منتدى التخطيط يناقش واقع ومستقبل النقل العام في عمّان
عقد المنتدى الأردني للتخطيط فعاليته لشهر أيلول للعام 2012 تحت مسمى "منتدى السبت" بعنوان: تخطيط النقل العام والتي إفتتحها م. بهاء مرجي مرحبا بالحضور وُمعطيا" نَبذة عن المنتدى الذي ُأسِس ليُشكل ملتقى للمخططين يتم فيه التطرق كل مرة لموضوع تخطيطي تنموي أردني بشكل حواري متخصص. ورحب المهندس بهاء بالمتحدثين الرئيسيين وهم الدكتور المهندس أيمن الصمادي- مدير النقل والمرور بأمانة عمّان الكبرى والمستشار المهندس حازم الزريقات من شركة أنجيكون الذي استهل الحديث بتعريف النقل العام كوسيلة للعادلة الإجتماعية التي تؤمن وسائط نقل محترمة للمواطن وبسعر مقدور عليه من عامة الناس. وبين المهندس حازم بأن مصطلح النقل Transportation يشمل جميع وسائل النقل للبضائع والأفراد وعرض الإطار المؤسسي الذي شمل هذا القطاع إبتداءاً من لجان السير المركزية بوزارة الداخلية حتى إنشاء هيئة تنظيم قطاع النقل البري.
مدير مديرية النقل والمرور في أمانة عمّان الكبرى- الدكتور المهندس أيمن الصمادي قدم عرضاً مصوراً لواقع ورؤية الأمانة في التعامل مع أعداد السكان المتزايدة في العاصمة وبين أن الطلب على الحركة ناجم عن طلب إقتصادي وأنه يجب إختيار نظام نقل ملائم للجميع. كما بين بأن عدد سكان عمّان قارب على الثلاثة مليون نسمة يستعمل منهم ما نسبته 13% وسائط النقل العام وهي نسبة متدنية جدا على المقياس العالمي ناجمة عن قصور نظام النقل العام في تلبية الطلب على التنقل Demand on Mobility .
وفي مداخلة له حول عرض الدكتور الصمادي، ذكر رئيس المنتدى/ الدكتور مراد الكلالدة بأن أحد أهم الأسباب في تردي الواقع المروري في عمّان هو سوء التخطيط الحضري حيث تم إفراز الأراضي بواسطة مساحين كان همهم الأكبر هو الحصول على أكبر نسبة من الأراضي وأقل نسبة من الشوارع. وتعاملت الجهات الرسمية مع مخرجات هذه العملية كأمر واقع وقامت بخدمة هذه الأراضي بالبنية التحتية دون التخطيط لشبكة طرق تأخذ في الحسبان إمكانية إستخدامها من قبل وسائل نقل حديثة كالباصات والقطارات. ورد الدكتور الصمادي على ذلك بأن الأمانة تحاول تلافي الأخطاء التي تم التغاضي عنها في حقبة السبعينات والثمانينات بإعتماد مسارات نمو محددة مثل طريق المطار وممر عمّان التنموي حيث تم زيادة عرض الطرق وتم تنفيذ طرق للخدمة وجزر وسطية يمكن ان تستوعب وسائط نقل حديثة كالقطار الخفيف ولكن المشكلة الكبرى تتمثل في أجزاء كبيرة من عمّان القديمة والتي تحتاج إلى مشاريع كبرى للحد من التدهور في واقع النقل العام.
وبين الدكتور الصمادي بالأرقام بأن عمّان تتعامل مع قاطنيها وزائريها بشكل يومي، فهي تستقبل يومياً حوالي (420) ألف شخص قادما من الزرقاء و (120) ألف من أربد و (60) ألف من السلط و (40) ألف من مادبا وهذه أعداد كبيرة تحتل مكاناً وتخلق بؤر إكتظاض وضوضاء لا يستهان بها.
