"تضامن": %43 من الأردنيين يحملون مسؤولية الجريمة الجنسية للضحية
جو 24 : تشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" لإجابات الأردنيين على سؤال، وردت نتائجه بدراسة "الجرائم الجنسية ضد النساء- المادة 308 من قانون العقوبات الأردني نموذجاً"، وتناول الأسباب التي تدفع بالأسرة والعائلة لتزويج الضحية من الجاني، حيث كانت خيارات الاجابة متعددة، وهي الخوف من العار وللحفاظ على سمعة وشرف العائلة، والحرص على مستقبل الضحية، ولعدم إمكانية زواج الضحية من شخص آخر غير الجاني، والطمع في الكسب المادي ومصالح أخرى، وضغوط من متنفذين لحماية الجاني، والرغبة في إثبات نسب الطفل إذا كانت الضحية حاملا.
وتشير النتائج الى أن 73.4 % من الأردنيين يعتقدون بأن سبب قيام العائلة بتزويج الضحية من الجاني هو لخوفها من العار. ولم تسجل النتائج أي فروقات جوهرية بين نسب الأفراد حسب الفئات العمرية والمستويات التعليمية وباختلاف علاقتهم مع مؤسسات المجتمع المدني، حيث اتفقوا جميعاً على النتيجة السابقة.
وأما السبب الثاني فكان لعدم إمكانية زواجها من شخص آخر وبنسبة 10 %، إضافة إلى ما سبق فقد بينت النتائج أن 9 % من الأفراد أجابوا بأن الحرص على مستقبل الضحية كان السبب الرئيس الذي يدفع الأسرة والعائلة لتزويج الضحية من الجاني في الجرائم الجنسية، في حين كانت نسبة الأفراد الذين اختاروا سبب الرغبة في إثبات نسب الطفل في حال الحمل 3 %، كما تشير النتائج الى أن 3 % من الأفراد اختاروا سبب ضغوط من متنفذين لحماية الجاني، ونسبة ضئيلة من الأفراد لم تتجاوز الـ2 % أجابت بسبب الطمع في كسب مادي أو مصالح أخرى.
وتقول ناديا (اسم مستعار) وهي ضحية لجريمة اغتصاب: "قرفانة من حالي ومن عيشتي.. لأنه البنت هي اللي بتتبهدل وهي اللي بتدفع الثمن.. مع إنه مرات كتير السبب في مشاكلنا هو أشخاص غيرنا".
وقصة ناديا تلخص بشكل عفوي وطبيعي معاناة ضحايا الجرائم الجنسية من لوم الضحية وتحميلها المسؤولية عن الجريمة، وبالتالي الاعتقاد بأنها جلبت العار والفضيحة لأسرتها وعائلتها، وتعتقد "تضامن" أن العار عار الجاني خاصة في الجرائم الجنسية.
وقد أكدت نتائج الدراسة على التأثير الكبير للعادات والتقاليد المسيئة للنساء والفتيات على المجتمع الأردني، حيث أفاد 44 % من الأفراد أنه في الجرائم الجنسية الواقعة على النساء، فإن المجتمع في العادة يحمل المسؤولية للجاني والضحية معاً، وكان أكثر الأفراد تأييداً للإجابة السابقة من الفئة العمرية 18-25 وبنسبة بلغت 53 %.
كما أفاد 43 % من الأردنيين بأنهم يحملون المسؤولية للضحية فقط، وكان الأكثر تأييداً للإجابة السابقة من الفئة العمرية 36-45 عاماً، وبنسبة بلغت 50 %. في حين بلغت نسبة الأفراد الذين يحملون المسؤولية للجاني فقط 9 %، وأن 4 % يحمل المسؤولية للأهل و1 % يحمل المسؤولية لأطراف أخرى.
وأكدت الدراسة على اختلاف المعاني المحددة لكل من العادات والتقاليد والأعراف والقيم، على الرغم من تداخلها مع بعضها البعض، إلا أن العديد من الأشخاص يعتبرونها متشابهة وهي في حقيقة الأمر ليست كذلك.
ويتلازم مصطلحا العادات والتقاليد معاً من أجل إزالة الغموض المحتمل لتوضيح أن المقصود هو العادات الاجتماعية وليست العادات الفردية التي يقوم بها شخص بعينه. فحينما تقبل مجموعة من الناس سلوكاً مكرراً يحقق لها توافقاً مع البنيتين الطبيعية والاجتماعية، فإنه يتحول إلى عادة اجتماعية، وعند توارث هذه العادة بين الأجيال فإنها تتحول الى تقليد راسخ، وعليه فإن العادات أكثر تغيراً ضمن التقاليد ذاتها، ولهذا فالتقاليد أكثر انتشاراً من العادات.
