هل خسر مادورو الانتخابات الفنزويليّة ... عن قصد؟!
جو 24 : بعدما حصدت المعارضة الفنزويليّة 99 مقعداً من أصل 167 في الانتخابات التي جرت أمس الأحد، تتّجه أنظار المراقبين لمعرفة مستقبل الحياة السياسيّة في بلاد حكمتها الاشتراكيّة لأكثر من عقد ونصف.
قبيل إعلان النتائج كانت وسائل الاعلام العالميّة تنقل أخباراً عن سعادة عارمة تجتاح شوارع العاصمة الفنزويليّة وتتمثّل ب"دموع فرح" ورقصات "سالسا" بالاضافة الى مواكب سيّارة تجوب مختلف طرقات #كراكاس.
هذا في مظاهر البهجة بشكل عام، أمّا في المشهد السياسي فالوضع يحتاج الى تحييد كبير للعواطف. منذ ثلاثة أيّام، كتبت مجلّة "الايكونوميست" البريطانيّة أنّ الانتخابات التي ستجري في فنزويلا "لن تنهي الحكم اليساري الاستبدادي للتشافيزيّة، الايديولوجيا المستوحاة من الرئيس السابق #هوغو_تشافيز". لكن على رغم ذلك الأمر، "يمكن للانتخابات أن تشكّل نقطة تحوّل".
الرئيس الحالي للبلاد #نيكولاس_مادورو والذي أقصت النتائج حزبه عن الفوز وجعلته يكتفي بستة وأربعين مقعداً فقط، اعترف بالنتيجة. وعلى رغم إشادته بفوز الديموقراطيّة في فنزويلّا إلّا أنّه أشار الى الدور الطويل للولايات المتّحدة في التأثير على سياسات دول أميركا اللاتينيّة. وعلّق على نتائج الانتخابات فأضاف:"أستطيع القول اليوم أنّ الحرب الاقتصاديّة انتصرت".
لم تأتِ نتائج انتخابات أمس من فراغ. فالبلاد تمرّ بأزمة اقتصاديّة خانقة مع معدّلات بطالة مرتفعة جدّاً وتدنّ في الايرادات الماليّة خصوصاً بعد الانخفاض الحادّ الذي طرأ على أسعار النفط العالميّة. وترافق كلّ هذا مع معدّل تضخّم كبير لا أفق لكبحه في المدى المنظور.المصدر: "النهار اللبنانية"
ونقلت وكالة "الاسوشييتد برس" الأميركيّة عن رئيس تحالف المعارضة الواسع "طاولة الوحدة الديموقراطيّة" #جيزس_توريالبا تأكيده أنّ العائلات الفنزويليّة "تعبت من عيش نتائج الفشل". وبينما دعا الرئيس مادورو مؤيّديه الى عدم الدخول في صدامات مع المعارضة داعماً فكرة إعادة تقييم بعض النواحي السياسيّة للثورة، نقلت الوكالة عن إحدى مؤيّدات تشافيز قولها:" كلّ شيء سيصبح أسوأ. لطالما عرفت حكومة واحدة (حين استلم تشافيز الحكم كان عمرها 8 سنوات) لكنّ الحقيقة هي أنّ مادورو تخلّى عن الثورة". ويتوقّع أن تعمل المعارضة الجديدة داخل البرلمان على تمرير قوانين عفو عن سجناء رأي اعتقلهم النظام الحاكم على مدى سنوات.
من ناحية أخرى، أشارت مجلّة "تايم" الأميركيّة الى أنّ الرئيس الفنزويلي السابق هوغو تشافيز وصل الى الحكم عام 1998 بعدما وعد بالقضاء على الفقر عبر استخدام العائدات النفطيّة. فشرع يبني المساكن والمراكز الصحّيّة مما أهّله ليفوز في الانتخابات تلو الأخرى. وبذلك، كسب شعبيّة عالميّة واسعة، خصوصاً حين أعلن نيّته بناء "إشتراكيّة القرن الواحد والعشرين"، وأيّده كثيرون حتّى من بين نجوم هوليوود. وأضافت المجلّة أنّه مع بزوغ نجم تشافيز العالمي فإنّه في الداخل "كان يبني نظاماً اقتصاديّاً فاقداً للتوازن". فحكومته عمدت الى مصادرة المزارع والمصانع فانخفض إنتاجها. وقامت بتثبيت الأسعار العائدة لبعض السلع ما أدّى الى توقّف بعض الشركات عن صناعتها. ومن هنا، عندما استلم الرئيس الجديد نيكولاس مادورو الحكم عام 2013 كانت أسعار النفط في بداية انخفاضها، ممّا أدّى الى دخول البلاد في سباق مع الأزمة، ووصل التضخّم الى 84% كنسبة "هي الأسوأ في العالم". بالاضافة الى نقص في سلع عديدة ومتنوّعة. ولفتت المجلّة الى وجود مليون فنزويلي هاجروا البلاد خلال عقد واحد، جزء كبير منهم يعيش في ولاية ميامي الأميركيّة.
