"مؤيّدو ترامب بشرٌ أيضاً".. مسلمةٌ محجّبة تخوضُ تجربةً خطيرة لتتعرَّف عليهم
جو 24 : خاضت أميركية مسلمة محجبة تجربة المشاركة في أحد المؤتمرات الانتخابية للمرشح الجمهوري المحتمل للرئاسة الأميركية دونالد ترامب المثير للجدل بسبب مواقفه تجاه المسلمين.
رغم علم كادي عبدول، وهي مهندسة بيانات تكنولوجيا المعلومات، بما حدث الأسبوع الماضي مع روز حامد، المسلمة المحجبة التي تم طردها من أحد مؤتمرات ترامب بعد احتجاجها بشكل صامت على خطاب الكراهية للمرشح الجمهوري، إلا أنها تقول بحسب صحيفة الغارديان أن تجربة حامد ألهمتها فكرةَ الظهور أمام مجموعة من الناس تقول وسائل الإعلام أنها تكن لها الكراهية.
وكانت روز حامد قد تم طردها الأسبوع الماضي من تجمع انتخابي للمرشح الجمهوري المحتمل للرئاسة الأميركية "دونالد ترامب" في ولاية كارولينا الشمالية بسبب احتجاجها بشكل صامت على خطاب ترامب.
تعرَّف على ما حدث مع كادي عبدول
قد يتساءل بعضُ الناس كيف نجوت من خطاب ترامب، مرتديةً وشاحاً برتقالياً فاقعاً وحاملةً نسخة كبيرة من المصحف، خاصةً بعد التجربة الفظيعة التي مرت بها روز حامد يوم الجمعة الماضي في كارولاينا الجنوبية.
ذهبتُ لأني أعتقد حقاً أن حامد كانت على الطريق الصحيح: من المهم أن يقف الناس بسلامٍ مدافعين عن المبادئ الصحيحة، حتى لو واجهتهم تهديداتٌ كلامية أو جسدية. من المهم أن نمنحَ الأشخاص الذين لم يلتقوا أو يحاوروا مسلماً فرصةَ اللقاء به ومعرفة الإسلام من شخص يدين به. كما أنه من المهم أيضاً أن نكون مهذبين، مرئيين وحاضرين حين يكون موضوع الخطاب السياسي متعلقاً بنا، خاصةً في وقت يعاني فيه أمثالي من التمييز والكراهية في حياتهم اليومية.
ولم يحدث لي شيءٌ: كان البعض يحدّق فيّ بغيظ ونظرات البعض كانت قذرة، لكن لم يبدر أي سلوك فظّ صريح من أحد. تحدثت مع بعض الناس اللطفاء وخضنا في حوارات معرفية وموضوعية مثل ما يتوقع المرء من ملتقىً سياسي. كان من المريح رؤية أولئك المزعجين الذين عادةً ما يحضرون خطابات ترامب وقد كفوا عن سلوكياتهم، ربما لأنهم كانوا مصدومين لدرجة أنهم لم يستطيعوا قولَ شيء لي مباشرةً.
قبل عطلة نهاية الأسبوع هذه، لم أكن قد شاركت أبداً في أي نوع من فعاليات الاحتجاج المدني، وقبل هذه العطلة، كنت مصرةً تماماً على عدم حضور أي من خطابات ترامب. لكن روز حامد ألهمتني فكرة الظهور أمام مجموعة من الناس تقول وسائل الإعلام أنها تكرهني، مثلما ألهمتني فكرةَ تنويرهم.
وهكذا بحثت عن الجدول الزمني لخطابات ترامب، ووجدت أنه يلقي خطاباً يوم الأحد في مدينة رينو في ولاية نيفادا (وهي تبعد عني مسافة أربع ساعات بالسيارة). قطعت تذكرة لحضور الخطاب وقفزت إلى سيارتي.
سرتُ خلال الليل عبر العاصفة الثلجية والضباب، لكني وصلت بأمانٍ واستطعت الوصول إلى مركز اللقاء بعد فتح الأبواب بربع ساعة. كان الطابور طويلاً، والعديد من الناس المنتظرين دورَهم أظهروا تفاجؤهم، أو التفتوا إلي محدقين ببلاهة، لكن أحداً لم يمنعني من الوقوف في الطابور والانتظار بينما قامت دزينة من الباعة بالترويج لعدد من منتجات ترامب حولنا.
الفعل الأكثر استفزازاً الذي واجهته وقع في بداية ساعتي الانتظار: لاحظ أحد الباعة شكلي فاقترب مني وأعلن بصوت عالٍ أنه يبيع قمصاناً كُتب عليها "قنبلة تقضي على داعش" (من الواضح أن الرغبة في قتل الناس تُعتبر موضة شائعة في خطابات ترامب). نظر إلي مباشرة ليرى ردة فعلي، نظرتُ إليه، هززت رأسي، ابتسمت وقرأت القرآن الذي كنت أحمله، منتظرةً بصبر أن يخوض أحدهم حواراً متحضّراً معي.