إلا أن العادات والتقاليد بحاجة إلى ضوابط تحكمها وتنظم عملها داخل المجتمع، فتكافئ من يحسن تطبيقها وتعاقب من فشل في تحقيقها، وتمثل هذه المعايير مجموعة القيم التي هي المثل العليا للسلوك داخل المجتمع وتشكل نظاماً متكاملاً مما يجوز أو لا يجوز فعله.
وأكثر الأمثلة التي يمكن سردها في هذا المجال بأنه لا يجوز لرجل أن يعتدي على امرأة ولا يجوز لرجل وامرأة أن يقررا الزواج بعيداً عن عائلتيهما ودون علمهما.
وكل من يخالف نظام العادات والتقاليد والقيم يعرض نفسه للعقاب، سواء أكان عقاباً معنوياً ومادياً أو عقاباً قانونياً وإجتماعياً، ومن الأمثلة على ذلك عدم احترام المجتمع. في حين الاعتداء على الغير يكون عقاب المعتدي أكبر، وحينها تبرز أهمية العرف القضائي أو العشائري في إصدار الأحكام وتنفيذها. والعرف هو ما تعارف عليه المجتمع من سلوكيات معينة لتصبح عرفاً اجتماعياً يتمتع بقوة القانون الرسمي ويساهم في حل العديد من المشكلات الصغيرة منها والكبيرة.
إلا أن الكثير من العادات والتقاليد الخاصة بالنساء والفتيات تعرضهن لمختلف أشكال العنف وتنطوي على تمييز واضح بين الجنسين، فمصطلح "الممارسات الضارة" بالنساء والفتيات يربط ما بين التقاليد والعادات الاجتماعية والثقافية التمييزية المتصلة بمكانة النساء والفتيات داخل الأسرة والمجتمعات المحلية، والمجتمع بشكل عام والسيطرة على حريتهن، والناتجة عن التمييز وعدم المساواة بين الجنسين. وتستخدم تلك العادات والتقاليد كمبرر لارتكاب العنف بمختلف أشكالة ضدهن. وبعض هذه الممارسات الضارة بالنساء والفتيات اندثرت مع مرور الزمن ومنها زواج المرأة من ابن عمها، أو منعها من العمل.
وتنتشر "الممارسات الضارة" على مستوى العالم وتختلف بأساليبها من دولة الى أخرى، وقد تتعرض النساء والفتيات لأحداها أو أكثر خلال فترة حياتهن وتمتد من قبل الولادة إلى الشيخوخة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر اختيار جنس الجنين ووأد البنات والزواج المبكر وتشويه الإعضاء التناسلية وجرائم "الشرف" والزواج بالإكراه وتحريض النساء والفتيات على الإنتحار وفرض قيود على تغذية الحوامل وتقييد حق البنت الثانية في الزواج والتسمين وزواج الأرملة من أخ زوجها المتوفى.
إن "الممارسات الضارة" تتأثر وتتغير وتتنقل بين المجتمعات والدول نتيجة للهجرة والعولمة لا بل أن بعضها يتماشي وفقاً للأوضاع الاقتصادية كزيادة مهر وثمن العروس في بعض المجتمعات الشرق آسيوية. وأصبحت بعض "الممارسات الضارة" وبفضل التطورات التكنولوجية أكثر انتشاراً كتحديد جنس الجنين وإجراء عمليات تشوية الإعضاء التناسلية للنساء والفتيات في المستشفيات والمراكز الطبية.
وتضيف "تضامن" بأن الدول التزمت بسن تشريعات لوضع حد لـ"الممارسات الضارة" بالنساء والفتيات من خلال المعاهدات والإتفاقيات الدولية، فمثلاً نصت الفقرة الثانية من المادة (10) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي اعتمد العام 1966 على أنه "يجب أن ينعقد الزواج برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء لا إكراه فيه"، ونصت التوصية رقم (19) الصادرة عن لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة على أن "المواقف التقليدية التي تعتبر المرأة تابعة للرجل أو أن لها دوراً نمطياً، إنما تكرس الممارسات الشائعة التي تنطوي على العنف أو الإكراه، بما في ذلك الزواج بالإكراه، وحالات القتل بسبب المهور، والإعتداء بالأحماض، وختان الإناث. وتوصي اللجنة بأن تتخذ الدول الأطراف تدابير قانونية فعالة، بما فيها فرض عقوبات جزائية وتوفير سبل إنصاف مدنية والنص على أحكام تعويضية لحماية المرأة من جميع أنواع العنف.
