المجالي: مشاكلنا نتاج سياسات صندوق النقد "فيديو"
قال النائب أمجد المجالي إن "غالبية مشاكلنا الاقتصادية كانت نتاجا لسياسات عملت للتوافق مع متطلبات المؤسسات الدولية المالية والنقدية".
وأضاف في كلمة باسم كتلة تجمع النهضة الديمقراطي أنه "لا يعنينا تأكيد صندوق النقد الدولي لنجاعة السياسات المالية والاقتصادية التي انتهجها الأردن خلال السنوات الثلاث الماضية، بل ما يعنينا هو الواقع على الأرض وانعكاس ذلك على حياة المواطن".
ولفت إلى أن "الموازنة لا تجيب على الاسئلة المرتبطة بأي خطة اقتصادية متعلقة بالنمو المتباطئ والبطالة المرتفعة والمديونية والتضخم وجيوب الفقر وعجز الموازنة والميزان التجاري وهي التي تحدد سلامة الموازنة".بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبيه الامين
سيدي الرئيس , الزملاء الاكارم ,,
ان الحال في اقليمنا العربي مازال نفس الحال , فغياب النظام الرسمي العربي افرز فراغا امنيا وسياسيا في الجسم العربي كان لابد من تعبئتهما , مما شجع دولا محورية في الاقليم ودولا من الدرجة الاولى عالميا بتعبئة هذه الفراغات , الامر الذي افضى الى ايقاظ الاحلام الامبراطورية لدى دول محورية في المنطقة , واحياء حلم اسرائيل الكبير في التمدد على حساب الجوار العربي , وشجع على طرح المشاريع الدولية بما فيه الفوضى الخلاقة . لقد افرزت هذه الحالة اعصارا شديدا عصف بهذه الامة , وجعل من الاقليم حولنا يدور في حلقة مفرغة تم في اطارها احتلال العراق , والعنف والعنف المضاد , وصراعات مذهبية وطائفية وعرقية , ومؤامرات ودسائس تستهدف كيانات الدول العربية , وحملات اعلامية لتشويه صورة الاسلام , واقتتال وهجرات , كما تخللها ما يسمى بالربيع العربي الذي لانعرف منطلقاته ان كان عربيا او جزءا من الفتنة والمؤامرة , وتخللها بروز تنظيمات مغلفة بالاسلام والاسلام منها براء فجلَ غايتها تشويه صورة الاسلام دين المحبة والتسامح والسلام .
لقد توازى مع التحديات التي تحيط بنا تحديات داخلية لاتقل خطورة عنها ,اهمها اعتماد سياسات حكومية لاتراعي الصالح العام ولاترقب في لقمة المواطن الا ولا ذمة , مرورا في التفاوت في الدخول , وصولا الى تفشي الفقر والبطالة والجوع بلغت مستويات غير مسبوقة, ناهيكم عن العجز المستمر في الموازنة وكانها قدر محتوم , ومديونية تجاوزت ال 24 مليار دينار, فضلا عن غياب استراتيجية وطنية شجاعة في محاربة الفساد , هذا عدى التهرب الضريبي , ولقد كان من اهم افرازات هذه الاوضاع غياب الثقة في الحكومات المتعاقبة بشخوصها , وبرامجها , ووعودها . كما ادت الى تدهور في القيم الاجتماعية وتصاعد في العنف المجتمعي الذي يتم في بيوتنا ومدارسنا وجامعاتنا , وارتفاع بمستوى الجريمة , واحتقان لدى الجماهير , ونحن اذ نتفق مع الحكومة بان العامل الخارجي كان له دوره في التباطؤ الاقتصادي ولكننا نقف متفاجئين من اغفال الحكومة عن المشاكل الداخلية المزمنة التي تجاوز بعضها العقد من الزمن , ومع ذلك فلم تحاول الحكومة ان تقوم باي جهد يذكر لمعالجتها , بل تجاهلتها تماما , علما بان الاثر الواقع منها يفوق بمراحل اثر الاحداث الخارجية .