حضرتُ خطابَ الأحد ناويةً أن أتعلَّم وأعلّم الآخرين. لم أذهب لكي أصرخ في وجه مؤيدي ترامب، رغم كل ما أشعر به تجاه بعض ادعاءاتهم، وكان ممتعاً أن أسمع ترامب ومؤيديه لمدةٍ تتجاوز الدقائق القليلة التي تعرضها الأخبار من خطاباته.
مؤيّدوه بشرٌ وليسوا كاريكاتوريين
إنهم يشعرون بأنهم مهمشون اقتصادياً، سياسياً واجتماعياً، إنهم يرون عالماً يختلف عن العالم الذي يأملون في وجوده. العديد من غير مؤيدي ترامب أيضاً يشعرون بالقلق إزاء الوضع الاقتصادي والسياسي في كوكبنا، وإزاء تأثيره على مستقبل أطفالنا.
ما يميزني عن العديد من مؤيدي ترامب هو أن قلقهم على مستقبلنا قادهم إلى حاجةٍ ملحّة قائمة على الاعتقاد بأن كل مشاكلنا ناجمةٌ عن أخطاء الآخرين.
بالنسبة لترامب وأنصاره، "أغرقت" الدولُ الآسيوية أميركا ببضائعها وتسببت في إفلاس بلادنا بسبب العجز التجاري، المكسيك لا تُبقي "مخالفي القانون" (الذين هم "مصدر" المخدرات في أميركا) في أراضيها، والمسلمون كانوا "دائماً" ما يحاربوننا، ويأتون من بلدانٍ يحكمها "ناكرو الجميل" الذين يرفضون أن يدفعوا ثمن الحروب التي نخوضها "نيابةً عنهم".
لكن حلَّ العجز الاقتصادي في بلدنا لا يكون بإيقاف استيراد البضائع الآسيوية الرخيصة التي يستهلكها الأميركيون بكل رضا. المكسيك لن تدفع لنا لنبني جداراً يمنع مواطنيها من القدوم إلى بلادنا، وبقية دول العالم لن تقف جانباً لتدع أميركا تسيطر على حقول النفط العراقية (وبالتالي تسيطر على نسبة هائلة من مصادر النفط في العالم).
لكن مؤيدي ترامب يحبونه بسبب أفكاره غير المألوفة، فهي تمنحهم إحساساً بالقوة والسيطرة، كما أن عدم وضوحه يمنح كلَّ شخص فرصةَ تأويل كلامه كما يريد.
الشعبية المتزايدة لهذا النوع من الخطابات تعكس حقيقةَ أن مؤيدي ترامب- الأشخاص الذين اعتادوا أن يكونوا أنصار "حزب الشاي"، الذين ناصروا مايكل باخمان أو سارا بالين أو أي سياسي آخر اعتمد هذا الفكر قبل ترامب- لن يتلاشوا. سواءٌ إن فاز ترامب أم لم يفز، سيبقى مناصروه هناك، يحنّون إلى زعيمٍ آخر "يعيد أميركا إلى عظمتها".
لا يستطيع الناس مثلي أن يأملوا أن مؤيدي ترامب سيتلاشون في النهاية. لا يمكننا الاعتقاد أنهم يشكّلون هامشاً وأن مرشحيهم لن يفوزوا بأي منصب كبير في الحكومة. علينا أن نلتقي بهم، نستمع إليهم ولا نتفق معهم ولكن مع الاحتفاظ باحترامنا لهم.
نحن بحاجة إلى ذلك كأميركيين
أتفهّم أني كنت ضيفةً في لقائهم، وكان من واجبي أن أكون ضيفةً محترمة، وبالمقابل، شعرت أنهم كانوا مضيفين محترمين. وسواءٌ إن كانوا قد اختلطوا معي بشكل مباشر أم لا، كان على العديد منهم الاعتراف بوجود شخص لا يتفق معهم في الرأي، لكنه لم يفعل ذلك بطريقةٍ كريهة.
نعم، ما فعلته كان خطيراً ربما: فحملة ترامب، مثل حركات أخرى كذلك، عانت هي الأخرى من حصتها من مثيري الشغب الذين آذوا كل من خالفهم الرأي، لكن هؤلاء ورغم قلة عددهم، إلا أنهم حقيقيون وهم جزءٌ من الحركة القومية المتطرفة التي يبقى فكرُها الغامض وغير القابل للتصديق جذاباً.
