قراءة تحليلية فيما تحقق من مطالب المعلمين إبان الإضراب الأخير 2014
بقلم المعلم النقابي: إبراهيم الحميدي - عندما أعلنت نقابة المعلمين الأردنيين إضرابها عام 2014 بعد استنفادها لكل سبل التواصل مع المعنيين بالحكومة آنذاك، وتواصلت مع العديد من الجهات الحكومية في كل مطالب المعلمين لمحاولة تلبيتها دون اللجوء الفعلي للإضراب ولكن دون جدوى، أعادت قولبة المطالب ولخصتها في أهم ستة ملفات اعتبرتها الأكثر أهمية للميدان التربوي، ووضعت لكل مطلب منها مطالب جزئية متفرعة وقضايا تندرج تحتها، حيث حددت توصيفا حقيقيا وواقعيا لكل مطلب، يوضح المُراد تحقيقه او إحداثه أو تعديله.
ونحن –وبعد مرور عام على الإضراب– أحببنا ان نستعرض هذه الملفات وأن نقرأ قراءة تحليلية لما جرى بهذهذ الملفات ، من جهود بذلتها النقابة خلال هذا العام وما تم من إنجازه على النحو التالي :
#ملف تعديلات نظام الخدمة المدنية ##
والذي صدر بتاريخ 1/1/2014 وقد اشتمل على جملة من التعديلات وصلت إلى (34) مادة من مواد النظام الأصلية ، وقد اعتبرناه حينها مفصلا تفصيلاً للمعلمين رغم أنه تم تشريعه لجميع موظفي القطاع العام ، وقد اصدرت النقابة حينها عددا من المقالات والنشرات التي تبين خطورة التعديلات في مادة ، كما وطرحت التعديلات المطلوبة لإعادة الحق إلى أهله .
أما إذا تحدثنا عما أنجزته النقابة في هذا الملف ، فقد خطت النقابة العديد من الخطوات نجملها فيما يلي :
1. تعديل نظام الخدمة في أقل من عام على صدوره ، وهذه لم تحصل في تاريخ نظام الخدمة سابقا
2. الأخذ بجميع تعديلات النقابة وعددها (17) في مختلف المواد التي تضرر منه المعلمون ، منها ...
3. اعادة المستحقات المالية المترتبة على الخصومات بسبب المادة (111) من النظام السابق وبأثر رجعي (أي من 1/1/2014م) ، حيث بلغت هذه المستحقات (250) ألف دينار.
##ملف صندوق الضمان الاجتماعي للعاملين في وزارة التربية والتعليم##
حيث تعرض هذا الصندوق على مدى السنوات السابقة إلا جملة من الاختلالات ، وكانت مطالب المعلمين في هذا الملف تتمثل فيما يلي :
1. التحقيق في أموال الصندوق وموجوداته .
2. أن يتم تمثيل النقابة في إدارة الصندوق .
حيث قامت النقابة بجهود متواصلة تمثلت فيما يلي :
أ- المتابعة الحثيثة للموضوع ، وبشكل مستمر مع الأطراف المعنية (وزارة التربية – إدارة الصندوق – لجنة التحقيق – هيئة مكافحة الفساد) .
ب- العمل على تشكيل لجنة تحقيق بعضوية : ممثلين عن وزارة التربية والتعليم وممثلين من ديوان المحاسبة وكذلك من الرقابة والتفتيش ومن مجلس نقابة المعلمين الأردنيين
ج- متابعة تحويل الملف إلى هيئة مكافحة الفساد والتواصل المستمر مع الهيئة بخصوصه .