المعمار ماهر النمري، أحد المهندسين الرواد شدد على أن الأولوية المطلقة في عمّان معطاة للسيارات ولا يوجد إحترام للمشاة، كما أن الأرصفة لا تصلح للسير عليها فلا الأشجار ملائمة ولا التبليط منتظم. وعلقت المهندسة ميس الرازم على ذلك بأن بعض الأرصفة مبلطة بالسيراميك مما يهدد سلامة المواطن بشكل كبير، وأضافت المهندسة ميساء الشوملي بأن الكثير من التقاطعات المرورية قد نسيت بأن هناك مشاة مثل تقاطع الشميساني وجسر كمال الشاعر/ جسر عبدون.
المهندس باسل برقان قال بأن ثقافة المعارضة غير مقبولة لدينا وهو يرى من خبرته كناشط في معارضة البرنامج النووي الأردني بأن على المسؤوليين تقبل النقد البناء الذي يعمل كتغذية راجعة يستفيد منها المسؤول لتصحيح خطأ أو تعديل مسار، فلو أن هذه الثقافة تسود في المجتمع الأردني لكان بالإمكان تلافي الكثير من الأخطاء التي أوصلتنا الى هذه الحالة.
الدكتور أيمن الصمادي عاد ليحدد الخيارات المطروحة لحل معضلة النقل العام في عمّان وهي خمسة، أولها الحافلات العادية وثانيها الباص السريع الذي تقدر تكلفة إنشائة ثلاثة ملايين ونصف المليون دينار أردني ويخدم (32) كيلومتر، وثالثها الترام بكلفة (20-40) مليون دينار، ورابعها القطار الخفيف بكلفة (50-80) مليون دينار وخامسا المترو بكلفة (80-200) مليون دينار.
وتداخل المهندس حازم الزيقات قائلا بأن هذه الكلف يجب أن تقرن بالمردود المتوقع بزيادة الإنتاجية Productivity وتحسين حياة الناس. المهندس بهاء مرجي ركز على وجوب النظر الى النقل العام كمنظومة متكاملة وأيده بذلك المهندس رياض الخرابشة الذي عمل في مجال تنفيذ مشروع الباص السريع قائلا بأن هذا النوع من المشاريع معقد ويتعامل مع بيئة مبنية Urban Areas ويجب أن ينطر اليه كخادم لجزء من الطلب على وسائط النقل العام وهو ليس بالحل السحري لجميع المشاكل وإنما كمساعد في تنظيم العملية المرورية.
المهندسة رولا الخشمان أكدت على أهمية التوعية المجتمعية لإشراك المواطنين في تقبل المشاريع الكبيرة ومساندتها، وأيدتها بذلك المهندسة ولاء بلة قائلة بأن المشروع كان مفاجئاً لنا واستيقظنا على إقتطاع جزء من شارع الجامعة دون إدراك حقيقي لما يحدث. وتسائل عميد كلية العلوم في الجامعة الأردنية/ الدكتور نجيب أبو كركي فيما إذا كان هناك تصرف إنتقامي حيال مشروع الباص السريع كونه أجهض في مراحلة الإبتدائية وأجاب الدكتور الصمادي بأن هناك لغط قد دار حول المشروع من منطلق عدم الدراية والتشويش على المشروع وأن لا صحة لما يشاع بأن كلفة ما تم تنفيذه تتجاوز مئة مليون والحقيقة بأن كلفة ما عُمل حوالي المليون دينار فقط ولا صحة لما قيل بأن هناك فساد والمشروع موجود الآن قيد التدقيق الفني للتصاميم لدى شركة اسبانية بالتعاون مع وزارة الأشغال العامة والإسكان.
وفي ختام المنتدى تم التأكيد على أن أهمية مضي الأمانة في تخطيط وتنفيذ مشاريع النقل والمرور الكبرى كالباص السريع لأن البديل عنها سيكون التسبب بكارثة مرورية ولا سيما في خضم التوقعات بإزدياد عدد سكان العاصمة عماّن في ضوء ما يجري في محيطنا المضطرب.