوقف الفوري لتلك الضربات لأنّها تخدم التنظيم أكثر ممّا تقوّض عناصره. هذه الآراء أصبحت نوعاً ما اعتياديّة في الدول الغربيّة، إلّا أنّ البارز مؤخّراً انضمام أحد من كان لهم تجربة مريرة مع التنظيم الارهابي الى إطلاق أفكار مشابهة، ومع ذلك فهو يقف بحزم ضدّ الضربات الجوّيّة وخصوصاً في سوريا.
نيكولا هينين، هو صحافي فرنسيّ اعتقله التنظيم في حزيران سنة 2013 قبل أن يطلق سراحه في نيسان 2014 قاضياً بذلك حوالي عشرة أشهر داخل معتقلات "داعش". وهو عمل على نشر تجربته مع الارهابيّين في كتاب بعنوان "أكاديميّة الجهاد-أخطاؤنا في مواجهة تنظيم الدولة الاسلاميّة".
هينين الذي يعترف بأنّ محمّد إموازي المعروف ب"جون الجهادي" عذّبه جسديّاً ونفسيّاً، لا زال يرفض فكرة الضربات الجويّة ضدّ التنظيم. وهو، أكثر من ذلك، يعدّها كنوع من "فخ" هدفه تقوية "داعش" لا القضاء عليه. وفي مقابلة مع "ذا سيريان كامباين" قال هينين إنّ الرابح من هذه الحرب لن يكون "الحزب الذي يملك أحدث أو أغلى أو أكثر الأسلحة تطوّراً، بل الحزب الذي يتصرّف على أساس كسب الشعب السوري الى جانبه".
وعبّر عن اعتقاده بأنّ إلقاء القنابل يدفع السكّان أكثر باتّجاه التنظيم، مشدّداً على جعل المواطنين ينخرطون أكثر في العمل السياسي. وأضاف قائلاً:" كلّما ازداد أمل السوريّين بالوصول الى حلّ سياسيّ، فإنّ التنظيم سينهار ببساطة".
وقف الحظّ سابقاً الى جانب هينين فلم يعدمه "داعش" كما فعل مع الصحافيّين الأميركيّين جايمس فولي وستيفين سوتلوف، والكاتب البريطاني دايفد هاينز والمتطوّع في قافلة المساعدات الانسانيّة داخل سوريا ألان هينينغ الذين قتلوا جميعاً على يد إموازي نفسه.
ووصف هينين الارهابيّين بأنّهم منفصلون عن الواقع، ويعيشون في عالم موازٍ و"مصفوفة مختلفة" أو "different matrix". وقال عنهم إنّهم يؤمنون بـ"نبوءة مجنونة" تحتّم بروز صراع بين تحالف من 80 دولة ضدّ جيش من المسلمين يأتون من كلّ أنحاء العالم".
لكنّه في المقابل أكّد على أنّ الغرب "يرتكب أخطاء كثيرة" وأنّ العالم "لا يفهم جيّداً المنطقة". وتابع: "نحن نؤجّج أعداءنا، ونؤجّج البؤس". وأرجع سبب التطرّف في سوريا الى "سلبيّة المجتمع الدولي" التي فشلت في مساعدة ديموقراطيّي سوريا حين كانوا "يصرخون من أجل حرّيّتهم، في الوقت الذي كان فيه السوريّون يعيشون في يأس مطبق".
ودعا هينين المجتمع الدولي الى إقامة حظر جوّيّ فوق سوريا. لكنّ فكرته كانت جديدة وغريبة في آن معاً. فبالنسبة إليه، إنّ المناطق التي يسيطر عليها معارضون سوريّون "يجب أن تكون مناطق حظر جوّي" تجاه الجميع. وكلمة "جميع" بالنسبة إليه لا تشمل طائرات الرئيس السوري #بشّار_الأسد أو الطائرات الروسيّة فقط، بل هي تشمل طائرات التحالف الدولي أيضاً. ولم يحدّد الصحافي الفرنسي الجهات التي ستقوم بهذا الحظر خصوصاً أنّ الجميع مستثنى. فالمجتمع الدولي ليس طرفاً سياسيّاً متجانساً يتمتّع برؤية موحّدة، بل على العكس من ذلك تماماً، لا تزال الخلافات تعصف بين القوى الفاعلة والمؤثّرة داخله ، حتى أنّ هنالك بعض التباينات بين الحلفاء في الموضوع السوري. وعلى رغم ذلك، يؤكّد هينين أنّ هذه الخطوة كفيلة بأن تجعل "داعش" يخسر الأراضي "بسرعة مرتفعة".
وفي جميع الأحوال، ما زال الحظر الجوّي فكرة بعيدة من التنفيذ وغير مطروحة حاليّاً. وإذا كان من بحث حول خطّة عسكريّة أفضل حسماً في القضاء على "داعش"، فالأمر يتعلّق أكثر بتعزيز فكرة تكوين قوّات برّيّة محلّيّة لتنفيذ المهمّة. وبحسب وكالة "رويترز" الأميركيّة، اعترف وزير الخارجيّة الأميركي #جون_كيري بعدم قدرة القصف الجوّي وحده على إنهاء المعركة ضدّ المتطرّفين. وطالب، بعد اجتماع "منظّمة الأمن والتعاون الأوروبّيّة" في بلغراد، بجيش برّيّ ينخرط في قتال الإرهابيّين، يتألّف من قوّات سوريّة وعربيّة. لكنّه أكّد أيضاً أنّ الحلّ السياسي في سوريا قادر على إزالة التنظيم في خلال "أشهر" ... قاصداً بذلك المعنى الحرفي للكلمة.المصدر: "النهار"
جورج عيسى