لكنّ مشكلة الشعب الفنزويلي مع مادورو لا ترتبط فقط بالوضع المعيشي والضغوط الاقتصاديّة. فالحرّيّات في تلك الدولة تتعرّض أيضاً لانتهاكات صارخة، واللائحة في ذلك المجال تطول. إجبار موظّفين في بعض الشركات على التصويت لمادورو وتصوير عمليّة الاقتراع للتأكّد من اتجاه التصويت، مروراً بالتضييق على الحرّيات الاعلاميّة الذي يطال القلّة القليلة من الوسائل الاعلاميّة التي لا تمتلكها الحكومة وصولاً الى سجن المعارضين، جميعها تشكّل أمثلة قليلة عمّا يحدث في تلك البلاد.
قبل الانتخابات، توقّعت "الايكونوميست" أنّه إذا فازت المعارضة، فقد يعمد متطرّفوها الى مطالبة فوريّة لمادورو بالتنحّي. "فالتعايش بين برلمان تمسك به المعارضة وبين النظام، صعب أن يتمّ تخيّله. لكنّ الاصطدام قد يتحوّل الى صورة قبيحة بالفعل". أمّا مويزس نايم، فقد كتب في مجلّة "الأتلانتيك"، يوم الجمعة الماضي، يتوقّع ثلاثة سيناريوهات: الأوّل أن "تسرق" الحكومة الانتخابات، الثاني أن تفوز الحكومة "بمعجزة" وتحطّم جميع التوقّعات، الثالث أن "تترك" الحكومة المعارضة تربح "لوقت قصير".
وتابع الكاتب قائلاً:"أعتقد أنّ السيناريو الثالث هو المرجّح". فهو يرى أنّ ترك المعارضة تفوز، يؤدّي الى إبعاد الضغوطات الدوليّة عن الحزب الحاكم بعد أن تكون فينزويلّا أثبتت للعالم أنّها ديموقراطيّة وبالتالي يبتعد شبح التدخّل السياسيّ الدولي في شؤونها الداخليّة. وبعدها يلجأ مادورو الى استخدام النفوذ الذي يتمتّع به داخل السلطة القضائيّة والمحكمة العليا للحدّ من نفوذ المجلس التشريعي.
ومع تأكيد الكاتب على أنّ هذه الخطّة لن تكون جديدة على النظام، ينهي مقالته بكتابة الأسطر التالية: "الملف الفنزويلي يظهر أنّ الديموقراطيّة لا تتحدّد بما يجري يوم الانتخابات، بل بكيفيّة تصرّف السلطة بين الانتخابات. الاستبداد يظلّ استبداداً بغضّ النظر عن إجرائه للانتخابات. حتى ولو سمح لنفسه بخسارتها في بعض الأحيان".
قبيل إعلان النتائج كانت وسائل الاعلام العالميّة تنقل أخباراً عن سعادة عارمة تجتاح شوارع العاصمة الفنزويليّة وتتمثّل ب"دموع فرح" ورقصات "سالسا" بالاضافة الى مواكب سيّارة تجوب مختلف طرقات #كراكاس.
هذا في مظاهر البهجة بشكل عام، أمّا في المشهد السياسي فالوضع يحتاج الى تحييد كبير للعواطف. منذ ثلاثة أيّام، كتبت مجلّة "الايكونوميست" البريطانيّة أنّ الانتخابات التي ستجري في فنزويلا "لن تنهي الحكم اليساري الاستبدادي للتشافيزيّة، الايديولوجيا المستوحاة من الرئيس السابق #هوغو_تشافيز". لكن على رغم ذلك الأمر، "يمكن للانتخابات أن تشكّل نقطة تحوّل".
الرئيس الحالي للبلاد #نيكولاس_مادورو والذي أقصت النتائج حزبه عن الفوز وجعلته يكتفي بستة وأربعين مقعداً فقط، اعترف بالنتيجة. وعلى رغم إشادته بفوز الديموقراطيّة في فنزويلّا إلّا أنّه أشار الى الدور الطويل للولايات المتّحدة في التأثير على سياسات دول أميركا اللاتينيّة. وعلّق على نتائج الانتخابات فأضاف:"أستطيع القول اليوم أنّ الحرب الاقتصاديّة انتصرت".
لم تأتِ نتائج انتخابات أمس من فراغ. فالبلاد تمرّ بأزمة اقتصاديّة خانقة مع معدّلات بطالة مرتفعة جدّاً وتدنّ في الايرادات الماليّة خصوصاً بعد الانخفاض الحادّ الذي طرأ على أسعار النفط العالميّة. وترافق كلّ هذا مع معدّل تضخّم كبير لا أفق لكبحه في المدى المنظور.المصدر: "النهار اللبنانية"
ونقلت وكالة "الاسوشييتد برس" الأميركيّة عن رئيس تحالف المعارضة الواسع "طاولة الوحدة الديموقراطيّة" #جيزس_توريالبا تأكيده أنّ العائلات الفنزويليّة "تعبت من عيش نتائج الفشل". وبينما دعا الرئيس مادورو مؤيّديه الى عدم الدخول في صدامات مع المعارضة داعماً فكرة إعادة تقييم بعض النواحي السياسيّة للثورة، نقلت الوكالة عن إحدى مؤيّدات تشافيز قولها:" كلّ شيء سيصبح أسوأ. لطالما عرفت حكومة واحدة (حين استلم تشافيز الحكم كان عمرها 8 سنوات) لكنّ الحقيقة هي أنّ مادورو تخلّى عن الثورة". ويتوقّع أن تعمل المعارضة الجديدة داخل البرلمان على تمرير قوانين عفو عن سجناء رأي اعتقلهم النظام الحاكم على مدى سنوات.
