الرأي والرأي الآخر.. ما هكذا يا سعد تورد الإبل
كتب تامر خرمه
التعبير عن الرأي حق لكل مواطن أردني، بصرف النظر عما إذا كان ينتمي لصفوف المعارضة أو الموالاة، فحرية الرأي والتعبير لا علاقة لها بطبيعة الموقف السياسي، إلا أن استغلال مؤسسات الدولة الرسمية وأطفال المدارس وطلبة الجامعات من أجل التحشيد لمسيرة سياسية، يفقد هذه المسيرة قيمتها ويدلل على حالة من التخبط لدى صناع القرار.
مبادرة "العرفان بالجميل" التي تعمد إلى تنظيم مسيرة يوم الخميس المقبل تحت شعار "إحنا معك" بدأت بحملة التجييش لتحشيد الموظفين والطلبة من أجل هذه المسيرة التي تحمل عنوانا سياسيا من المفترض ان يكون تبنيه جاء نتيجة قناعات ذاتية، دفعت صاحبها إلى المشاركة في مثل هذه الفعالية.. ومن غير المعقول أن يتم إجبار الناس على تبني موقف ما أو المشاركة في أي نشاط سياسي، الأمر الذي يفرغ هذا النشاط من جوهره، ويحوّل حرية التعبير عن الرأي إلى تعبير عن الرأي الرسمي، وهو تعبير لا يعكس بالضرورة مواقف المشاركين.
ولا يمكن التعبير عن "الولاء" عبر سياسة التحشيد والإجبار، خاصة عندما يتعلق الأمر بأطفال المدارس الذين من غير المقنع أن تكون مشاركتهم بأية مسيرة نتيجة قناعات يؤمنون بها ويعبرون عنها في مواقف سياسية، بل من شأن مثل هذا الأمر أن يعبّر عن عكس مضمون الرسالة التي تحاول المسيرة إيصالها، حيث يدل تجييش الأطفال واستغلال الموظفين على سياسات غير منطقية، أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها لا تؤدي الغرض المقصود من اتباعها.
ثم إن اختيار موعد المسيرة في هذا الوقت بالتحديد، قبل يوم من "المسيرة الكبرى" التي تعتزم الحركة الاسلامية تنظيمها بمشاركة حراكات شبابية وشعبية، يعكس ذهنية تستند إلى منطق المناكفة في إدارة اللعبة السياسية، الأمر الذي لا يخدم "المصلحة العامة" التي يستخدمها البعض في مهاجمة المعارضة واتهامها بتأزيم الأوضاع، فكيف يستقيم الحديث عن ضرورة تجنب التأزيم مع منطق المناكفة السياسية ؟!
تحييد مؤسسات الدولة عن اللعبة السياسية أمر لا يمكن تجاهله إذا ما أردنا الحديث عن وجود حياة سياسية تخدم سمعة الأردن في المحافل الدولية، ومن شأن تجاهل مثل هذه المسألة أن يجرّد الخطاب الرسمي من مبرراته في ادعاء وجود ديمقراطية حقيقية تستند إلى وجود الرأي والرأي الآخر.