2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

غوطة دمشق خسرت "أسَدَها"...هل تصمُد؟

غوطة دمشق خسرت أسَدَها...هل تصمُد؟
جو 24 : المشهد الميداني في الغوطة الشرقية المحاصرة منذ اربع سنوات كان ملبدا في الاشهر الاخيرة. التطورات فيها تسارعت بين سيطرة الجيش السوري على مرج السلطان، البوابة الرئيسية للمنطقة، و تصاعد التوتر بين "#جبهة_النصرة" من جهة و"جيش الاسلام" والمجموعات المسلحة الاخرى من جهة أخرى، وذلك بالتزامن مع تقارير متفرقة عن محادثات "تسوية " هنا وهناك. ويتوّج كل ذلك مقتل قائد "جيش الاسلام" زهران علوش، الملقب أبو عبدالله، في غارة روسية، الامر الذي يزيد التساؤلات عن مصير هذه المنطقة التي تحيط بالعاصمة من الشرق والغرب والجنوب و دمشق وريف دمشق.

يعتبر "جيش الإسلام "لذي تشكل من انضمام ما يقارب 60 تنظيمًا، جزءا من أكبر المكونات الرئيسة في "الجبهة الإسلامية" التي تضم بدورها مجموعة من الفصائل المقاتلة المدعومة خليجيًا، ويعتقد أنه الثاني بعد "أحرار الشام "في القوة والعدد.

شخصية مثيرة للجدل

يقدر خبراء عديد "جيش الاسلام " ب20 ألف مقاتل،وتتمركز قاعدة عملياته في دمشق، وتحديدًا في دوما ومناطق الغوطة الشرقية. قائده زهران علوش يعتبر احد أكثر القيادات العسكرية السورية اثارة للجدل. ففي حياته كما بعد مماته، أحدث انقساما واسعا في صفوف المعارضين للنظام.
هو العدو اللدود للمعارضة العلمانية والليبرالية.فيديواته الاولى تتضمن خطابات مذهبية ضيقة يدعو فيها الى تطهير دمشق من الشيعة والعلويين الذين وصفهم ب"الرجس". ففي مقطع صدر في 2013، تحدث عن الحاجة الى غسل "الرجس" من الشام، قائلًا: "مجاهدو الشام سيغسلون رجس الرافضة والرافضية من الشام، سيغسلونه للأبد بإذن الله، حتى يطهروا بلاد الشام من رجس المجوس الذين قاتلوا دين الله".
وكانت "الجبهة الإسلامية" اعتمدت عام 2013 (قبل انضمام جيش الإسلام اليها) وثيقة حددت فيها مبادئها لإنشاء مجتمع ذي جذور إسلامية، يكون فيها الإسلام "دين الدولة، والمصدر الوحيد والرئيس للتشريع"، إلا أنها رفضت عالمية "العدو البعيد- العدو القريب" الذي يتبعه تنظيم "القاعدة"، ومشروع بناء الدولة الذي يسير به تنظيم "الدولة الإسلامية".
يتهم علوش بالمسؤولية عن خطف الناشطة رزان زيتون ورفاقها في دوما، بعد سلسلة تهديدات وجهها مقاتلوه اليهم.
وفي المقابل، يعزو مؤيدوه خطابه الديني الى ضرورات جذب الشباب في الريف المحاصر للانضمام الى "جيش الإسلام" وابعادهم من "داعش" . ويذكرون بأنه تصدى للتنظيم التكفيري علناً وبكل جرأة في الوقت الذي سكت عنه الكثيرون. بالنسبة الى هؤلاء كان "أسد الغوطة" شوكة أيضاً في حلق النظام. وهم ينوهون بشخصيته القوية وشجاعته كقائد يعيش مع رجاله في المناطق الساخنة ويتفقد الجبهات.واليه ينسبون الدفاع عن الغوطة الشرقية والاستقرار النسبي الذي شهدته على رغم التجويع والقصف المستمر ،بما فيه بغاز الاعصاب .
ويقول الباحث في الشؤون السورية آرون لاند أن الصمود على جبهات دمشق، حيث حشد الاسد قوات كبيرة " ليس بالامر السهل وهذا حصل بفضل رجال علوش"، كما ان التنسيق بين الفصائل المقاتلة وتقليص الاقتتال في ما بينهم ليس اقل من انجاز.
لكن لاند يلفت الى أن الوسائل التي استخدمها علوش لتحقيق الاستقرار في الغوطة الشرقية ليست سليمة، إذ انه اتهم بحشو الادارة المحلية بالمحسوبيات وبأفراد من عائلته لضمان عدم تهديد قبضته على السلطة، وباحتكار الوصول الى الخارج من خلال نظام من الانفاق وببيع المساعدات والمواد الغذائية بأسعار باهظة وبقمع معارضية بوسائل وحشية، بما فيها التعذيب والاغتيال.لذلك لم يكن بطلا في نظر خصومه ، وإنما انتهازي متعطش للسلطة وزعيم حرب وديكتاتور قيد التكوين مصمم على الاستيلاء القصر الرئاسي لنفسه. حتى أن ثمة من شبه اساليبه في الحكم بتلك التي يعتمدها بشار الاسد.
وكثيرا ما توجه انتقادات لاسليب القتال التي يعتمدها "جيش الاسلام"، بما فيها قصف المديين في دمشق، ونشره أكثر من 100 قفص حديد في دوما في داخلها أسرى من جنود وضباط اسوريين ، بهدف الضغط على النظام ومنعه من قصف الغوطة الشرقية.وقد اثارت هذه الممارسات انتقادات واسعة، بذريعة أنها لا تختلف عن ممارسات النظام و"#داعش".