وتوصي خاصة بأن تلغي التشريعات الاحتجاج بالدفاع عن الشرف فيما يتعلق بالاعتداء على إحدى الإناث من أفراد الأسرة أو قتلها".
كما نصت الفقرة الثالثة من المادة (24) من اتفاقية حقوق الطفل والتي اعتمدت العام 1989 على أن "تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الفعالة والملائمة بغية إلغاء الممارسات التقليدية التي تضر بصحة الأطفال". ويحث التعليق العام رقم (4) الصادر عن لجنة حقوق الطفل الدول الأطراف بقوة على "وضع وتنفيذ التشريعات الرامية إلى تغيير العقليات السائدة، والتصدي لتنميط أدوار الجنسين وللقوالب النمطية التي تؤدي إلى الممارسات التقليدية الضارة" وعلى "حماية المراهقين من جميع الممارسات التقليدية الضارة، مثل الزواج المبكر وجرائم الشرف وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث".
ففي إطار المساءلة ينبغي للتشريعات أن تنص على إجراءات فعالة ضد أي شخص يتغاضى عن "الممارسات الضارة" أو يشارك فيها، بما في ذلك صناع القرار في المجتمعات المحلية والعاملون في المهن الصحية ومقدمو الخدمات الاجتماعية وموظفو المؤسسات التعليمية.
وفيما يتعلق بجرائم "الشرف" ينبغي للتشريعات أن تعّرف بصورة موسعة ما يسمى بجرائم "الشرف" بما يشمل المجموعة الكاملة لأشكال التمييز، والعنف المرتكبة باسم "الشرف" ضد النساء والفتيات للسيطرة على خياراتهن في الحياة وتحركاتهن.
أما الجرائم المرتبطة بما يسمى بجرائم "الشرف" فينبغي للتشريعات أن تضع تعريفاً محدداً ومنفصلاً للجرائم التالية: ارتكاب وتسهيل ما يسمى بجرائم "الشرف" والمساعدة على ارتكابها أو التغاضي عنها، وتحريض القاصرين على ارتكاب ما يسمى جرائم "الشرف"، وتحريض النساء والفتيات على الإنتحار أو على إحراق أنفسهن باسم "الشرف"، والجرائم التي ترتكب باسم "الشرف" وتصور على أنها حوادث.
وفي إطار الزواج المبكر والزواج بالإكراه، فينبغي على التشريعات أن تعّرف الزواج بالإكراه على أنه أي زواج يعقد بدون رضا الطرفين بشكل كامل ولا إكراه فيه، وتحدد السن الدنيا للزواج بـ18 عاماً للإناث، وتعريف الزواج المبكر على أنه أي زواج يعقد قبل سن 18 عاماً.
أما في مجال توفير الحماية والخدمات الإيوائية لضحايا كافة أنواع "الممارسات الضارة" وللناجيات منها، فينبغي للتشريعات أن تقضي بتوفير خدمات إيواء متخصصة لضحايا "الممارسات الضارة" وللناجيات منها. كما ينبغي عدم السماح للجناة بالإفلات من العقاب عن طريق التوصل الى إتفاق مع أسرة الضحية/ الناجية ومدها بمبلغ من المال.
وفي ظل هذه المعطيات، فإن "تضامن" والتحالف المدني الأردني لإلغاء المادة 308 يطالبان الحكومة ومجلس الأمة الإستجابة للمطالب التي عبرت عنها الحركة النسائية في الأردن منذ سنوات، والوفاء بالتزاماته خاصة أمام اللجان الدولية، والعمل سريعاً على إلغاء نص المادة 308 لإنهاء سياسة الإفلات من العقاب ولتحقيق العدالة الجنائية للنساء والفتيات ولإنهاء النصوص التمييزية ضدهن في التشريعات خاصة قانون العقوبات الأردني.