لقد قلنا ونكرر ان الغالبية العظمى من مشاكلنا الاقتصادية كانت نتاجا لسياسات اداء فريق الليبراليين الجدد الذي نشك انه يعمل لصالح المؤسسات الدولية المالية والنقدية اكثر مما يعمل لصالح الوطن , ولابد هنا من الاشارة الى ان متطلبات هذه المؤسسات يجب الا تكون قدرا محتوما ويمكن مناقشتها , اخذين بالاعتبار ان مصالحنا العليا والخدمات التي يقدمها الاردن لصالح الجوار والمجتمع الدولي لاتقدر بثمن ونقدمها بالمجان , وهذا امر مستهجن .ولا يفوتنا ان نقول ان تاكيدات صندوق النقد الدولي السابقة بنجاعة السياسات المالية والاقتصادية التي انتهجها الاردن خلال السنوات الثلاثة الماضية في اطار برنامج الاصلاح الوطني لاتعنينا , ما يعنينا هو الواقع على الارض ,فعافية الاقتصاد تحددها السياسات الاقتصادية الموجهة لرفع معدلات النمو الاقتصادي , وتحقيق نمو مستدام ينعكس على حياة المواطن وهذا مالم يتحقق , والحقيقة ان النمو الاقتصادي وتحقيق نمو مستدام ينعكس على حياة المواطن قد تباطء في السنوات والشهور الماضية بالرغم من وجود اللاجئين الذي يمول من الخارج بمنح ساهمت بهذا النمو ولولاها لكان النمو بالسالب , ومع ذلك فان هذا الواقع قد انعكس سلبا على حصة الفرد من الناتج المحلي الاجمالي الامر الذي ادى الى تراجع مستوى المعيشة .
وعلى هامش الحديث عن صندوق النقد الذي تتحدث الحكومة عنه في خطابها الاعلامي فقد اخذت هذه المؤسسة بالتحذير من وضع المديونية التي باتت فعلا كابوسا على امن واستقرار الاردن وللاسف فهذا الموضوع لم يتم الاشارة اليه في الموازنة رغم خطورته .
وفي اطار النمو المستهدف في ال GDP بالاسعار الثابتة لعام 2016 الذي حدد في خطاب الموازنة بـ 3.7 % فالمؤشرات توحي بصعوبة تحقيقه , وللتوضيح فقد شهدت معدلات النمو في الارباع الثلاث الاولى من عام 2015 تباطؤ عما كانت عليه بنفس الفترة من عام 2014 وكذلك تراجع النمو في الربع الثاني من 2015 مع 2014 وتراجع النمو في الربع الثالث اذ بلغ متوسط معدل النمو للارباع الثلاث الاولى حوالي 2.33 % وهو مخالف لما قالته الحكومة في موازنة 2015 من ان النمو سيكون بين 3.5 الى 4.5 % فما الذي يعكس حالة التباطؤ في عام 2015 الى حالة نمو اقتصادي يصل الى 3.7 % في عام 2016 , ان المؤشرات لعام 2015 لاتبرر حالة التفاؤل اذ نلاحظ ان القطاعات الاقتصادية الرائدة حققت معدلات نمو ضعيفة في التسعة اشهر الاولى عام 2015 وانسحب من سوق الاستثمار الاردني ما يتجاوز الالفين شركة انتقلت الى مصر ودبي , كما تراجعت عدد الشركات المسجلة في وزارة الصناعة اذا ما قارنا بين عام 2015 وعام 2014 , ناهيك عن تراجع الصادرات , وعدم كفاية الانفاق الراسمالي المقدر 1311 مليون دينار في موازنة 2016 لتحقيق النمو المستهدف خصوصا اذا لاحظنا ان الجزء المخصص للمشاريع في هذا العام من هذا الانفاق الراسمالي هو فقط 167 مليون ويشكل فقط 13% من اجمالي الانفاق الكلي وباقي الانفاق الراسمالي هو انفاق على مشاريع مستمرة ومشاريع قيد التنفيذ . كما ان الحكومة لم تعطي اية اولوية في مشروع الموازنة لمعالجة الارتفاع في معدل البطالة خصوصا وان البطالة ارتفعت من 11.9 % عام 2014 الى 13.8 عام 2015 وهي مرشحة للزيادة عام 2016 .