العلاقة مع "داعش"
رفض علوش اعتبار "داعش" ركنًا من أركان الثورة ونفى اي دور لها في الصراع مع النظام، معتبرا أن هذا الاخير استفاد من وجودها.
وعندما بدأت "الدولة الاسلامية" عام 2014 تهدد النظام الذي بناه علوش في الغوطة الشرقية، شن هجوما عنيفا عليها وأخرج مقاتليها من ضواحي عدة في الغوطة ، في عملية قال لاند إنها ارعبت ناشطي حقوق الانسان والفصائل المنافسة ل"جيش الاسلام".حرب العصابات تلك حظيت بتنويه دولي ضمني نظرا الى نجاحها في الحاق هزيمة ولو محدودة ب"داعش".
اسلامي و...براغماتي
علوش الذي اعلن اسلاميته بلا مواربة، كان براغماتيا ايضا بما يكفي ليشق طريقه في متاهات المعارضة العسكرية وتحالفاتها المتبدلة.فبعدما ندد بالدميوقراطية وأيد علنا حكما اسلاميا سنيا تطبق فيه الشريعة تطبيقا كاملاً، حاول أخيرا تلميع صورته ربما تحت ضغط داعميه الخارجيين وطمعاً بدور في العملية السياسية.
الناشط المسيحي السوري بسام معلوف الذي قال إنه تواصل مع علوش ومقاتلي"جيش الاسلام" إذ كانت المعارك على مشارف العباسيين ،يروي: " احسسنا في مرحلة من المراحل بقرب سقوط النظام وكانت المعارك على مشارف العباسيين .تواصلت مع الشباب عبر اصدقاء مشتركين وطلبت منهم ان الا يحصل انتهاكات في المناطق الساخنة التي هي مناطق مسيحيية كالعباسيين وباب توما وهي الملاصقة لجوبر والريف.كان جواب زهران وشباب جيش الاسلام بسيطاً وصارماً: شو هالسؤال وهالحكي وهل يُطلب من المرء الرفق بأهله؟ أنتم مننا ونحن منكم واذا دخلنا لن نسمح لاحد ان يعتدي على حرمة بيت او كنيسة او انسان ونعرف تماماً ماذا يريد النظام لنا وماذا يُحضّر وسنفوت عليه الفرصة بتنظيمنا وشبابنا فنحن كلنا سوريون وأهل ولا عدو لسوري سوى المحتل الاسدي حتى العلويون ليسوا اعداءنا وانما ضحايا النظام ".
الصحافية السورية الاصل هديل عويس التي أجرت المقابلة الاخيرة ربما مع علوش في الغوطة لصالح "الديلي بيست"، قالت إنها اعتقدت أن مهمتها ستكون مستحيلة نظرا الى خلفيتها السياسية والدينية، وهي مسيحية، الا أنها عادت بانطباعات مختلفة. سألته عن كلام سابق له عن تقارب عقائدي بين "جيش الاسلام" و"جبهة النصرة"، فأجاب أنه كان في حينه يشير الى "أبو ماريا القحطاني" أحد شرعيي الفرع السوري ل"القاعدة"، و" كنا نرى أنه يظهر وجها معتدلا واردنا تشجيع تلك الجهود، أما الان فللنصرة مستشارون مختلفون، ونختلف كثيرا معهم عقائديا وثقافيا".
وعن انتقاداته السابقة ل"الديموقراطية"، قال إنه كان يشير الى تلاعب بالناس من خلال اكاذيب مموهة بألوان جذابة، على غرار "ديموقراطية الاسد وتعددية البعث واسلامية الدولة الاسلامية".وعن سوريا المستقبلية، قال إنه لا يعتقد أن سوريا يجب أن تكون تحت حكومة تكنوقراط تمثل كل اطياف الشعب السوري "ونحن لا نرى انفسنا اسلاميين.نحن مسلمون".