* يذكر أن مشروع "نجاة – معاً لملاحقة الجناة وحماية النساء الناجيات من جرائم العنف الجنسي" بدعم من الشعب الأميركي ومن خلال المنحة المقدمة من برنامج USAID لدعم مبادرات المجتمع المدني والمنفذ من قبل منظمة صحة الأسرة الدولية FHI 360، وبتمويل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID). ويعتبر هذا المحتوى من مسؤولية "تضامن" ولا يعكس بالضرورة آراء الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) أو آراء الحكومة الأميركية أو حتى آراء منظمة صحة الأسرة الدولية FHI 360.
وتشير النتائج الى أن 73.4 % من الأردنيين يعتقدون بأن سبب قيام العائلة بتزويج الضحية من الجاني هو لخوفها من العار. ولم تسجل النتائج أي فروقات جوهرية بين نسب الأفراد حسب الفئات العمرية والمستويات التعليمية وباختلاف علاقتهم مع مؤسسات المجتمع المدني، حيث اتفقوا جميعاً على النتيجة السابقة.
وأما السبب الثاني فكان لعدم إمكانية زواجها من شخص آخر وبنسبة 10 %، إضافة إلى ما سبق فقد بينت النتائج أن 9 % من الأفراد أجابوا بأن الحرص على مستقبل الضحية كان السبب الرئيس الذي يدفع الأسرة والعائلة لتزويج الضحية من الجاني في الجرائم الجنسية، في حين كانت نسبة الأفراد الذين اختاروا سبب الرغبة في إثبات نسب الطفل في حال الحمل 3 %، كما تشير النتائج الى أن 3 % من الأفراد اختاروا سبب ضغوط من متنفذين لحماية الجاني، ونسبة ضئيلة من الأفراد لم تتجاوز الـ2 % أجابت بسبب الطمع في كسب مادي أو مصالح أخرى.
وتقول ناديا (اسم مستعار) وهي ضحية لجريمة اغتصاب: "قرفانة من حالي ومن عيشتي.. لأنه البنت هي اللي بتتبهدل وهي اللي بتدفع الثمن.. مع إنه مرات كتير السبب في مشاكلنا هو أشخاص غيرنا".
وقصة ناديا تلخص بشكل عفوي وطبيعي معاناة ضحايا الجرائم الجنسية من لوم الضحية وتحميلها المسؤولية عن الجريمة، وبالتالي الاعتقاد بأنها جلبت العار والفضيحة لأسرتها وعائلتها، وتعتقد "تضامن" أن العار عار الجاني خاصة في الجرائم الجنسية.
وقد أكدت نتائج الدراسة على التأثير الكبير للعادات والتقاليد المسيئة للنساء والفتيات على المجتمع الأردني، حيث أفاد 44 % من الأفراد أنه في الجرائم الجنسية الواقعة على النساء، فإن المجتمع في العادة يحمل المسؤولية للجاني والضحية معاً، وكان أكثر الأفراد تأييداً للإجابة السابقة من الفئة العمرية 18-25 وبنسبة بلغت 53 %.
كما أفاد 43 % من الأردنيين بأنهم يحملون المسؤولية للضحية فقط، وكان الأكثر تأييداً للإجابة السابقة من الفئة العمرية 36-45 عاماً، وبنسبة بلغت 50 %. في حين بلغت نسبة الأفراد الذين يحملون المسؤولية للجاني فقط 9 %، وأن 4 % يحمل المسؤولية للأهل و1 % يحمل المسؤولية لأطراف أخرى.
وأكدت الدراسة على اختلاف المعاني المحددة لكل من العادات والتقاليد والأعراف والقيم، على الرغم من تداخلها مع بعضها البعض، إلا أن العديد من الأشخاص يعتبرونها متشابهة وهي في حقيقة الأمر ليست كذلك.
ويتلازم مصطلحا العادات والتقاليد معاً من أجل إزالة الغموض المحتمل لتوضيح أن المقصود هو العادات الاجتماعية وليست العادات الفردية التي يقوم بها شخص بعينه. فحينما تقبل مجموعة من الناس سلوكاً مكرراً يحقق لها توافقاً مع البنيتين الطبيعية والاجتماعية، فإنه يتحول إلى عادة اجتماعية، وعند توارث هذه العادة بين الأجيال فإنها تتحول الى تقليد راسخ، وعليه فإن العادات أكثر تغيراً ضمن التقاليد ذاتها، ولهذا فالتقاليد أكثر انتشاراً من العادات.
