jo24_banner
jo24_banner

السلطة التنفيذية وأزمة الوطن

د. فوزي السمهوري
جو 24 :

تجمع معظم مكونات المجتمع الأردني على أن الوضع العام في الأردن يمر بأزمة كبيرة، قد تؤدي إلى عدم الحصافة وتوفر الإرادة السياسية للتعامل معها إلى ما لا تحمد عقباه.


ويكمن الاختلاف في تشريح أسباب ومظاهر الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالوطن، ومن هو المسؤول عمّا وصل حالنا إليها، ومن سيتحمل المسؤولية عن ذلك، في حال الاخفاق الخروج من الأزمة وعنق الزجاجة؟


لذا لا بد لنا من أن نحدد الأطراف المتشابكة سياسياً وإعلامياً التي يحمل كل طرف منها الآخر بالمسؤولية وهي:
1- السلطة التنفيذية.
2- أحزاب المعارضة (الحركة الإسلامية وأحزاب المعارضة).
3- الحراكات الشعبية.


السلطة التنفيذية:
نتيجة لتواضع الحراكات في الأشهر الأخيرة، ونتيجة لمنح السلطة التنفيذية وقتاً لإثبات حسن النوايا، وخاصة إبان حكومة د.عون خصاونة، اعتقدت السلطة التنفيذية وأجهزتها، أو مطبخ القرار السياسي والأمني أن التأييد والدعم لحركة الاحتجاجات قد خفتت، وبالتالي فلا داعي أو مبرر للتنازل عن الامتيازات والمكاسب والنفوذ والجميع بين السلطة والثروة، وما هي إلا سحابة صيف وتعود حليمة إلى عادتها القديمة، إضافة إلى العنف والنزاع المسلح الدائر في سوريا، الذي باعتقادهم سيكون دافعاً لمعظم الحراكات إلى الهدوء والعودة إلى المنازل، فجاءت بالتالي مخرجات التشريعات والإصلاحات الدستورية شكلي،ة ولا تصب في مضمون وجوهر الإصلاحات السياسية الديمقراطية المطلوبة، وكان قانون الأحزاب وقانون الانتخابات (اضافة بالطبع إلى القوانين الناظمة الأخرى) مخيباً لآمال وتطلعات الشعب الأردني بمكوناته السياسية والفكرية والحزبية والمجتمعية ومؤسسات المجتمع المدني المستقلة.


فجاءت هذه القوانين لتعزز هيمنة السلطة التنفيذية على مفاصل الرقار، والإمساك بقواعد اللعبة بما يخدم مصالحها فقط، دون النظر إلى مصالح الوطن والأغلبية العظمى من الشعب الأردني.
ولتفادي تحميلها المسؤولية واتهامها بأنها لا تملك من حيث المبدأ الإرادة السياسية الجادة والمخلصة للسير قدماً نحو الوصول إلى نظام ديمقراطي، أخذت باتباع سياسة خير وسائل الدفاع الهجوم، التي اتسمت بشن حملة سياسية وإعلامية ولقاءات عشائرية وجهوية؛ لتأليب هذه القوى ضد الحركة الإسلامية خاصة، والقوى السياسية والاجتماعية المعارضة عموماً، زاعمة أن حركة المعارضة -وخاصة الإسلامية- تريد بمقاطعتها الانتخابات تسجيلاً وترشيحاً أن تذهب بالوطن إلى المجهول وإلى التأزيم، متهمة إياها بكافة أشكال الوصف اللامنطقي.


أحزاب المعارضة:
تمتلك أحزاب المعارضة برنامجاً وطنياً بديلاً لأطاريح السلطة التنفيذية، ويشكل الحد الأدنى لها وخاصة قانون الانتخابات، وبالتالي فإن موقفها الرافض المشاركة في الانتخابات المبكرة ينسجم من حيث المبدأ مع تطلعاتها، ولها الحق في رفض المشاركة في الانتخابات وفقاً للقانون الحالي الذي لا يرضي معظم مكونات الشعب الأردني.


وبالتالي فإن مقاطعة الانتخابات سواء تسجيلاً أو ترشيحاً أو كليهما يفضح الإصلاحات التي تتغنى بها السلطة التنفيذية وأجهزتها، وخاصة أمام الدول الغربية الأوروبية والأمريكية، ويساعد ذلك على سحب البساط من السلطة التنفيذية على حسن أدائها وقبول القوى السياسية بإجراءاتها.


إن هذا الموقف شكل حافزاً للسلطة التنفيذية وأجهزتها للضغط الأدبي والسياسي والمعنوي لدق أسافين فيما بينها، وخاصة بين الحركة الإسلامية والأحزاب القومية واليسارية؛ في محاولة لاستدراج الأحزاب مجتمعة أو بأغلبيتها للمشاركة، وتحت اتباع سياسة الترغيب. ولكن حتى الآن لم تحسم القوى القومية واليسارية أمرها؛ لأن مشاركتها في الانتخابات وفقاً للقانون الذي وجد من أجل اضعاف الأحزاب ونسف مبدأ المواطنة سيضعها في إحراج كبير، وخاصة أنها أعلنت رفضها القانون ذا الصوت المجزوء وذلك أمام قواعد وجماهيرها.


أما مشاركتها في الانتخابات فتكون السلطة التنفيذية هي الوحيدة المتنفذة من هذه المشاركة، لذا نجد أنها تعمل بشكل دؤوب مباشرة أو عبر أصدقائها لاستدراج هذه القوى للمشاركة؛ لأنها بذلك تطفي نوعاً من الشرعية السياسية للعملية الانتخابية.


الحراكات الشعبية:
هي صاحبة الصوت الأعلى والأكثر جرأة في شعاراتها وأهدافها، وهذا يحرج السلطة التنفيذية، بل الدولة بكامل تركيباتها، لذا تسعى جاهدة لإخماد هذا الحراك، أو لتخفيض سقفها، وما الاعتقالات وتوجيه التهم إلا سبيل لذلك.


لذلك فإنني أرى أن من يتحمل المسؤولية بتأزيم الأوضاع واستمرار حركات الاحتجاج هي السلطة التنفيذية وأجهزتها، وأصدقاؤها الذين يحاولون استمرار الإمساك بمفاصل السلطة والثروة، والتهرب من سن تشريعات تحقق العدالة والمساواة وتعزز الديمقراطية، وبدون ذلك فإن إجهاض الانتخابات بالمقاطعة وضعف المشاركة هو بسبب سياسة السلطة التنفيذية، التي تضرب عرض الحائط بتطلعات وآمال وأهداف الشعب الأردني بمكوناته. 

السبيل

تابعو الأردن 24 على google news