من ناحية أخرى، أشارت مجلّة "تايم" الأميركيّة الى أنّ الرئيس الفنزويلي السابق هوغو تشافيز وصل الى الحكم عام 1998 بعدما وعد بالقضاء على الفقر عبر استخدام العائدات النفطيّة. فشرع يبني المساكن والمراكز الصحّيّة مما أهّله ليفوز في الانتخابات تلو الأخرى. وبذلك، كسب شعبيّة عالميّة واسعة، خصوصاً حين أعلن نيّته بناء "إشتراكيّة القرن الواحد والعشرين"، وأيّده كثيرون حتّى من بين نجوم هوليوود. وأضافت المجلّة أنّه مع بزوغ نجم تشافيز العالمي فإنّه في الداخل "كان يبني نظاماً اقتصاديّاً فاقداً للتوازن". فحكومته عمدت الى مصادرة المزارع والمصانع فانخفض إنتاجها. وقامت بتثبيت الأسعار العائدة لبعض السلع ما أدّى الى توقّف بعض الشركات عن صناعتها. ومن هنا، عندما استلم الرئيس الجديد نيكولاس مادورو الحكم عام 2013 كانت أسعار النفط في بداية انخفاضها، ممّا أدّى الى دخول البلاد في سباق مع الأزمة، ووصل التضخّم الى 84% كنسبة "هي الأسوأ في العالم". بالاضافة الى نقص في سلع عديدة ومتنوّعة. ولفتت المجلّة الى وجود مليون فنزويلي هاجروا البلاد خلال عقد واحد، جزء كبير منهم يعيش في ولاية ميامي الأميركيّة.
لكنّ مشكلة الشعب الفنزويلي مع مادورو لا ترتبط فقط بالوضع المعيشي والضغوط الاقتصاديّة. فالحرّيّات في تلك الدولة تتعرّض أيضاً لانتهاكات صارخة، واللائحة في ذلك المجال تطول. إجبار موظّفين في بعض الشركات على التصويت لمادورو وتصوير عمليّة الاقتراع للتأكّد من اتجاه التصويت، مروراً بالتضييق على الحرّيات الاعلاميّة الذي يطال القلّة القليلة من الوسائل الاعلاميّة التي لا تمتلكها الحكومة وصولاً الى سجن المعارضين، جميعها تشكّل أمثلة قليلة عمّا يحدث في تلك البلاد.
قبل الانتخابات، توقّعت "الايكونوميست" أنّه إذا فازت المعارضة، فقد يعمد متطرّفوها الى مطالبة فوريّة لمادورو بالتنحّي. "فالتعايش بين برلمان تمسك به المعارضة وبين النظام، صعب أن يتمّ تخيّله. لكنّ الاصطدام قد يتحوّل الى صورة قبيحة بالفعل". أمّا مويزس نايم، فقد كتب في مجلّة "الأتلانتيك"، يوم الجمعة الماضي، يتوقّع ثلاثة سيناريوهات: الأوّل أن "تسرق" الحكومة الانتخابات، الثاني أن تفوز الحكومة "بمعجزة" وتحطّم جميع التوقّعات، الثالث أن "تترك" الحكومة المعارضة تربح "لوقت قصير".
وتابع الكاتب قائلاً:"أعتقد أنّ السيناريو الثالث هو المرجّح". فهو يرى أنّ ترك المعارضة تفوز، يؤدّي الى إبعاد الضغوطات الدوليّة عن الحزب الحاكم بعد أن تكون فينزويلّا أثبتت للعالم أنّها ديموقراطيّة وبالتالي يبتعد شبح التدخّل السياسيّ الدولي في شؤونها الداخليّة. وبعدها يلجأ مادورو الى استخدام النفوذ الذي يتمتّع به داخل السلطة القضائيّة والمحكمة العليا للحدّ من نفوذ المجلس التشريعي.
ومع تأكيد الكاتب على أنّ هذه الخطّة لن تكون جديدة على النظام، ينهي مقالته بكتابة الأسطر التالية: "الملف الفنزويلي يظهر أنّ الديموقراطيّة لا تتحدّد بما يجري يوم الانتخابات، بل بكيفيّة تصرّف السلطة بين الانتخابات. الاستبداد يظلّ استبداداً بغضّ النظر عن إجرائه للانتخابات. حتى ولو سمح لنفسه بخسارتها في بعض الأحيان".