د- تعديل نظام الصندوق بحيث يضمن تمثيل النقابة في عضوية مجلس إدارة الصندوق
##ملف التعليم في القطاع الخاص##
وهو من أكثر الملفات تعقيدا ، وذلك لتداخل الجهات المعنية به ، من نقابة أصحاب المدارس الخاصة ونقابة العاملين في التعليم الخاص وكذلك وزارتي التربية والعمل ، وكانت مطالب المعلمين تتمثل فيما يلي :
1. تعديل بنود العقد الموحد بما يحفظ العديد من حقوق المعلمين ، وإلزام المدارس به .
2. العمل على إقرار نظام المؤسسات التعليمية الخاصة الذي سينظم القطاع برمته ، ويجعل الحد الأدنى لرواتب المعلمين تتوازى مع زملائهم في القطاع العام .
لذا لم تتوقف النقابة عند حدود المطالبة فقط ، بل عملت في هذا الملف في كل اتجاهاته على النحو التالي :
أ- الدخول في مفاوضات طويلة أفضت إلى تعديل العديد من بنود العقد الموحد السابق ، والذي تضمن الكثير من حقوق المعلمين المهضومة كتحديد نوع الوظيفة وطبيعتها والراتب والإجازات المرضية والعرضية وإجازة الأمومة وساعات الرضاعة ...
ب- متابعة إصدار نظام المؤسسات التعليمية الخاصة في أروقة وزارة التربية والتعليم ، والذي (ولأول مرة) سيعمل على ضبط هذا القطاع برمته ويصنف المدارس الخاصة حسب الخدمات التي تقدمها ونوعيتها وربط ذلك بقيم الأقساط ورواتب المعلمين ، وهو ما يعني ارتفاع الحد الأردنى لأجور المعلمين حسب فئة المدرسة التي يعمل بها ، وقد تم إقراره في بداية شهر كانون أول الجاري من قبل رئاسة الوزراء ثم عادت وزارة التربية وأصدرت بيانا تتملص من هذا الإقرار النهائي ، وما زال الأمر في المتابعة .
##ملف أمن وحماية المعلم##
وهو أكثر الملفات التي أرقت المعلمين وأشعرتهم بعدم الأمان في أماكن عملهم ، وكانت المطالب تركز على :
1. إصدار تشريعات قانونية تغلظ العقوبات على من يعتدي المعلمين ومدارسهم
2. إصدار تشريعات تجرم الشكاوى غير المطابقة للواقع (الشكاوى الكيدية)
3. معالجة توقيف المعلمين في مراكز الشرطة ، وإعطاء المعلم شيء من الخصوصية في التعامل بما يحفظ مكانته المجتمعية أمام الناس
ولو استعرضنا ما قامت به النقابة في هذا الملف سنجد ما يلي :
أ- التركيز الإعلامي على كل حوادث الاعتداءات وإصدار العديد من البيانات والأخبار المتابعة لها ، وإصدار تقرير دوري عن حالات الاعتداء وأنواعها لمحاولة توجيه الرأي العام نحو خطورة هذه الظاهرة .
ب- متابعة الحكومة والنواب لإصدار التعديلات المطلوبة واللازمة في تغليظ العقوبات على من يعتدي على المعلمين ومدارسهم وتجريم الشكاوى الكيدية ، حيث حولت الحكومة هذا الملف إلى مجلس النواب بصفة الاستعجال واعتماد الصيغة التي قدمتها النقابة .
ج- تعيين ضباط ارتباط بين نقابة المعلمين ومديرية الأمن العام في جميع المحافظات لمنع توقيف في مراكز الشرطة إلا في الحدود الدنيا ، وهذا ما يفسر عدم توقيف أي معلم في القضايا في أكثر من 190قضية .
د- تشكيل قسم خاص يعنى بمتابعة الشؤون القانونية للمعلمين ، والتعاقد مع مكتب محاماة متخصص
ه- إعداد مذكرة تفاهم ستوقع قريبا مع وزارة الداخلية حول القضايا الخاصة بالمعلمين والتعامل معها .