وفي السياق هذا اجد ان هذه الحالة افرزها فشل واضح في استقطاب المستثمرين الذي يشكك في كل الاجراءات التي اتخذتها الحكومة بما فيها التشاريع والضرائب , كما يدفعنا للبحث عن جدوى استراتيجية التشغيل الوطني .
اما فيما يتعلق بالفقر فاننا نراه ونلمسه كنواب من خلال تواصلنا فهو كاف لان نضحد اي قول لايؤكد ان مساحة الفقر في توسع مستمر .
ومن هنا فعلى الرئيس ان يأخذ بعين الاعتبار بالتداعيات الاقتصادية والاجتماعية والامنية , بما فيها من فقر ,وبطالة , وجوع , وعنف مجتمعي , وجريمة , وارتفاع في مستوى الدعارة , في ميزان اعمالها .
كما انه لايبدو من خلال قراءتنا لهذا المشروع ان الحكومة لديها النية في تحقيق الحماية الاجتماعية , فالمبالغ المرصودة للحماية في 2016 بلغت 1740 مليون اي انها انخفضت بما يقرب 400 مليون عما كانت عليه عام 2012 .
وحيث ان الرواتب التقاعدية التي تعبر عن احد اهم بنود الحماية الاجتماعية , قد تاكلت مع الزمن , ولا تحقق الحد الادنى في العيش الكريم للمتقاعدين الذين افنوا زهرة حياتهم في بناء هذا الوطن لذى نطالب الحكومة برفع الضيم عنهم وذلك برفع رواتبهم التقاعدية وتحقيق العدالة من خلال جسر الهوة في الرواتب التقاعدية بين من تقاعد قبل 1/1/2012 ومن تقاعد بعد هذا التاريخ , وهذا يترتب عليه تعديل تعليمات غلاء المعيشة وفقا لنص المادة 54 من قانون التقاعد .
وفي معرض حديثي لابد من التعريج على خطاب دولته الاخير في مجلس النواب لاقول ان اهم مالفت نظري هي الفقرة الاخيرة في الصفحة 21 التي ربط فيها بين انجازاته وبين جهد القائد , اذ قال " اسمحو لي ان ابين بان الاجراءات السابقة لاتمثل الا الشيء اليسير مقارنة مع ما بذله جلالة الملك " . نحن نفهم ان يشير بكل ثقة الى جهود الرمز في حشد الدعم للاردن , هذه حقيقة يعيها الجميع , واي لايعترف بها فهو جاحد . غير ان مافاجأنا اشارته الى الاجراءات السابقة التي تعني انجازات حكومته وللوهلة الاولى ورغم معرفتي بالاوضاع تاملت ان يكون هنالك جديد تضمنته الموازنة لاصدم بالواقع الذي يؤكد التراجع في معدل النمو , والارتفاع في مستوى البطالة , والتوسع في دائرة الفقر , والتخفيض في موازنة الامن الاجتماعي , والعجز في الموازنة , والارتفاع الكبير في المديونية , ونفقات راسمالية شحة , وتوجه لزيادة الرسوم على عدد من السلع والخدمات .
ان ما نشهده من اوضاع اقتصادية واجتماعية ماهي الا نتاج طبيعي لسياسات مدمرة لاتعرف الا لغة وحيدة هي الجباية التي لايفهمها سوى من اكتوى بنارها , وامر طبيعي ان لايتحسس الرئيس المحترم وهو يقيم في دارته الحكومية مكفول في كل وسائل الرفاهية من غذاء وتدفئة ومواصلات دون مقابل .