إلا أن العادات والتقاليد بحاجة إلى ضوابط تحكمها وتنظم عملها داخل المجتمع، فتكافئ من يحسن تطبيقها وتعاقب من فشل في تحقيقها، وتمثل هذه المعايير مجموعة القيم التي هي المثل العليا للسلوك داخل المجتمع وتشكل نظاماً متكاملاً مما يجوز أو لا يجوز فعله.
وأكثر الأمثلة التي يمكن سردها في هذا المجال بأنه لا يجوز لرجل أن يعتدي على امرأة ولا يجوز لرجل وامرأة أن يقررا الزواج بعيداً عن عائلتيهما ودون علمهما.
وكل من يخالف نظام العادات والتقاليد والقيم يعرض نفسه للعقاب، سواء أكان عقاباً معنوياً ومادياً أو عقاباً قانونياً وإجتماعياً، ومن الأمثلة على ذلك عدم احترام المجتمع. في حين الاعتداء على الغير يكون عقاب المعتدي أكبر، وحينها تبرز أهمية العرف القضائي أو العشائري في إصدار الأحكام وتنفيذها. والعرف هو ما تعارف عليه المجتمع من سلوكيات معينة لتصبح عرفاً اجتماعياً يتمتع بقوة القانون الرسمي ويساهم في حل العديد من المشكلات الصغيرة منها والكبيرة.
إلا أن الكثير من العادات والتقاليد الخاصة بالنساء والفتيات تعرضهن لمختلف أشكال العنف وتنطوي على تمييز واضح بين الجنسين، فمصطلح "الممارسات الضارة" بالنساء والفتيات يربط ما بين التقاليد والعادات الاجتماعية والثقافية التمييزية المتصلة بمكانة النساء والفتيات داخل الأسرة والمجتمعات المحلية، والمجتمع بشكل عام والسيطرة على حريتهن، والناتجة عن التمييز وعدم المساواة بين الجنسين. وتستخدم تلك العادات والتقاليد كمبرر لارتكاب العنف بمختلف أشكالة ضدهن. وبعض هذه الممارسات الضارة بالنساء والفتيات اندثرت مع مرور الزمن ومنها زواج المرأة من ابن عمها، أو منعها من العمل.
وتنتشر "الممارسات الضارة" على مستوى العالم وتختلف بأساليبها من دولة الى أخرى، وقد تتعرض النساء والفتيات لأحداها أو أكثر خلال فترة حياتهن وتمتد من قبل الولادة إلى الشيخوخة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر اختيار جنس الجنين ووأد البنات والزواج المبكر وتشويه الإعضاء التناسلية وجرائم "الشرف" والزواج بالإكراه وتحريض النساء والفتيات على الإنتحار وفرض قيود على تغذية الحوامل وتقييد حق البنت الثانية في الزواج والتسمين وزواج الأرملة من أخ زوجها المتوفى.
إن "الممارسات الضارة" تتأثر وتتغير وتتنقل بين المجتمعات والدول نتيجة للهجرة والعولمة لا بل أن بعضها يتماشي وفقاً للأوضاع الاقتصادية كزيادة مهر وثمن العروس في بعض المجتمعات الشرق آسيوية. وأصبحت بعض "الممارسات الضارة" وبفضل التطورات التكنولوجية أكثر انتشاراً كتحديد جنس الجنين وإجراء عمليات تشوية الإعضاء التناسلية للنساء والفتيات في المستشفيات والمراكز الطبية.
وتضيف "تضامن" بأن الدول التزمت بسن تشريعات لوضع حد لـ"الممارسات الضارة" بالنساء والفتيات من خلال المعاهدات والإتفاقيات الدولية، فمثلاً نصت الفقرة الثانية من المادة (10) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي اعتمد العام 1966 على أنه "يجب أن ينعقد الزواج برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء لا إكراه فيه"، ونصت التوصية رقم (19) الصادرة عن لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة على أن "المواقف التقليدية التي تعتبر المرأة تابعة للرجل أو أن لها دوراً نمطياً، إنما تكرس الممارسات الشائعة التي تنطوي على العنف أو الإكراه، بما في ذلك الزواج بالإكراه، وحالات القتل بسبب المهور، والإعتداء بالأحماض، وختان الإناث. وتوصي اللجنة بأن تتخذ الدول الأطراف تدابير قانونية فعالة، بما فيها فرض عقوبات جزائية وتوفير سبل إنصاف مدنية والنص على أحكام تعويضية لحماية المرأة من جميع أنواع العنف.