لكن الأمر كان يستحق المجازفة، كان يهمني أن أظهر لهم أن خوفهم من المسلمين لا مبرر له، وأن المسلمين بشرٌ. وكان يستحق المجازفة، بالنسبة لي، أن أتعرَّف على إنسانيتهم أيضاً.
هافينغتون بوست عربي
رغم علم كادي عبدول، وهي مهندسة بيانات تكنولوجيا المعلومات، بما حدث الأسبوع الماضي مع روز حامد، المسلمة المحجبة التي تم طردها من أحد مؤتمرات ترامب بعد احتجاجها بشكل صامت على خطاب الكراهية للمرشح الجمهوري، إلا أنها تقول بحسب صحيفة الغارديان أن تجربة حامد ألهمتها فكرةَ الظهور أمام مجموعة من الناس تقول وسائل الإعلام أنها تكن لها الكراهية.
وكانت روز حامد قد تم طردها الأسبوع الماضي من تجمع انتخابي للمرشح الجمهوري المحتمل للرئاسة الأميركية "دونالد ترامب" في ولاية كارولينا الشمالية بسبب احتجاجها بشكل صامت على خطاب ترامب.
تعرَّف على ما حدث مع كادي عبدول
قد يتساءل بعضُ الناس كيف نجوت من خطاب ترامب، مرتديةً وشاحاً برتقالياً فاقعاً وحاملةً نسخة كبيرة من المصحف، خاصةً بعد التجربة الفظيعة التي مرت بها روز حامد يوم الجمعة الماضي في كارولاينا الجنوبية.
ذهبتُ لأني أعتقد حقاً أن حامد كانت على الطريق الصحيح: من المهم أن يقف الناس بسلامٍ مدافعين عن المبادئ الصحيحة، حتى لو واجهتهم تهديداتٌ كلامية أو جسدية. من المهم أن نمنحَ الأشخاص الذين لم يلتقوا أو يحاوروا مسلماً فرصةَ اللقاء به ومعرفة الإسلام من شخص يدين به. كما أنه من المهم أيضاً أن نكون مهذبين، مرئيين وحاضرين حين يكون موضوع الخطاب السياسي متعلقاً بنا، خاصةً في وقت يعاني فيه أمثالي من التمييز والكراهية في حياتهم اليومية.
ولم يحدث لي شيءٌ: كان البعض يحدّق فيّ بغيظ ونظرات البعض كانت قذرة، لكن لم يبدر أي سلوك فظّ صريح من أحد. تحدثت مع بعض الناس اللطفاء وخضنا في حوارات معرفية وموضوعية مثل ما يتوقع المرء من ملتقىً سياسي. كان من المريح رؤية أولئك المزعجين الذين عادةً ما يحضرون خطابات ترامب وقد كفوا عن سلوكياتهم، ربما لأنهم كانوا مصدومين لدرجة أنهم لم يستطيعوا قولَ شيء لي مباشرةً.
قبل عطلة نهاية الأسبوع هذه، لم أكن قد شاركت أبداً في أي نوع من فعاليات الاحتجاج المدني، وقبل هذه العطلة، كنت مصرةً تماماً على عدم حضور أي من خطابات ترامب. لكن روز حامد ألهمتني فكرة الظهور أمام مجموعة من الناس تقول وسائل الإعلام أنها تكرهني، مثلما ألهمتني فكرةَ تنويرهم.
وهكذا بحثت عن الجدول الزمني لخطابات ترامب، ووجدت أنه يلقي خطاباً يوم الأحد في مدينة رينو في ولاية نيفادا (وهي تبعد عني مسافة أربع ساعات بالسيارة). قطعت تذكرة لحضور الخطاب وقفزت إلى سيارتي.
سرتُ خلال الليل عبر العاصفة الثلجية والضباب، لكني وصلت بأمانٍ واستطعت الوصول إلى مركز اللقاء بعد فتح الأبواب بربع ساعة. كان الطابور طويلاً، والعديد من الناس المنتظرين دورَهم أظهروا تفاجؤهم، أو التفتوا إلي محدقين ببلاهة، لكن أحداً لم يمنعني من الوقوف في الطابور والانتظار بينما قامت دزينة من الباعة بالترويج لعدد من منتجات ترامب حولنا.
الفعل الأكثر استفزازاً الذي واجهته وقع في بداية ساعتي الانتظار: لاحظ أحد الباعة شكلي فاقترب مني وأعلن بصوت عالٍ أنه يبيع قمصاناً كُتب عليها "قنبلة تقضي على داعش" (من الواضح أن الرغبة في قتل الناس تُعتبر موضة شائعة في خطابات ترامب). نظر إلي مباشرة ليرى ردة فعلي، نظرتُ إليه، هززت رأسي، ابتسمت وقرأت القرآن الذي كنت أحمله، منتظرةً بصبر أن يخوض أحدهم حواراً متحضّراً معي.
حضرتُ خطابَ الأحد ناويةً أن أتعلَّم وأعلّم الآخرين. لم أذهب لكي أصرخ في وجه مؤيدي ترامب، رغم كل ما أشعر به تجاه بعض ادعاءاتهم، وكان ممتعاً أن أسمع ترامب ومؤيديه لمدةٍ تتجاوز الدقائق القليلة التي تعرضها الأخبار من خطاباته.
مؤيّدوه بشرٌ وليسوا كاريكاتوريين
إنهم يشعرون بأنهم مهمشون اقتصادياً، سياسياً واجتماعياً، إنهم يرون عالماً يختلف عن العالم الذي يأملون في وجوده. العديد من غير مؤيدي ترامب أيضاً يشعرون بالقلق إزاء الوضع الاقتصادي والسياسي في كوكبنا، وإزاء تأثيره على مستقبل أطفالنا.
ما يميزني عن العديد من مؤيدي ترامب هو أن قلقهم على مستقبلنا قادهم إلى حاجةٍ ملحّة قائمة على الاعتقاد بأن كل مشاكلنا ناجمةٌ عن أخطاء الآخرين.
بالنسبة لترامب وأنصاره، "أغرقت" الدولُ الآسيوية أميركا ببضائعها وتسببت في إفلاس بلادنا بسبب العجز التجاري، المكسيك لا تُبقي "مخالفي القانون" (الذين هم "مصدر" المخدرات في أميركا) في أراضيها، والمسلمون كانوا "دائماً" ما يحاربوننا، ويأتون من بلدانٍ يحكمها "ناكرو الجميل" الذين يرفضون أن يدفعوا ثمن الحروب التي نخوضها "نيابةً عنهم".
لكن حلَّ العجز الاقتصادي في بلدنا لا يكون بإيقاف استيراد البضائع الآسيوية الرخيصة التي يستهلكها الأميركيون بكل رضا. المكسيك لن تدفع لنا لنبني جداراً يمنع مواطنيها من القدوم إلى بلادنا، وبقية دول العالم لن تقف جانباً لتدع أميركا تسيطر على حقول النفط العراقية (وبالتالي تسيطر على نسبة هائلة من مصادر النفط في العالم).
لكن مؤيدي ترامب يحبونه بسبب أفكاره غير المألوفة، فهي تمنحهم إحساساً بالقوة والسيطرة، كما أن عدم وضوحه يمنح كلَّ شخص فرصةَ تأويل كلامه كما يريد.
الشعبية المتزايدة لهذا النوع من الخطابات تعكس حقيقةَ أن مؤيدي ترامب- الأشخاص الذين اعتادوا أن يكونوا أنصار "حزب الشاي"، الذين ناصروا مايكل باخمان أو سارا بالين أو أي سياسي آخر اعتمد هذا الفكر قبل ترامب- لن يتلاشوا. سواءٌ إن فاز ترامب أم لم يفز، سيبقى مناصروه هناك، يحنّون إلى زعيمٍ آخر "يعيد أميركا إلى عظمتها".
لا يستطيع الناس مثلي أن يأملوا أن مؤيدي ترامب سيتلاشون في النهاية. لا يمكننا الاعتقاد أنهم يشكّلون هامشاً وأن مرشحيهم لن يفوزوا بأي منصب كبير في الحكومة. علينا أن نلتقي بهم، نستمع إليهم ولا نتفق معهم ولكن مع الاحتفاظ باحترامنا لهم.
نحن بحاجة إلى ذلك كأميركيين
أتفهّم أني كنت ضيفةً في لقائهم، وكان من واجبي أن أكون ضيفةً محترمة، وبالمقابل، شعرت أنهم كانوا مضيفين محترمين. وسواءٌ إن كانوا قد اختلطوا معي بشكل مباشر أم لا، كان على العديد منهم الاعتراف بوجود شخص لا يتفق معهم في الرأي، لكنه لم يفعل ذلك بطريقةٍ كريهة.
نعم، ما فعلته كان خطيراً ربما: فحملة ترامب، مثل حركات أخرى كذلك، عانت هي الأخرى من حصتها من مثيري الشغب الذين آذوا كل من خالفهم الرأي، لكن هؤلاء ورغم قلة عددهم، إلا أنهم حقيقيون وهم جزءٌ من الحركة القومية المتطرفة التي يبقى فكرُها الغامض وغير القابل للتصديق جذاباً.
لكن الأمر كان يستحق المجازفة، كان يهمني أن أظهر لهم أن خوفهم من المسلمين لا مبرر له، وأن المسلمين بشرٌ. وكان يستحق المجازفة، بالنسبة لي، أن أتعرَّف على إنسانيتهم أيضاً.
هافينغتون بوست عربي