ان استمرار هذه السياسة ستفضى الى نتائج كارثية وعلى الرئيس ان يدرك ابعادها المدمرة ويتخلى عنها ويتبنى مشروع اصلاحي اقتصادي اجتماعي يحرره من فريق الهواة ويعيد لنا ايام امجادنا حين كان الاردن الوطن النموذج , وهذا ما اراه قادما مرسوما على جبين القائد الرمز , فانا ارى فيه انتفاضة ملكية اخذت معالمها بالتبلور , وتتمثل في الخطة العشرية الملكية التي اتامل ان يتعامل معها الرئيس بجدية , اضافة الى اصرار القائد على ان الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي لايمكن ان يتحققا مالم نبدأ في تكريس مفاهيم النزاهة كمنظومة للعمل الحكومي والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني , والتي تهدف الى الاصلاح والعمل على تطوير العمل المؤسسي , والحفاظ على المال العام , وارساء مبدأ الحوكمة الرشيدة , وخصوصا مكافحة الفساد التي هدد دولته بالتصدي لها في تصريحاته النارية اثناء مناقشة ميثاق النزاهة , اذ قال "ان الحكومة ميدان , واكد على ان النزاهة ستسود" , وللاسف اكتفى الرئيس بالشعار رغم وجود ملفات كبيرة جزءً منها لم يحل الى القضاء "موضوع الدحلة" , وجزء تحول الى القضاء , وجزء حكم به القضاء , واستطيع ان اقول ان عائدات ما حكم به القضاء كفيل بتغطية عجز الموازنة , وللتوضيح , فقد حكم القضاء العادل على وليد الكردي بالسجن مدة 37 عاماً بتهمة الفساد , وبغرامة تتجاوز 250 مليون دينار والحبل على الجرار بعد ان تكتمل مقاضاة الشريك الاستراتيجي الاجنبي اذ تبين انه غرر في الحكومة الاردنية بعد ان اقنعها بان المالك الوحيد لشركته هي مؤسسة بروناي ولاشريك فيها غيرها , ليتبين بعد التحقق من مراقب الشركات في جزيرة جيرزي البريطانية موطن الشريك المشتري , ان هناك اكثر من شريك ولا تظهر فيه وكالة بروناي , وبما ان القانون الاردني هو الذي يحكم هذا العقد فهو يعتبر ان الشريك الاستراتيجي غرر في الحكومة مما يعتبر عيبا من عيوب الادارة يشوب العقد , وعليه فان القانون المدني يعطي الحكومة الحق في فسخ العقد واسترداد كافة الارباح التي وزعتها شركة الفوسفات للشركة المشترية بعد خصم السعر التي دفعته الشركة المشترية .
ومع كل احترامنا لتصريح وزير الشؤون الاعلامية ازاء هذا الموضوع , فان الحكومة مطالبة بمتابعة وليد واحضاره من خلال الانتربول او من خلال الاتفاقية الثنائية والاسترداد الفوري للاسهم والارباح , وبذلك يكون الرئيس قد اسدى خدمة كبيرة للوطن تسجل في ميزان اعماله .
وفي الختام فان الموازنة لاتجيبنا على الاسئلة المرتبطة باي خطة اقتصادية متعلقة بالنمو المتباطئ , والبطالة المرتفعة , والمديونية , والتضخم السلبي , وجيوب الفقر المنتشرة , وعجز الموازنة , وعجز الميزان التجاري المرتفع .هذه المؤشرات الست هي التي يجب ان تعالجها الموازنة فهي التي ينظر اليها المانحين والمؤسسات الدولية على سلامة الموازنة .
واخيراً اسمحوا لي ان اقول ان موقفنا من الموازنة مرتبطا برد الحكومة وبقرار كتلة تجمع النهضة الديمقراطي .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,
امجد المجالي
عن كتلة تجمع النهضة الديمقراطي .