##ملف التأمين الصحي الحكومي وخدماته##
وقد طرح المعلمون مطالبهم في هذا الملف على النحو التالي :
1. العمل تحسين وتجويد الخدمات الصحية المقدمة للمعلمين ، خاصة وأنهم يمثلون ما يزيد عن (50%) من موظفي القطاع العام بكل تشكيلاتهم الإدارية والتربوية.
2. المطالبة بإلغاء ازدواجية الإقتطاع ، أي الاقتطاع عن المعلم وزوجته المعلمة ، فنظام التأمين الصحي يعتبر المعلم أو المعلمة موظف مستقل بذاته ، فبالتالي يقتطع عن المعلم وعائلته ويقتطع عن المعلمة وعائلتها (حتى لو كانوا أزواجا).
3. العمل على رفع نسبة الإعفاء في المستشفيات الجامعية لتصل إلى 100%.
وبما أن هذ الملف يعد شائكا ، لتعلقه في نظام التأمين الصحي الذي أقرت وزارة الصحة أنه يحتاج إلى تعديلات جوهرية تعالج الكثير من الاختلالات ، فإن النقابة عملت على ما يلي :
أ- تشكيل لجنة بالتشارك مع وزارة الصحة لدراسة النظام وتقديم تعديلات فيه تتضمن الكثير من الملاحظات التي قدمتها النقابة
ب- تعيين ضباط ارتباط بين النقابة ووزارة الصحة في جميع المحافظات لمعالجة اي اختلال في الخدمة المقدمة أو الحالات الطارئة.
ج- تم تحصيل مئات الإعفاءات للمعلمين في المستشفيات الجامعية والمدينة الطبية ، وبنسبة إعفاء وصلت إلى 100%.
وكل هذا وما زال العمل جاريا لإنجاح بقية المطالب الجزئية ، وتحقيق أفضل الخدمات للمعلمين خصوصا ولكافة موظفي القطاع العام المتوقع استفادتهم من هذه المطالب .
##علاوة الطبشورة ##
وكانت المطالبة بهذه العلاوة على اعتبار مهنة التعليم من المهن المصنفة عالميا بـ"المهن الشاقة" ، ناهيك عن حالة التضخم الإقتصادي الذي يعيشه وطننا الحبيب ، مما يعني ازدياد مساحة "خط الفقر" وارتفاع عدد الداخلين تحته ، وقد كان للنقابة دور كبير تمثل فيما يلي :
أ- التركيز في كل المحافل الرسمية والتواصل مع الحكومة أو النواب على أحقّيه المعلمين في هذه العلاوة باعتبارها "مهنة شاقة".
ب- التواصل مع العديد من النواب الذين تبنوا مطلب المعلمين.
ج- ادراج هذا المطلب ضمن المناقشة النيابية القادمة للموازنة.
د- ما رشح أخيرا عن بعض أصحاب القرار حول الزيادة المطروحة في الموازنة الآن لجميع موظفي القطاع العام والمتقاعدين جاءت بسبب مطالبة المعلمين لها والضغط الذي مارسته النقابة بهذا الإتجاه .
إلا أن الحق يلزمنا أن نوضح بأن السياسة العامة في المفاوضات والمطالبات تقوم على التأكيد المستمر على المطلب الذي يكون في البداية مُستغرباً أو مُستهجناً ثم يصبح مقبول ثم بعد ذلك يصبح حق.
وبناء على ما سبق فإن ما تحقق من المطالبات والتفاهمات هو النسبة الأكبر وليس كما اعتاد البعض على التقليل من هذه المنجزات ، ومن يتابع الكثير من الاضرابات أو الاحتجاجات العمالية والمهنية على مستوى العالم يعلم أن تحقيق مطلب واحد قد يستغرق الوقت والجهد الكثير ، خاصة مع وجود حالة من التعنت الحكومي والاختباء خلف العجز والمديونية ، وأن من أبسط أبجديات العمل المهني والنقابي هي سياسة (خذ وطالب) .