وتوصي خاصة بأن تلغي التشريعات الاحتجاج بالدفاع عن الشرف فيما يتعلق بالاعتداء على إحدى الإناث من أفراد الأسرة أو قتلها".
كما نصت الفقرة الثالثة من المادة (24) من اتفاقية حقوق الطفل والتي اعتمدت العام 1989 على أن "تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الفعالة والملائمة بغية إلغاء الممارسات التقليدية التي تضر بصحة الأطفال". ويحث التعليق العام رقم (4) الصادر عن لجنة حقوق الطفل الدول الأطراف بقوة على "وضع وتنفيذ التشريعات الرامية إلى تغيير العقليات السائدة، والتصدي لتنميط أدوار الجنسين وللقوالب النمطية التي تؤدي إلى الممارسات التقليدية الضارة" وعلى "حماية المراهقين من جميع الممارسات التقليدية الضارة، مثل الزواج المبكر وجرائم الشرف وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث".
ففي إطار المساءلة ينبغي للتشريعات أن تنص على إجراءات فعالة ضد أي شخص يتغاضى عن "الممارسات الضارة" أو يشارك فيها، بما في ذلك صناع القرار في المجتمعات المحلية والعاملون في المهن الصحية ومقدمو الخدمات الاجتماعية وموظفو المؤسسات التعليمية.
وفيما يتعلق بجرائم "الشرف" ينبغي للتشريعات أن تعّرف بصورة موسعة ما يسمى بجرائم "الشرف" بما يشمل المجموعة الكاملة لأشكال التمييز، والعنف المرتكبة باسم "الشرف" ضد النساء والفتيات للسيطرة على خياراتهن في الحياة وتحركاتهن.
أما الجرائم المرتبطة بما يسمى بجرائم "الشرف" فينبغي للتشريعات أن تضع تعريفاً محدداً ومنفصلاً للجرائم التالية: ارتكاب وتسهيل ما يسمى بجرائم "الشرف" والمساعدة على ارتكابها أو التغاضي عنها، وتحريض القاصرين على ارتكاب ما يسمى جرائم "الشرف"، وتحريض النساء والفتيات على الإنتحار أو على إحراق أنفسهن باسم "الشرف"، والجرائم التي ترتكب باسم "الشرف" وتصور على أنها حوادث.
وفي إطار الزواج المبكر والزواج بالإكراه، فينبغي على التشريعات أن تعّرف الزواج بالإكراه على أنه أي زواج يعقد بدون رضا الطرفين بشكل كامل ولا إكراه فيه، وتحدد السن الدنيا للزواج بـ18 عاماً للإناث، وتعريف الزواج المبكر على أنه أي زواج يعقد قبل سن 18 عاماً.
أما في مجال توفير الحماية والخدمات الإيوائية لضحايا كافة أنواع "الممارسات الضارة" وللناجيات منها، فينبغي للتشريعات أن تقضي بتوفير خدمات إيواء متخصصة لضحايا "الممارسات الضارة" وللناجيات منها. كما ينبغي عدم السماح للجناة بالإفلات من العقاب عن طريق التوصل الى إتفاق مع أسرة الضحية/ الناجية ومدها بمبلغ من المال.
وفي ظل هذه المعطيات، فإن "تضامن" والتحالف المدني الأردني لإلغاء المادة 308 يطالبان الحكومة ومجلس الأمة الإستجابة للمطالب التي عبرت عنها الحركة النسائية في الأردن منذ سنوات، والوفاء بالتزاماته خاصة أمام اللجان الدولية، والعمل سريعاً على إلغاء نص المادة 308 لإنهاء سياسة الإفلات من العقاب ولتحقيق العدالة الجنائية للنساء والفتيات ولإنهاء النصوص التمييزية ضدهن في التشريعات خاصة قانون العقوبات الأردني.
* يذكر أن مشروع "نجاة – معاً لملاحقة الجناة وحماية النساء الناجيات من جرائم العنف الجنسي" بدعم من الشعب الأميركي ومن خلال المنحة المقدمة من برنامج USAID لدعم مبادرات المجتمع المدني والمنفذ من قبل منظمة صحة الأسرة الدولية FHI 360، وبتمويل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID). ويعتبر هذا المحتوى من مسؤولية "تضامن" ولا يعكس بالضرورة آراء الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) أو آراء الحكومة الأميركية أو حتى آراء منظمة صحة الأسرة الدولية FHI 360.