مصير"جيش الفتح" والغوطة

كل ذلك صار من الماضي.مقتل علوش يثير تكهنات كبيرة بمستقبل "جيش الاسلام"، ويذكر بالهجوم الذي أودى في العاشر من أيلول 2014 بنخبة من قيادات "أحرار الشام" وفي مقدمهم أميرهم أبو عبد الله الحموي. في حينه كثرت الرهانات على انهيار قريب للحركة الفتية التي صارت احدى ابرز الفصائل في الشمال السوري.
لاند يقول إن مقتل علوش يشكل ضربة قاسية ل"جيش الاسلام" ولكنه لا يعني بالضرورة أن "الجيش " سينهار.قائد قوي آخر قد يظهر وقد يحصل ايضا على دعم جهات خارجية او فصائل معارضة أخرى حريصة على الحفاظ على استقرار في الغوطة الشرقية في فترة صعبة.
صحيح أن "بعض الفصائل المقاتلة قد ينهار سريعا عندما يقتل زعيم أو قائد مركزي، وبعضها الاخر قد يتفكك تدريجا، ولكن ثمة فصائل أخرى قد تتجاوز الضربة ، وهو ما حصل مع "أحرار الشام" معتمدة على مؤسسات قوية ودعم خارجي، وقد تمكنت من تطهير إدلب من مقاتلي "داعش"، وواجهت قوات النظام في المحافظة، وتمكنت بالتعاون مع الفصائل الأخرى من التقدم في اتجاه قرى سهل الغاب.

الوضع حساس بالنسبة الى "جيش الاسلام" وبالتالي للوضع في الغوطة الشرقية . فالباحث في الشأن السوري يلفت الى أن هذه الجماعة ارتبطت بعلوش منذ نشأتها، ايام كانت معروفة ب"لواء الاسلام".أكثر الزعماء البارزين ل"جيش الاسلام" والممثلين له كانوا اصدقاء واقرباء لعلوش، على غرار محمد علوش الذي يعتبر كبير المفاوضين والمسؤولين السياسيين للجيش، وهو ابن عم زهران.من هذا المنطلق، يعتبر مقتل زهران علوش مع قادة كبار آخرين بمثابة قطع رأس "جيش الاسلام".وإذ يلفت الى الاستياء الذي اثارته سيطرة "جيش الاسلام" بين الفصائل الاخرى والوضع غير المستقر، ينبه الى أن الغوطة الشرقية ستشهد تغييرات كبيرة في الاشهر المقبلة.

ترتيب البيت الداخلي
وفي خطوة ترمي الى توجيه رسالة الى الداخل والخارج معاً، سارع مجلس الشورى ل"جيش الاسلام" الى تعيين عين عصام البويضاني الملقب أبو همام، قائدا جديدا بعد اقل من 24 ساعة على اعلان مقتل علوش.
البيان قال إن البويضاني من القياديين البارزين في صفوف "جيش الإسلام "، وشغل منصب قائد "لواء الأنصار" ومن ثم قائد عمليات الجيش في الغوطة الشرقية ، وأشرف على إدارة العديد من المعارك ، وساهم في وضع استراتيجية دفاعية لحماية الغوطة.
خطوة أولى ضرورية في اطار ترتيب البيت الداخلي بعد الضربة الموجعة، الا أن هذا الرجل المولود عام 1975 والمتحدر من دوما سيواجه على الارجح تحديا كبيرا في ملء فراغ رجل كاد يختصر تنظيمه بشخصه.
وتتزامن قيادة أبو همام مع اطلاق "مجموعة الدعم لسوريا " عملية سياسية ترمي الى تحقيق وقف للنار في سوريا وانتقال سلمي للسلطة ينهي الحرب الطاحنة في البلاد.وفي اطار هذه العملية أنشئت في الرياض "الهيئة العليا للمفاوضات" التي ستشارك مع النظام السوري في محادثات يتوقع أن تعقد في أواخر كانون الثاني في جنيف في رعاية الامم المتحدة.
ومع أن علوش لم يحضر الاجتماعات شخصيا، كان "جيش الاسلام" الفصيل الاقوى والاكثر تشدداً الذي وقع بيان الرياض بعد انسحاب "أحرار الشام".
ليست طريق المفاوضات معبدة،فثمة مطبات كثيرة تعترض طريقها لكن مقتل علوش يضيف الى اللائحة الطويلة اختبارا جديداً مع اعلان "جيش الاسلام" رسمياً انسحابه من "الهيئة العليا للمفاوضات"، المنبثقة من مؤتمر الرياض ، ورفضه الدخول في أية مفاوضات مع الحكومة السورية، وتوعد برد عنيف داخل دمشق.
وفي الارتدادات الاولية لمقتل علوش ايضا،تعثر تنفيذ اتفاق بين النظام وفصائل جهادية لخروج نحو اربعة آلاف شخص، بينهم اكثر من الفي مسلح غالبيتهم من تنظيم "الدولة الاسلامية" و"جبهة النصرة" من مناطق القدم والحجر الاسود واليرموك جنوب دمشق اثر اتفاق بين النظام السوري ووجهاء تلك المناطق.
18 أوتوبيسا كان يفترض أن تنقل المقاتلين وعائلاتهم وصلت الى اليرموك الجمعة.الا أن تلفزيون "المنار" بث أن الاخلاء ارجئ لان القافلة كان يفترض أن تمر في اراض يسيطر عليها "جيش الاسلام" في طريقها الى الرقة.
وفي المقابل، أفاد "المرصد السوري لحقوق الانسان" أن العملية علقت بسبب "دواع أمنية" لضمان أمن الطريق الى الرقة.

النهار
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير