من سيدفع فاتورة التدخل العسكري الأردني في سوريا؟
نهاد إسماعيل - تورط الأردن في حرب مع سوريا لم يعد مسألة هل سيحدث بل متى؟
أحببنا أم كرهنا فان الأردن يقترب رويدا رويدا من مواجهة عسكرية مع الجيش السوري. رغم الحذر والتركيز على الحل السياسي الا ان الأردن لا يستطيع الوقوف متفرجا على الانتهاكات السورية المتتالية للاجواء والأراضي الأردنية وقد تشتعل الجبهة في أي لحظة. الأردن يواجه نظام يائس وانتحاري قادر على ارتكاب حماقات متهورة ضد الأردن وبمساعدة ايران وحزب الله.
ضغوط على الأردن لأخذ موقف واضح وحاسم
وفي الوقت ذاته يتعرض الأردن لضغوط دولية وعربية ان يخرج من موقفه المبهم والغير واضح ويأخذ موقف حاسم ضد نظام سوريا. وكنت قد تناولت هذا الموضوع في أكثر من مقال للدور الذي يمكن أن تلعبه الأردن في مساعدة الشعب السوري المنكوب. وكما أوضحت موقف العاهل الأردني في مقابلته التلفزيونية الهامة مع الاعلامي الأميركي تشارلز روز بمقال عنوانه: العاهل الأردني: بشار الأسد لم يتعلم من تجربة القذافي وسيقود سوريا للهاوية – بتاريخ 14 أغسطس آب 2012.
وكتبت بتاريخ 10 ابريل 2012 أنه يتعين على الأردن الوقوف مع الشعب السوري ضد نظام المجازر ويعلن ذلك رسميا. وقلت ان الاستمرار في الحياد الحذر ليس من مصلحة الأردن. الصمت والحياد لم يعد خيارا.
بينما كان يسود الموقف الأردني بعض الابهام فقد حسمت قطر والسعودية وتركيا مواقفها وأعلنت بكل صراحة رغبتها في اسقاط النظام ورحيل الطاغية بشار الأسد.
النقطة الرئيسية وقلت ذلك في مقال آخر وسياق أنه لا يتوقع من الأردن تحمل عبء مضاد للنظام السوري بدون دعم مادي سخي من قطر والسعودية وتركيا. الأردن في وضع لا يحسد عليه بسبب موقعه الجغرافي واستقباله عدد كبير من اللاجئين السوريين حيث تجاوز عدد اللاجئين السوريين في الأردن 100 ألفًا، وهذا يضع عبئا ثقيلا على ميزانية الدولة في وقت تمر فيه الأردن بضائقة اقتصادية ومالية ناتجة عن قلة الموارد الطبيعية وافتقاره للنفط والغاز والماء. و لذا ليس من العدل او المنطق تحميل الأردن أكثر من طاقته فأي دور يقوم به الأردن يحتاج لدعم اقتصادي ومالي وعسكري من الدول العربية المتعاطفة مع الشعب السوري. وكل الدلائل تشير ان الأردن سيخوض مواجهة عسكرية مع الجيش السوري في أي لحظة.
وجهات نظر الراشد والقلاب من تصاعد الدور الأردني
وفي هذا السياق أشار الكاتب المعروف عبد الرحمن الراشد للدور الأردني المتصاعد في مقال هام في الشرق الأوسط بتاريخ 26 سيبتمبر ايلول 2012 وقال الراشد أن الأردن قد يجد نفسه في حرب مع سوريا اذا اقتحمت القوات السورية الحدود الأردنية ونقلت المعركة الى التراب الأردني او تم تحريك الخلايا النائمة في المملكة. ويرسم الراشد سيناريو خطير حيث قد تستغل اسرائيل الفوضى الناتجة من الأزمة السورية كذريعة لتحقيق حلم تحويل الأردن لوطن بديل للفلسطينيين. رغم استبعادي لهذا السيناريو الا انه احتمال قائم ولا يمكن تجاهله. و احتمال انتقام سوريا من الأردن وارد خاصة اذا قامت الأردن بتسهيل الممرات الآمنة للمعارضة المسلحة وسمحت لهم بتأسيس قواعد للعمل والتنسيق ضد النظام.
ويقدر الراشد المخاطر التي قد يتعرض لها الأردن ولكن بنفس الوقت يقول ان هذه فرصة للأردن ان يكون المعبر الى التغيير الايجابي في دمشق وهذه فرصة تاريخية.
وفي مقاله في صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 19 تموز 2012 كتب صالح القلاب بعنوان "سر" تصاعد الموقف الأردني تجاه الأزمة السورية!!" حيث أشار القلاب للتصريح التصعيدي الذي أطلقه رئيس الوزراء الأردني فايز الطراونة من براغ حيث كان في زيارة رسمية إلى العاصمة التشيكية، والذي قال فيه: «إن الحوار لم يعد مجديا في سوريا، وإنه لا بد من دور أكثر فاعلية للمجتمع الدولي». وهذا يعزز الاعتقاد ان الأردن على وشك التحرك عسكريا ضد نظام العصابات الاجرامي في دمشق. واستعرض القلاب باختصار تاريخ العلاقة السورية الأردنية الغير ودية والمحاولات السورية للتدخل في الشأن الأردني وخلق البلبلة وزعزعة الاستقرار في البلد.
طرد السفير السوري
النظام السوري يهدد ويتوعد ويجب أخذ هذه التهديدات على محمل الجد. منذ الثمانينات حاول نظام عصابات دمشق العبث بالأردن كما فعل في لبنان ولكنه فشل وأشرت في مقالات لدور السفير السوري في الأردن المشبوه وأكرر طلبي بطرده واغلاق السفارة السورية التي هي في الواقع وكر التأمر وتسهيل دخول عناصر تخريبية بجوازات سفر مزورة. السفير بهجت سليمان حول السفارة الى مركز للتجسس وغرفة عمليات لأعمال التخريب وزعزعة الاستقرار في الأردن. وأكرر ما ناديت به سابقا "احلقوا للشبيح بهجت سليمان عالناشف".
الأردن ليس لبنان
الأردن لن يكون لقمة سائغة في حلق بشار الأسد والأردن ليس لبنان وسيحبط الأردن أي محاولات او مغامرات عسكرية. الأردن مجتمع متماسك خلف قيادة هاشمية حكيمة وواعية وصلبة وأجهزة أمنية يقظة وجيش محترف قادر على مواجهة وهزيمة جيش مجند اجباريا يتشاطر على المدنيين وعلى اللبنانيين ومخيمات الفلسطينيين ولا يجرؤ على اطلاق رصاصة واحدة تجاه الجولان المحتل. غالبية الشعب الأردني يدين نظام دمشق بدون تحفظ والاستثناء هو حفنة من اليساريين القومجيين والاعتذاريين والمبررين لمجازر النظام. هذه فئة قليلة منافقة فقدت مصداقيتها حيث تطالب بالاصلاح والتغيير في الأردن ولكنها تحرّمه على الشعب السوري. لا يوجد انقسام طائفي وولاءات لدمشق وطهران واذا وجدت فهي محدودة جدا وفي صفوف بعض الاغبياء الذين ابتلعوا اكذوبة المملنعة التي لا تمانع والمقاومة التي لا تقاوم.
أين الدعم المالي والعسكري؟
لا يمكن استبعاد احتمال مواجهة عسكرية حامية الوطيس بين الأردن والنظام البعثي المتهالك وهذا فيه مجازفة خطيرة للأردن خاصة اذا تورط في حرب مع نظام دمشق قد تستمر لاسابيع ولكن هذا التطور يحتاج الى دعم مادي ومالي واقتصادي ولوجستي وسياسي. والسؤال هل ستقدم دول نادي اصدقاء سوريا وفي مقدمتها تركيا وقطر والسعودية وفرنسا الدعم الاقتاصدي والعسكري للأردن لتمكينه من اكمال المهمة والقيام بدوره الايجابي.
الأردن جاهز وراغب وقادر ان يقوم بدوره لمساعدة الشعب السوري حتى لو عنى ذلك الخوض في حرب ضد النظام السوري المدعوم ايرانيا وستكون مهمة صعبة ولكن السؤال هل الدول العربية النفطية الشقيقة جاهزة وراغبة وقادرة على تحمل المسؤولية في دعم الأردن عسكريا واقتصاديا وماليا في مرحلة مفصلية من تاريخ المنطقة.
(ايلاف)